وقوله جل وعز: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ﴾.
قال أبو العالية: الذي وصَّى به نواحاً: الإِخلاص لله، وعبادتُه لا شريك له.
وقال مجاهد: وصَّى نوحاً، ووصَّاكَ، ووصَّى الأنبياء كلهم، ديناً واحداً.
وقال الحَكَمُ: جاء نوحٌ بالشريعة بتحريم الأمهاتِ، والبناتِ، والأخواتِ.
وقال قتادة: جاء نوحٌ بالشريعة، بتحليل الحلال، وتحريم الحرام.
قال أبو جعفر: قول أبي العالية: ومجاهد، بيِّنٌ، لأنَّ الإِسلامَ
والإِخلاصَ، دينُ جميع الأنبياء، والشَّرائِعُ مختلفةٌ.
قوله جل وعز: ﴿وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ﴾.
قال أبو العالية: ﴿وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ﴾ أي لا تتعادوا، وكونوا إخواناً.
قال قتادة: فأخبرَ أن الهَلَكَة في التفرق، وأنَّ الأُلفة في الاجتماع.
* ثم قال جل وعز: ﴿كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾.
قال قتادة: أكْبَرُوا واشتدَّ عليهم شهادة "أن لا إلهَ إلا الله
وحده" وضاق بها إبليسُ وجنودُه، فأبى الله جلَّ وعزَّ إلاَّ أن يَنْصُرها
ويُفْلِجها، ويُظهرها على من ناوأها.
* ثم قال جل وعز: ﴿ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾.
قال أبو العالية: يُخَلِّصه من الشِّرك، ولا يكون الاجتباءُ إلاَّ من الشِّركِ.
وقال مجاهد: ﴿يَجْتَبِي﴾: يُخَلِّصُ.
{"ayah":"۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ"}