الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ [الشورى ١٣] إلى آخره.
﴿شَرَعَ لَكُمْ﴾ الخطاب لهذه الأمة ولله الحمد، ومعنى ﴿شَرَعَ لَكُمْ﴾ أي سَنَّ لكم وجعل لكم شريعة، هي: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾. قال الشارح: (وهو أول أنبياء الشريعة) وتساهل رحمه الله في هذا، والصواب أن يقول: هو أول رسل الشريعة؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح: «أَنَّ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتُونَ إِلَى نُوحٍ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَوَّلُ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٤٧٦)، ومسلم (١٩٣ / ٣٢٢)، من حديث أنس بن مالك، ولفظ البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «يجتمعُ المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلَّمَك أسماءَ كلِّ شيءٍ، فاشفعْ لنا عند ربِّك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لستُ هناكم -ويذكر ذنبه فيستحي- ائتوا نوحًا، فإنه أولُ رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتونه فيقول: لست هناكم -ويذكر سؤاله ربَّه ما ليس له به علم فيستحي- فيقول: ائتوا خليل الرحمن...» .]].
ولأن الرسول أخص من النبي، ولا ينبغي أن نعدل عن الأخص إلى الأعم، إذن الصواب أن نقول: هو أول رسل الشريعة، أما أول أنبياء الشريعة فهو آدم عليه الصلاة والسلام، نبي مُكلَّم، لكنه ليس برسول، الحكمة من كونه غير رسول؛ لأن الناس لم يختلفوا بعد، والله تعالى أرسل الرسل ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه كما قال جل وعلا: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة ٢١٣] لكن في عهد آدم ما فيه اختلاف، العدد قليل وليس هناك مغريات ولا أشياء توجب أن يختلف الناس، فلذلك كان آدم يتعبد لله تعالى بشريعته التي شرعها لهم.
أبناؤه يتبعونه، لما كثروا وانتشروا واختلفوا حينئذٍ جاءت الحاجة بل الضرورة إلى الرسل، إذن الأولى أن نقول: هو أول رسل الشريعة، لماذا؟ لأن أول أنبياء الشريعة آدم.
﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الشورى ١٣] يعني: وشرع لكم الذي أوحينا إليك. ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ معطوفة على ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ والوصية: هي العهد بالشيء الذي يهتم به، يُسمى وصية ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ وهو القرآن ﴿وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى ١٣]. الله أكبر، ذكر الله تعالى أول الأنبياء الذين هم الرسل وآخرهم، ثم ذكر ما بين ذلك ليجمع سبحانه وتعالى بين الطرفين والوسط، مَنْ أول هؤلاء الرسل الكرام؟ نوح، وآخرهم محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم، هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل قال الله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف ٣٥] وذُكروا في القرآن في موضعين: هذا واحد.
والثاني: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الأحزاب ٧] وهذه الآية في سورة الأحزاب.
﴿وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ [الشورى ١٣] ﴿أَنْ﴾ هذه تفسيرية بمعنى (أي)؛ ولذلك لا تعمل شيئًا؛ لأنها لمجرد التفسير والتبيين ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى ١٣] ﴿أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ يعني: ائتوا به مستقيمًا غير منحرف.
وما هو الدين القيم؟ هو الدين الذي شرعه الله عز وجل، فيجب علينا أن نقيم الدين كما أقامه الله عز وجل، لا نغلو فيه، ولا نُقصِّر عنه؛ ولذلك كان الناس في دين الله على ثلاثة أقسام:
قسم غلوا، وقسم قصَّروا، وقسم اعتدلوا، فما الذي أُمِرْنا فيه؟ الاعتدال ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ غير متجاوزين ولا قاصرين عنه؛ ولذلك هلك أقوام ممن قصَّروا أو تجاوزوا، وأيهما أخطر؟ الأخطر التجاوز وهو الغلو، قال النبي ﷺ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ»[[أخرجه النسائي (٣٠٥٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ]]. ولأن الغالي يعتقد أن هذا دين فلا يكاد يُقلِع عنه، والْمُقصِّر يعترف أنه مُقصِّر، فربما حاسب نفسه يومًا من الأيام وأتم، فالغلو أخطر؛ ولذلك تجد بدع المبتدعة أشدها الغلو، فالرافضة مثلًا غلوا في آل البيت، وتجاوزوا الحد، والمؤلِّهة للرسول عليه الصلاة والسلام الذي يعتقدون أنه أشد من الإله عز وجل غلوا في الرسول وهلكوا، والغالية في الدين الذين يريدون من الناس أن يستقيموا على الدين، وألا يفعلوا كبيرة أيضًا غلوًّا كالخوارج، المهم أنك إذا تأملت البدع وجدت أن الغلو فيها أشد خطرًا على الإنسان؛ لأن الغالي يعتقد أن ما هو عليه دين، والمقصِّر يعرف أنه مقصر، وربما استقام بعد ذلك.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ الدين يطلق على معنيين:
المعنى الأول: الجزاء.
والمعنى الثاني: العمل، يعني يُطلق على العمل وعلى الجزاء؛ فمن إطلاقه على العمل قول الله تبارك وتعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون ٦] يعني لكم عملكم ولي عملي، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾ [يونس ٤١]. ومن إطلاقه على ا لجزاء قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار ١٧، ١٨]. وما نقرؤه نحن في كل صلاة: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة ٤] أي المعنيين يراد؟ الجزاء ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ هنا ما المراد به؟ العمل ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ يعني: لا تتفرقوا في دينكم فتكونوا أحزابًا، فنهى الله عز وجل عن التفرق في الدين، وهذا يستلزم وجوب الاجتماع عليه؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده إذا لم يكن له إلا هذا الضد، وحينئذٍ يجب على المسلمين أن يجتمعوا في دين الله وألا يتفرقوا فيه.
وما اختلف العلماء فيه من الآراء فإن الهدف منه واحد لمن صلحت نيته؛ لأن كل واحد من المختلِفين إنما يريد الوصول إلى الحق لكن اختلفوا في الطريق، وإذا كان الهدف واحدًا وهو الوصول إلى الحق فإنه لا يجوز أن يُجعل هذا الاختلاف سببًا للتفرق في الاتجاه، لا يجوز هذا إطلاقًا، بل تجب الوَحْدة والاجتماع حتى مع اختلاف الآراء؛ ولهذا كان السادة الغُرر الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في أشياء كثيرة مهمة، ومع ذلك فالقلوب واحدة، ولما وصل الاختلاف بهم إلى تفرق القلوب حصل ما حصل من الفتن بين علي ومعاوية وعائشة والزبير وما أشبه ذلك.
في وقتنا الحاضر لا شك أن الناس مختلفون، فمنهم من يتجه اتجاهًا سياسيًّا، ومنهم من يتجه اتجاهًا صوفيًّا، ومنهم من هو معتدل، اختلافات كثيرة؛ فالواجب علينا أن ننزع فتيل هذا الاختلاف، وأن نكون أمة واحدة حتى لا نتفرق فنفشل؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
يعني ولا يكن لكم قيمة ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال ٤٦]؛ ولهذا نجد الآن مع الأسف الشديد أن ما يُسمى بالصحوة الإسلامية أُصِيب بهذا البلاء، وصار نفس المتدينين يلمز بعضهم بعضًا، ويضلل بعضهم بعضًا، ويُبدِّع بعضهم بعضًا، وربما يُكفِّر بعضهم بعضًا، فضاعت تلك الصحوة، وصار الذين يُراد منهم أن يكونوا حزبًا على أعداء الله وحربًا على أعداء الله صاروا حربًا على أنفسهم وأحزابًا بأنفسهم، وهذا ما يبذل فيه العدو أغلى ما يكون ليحصل، وقد حصل له مجانًا، فالواجب علينا أن نزيل هذه الاختلافات وأن ندعها، وأن نترك ما يعمر به كثير من الناس مجالسهم في سب فلان وفلان، أو ذم فلان وفلان، أو الغلو في فلان وفلان؛ لأن هذا يُضيِّع الأوقات، ويولد الأحقاد، ولا يفيد شيئًا بل يضر، ما لنا ولفلان، إن كان ميتًا فقد واجه الحساب، وإن كان حيًّا فنرجو له الاستقامة، وأما أن نجعل أكبر همنا هو هذا الكلام الذي لا يعود إلى الأمة إلا بالشر؛ ولهذا ينهى الله عز وجل عن التفرق في عدة آيات كما في هذه الآية: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾.
فإذا اختلفت أنت وصاحبك في رأي من الآراء وهو محل للاجتهاد فالواجب أن تعتقد أن صاحبك لن يخالفك، لماذا؟ لأنه سلك السبيل الذي تسلكه أنت، هو اجتهد فقال: هذا هو الصواب، وأنت اجتهدت فقلت: هذا هو الصواب، إذن ما مراد كل واحد منكم؟ الوصول إلى الحق، ولا يمكن أن يكون اجتهادك حجة عليه، ولا اجتهاده حجة عليك، وحينئذٍ نكون في الواقع متفقين، حتى لو خالفني فأنا أعتقد أنه موافقني؛ لأننا كلنا نقصد الحق ولا نريد مخالفة الحق، لكن مع الأسف الآن أن بعض الناس يتخذ من هذا الخلاف الذي هو محل الاجتهاد يتخذ منه سلمًا للتفرق والطعن.
قبل سنوات في مِنى حضرت طائفتان أفريقيتان، كل واحدة تلعن الأخرى وتُكفِّرها، فأتوا إلى أمير الدعوة التي أنا من ضمن أعضائها أتوا إليه متشاكسين جدًّا جدًّا، في مِنى في أيام الحج، في شهر حرام، في بلد حرام، فهو -جزاه الله خيرًا- حضر إلَيَّ معهم، ويش الأمر؟ قال: هؤلاء كُفَّار، هؤلاء رغبوا عن سُنَّة الرسول ﷺ، وقد قال النبي ﷺ:« «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١/٥) من حديث أنس رضي الله عنه. ]].
ونحن نبرأ منهم، كلام طويل عجيب، وما الخلاف؟ الخلاف إحدى الطائفتين تقول: إذا قام يصلي فإنه يضع اليد اليمنى على اليسرى، والطائفة الأخرى تقول: إذا قام يصلي يرسل يديه، المسألة ما هي خلاف في العقيدة، المسألة خلاف في سُنة من سنن الصلاة هي محل اجتهاد، كل واحد يقول للآخر: إنه كافر؛ لأنه رغب عن سنة النبي ﷺ، وقد قال ﷺ: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
شوف البلاء! الآن الشباب صار اختلافهم في أمر آخر؛ في الأشخاص، يجعلون الشخص هدفًا، ما تقول في فلان؟ إذا قال: والله فلان طيِّب حبيب، ومِن خير عباد الله، انشرح صدره، وكأنما أُعطي الجنة، وإذا قيل: والله هذا الرجل عنده انحراف في المسلك، إنسان فيه كذا، وفيه كذا، انقبض وضاق صدره، وترك صاحبه، هذا غلط يا إخوان.
الناس الرجال إن أخطؤوا، فاسأل الله أن يعفو عنهم خطئهم؛ لأنهم مسلمون مهما كانوا لا يخرجون من الإسلام، وإن أصابوا فخذ بصوابهم واحمده، وخطؤهم لا تأخذ به، أما أن تجعلهم محكًّا للولاء والبراء فهذا غلط عظيم؛ لذلك أنا أدعو إخواننا من السعوديين وغيرهم إلى نبذ هذه الطريق والبعد عنها، وأن نعتقد أننا إخوان، وأن كل واحد منا مجزي بعمله، وألا نجعل هذا سببا للتفرق؛ لأن الله نهانا، ونحن نعلم علم اليقين أن الله لا ينهانا إلا عن شيء فيه ضررنا، فهنا يقول: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ يعني غير مغالين فيه ولا مُقصِّرين ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ اجتمِعوا عليه.
﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى ١٣] ﴿كَبُرَ﴾ بمعنى عظم واشتد عليهم.
﴿عَلَى الْمُشْرِكِينَ﴾ يعني بالله.
﴿مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ من أي شيء؟ من التوحيد؛ لأن المشرك ما يكبر عليه هو التوحيد، أكبر شيء عنده هو التوحيد؛ يعني أكبر شيء يشق عليه هو التوحيد؛ ولهذا قالوا في الرسول ﷺ: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ [ص ٥، ٦]. شوف صبروا أنفسهم على الشرك والعياذ بالله، وقالوا في التوحيد: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ أي عجيب جدًّا، فما هو الشيء العجاب حقيقة؟ هو إشراكهم بالله عز وجل، الذي يقرون هم أنه خالقهم ولا خالق سواه، من هنا نأخذ أن المشركين يعظم عليهم التوحيد.
وأقول لكم: إذا كان يعظم عليهم التوحيد فلا بد أن يفعلوا كل سبب يحول بين هذا التوحيد وقيامه وانتشاره، أليس كذلك؟ كل شيء عظيم عليك لا بد أن تدافعه، فهم الآن حرب على التوحيد وأهله؛ ولهذا تسمع الآن مخططات النصارى على ما في ديانتهم التي هم عليها من الضلال والمخالفة للمعقول والمحسوس تجدهم يبثون الإذاعات القوية التي ليس فيها تشويش، والتي تأتي في أوقات مناسبة للدعوة إلى الدين الذي هم عليه، ما أقول: إلى دين المسيح، المسيح بريء منهم، لكن إلى الدين الذي هم عليه.
تجد بعض أهل البدع يكبر عليهم جدًّا من يدعو إلى السنة، ويحاربون من يدعو إلى السنة، ويشوهون السمعة؛ لأنه عظيم عليهم، فهنا يقول: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ [الشورى ١٣].
يقول: ﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ﴾ ﴿يَجْتَبِي﴾ بمعنى يختار ويصطفي. وقوله: ﴿إِلَيْهِ﴾ أعاد الضمير رحمه الله إلى التوحيد، ولكنَّ فيه احتمالًا أقوى مما قال وهو أن الضمير يعود إلى الله عز وجل؛ أي: الله يجتبي إلى نفسه عز وجل من يشاء، ويهدي إلى نفسه من ينيب، وهذا أحسن مما سلك المؤلف، فالله تعالى يختار إليه من يشاء، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن اختارهم إليه، ويكره آخرين؛ فالأولون يهديهم صراطه المستقيم، والآخرون يضلهم؛ لأنهم هم الذين فعلوا السبب ﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.
ولكنه مر علينا قريبًا جدًّا أن كل شيء علقه الله بالمشيئة فإنه مقرون بالحكمة، لا يشاء شيئًا إيجادًا أو إعدامًا أو تغييرًا إلا لحكمة.
﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ أي من يُقبِل على طاعته، يقول الشارح: (يقبل إلى طاعته)، فهو يهديه الله إليه، وقد ثبت عن النبي ﷺ فيما رواه عن ربه أن الله تبارك وتعالى يقول: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ». يعني الفرائض أحب إلى الله من النوافل: «وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا»[[أخرجه البخاري (٦٥٠٢) بسنده عن أبي هريرة، قال: قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها». ]].
وكذلك قال تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥/٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم، وإن تقرب مني شبرًا، تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا، تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة». ]]. فمن أناب إلى الله فإن الله يهديه إليه، ويُعينُه ويسدده.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن شرع الدين عند الله عز وجل وحده؛ ولهذا أنكر الله تعالى على الذين يشرعون لأقوامهم دينًا لم يأذن به الله، فقالوا: ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١].
* ومن فوائدها: أن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل؛ ولهذا إذا رأيت شخصًا يعمل عملًا يتقرب به إلى الله فأنكر عليه إلا إذا أقام دليلًا، بخلاف غير العبادات فالأصل فيها الحِل، ولهذا إذا رأيت شخصًا يفعل شيئًا ليس عبادة فأنكرت عليه فعليك الدليل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أديان الأنبياء واحدة، من نوح إلى محمد ﷺ؛ لقوله: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الشورى ١٣].
فما هذا التوحيد في الأديان؟ التوحيد في الأديان هو ما أفاده قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل ٣٦] فهذه هي القاعدة العامة في جميع الرسالات، ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾.
أما الشرائع والمنهج فلكل أمة ما يناسبها؛ لقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة ٤٨]؛ ولهذا نجد أن بني إسرائيل يشدد الله على أقوام منهم في الشريعة ويخفف في الشريعة الأخرى، قال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران ٥٠].
إذن الأصل هو توحيد الرسالات، وهذا الأصل هو المشار إليه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل ٣٦].
أما الشرائع والمنهاج فهذا يشرع الله عز وجل لكل أمة ما يناسبها، حتى الأمة الواحدة يشرع لها ما يناسبها في أول أمرها، وفي آخر أمرها كالمنسوخ في هذه الشريعة الإسلامية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات نبوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى؛ لقوله: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى ١٣].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عناية الله تبارك وتعالى بالشرائع حيث جعل ذلك وصية، والوصية هي العهد بالشيء المهتم به.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا القرآن الكريم وحي أوحاه الله تعالى إلى رسوله ﷺ؛ لقوله: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن شامل لجميع الشريعة؛ لقوله: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾.
فإن قال قائل: في الشريعة ما لا يُوجد في القرآن تفصيلًا؟
فالجواب: تكفي الإشارة إليه، يعني لو أننا بحثنا هل في القرآن ما يدل على عدد الصلوات، وعلى عدد ركعاتها، وعلى كيفيتها؟ لكان الجواب: لا، ما هو موجود، لكن كون الله عز وجل يأمرنا أن نطيع رسول الله ﷺ وأن تبعه يكفي؛ لأن سُنَّة الرسول عليه الصلاة والسلام قد أُمرنا بها وبكل ما تتضمنه، وعلى هذا تكون الشريعة كلها موجودة في القرآن إما بالإشارة والإيماء وإما بالتصريح.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات رسالة النبي ﷺ، حيث قال: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأمم جميعهم مأمورون بإقامة الدين وعدم التفرق فيه؛ لقوله: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيه﴾.
* ومن فوائدها: أن التفرق في دين الله منافٍ للذي أوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ووصى به نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما يدعو إليه النبي ﷺ من التوحيد كان عظيمًا وشاقًّا على المشركين؛ لقوله: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى ١٣].
* ويتفرع على هذه الفائدة: أنه متى كان التوحيد كبيرًا على المشركين فلا بد أن يسعوا بكل جهودهم على إحباط هذا التوحيد؛ لأن كل إنسان بمقتضى فطرته لا بد أن يسعى في إزالة ما يكون شاقًّا عليه.
* ويتفرع على ذلك فائدة: وهو الحذر من كيد المشركين.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي ﷺ كان يدعو المسلمين وغير المسلمين لدين الله؛ لقوله: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾. وهذا قد وقع تطبيقه، وشاهده في حال النبي ﷺ؛ كان يخرج إلى البلاد الأخرى ليدعو الناس إلى التوحيد كما خرج إلى الطائف، وكان في موسم الحج يعرض نفسه على القبائل عليه الصلاة والسلام، يأتي لكل قبيلة ويدعوهم، ويقول: «أَلَا أَحَدٌ يُؤْوِينِي» -أو كلمة نحوها- «حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي»[[أخرج أحمد (١٤٤٥٦) عن جابر، قال: مكث رسول الله ﷺ بمكة عشر سنين، يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة، وفي المواسم بمنى، يقول: «من يؤويني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟». ]].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله قد يَمُنُّ على بعض العباد بالاجتباء والهداية؛ لقوله: ﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الشورى ١٣].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات مشيئة الله عز وجل لفعل العبد؛ لقوله: ﴿يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ فيكون فيها رد على مَن؟ على القدَرِية الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله، ولا مشيئة لله تعالى في فعله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الهداية لكل منيب، وهذه الهداية غير الإنابة، الإنابة هداية سابقة، لكن كلما أناب الإنسان إلى ربه ازداد هداية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عِصمة الله تبارك وتعالى من ينيب من البِدع والمخالفات؛ لقوله: ﴿يَهْدِي إِلَيْهِ﴾. وهذا بلا شك ضد البدع؛ لأن البدع ليس فيها هداية إلى الله بل هي ضلالة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الحث على الإنابة إلى الله عز وجل؛ لأنه سبب للهداية.
* ومن فوائدها: الرد على الجبرية؛ لقوله: ﴿مَنْ يُنِيبُ﴾ فأضاف الفعل إلى العبد، والجبرية لا يضيفون الأفعال إلى العبد يقولون: إن العبد يفعل بغير إرادة ولا اختيار.
ففي الآية إذن رد على القدرية ورد على الجبرية، وهما طائفتان مبتدعتان متطرفتان، فما هو المذهب الوسط؟ المذهب الوسط هو الذي يقول: إن الإنسان لا يُجبَر على عمله، وأنه يفعل الفعل باختياره، ولا يشعر أن أحدًا أجبره، لكننا نعلم أن هذا الفعل الذي وقع منه واقع بمشيئة الله وإرادة الله، ولا يمكن أن يستقل الإنسان بشيء في الكون من دون الله عز وجل.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، إذا مر الإنسان بآية فيها ذكر الأنبياء سواء في الصلاة أم خارج الصلاة، هل يُشرع له أن يصلي عليهم؟
* الشيخ: لا، إلا الرسول ﷺ.
* طالب: ولو خارج الصلاة؟
* الشيخ: كيف ولو خارج الصلاة؟ إي نعم، ولو خارج الصلاة؛ لأنه ما نعلم أن الرسول إذا مر بالرسل سلم عليهم.
* الطالب: أنا أقصد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم إذا مر علينا في قراءة في الصلاة؟
* الشيخ: إذا مر عليك فصلِّ عليه في أي حال أنت، إلا إذا كنت على الخلاء فلا (...)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تبارك وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى ١٣]. سبق لنا أن هؤلاء الرسل الكرام لهم لقب خاص هو؟
* الطالب: أولو العزم من الرسل.
* الشيخ: هم أولو العزم من الرسل، ذُكِروا في القرآن في أكثر من موضع، في كم موضع؟
* طالب: في موضعين.
* الشيخ: في موضعين، الأول في سورة الأحزاب، اقرأها؟
* طالب: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الأحزاب ٧].
* الشيخ: والموضع الثاني: قول الله تبارك وتعالى: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ [الشورى ١٣] معناها تفسيرية، لكن ويش معنى ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: افعلوه مستقيمًا، لا عوج فيه، العوج في الدين يكون بأمرين متطرفين؟
* طالب: أولًا: الابتداع والبدع.
* الشيخ: لا.
* طالب: الغلو في الدين، والثاني: التقصير فيه والنقص.
* الشيخ: الغلو والتقصير، أيهما أخطر على الإنسان؟
* الطالب: الغلو يا شيخ.
* الشيخ: الغلو، لماذا؟
* الطالب: لأن الغلو يكون زيادة.
* الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا يعتبر نقصًا في الدِّين.
* الطالب: أنه يعتقد، ويؤمن بما هو عليه.
* الشيخ: يعتقد أنه على حق، وأن هذا هو الدين، فلا يكاد يتركه، أما المقصِّر فيعرف أنه مُقصِّر، ويحاول أن يصلح ما قصر فيه.
{"ayah":"۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق