الباحث القرآني

﴿فَما آمَنَ لِمُوسى إلّا ذُرِّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ﴾ الضمير لفرعون فإن بني إسرائيل آمنوا بموسى إلا قليلًا منهم كقارون وما آمن من القبط إلا قليل، وقال بعضهم: الضمير لموسى، أي: ما آمن له في مبدأ الأمر إلا شبانهم، ﴿عَلى خَوْفٍ من فرْعَوْنَ﴾ أي: مع خوف منه، ﴿ومَلإهِمْ﴾ الضمير للذرية أي: أشراف آل فرعون، أو لفرعون فالمراد من فرعون هو وآله، ﴿أنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ يعذبهم وهو بدل من فرعون أو مفعول خوف، ﴿وإنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ﴾ لغالب، ﴿فِي الأرْضِ وإنَّهُ لَمِنَ المُسْرِفِينَ﴾ في الكبر حتى ادعى الربوبية، ﴿وقالَ مُوسى يا قَوْمِ إن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكلُوا إن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ مستسلمين لأمره والمعلق بالإيمان وجوب التوكل والمشروط بالإسلام وجود التوكل وحصوله لا وجوبه كما يقال: إن شتمك أحد فاصبر إن قدرت، ﴿فَقالُوا عَلى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ أي: موضع فتنة لهم يعذبوننا، أو لا تعذبنا بعذاب، فيقولون: لو كانوا على حق ما عذبوا ولا تسلطهم علينا فيحسبوا أنهم على الحق فيفتنوا بذلك، ﴿ونَجِّنا﴾ خلصنا، ﴿بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكافِرِينَ (٨٦) وأوْحَيْنا إلى مُوسى وأخِيهِ أنْ تَبَوَّءا﴾ أي: اتخذا مباءة يعني موضع إقامة، ﴿لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتًا واجْعَلُوا﴾ أنتما وقومكما، ﴿بيُوتَكُمْ﴾ أي: في بيوتكم التي اتخذتموها، ﴿قِبْلَةً﴾ أي: مساجد فإنهم كانوا لا يصلون إلا في كنائسهم وكانوا يخافون من فرعون فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد يصلون فيها سرًّا أو اجعلوا بيوتكم قبلة مصلى، أو متقابلة والمقصود على هذا حصول الجمعية، ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أي: فيها قال بعضهم: أمروا بكثرة الصلاة كما قال تعالى: ﴿واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾ [البقرة: ٤٥]، ﴿وبَشِّرِ﴾ يا موسى، ﴿الُمؤْمِنِينَ﴾ بالنصر في الدارين، ﴿وقال مُوسى رَبَّنا إنَّكَ آتيْتَ فِرْعَوْنَ ومَلأهُ زِينَةً﴾ من اللباس والمراكب، ﴿وأمْوالًا في الحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا﴾ تكرير وتأكيد للأول، ﴿لِيُضِلوا عَن سَبِيلِكَ﴾ واللام لام العلة فليس بمحال أن الله يريد إضلال بعض، وهذا الكلام من موسى؛ لأنه علم بمشاهدة أحوالهم أن أموالهم سبب ضلالهم أو إضلالهم ولا حاجة إلى أن يقال اللام لام العاقبة أو لام الدعاء كقولك: ليغفر الله فهو دعاء بصيغة الأمر، ﴿رَبَّنا اطْمِسْ عَلى أمْوالِهِمْ﴾: أهلكها ﴿واشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ أقسها واطبع عليها حتى لا تنشرح للإيمان، ﴿فَلاَ يُؤْمِنُوا﴾ جواب للدعاء وقيل: عطف على ليضلوا وقيل: دعا بلفظ النهي، ﴿حَتّى يَرَوُا العَذابَ الألِيمَ﴾ وهذه الدعوة من موسى - عليه السلام - غضبًا لله ولدينه لقوم تبين له أنه لا خير فيهم كما تقول: لعن الله إبليس كما دعا نوح عليه السلام ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ [نوح: ٢٦]، ﴿قالَ﴾: الله، ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾ فإنه دعا موسى وأمَّنَ هارون، ﴿فاسْتَقِيما﴾ على أمري وامضيا له قال بعضهم: مكثوا بعد إجابة دعائهم أربعين سنة وقال بعضهم: أربعين يومًا ومن إجابة دعائهما أنه صار دنانيرهم ودراهم حجارة منقوشة كهيئة ما كانت، ﴿ولا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ طريقة الجهلة في عدم الوثوق بوعدي، ﴿وجاوَزْنا بِبَنِي إسْرائِيلَ البَحْرَ﴾ أي: جوزناهم في البحر بلا سفينة وتعب، ﴿فَأتْبَعَهُمْ﴾ أدركهم، ﴿فِرْعَوْنُ وجُنُودُهُ﴾ قيل: كانوا في مائة ألف أدهم سوى بقية الألوان، ﴿بَغْيًا وعَدْوًا﴾ للبغي أي: طلب الاستعلاء والظلم أو باغين، ﴿حَتّى إذا أدْرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أنَّهُ﴾ أي: بأنه، ﴿لا إلَهَ إلّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرائِيلَ وأنا مِنَ المُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ﴾ أي: أتؤمن الآن حين يأسك عن نفسك؟ وهذا قول جبريل أو قول الله تعالى، ﴿وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ﴾ مدة عمرك، ﴿وكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ المضلين، ﴿فاليَوْمَ نُنَجِّيكَ﴾ نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر أو نلقيك بنجوة من الأرض، أي: بأرض مرتفعة، ﴿بِبَدَنِكَ﴾ أي: حال كونك متلبسًا بالبدن عاريًا عن الروح، أو الباء بمعنى مع والبدن الدرع وكانت له درع من ذهب يعرف بها، ﴿لِتَكُونَ لِمَن خَلْفَكَ﴾، لمن يأتي بعدك من بني إسرائيل وغيرهم، ﴿آيَةً﴾: عبرة ونكالًا عن الطغيان، ﴿وإنَّ كَثِيرًا مِنَ النّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ﴾ فلا يتفكرون فيها ولا يتعظون بها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب