الباحث القرآني

﴿وقالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾: بعد مراجعة الرسول، ﴿فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ﴾ ليخرجه، ﴿قالَ ارْجِعْ إلى ربِّكَ﴾: إلى الملك، ﴿فاسْألْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللّاتِي قَطَّعْنَ أيْدِيَهُنَّ﴾ أراد أن يعلم الملك براءة ساحته ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أدبًا واحترامًا وهن يعلمن أيضًا براءته بإقرارها عندهن وفي الحديث ”لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعى“ وفيه أيضًا ”لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه - والله يغفر له حين سئل عن تعبير الرؤيا ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني“، ﴿إنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾: حين قلن: أطع مولاتك، فيه الاستشهاد بعلم الله تعالى على براءته أو الوعيد لهن على كيدهن أو تعظيم كيدهن، ﴿قالَ﴾: الملك لهن، ﴿ما خَطْبُكُنَّ﴾: ما شأنكن، ﴿إذْ راوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسهِ﴾: هل وجدتن منه سوءً خاطبهن والمراد الأصلي امرأة العزيز، ﴿قُلْنَ حاشَ لله﴾ تعجبًا من عفته ونزاهته، ﴿ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قالَتِ امْرَأةُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ﴾: ثبت واستقر، ﴿الحَقُّ﴾ قيل: أقبلن كلهن عليها فقررنها، ﴿أنا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ (٥١) ذَلِكَ﴾: الذي فعلت من رد الرسول، ﴿لِيَعْلَمَ﴾: العزيز، ﴿أني لَمْ أخنْهُ بِالغَيْبِ﴾: بظهر الغيب حال من الفاعل أي): وأنا غائب أو من المفعول أو ظرف أي: بمكان الغيب، ﴿وأن الله لاَ يَهْدِي﴾: لا ينفذ ولا يسدد، ﴿كَيْدَ الخائِنِينَ (٥٢) وما أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ عن السلف أنه لما قال: ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل: ولا حين هممت [[لا يصح والذي عليه المحققون أن قوله تعالى ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أنِّي لَمْ أخُنْهُ بِالغَيْبِ وأنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الخائِنِينَ (٥٢) وما أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لَأمّارَةٌ بِالسُّوءِ إلّا ما رَحِمَ رَبِّي﴾ من كلام امرأة العزيز، وهو ما ذكره المصنف بعد ذلك فتأمله.]] فقال ذلك، ﴿إنَّ النَّفْسَ﴾: بطبعها، ﴿لَأمّارَةٌ بِالسُّوءِ إلّا ما رَحِمَ رَبِّي﴾ إلا وقت رحمة ربي أو إلا ما رحمه الله من النفوس فعصمه، ﴿إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قال بعضهم: قوله: ”ذلك ليعلم“ إلخ من كلام امرأة العزيز أي: اعترفت بما هو الواقع ليعلم زوجي أني لم أخنه وما صدر مني المحذور الأكبر وإنما راودته مراودة فامتنع ولست أبرئ نفسي فإن النفس تتمني وتشتهي ولذلك راودته: لأنها أمارة بالسوء إلا نفس من عصمه الله تعالى إنه غفور حليم وعند بعض المفسرين إن هذا القول أليق وأقرب، ﴿وقالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾: بيوسف)، ﴿أسْتَخْلصْهُ﴾: أجعله خالصًا، ﴿لنَفْسِي فَلَمّا﴾: أتوا به، ﴿كَلَّمَهُ﴾ وشاهد منه الكمالَ، ﴿قالَ إنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ﴾: ذو منزلة، ﴿أمِينٌ﴾، مؤتمن على الأشياء صادق، ﴿قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأرْضِ﴾: ولنى أمر خزائن أرض مصر، ﴿إنِّي حَفِيظٌ﴾: لها، ﴿عَليمٌ﴾ بوجوه التصرف فيها وقيل: حفيظ عليم كاتب حاسب أو عليم بسنين الجدب وسأل العمل لما في ذلك من مصالح الناس ليتصرف لفهم في القحط على الوجه الأحوط قيل: إن العزيز توفي أو عزل فجعل الملك يوسف مكانه فزوجه امرأته زليخا فوجدها عذراء وولد له منها ابنان ﴿وكَذَلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ﴾: أرض مصر، ﴿يَتَبَوَّأُ مِنها﴾: ينزل، ﴿حَيْثُ يَشاءُ﴾: بعد الضيق والحبس أو يتصرف فيها كيف يشاء، ﴿نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَن نَشاءُ ولا نُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ (٥٦) ولَأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ﴾، فما أعد الله ليوسف في الآخرة أعظم وأجل مما خوَّله في الدنيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب