الباحث القرآني
الحمد لله، والشكر لله على نِعَمِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعدُ، فهذا هو اللقاء الخامس والثمانون من اللقاءات الأسبوعية التي تتمُّ كلَّ خميس، وهذا هو الخميس الحادي عشر من شهر شعبان عام خمسة عشر وأربع مئةٍ وألف، نبتدئُه كالمعتاد بتفسير ما انتهينا إليه من الجزء الثلاثين من كتاب الله عز وجل، وقد انتهينا إلى سورة (القَدْر) حيث يقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر ١ - ٣].
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ الضمير هنا يعود إلى الله عز وجل، والهاء في قوله: ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ يعود إلى القرآن، وذَكَر الله تعالى نفسَه بالعظمة: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾، دون أن يقول: إني أنزلته؛ لأنه سبحانه وتعالى العظيم الذي لا شيء أعظم منه.
والله تعالى يذكر نفسه أحيانًا بصيغة العظمة مثل هذه الآية الكريمة: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر ٩]، ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس ١٢]. وأحيانًا يذكر نفسَه بصيغة الواحد؛ مثل: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه ١٤]، وذلك لأنه واحدٌ عظيمٌ، فباعتبار الصفة يأتي ضمير العظمة، وباعتبار الوحدانية يأتي ضمير الواحد.
والضمير في قوله: ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ -أعني ضميرَ المفعول به وهو الهاء- يعود إلى القرآن وإنْ لم يسبق له ذِكْر؛ لأن هذا أمرٌ معلومٌ، ولا يمتري أحدٌ في أن المراد بذلك إنزال القرآن الكريم، أنزله الله تعالى في ليلة القدر، فما معنى إنزاله في ليلة القدر؟
الصحيح أن معناها: ابتدأْنا إنزالَه في ليلة القدر، وليلةُ القدر في رمضان لا شكَّ في هذا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة ١٨٥]، فإذا جمعتَ هذه الآية -أعني ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ - إلى هذه الآية التي نحن بصدد الكلام عليها تبيَّن لك أن ليلة القدر في رمضان، وبهذا نعرف أن ما اشتهر عند العامَّة من أن ليلة القدر هي ليلة النصف من شهر شعبان لا أصل له ولا حقيقة له، فإن ليلة القدر في رمضان.
وليلةُ النصف من شعبان كليلةِ النصف من رجب وجمادى وربيع وصفر ومحرم وغيرهنَّ من الشهور، لا تختصُّ بشيء، حتى ما وَرَدَ في فَضْل القيام فيها فهو أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حُجَّة، وكذلك ما ورد من تخصيص يومِها وهو يوم النصف من شعبان بصيامٍ فإنها أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حُجَّة، لكن بعض العلماء -رحمهم الله- يتساهلون في ذِكْر الأحاديث الضعيفة فيما يتعلَّق بالفضائل؛ فضائل الأعمال أو الشهور أو الأماكن، وهذا أمرٌ لا ينبغي، وذلك لأنك إذا سُقْتَ الأحاديثَ الضعيفةَ في فَضْل شيءٍ ما فإن السامع سوف يعتقد أن ذلك صحيحٌ وينسبه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا شيءٌ كبيرٌ، فالمهمُّ أن يوم النصف من شعبان وليلة النصف من شعبان لا يختصَّان بشيءٍ دون سائر الشهور، فليلةُ النصف لا تختصُّ بفضل قيامٍ، وليلةُ النصف ليست ليلة القدر، ويوم النصف لا يختصُّ بصيام.
نعم، شهر شعبان ثبتتْ السُّنة بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُكثر الصيامَ فيه حتى لا يُفطر منه إلا قليلًا، وما سوى ذلك مِمَّا يتعلَّق بصيامه لم يثبتْ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا ما لسائر الشهور؛ كفضل صومِ ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وأنْ تكون في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وهي أيام البِيض.
وقوله تعالى: ﴿فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ما معنى ﴿الْقَدْرِ﴾؟ هل هو الشرف كما يُقال: فلانٌ ذو قَدْرٍ عظيم، أو: ذو قَدْرٍ كبير؛ أي: ذو شرفٍ كبير، أو المراد بـ﴿الْقَدْرِ﴾ التقدير؛ لأنه يُقَدَّر فيها ما يكون في السَّنَة؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان ٣، ٤] أي: يُفْصَل ويُبَيَّن؟
مِن العلماء مَن قال هذا ومِن العلماء مَن قال بهذا، والصحيح أنه شاملٌ للمعنيين؛ فليلةُ القدر لا شكَّ أنها ذاتُ قَدْرٍ عظيمٍ وشرفٍ كبيرٍ، وأنه يُقَدَّر فيها ما يكون في تلك السَّنَة مِن الإحياءِ والإماتةِ والأرزاقِ وغيرِ ذلك.
ثم قال جل وعلا: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾، وهذه الجملة بهذه الصيغة يُستفاد منها التعظيم والتفخيم، وهي مطَّردة في القرآن الكريم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار ١٧، ١٨]، وقال تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة ١ - ٢]، ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة ١ - ٣]، فهذه الصيغة تعني التفخيم والتعظيم، فهُنا قال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ أي: ما أَعْلمكَ ليلةَ القدر وشأنَها وشرفَها وعِظَمَها؟!
ثم بيَّنَ هذا بقوله: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، وهذه الجملة كالجواب للاستفهام الذي سبقها وهو قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾.
﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ أي: من ألْفِ شهرٍ ليس فيه ليلة القدر، والمراد بالخيريَّة هنا ثوابُ العملِ فيها، وما يُنْزِل الله تعالى فيها من الخير والبركة على هذه الأُمَّة.
ثم ذَكَر ما يحدث في تلك الليلة فقال: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر ٤]، ﴿تَنَزَّلُ﴾ أي: تَنْزِلُ شيئًا فشيئًا؛ لأن الملائكة سُكَّان السماوات، والسماواتُ سبعٌ، فتنزل الملائكةُ إلى الأرض شيئًا فشيئًا حتى تملأ الأرض، ونُزول الملائكة في الأرض عنوانٌ على الرحمة والخير والبركة، ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول شيءٍ كان ذلك دليلًا على أن هذا المكان الذي امتنعت الملائكة من دخوله قد يخلو من الخير والبركة، كالمكان الذي فيه الصُّوَر؛ فـ«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٥٨) ومسلم (٢١٠٦ / ٨٥) من حديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه.]] يعني: صورة مُحَرَّمة؛ لأن الصورة إذا كانت مُمْتهَنةً في فِراشٍ أو مخدَّةٍ فأكثرُ العلماء على أنها جائزة، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان؛ لأنه لو امتنعتْ لكان ذلك ممنوعًا، فالملائكة تتنَزَّل في ليلة القدر بكثرة، ونُزُولهم خيرٌ وبركة.
وقوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ [القدر ٤] أي: بأمره، والمراد به الإذْنُ الكونِيُّ؛ لأن إذْنَ الله -أي: أمْرَه- ينقسم إلى قسمين: إذْن كوني، وإذْن شرعي. فقوله تعالى: ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١] أي: ما لَم يأذن به شرعًا؛ لأنه قد أَذِنَ به قَدَرًا، فقد شُرِع من دون الله، لكنه ليس بإذن الله الشرعي، وإذنٌ قَدَريٌّ كما في هذه الآية: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أي: بأمره القَدَري.
وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ [القدر ٤] قيل إن ﴿مِنْ﴾ بمعنى الباء؛ أي: بكلِّ أمرٍ مما يأمرهم الله به، وهو مُبْهمٌ لا نعلم ما هو، لكنَّنا نقول: إن تَنَزُّل الملائكة في الأرض عنوانٌ على الخير والرحمة والبركة.
﴿سَلَامٌ هِي﴾ [القدر ٥] الجملة هنا مكوَّنة من مبتدأ وخبر، والخبر فيها مقدَّمٌ والتقدير: هي سلامٌ. أي: هذه الليلة سلامٌ. ووَصَفها الله تعالى بالسلام لكثرة مَن يَسْلم فيها من الآثامِ وعقوباتِها؛ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٩٠١) ومسلم (٧٦٠ / ١٧٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، ومغفرة الذنوب لا شكَّ أنها سلامة من وبائها وعقوباتها.
﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر ٥] أي: تتنَزَّل الملائكة في هذه الليلة ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ أي: إلى مطلع الفجر، وإذا طلع الفجر انتهت ليلة القدر.
سبق أن قُلنا: إن ليلة القدر في رمضان لا شكَّ، لكن في أيِّ جُزءٍ من رمضان: أفِي أوَّلِه، أو وسطِه، أو آخِره؟
نقول في الجواب على هذا: «إن النبي ﷺ اعتكفَ العشر الأول ثم العشر الأوسط تحرِّيًا لليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر، فاعتكفَ العشر الأواخر»[[أخرج البخاري واللفظ له (٨١٣) ومسلم (١١٦٧ / ٢١٥) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله ﷺ عشر الأُوَل من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك. فاعتكف العشر الأوسط فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك. قام النبي ﷺ خطيبًا صبيحة عشرين من رمضان فقال: «مَن كان اعتكفَ مع النبي -ﷺ- فليرجع، فإني أُرِيتُ ليلةَ القدر، وإني نُسِّيتُها، وإنها في العشر الأواخر في وتْرٍ، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء».]]، إذَن فهي -أعني ليلة القدر- في العشر الأواخر من رمضان.
وفي أيِّ ليلةٍ منها؟ الله أعلم، قد تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة الثلاثين، أو فيما بينهما، لم يأتِ تحديدٌ لها في ليلةٍ معيَّنةٍ كلَّ عام، ولهذا «أُرِيَ النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلةَ القدر ليلةَ إحدى وعشرين، ورأى في المنام أنه يسجد في صبيحتها في الماء والطين، فأمطرت السماءُ تلك الليلة -أي: ليلة إحدى وعشرين- فصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسجده، وكان مسجده من عريشٍ لا يمنع تسرُّبَ الماءِ من السقف، فسجد النبيُّ ﷺ صباحها -أي: في صلاة الفجر- في الماء والطين، ورأى الصحابة رضي الله عنهم على جَبْهته أَثَرَ الماء والطين»، ففي تلك السَّنَة كانت في ليلة إحدى وعشرين، ومع ذلك قال: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ»[[أخرج البخاري واللفظ له (٢٠٢٧) ومسلم (١١٦٧ / ٢١٣) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عامًا، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين-وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه- قال: «مَن كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد أُرِيتُ هذه الليلة ثم أُنسِيتُها، وقد رأيتُني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وترٍ». فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فبصرت عيناي رسول الله ﷺ على جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين.]]، وفي رواية: «فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ»[[أخرجه البخاري (٢٠١٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.]].
ورآها الصحابة ذات سَنَةٍ من السنين في السبع الأواخر، فقال ﷺ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٠١٥) ومسلم (١١٦٥) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.]]. يعني في تلك السَّنَة، أمَّا في بقية الأعوام فهي في كلِّ العشر، فليست معيَّنة، لكن أرجاها ليلة سبعٍ وعشرين، أرجى ما تكون ليلة سبعٍ وعشرين، وقد تكون مثلًا في هذا العام ليلةَ سبعٍ وعشرين، وفي العام الثاني ليلةَ إحدى وعشرين، وفي العام الثالث ليلةَ خمسٍ وعشرين، وهكذا.
وإنما أَبْهَمَها الله عز وجل لفائدتين عظيمتين:
الفائدة الأولى: بيانُ الصادق في طَلَبِها من المتكاسل؛ لأن الصادق في طَلَبِها لا يُهِمُّه أن يتعب عَشْر ليالٍ من أجْل أن يُدركها، والمتكاسل قد يكسل؛ يقول: ما دام لا أدري أي ليلةٍ هي، يكسل أن يقوم عَشْر ليالٍ من أجْل ليلة واحدة.
الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال؛ لأنه كلَّما كَثُر العملُ كَثُر الثواب.
وبهذه المناسبة أودُّ أن أُنبِّه إلى غَلَطِ كثيرٍ من الناس في الوقت الحاضر؛ حيث يتحرَّون ليلة سبعٍ وعشرين في أداء العُمرة، فإنك في ليلة سبعٍ وعشرين تجد المسجد الحرام قد غصَّ بالناس وكثروا، وتخصيص ليلة سبعٍ وعشرين بالعمرة من البدع؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يُخَصِّصْها بعمرةٍ في فِعْله، ولم يُخَصِّصْها -أي: ليلة سبعٍ وعشرين- بعمرةٍ في قوله؛ فلَمْ يعتمر ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، مع أنه كان في عام الفتح ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان كان في مكة، ولم يعتمر، ولم يقُل للأُمَّة: تحرَّوْا ليلة سبعٍ وعشرين بالعمرة، وإنما أَمَر أن نتحرَّى ليلة سبعٍ وعشرين بالقيام فيها لا بالعمرة، وبه يتبيَّن خطأُ كثيرٍ من الناس، وبه أيضًا يتبيَّن أن الناس ربما يأخذون دينهم كابرًا عن كابرٍ على غير أساسٍ من الشرع، فاحذرْ أن تعبد الله إلا على بصيرةٍ؛ بدليلٍ من كتابِ الله، أو سُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو عملِ الخلفاء الراشدين الذين أُمِرْنا باتباع سُنَّتهم.
وبهذا انتهى الكلام على سورة القدر، نسأل الله تبارك وتعالى أن يُبَلِّغنا وإيَّاكم إيَّاها في هذا العام وفيما بعده على خيرٍ وسلامٍ وأن يتقبَّل منا ومنكم، إنه على كلِّ شيء قدير.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا لَیۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ","لَیۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَیۡرࣱ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرࣲ","تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَٱلرُّوحُ فِیهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرࣲ","سَلَـٰمٌ هِیَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ"],"ayah":"سَلَـٰمٌ هِیَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق