الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ (أم) هذه منقطعة، و(أم) المنقطعة تكون بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام.
هناك (أم) متصلة، وهي التي تقع بين شيئين متقابلين، وتكون بمعنى (أو)، مثال ذلك: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون ٦]، هذه (أم) يسمونها متصلة؛ لأنها بين شيئين متقابلين، ولأنها بمعنى (أو) ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ في غير القرآن لو وُضِعَ بدل (أم) (أو) لاستقام الكلام.
فإذن نقول: إن (أم) تكون منقطعة وتكون متصلة، الفرق بينهما: (أم) المتصلة بمعنى (أو)، (أم) المنقطعة بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام.
ثانيًا: (أم) المتصلة تكون بين شيئين متقابلين، و(أم) المنقطعة بخلاف ذلك.
هنا يقول عز وجل: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ ليس فيه شيئان متقابلان، إذن فهي منقطعة بمعنى (بل) والهمزة، ﴿أَمِ اتَّخَذُوا﴾ الضمير يعود على المشركين، ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ الضمير يعود على الرب عز وجل.
﴿أَوْلِيَاءَ﴾ يقول الشارح رحمه الله: (أي الأصنام) إشارة منه إلى أن المفعول الأول لـ﴿اتَّخَذُوا﴾ محذوفٌ، والتقدير: أم اتخذوا من دونه الأصنامَ أولياءَ؛ لأن (اتخذوا) تنصب مفعولين، كقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء ١٢٥]، هذه الآية ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ ليس أمام أعيننا إلا مفعولٌ واحدٌ، نقول: المفعول الأول محذوف، والتقدير: أم اتخذوا الأصنام أولياء.
﴿أَوْلِيَاءَ﴾ يعني أنصارًا يستغيثون بهم ويستنصرون بهم ويوالونهم ويتقرَّبون إليهم كأنهم ربٌّ.
قال المؤلف الشارحُ: ((أم) منقطعة بمعنى (بل) التي للانتقال، والهمزة للإنكار؛ أي: ليس المتَّخَذون أولياء) يعني: هؤلاء اتخذوا أولياءَ؛ الأصنامَ، والأصنام بعضها شجرٌ، وبعضها حجرٌ، وبعضها مخلوقات كونية كالشمس والقمر، وبعضها مخلوقات بشرية، كل هذه لا تنفع صاحبها، ولذلك تجد المشركين إذا وقعوا في الضرورة مَن يدعون؟ يدعون الله عز وجل، ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [لقمان ٣٢]، فهي لا تنفع، وهم أيضًا مُقرُّون بهذا يقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣].
(﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ أي: الناصر للمؤمنين، والفاء لمجرَّد العطف)، الفاء في قوله: ﴿فَاللَّهُ﴾؛ يعني أنها ليست جوابًا لشرطٍ ولكنها لمجرد العطف، ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ انتبهْ في إعراب الجملة هذه، (الله) مبتدأ، (هو) ضمير فصل، و(الولي) خبر المبتدأ.
واعلم أن ضمير الفصل حرف وليس اسمًا، هذه واحدة. وله ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: الحصر.
والفائدة الثانية: الفصل بين الخبر والصفة؛ يعني مثلًا إذا قلت: فلان الكريم، (فلان) مبتدأ و(الكريم) خبر، ويحتمل أن يكون (فلان) مبتدأ و(الكريم) صفته، والخبر محذوف؛ فلان الكريم حاضر. فإذا قلت: (فلان هو الكريم) تعيَّن أن تكون (الكريم) خبرًا وليست صفة، ولهذا يسمونه ضمير الفصل؛ لأنه يفصل -أي يُمَيِّز- بين الخبر وبين الصفة، ليس له محل من الإعراب، ولهذا نقول: (الله) مبتدأ، و(الولي) خبره، و(هو) ضمير فصلٍ لا محل له من الإعراب، إذن هو يفيد الحصرَ والتوكيدَ والتمييزَ بين الخبر والصفة.
نزيد ذلك بالمثال: محمد الرسول، يحتمل أن تكون (الرسول) صفة لـ(محمد)، وأن التقدير: محمد الرسول صادق. إذا أتيت بـ(هو) وقلت: محمد هو الرسول، يتعين أن (الرسول) خبر. هذه واحدة.
أيضًا (هو الرسول) يفيد الحصر يعني لا غيره، ولا شك أن محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام هو الرسول لهذه الأمة ولا رسول غيره.
الفائدة الثالثة: التوكيد، (هو الرسول). هذه فوائد ضمير الفصل، أما إعرابه فليس له محل من الإعراب؛ لأنه حرف.
﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ قوله: ﴿هُوَ الْوَلِيُّ﴾ يقول المؤلف: (أي الناصر للمؤمنين)، وفي هذا نظر؛ لأن المؤلف الآن قصَرَ الولاية على الولاية الخاصة، والصواب أنها عامة؛ هو الولي لكل أحد في الولاية العامة والولاية الخاصة، الولاية العامة لكل أحدٍ فإنه لا يتولَّى شؤون الخلق إلا الله عز وجل، الولاية الخاصة هي ولاية النصرة والتأييد، وعلى هذا فاقتصار المؤلف رحمه الله على الولاية الخاصة فيه نظر. إذن هو الولي على كل أحد بالولاية العامة والولاية الخاصة.
والفرق بين الولاية العامة والولاية الخاصة: أن الولاية العامة تشمل كل أحد، فكل أحد فالله وليه يتولى أمره، حتى الكافرون الله وليهم، الولاية الخاصة تقتضي النصر والتأييد، ومنه قوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة ٢٥٧].
﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ الجملة هذه فيها حصر أو لا؟ فيها حصر. ويش طريقه؟ ضمير الفصل.
﴿وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى﴾ وغيره لا يمكن أن يحيي الموتى؛ لأن الإحياء هو جعل الشيء حيًّا بعد أن كان ميتًا، وهذا لا يقدر عليه إلا الله، بل إن الله عز وجل إذا أراد أن يميت أحدًا لا يمكن لأحد أن يمنع الموت، كما قال عز وجل: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا﴾ [الواقعة ٨٣ - ٨٧] يعني: هلَّا ترجعونها إن كنتم صادقين؟ الجواب يمكن أو لا يمكن؟ لا يمكن، إذن الله يحيي الموتى ويميت الأحياء عز وجل.
﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ على كل شيء؛ أي شيء معدوم فالله قادر على إيجاده، أي شيء موجود فالله قادر على إعدامه، كل شيء فالله تعالى قدير عليه. ضدُّ القدرة العجز، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر ٤٤].
﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ (ما) شرطية، و﴿اخْتَلَفْتُمْ﴾ فعل الشرط، ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ الجملة جواب الشرط. قوله: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ أيُّ شيءٍ يقع بين الناس من الخلاف فمردُّه إلى الله عز وجل، سواء كان في الأمور الدينية أو في الأمور الدنيوية، وسواء كان مع المؤمنين أو كان مع الكفار، أي شيء فحكمه إلى الله عز وجل، لا أحد يُرَدُّ إلى حكمه إلا الله.
يقول الشارح: (﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ﴾ مع الكفار ﴿فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ ) والصواب أنه أعمُّ، المؤلف رحمه الله خصَّه باختلافنا مع الكفار، وفي هذا التخصيص نظر أيضًا، والصواب أنه عام: ما اختلفتم أيها الناس مع الكفار أو فيما بينكم أيها المسلمون ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
وقوله: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ يقول الشارح: (من الدين وغيره) إي نعم، (من الدين) الدِّين كلُّ ما يتعبَّد به الإنسان لله، وغيره ما ليس كذلك، فحكمه إلى الله عز وجل وحدَه؛ أي: مرد حكمه إلى الله، ولهذا قال: (﴿فَحُكْمُهُ﴾ مردودٌ ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ يوم القيامة يفصل بينكم)، والصواب أنه مردودٌ إلى الله في الدنيا والآخرة، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء ٥٩].
* ويستفاد من هذه الآية: أنه لا مرجع للقوانين، وأن القوانين المخالفة لحكم الله باطلة، وهو كذلك؛ لأن القانون مِن وضْعِ البشر، البشر ليس عندهم إحاطة علم؛ لا في الحاضر، ولا في المستقبل، فهم لم يحيطوا بالدنيا علمًا، غاية ما هناك أن هذا الذي وضع المادة القانونية يعرف ظواهر شعبه فقط. وهل يعرِفُ كل الناس وأن هذا الحكم مناسب لهم؟ لا. هذا قصور.
ثانيًا: أنه لو علم أحوال الناس من حيث العموم هل يمكن أن يعلم حال كل أحد؟ لأن الناس يختلفون حتى في الحكم الواحد، أرأيت غنيًّا وفقيرًا؛ الغني عليه زكاة، والفقير ليس عليه زكاة، الفقير يجوز دفع الزكاة له، والغني لا يجوز له. العاجز والقادر؛ القادر يصلي قائمًا، والعاجز يصلي قاعدًا. هل هذا الذي وضع القانون يعرف أحوال الناس بحيث يكون القانون صالحًا لكل حال من أحوال الناس؟ لا. هذا نقص آخر.
ثالثًا: واضع القانون هل يدرك أحوال الناس في المستقبل أو لا؟ لا يدرك. ومعلوم أن الأحكام تختلف باختلاف الأحوال، ولهذا نجد أن الشريعة الإسلامية تختلف عن الشريعة النصرانية، والشريعة النصرانية تختلف عن الشريعة اليهودية، فها هو عيسى يقول: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران ٥٠]، والدين الإسلامي أيضًا جاء مغايرًا في كثير من الأشياء الفرعية لما سبقه من الأديان، قال الله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة ٤٨].
إذن القانون قاصرٌ من كل وجه، إذا كان قاصرًا من كل وجه فهل يمكن أن يكون هذا الشيء القاصر مردًّا في النزاع؟ لا يمكن.
بقينا مَن رجع إلى القانون فهل يكون كافرًا؟ يحتاج إلى تفصيل؛ إذا لم يجد الإنسان طريقًا إلى أخذ حقه إلا عن طريق القانون فليس هذا بكفر، بل ولا محرَّم، فلو كنت في بلد تحكم بالقانون ولك خصومة مع شخص، ولا يمكن أن تلجأ إلى حكم شرعي، فلا حرج أن تتحاكم إلى القانون، وإذا حكم لك فهذا يعني أنه كالشرطة، ولو أننا قلنا بهذا لضاعت حقوق الناس. وقد أشار إلى هذا المعنى المحقق ابن القيم رحمه الله في كتاب الطرق الحكمية.
لكن إذا تحاكمت إلى القانون وأنت تعلم أنه يحكم بالظلم، فهل يجوز أن تتحاكم إليه أو لا؟ لا يجوز، ما فيه إشكال؛ لأن بعض الناس قد يكون من حيث الحكم الشرعي لا يستحق هذا الشيء، لكن باعتبار القانون يستحقه، فقال: أحاكمه لآخذ حقي بمقتضى القانون. ماذا نقول؟ نقول: هذا حرام ولا يجوز.
مثال ذلك: ما يسمونه بالفوائد البنكية؛ الفوائد البنكية في الحكم الشرعي حرامٌ ولَّا حلال؟ حرامٌ. هذا الرجل يعرف أنها حرام في الشرع لكن قال: أريد أن أتحاكم إلى القانون؛ لأن القانون سوف يمكنني منها، هل يجوز؟ لا يجوز؛ لأن هذا أكل للمال بالباطل.
إذن التحاكم إلى الطاغوت -وهو ما خالف الحكم الشرعي- إن كان لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به هو الحق -انتبه للفرق- لاستخراج الحق لا لاعتقاد أن ما حكم به حق، فهذا جائز، وكأنك جعلتهم شُرطةً يستخرجون حقك من هذا الذي ظلمك، وإن كان لاعتقاد أن ما جاء في القانون حق مع مخالفته للشرع، فهذا حرام. هذا في التحاكم إلى القانون.
بقينا في وضع القانون؛ واضع القانون إما أن يعلم أنه مخالف للشرع لكنه يعتقد أنه أنفع للخلق من شرع رَبِّ الخلق، فهذا كافر لا شك، كافر كفرًا مخرجًا عن الملة؛ لأنه مكذب لقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة ٥٠]، ومكذب لقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين ٨]؛ لأنه وضع الآن كتابًا بدلًا عن كتاب الله، وهذا واضح أنه كافر، أبدَلَ دين الله بغيره، أبدل حكم الله بغيره، فهذا كافر.
أما إذا كان لا يدري أنه مخالف للشرع، وإنما صنع ذلك بتأويل إن كان من أهل الاجتهاد، أو بتضليل إن كان من غير أهل الاجتهاد، فهذا لا يكفر؛ مثل أن يعتقد أن مسألة العينة جائزة ويضعها قانونًا، ومسألة العينة معروفة عندكم: أن يبيع شيئًا بثمن مؤجَّل ويشتريه نقدًا بأقل، فيقول مثلًا: مادة كذا: إذا باع شيئًا بثمن مؤجَّل واشتراه بأقل فالعقد صحيح. هذه المادة تخالف الشرع، لكن هو لا يدري أنها تخالف الشرع، أو تأوَّل أنها جائزة بناء على صورة المعاملة، هذا لا يكفر.
وقد يكون وضع القانون المخالف للشرع عن تضليل ما هو عن تأويل، بحيث يكون الحاكم جاهلًا أميًّا لكن ضلَّله بعضُ علماء الدولة، قال: هذا لا بأْسَ به؛ لأن النبي ﷺ يقول: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ»[[أخرج مسلم (٢٣٦٣/ ١٤١) بسنده من حديث عن عائشة، وأنس رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ مر بقوم يلقحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح». قال: فخرج شيصًا، فمرَّ بهم فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».]]، ونحن نعلم أن هذا خيرٌ لنا في الدنيا بناءً على ظنه، فهذا لا يكفر.
فصار الآن الذي يضع قانونًا مخالفًا للشرع معتقدًا أنه أَوْلى من الشرع وأنفع للخلق، فهذا كافر لا نشك في هذا، لكن بشرطين: أن يعلم أنه مخالف للشرع، يعتقد أنه أنفع للخلق أو مثل الشرع، حتى اللي يعتقد المماثلة فهو كافر؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا﴾ [المائدة ٥٠]، ويقول: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين ٨].
أما مَن وضعه مخالفًا للشرع بتأويل أو تضليل فإنه لا يكفر؛ لأن هذا في نظرِه لم يخالف الشرع، فلا يكفُرُ بهذا.
الخلاصة الآن: عندما يختلف الناس في شيء فإلى من يرجعون؟ إلى الله ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
فإذا قال قائل: من أين نعلم حكم الله؟
قلنا: من القرآن والسنة، يفسِّر هذا قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النساء ٥٩].
الآن فهمنا أن المؤلف رحمه الله قَصَّرَ في تفسير الآية في قوله: ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾؛ حيث خصها بالمؤمنين بالولاية الخاصة. قصر أيضًا هنا (﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ يوم القيامة يفصل بينكم) هذا أيضًا قُصورٌ، والصواب أن حكمه إلى الله في الدنيا والآخرة.
﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ (ذلكم) ويمرُّ بنا كثيرًا (ذلك)، فلماذا تختلف الكاف من موضع إلى موضع؟ فالجواب أن الكاف بحسب المخاطب، واسم الإشارة بحسب المشار إليه.
وهنا اختبار بالنسبة لكم: الكاف باعتبار المخاطب، واسم الإشارة باعتبار المشار إليه، أشِرْ إلى مذكرٍ مفردٍ مخاطبًا مذكرًا مفردًا.
* طالب: ذلك.
* الشيخ: (ذلك) صح. أشِرْ إلى اثنين مخاطبًا اثنين.
* طالب: ذلكان.
* الشيخ: ذانكما، (ذان) هذا المشار إليه، المخاطَب (كما)، ذانكما. أشِرْ إلى أنثى مخاطبًا ذكرًا.
* طالب: (ذلك).
* الشيخ: لا، ما يمكن أنت الآن جعلت المرأة ذكرًا.
* طالب: (تلك).
* الشيخ: (تلك) صحيح، إي نعم (تلك)؛ لأن الإشارة للأنثى بالتاء (تلك). أشِرْ إلى أنثى مخاطبًا أنثيين.
* طالب: (تلكما).
* الشيخ: (تلكما) طيب تمام. إذن الحمد لله فهمنا ما حاجة نستوعب كل الأمثلة، اسم الإشارة بحسب المشار إليه، الكاف بحسب المخاطب.
هنا ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ اسم الإشارة بحسب المشار إليه؛ لأنك تشير إلى لفظ الجلالة ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾ واحد، ويخاطب جماعة ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ ﴿ذَلِكُمُ﴾ مبتدأ، و﴿اللَّهُ﴾ عطف بيانٍ، ﴿رَبِّي﴾ خبر المبتدأ؛ يعني أن الرسول ﷺ يجب أن يعلن لهؤلاء أن الله تعالى ربه وأنه لا رب له سواه. وإنما قلنا: (وأنه لا رب له سواه)؛ لأن كلا من طرفي الجملة معرفة، وإذا كانت الجملة قد عُرِّفَ طرفاها دلَّت على الحصر.
لو سألنا سائل: بِمَ تعلقت الكلمة ﴿عَلَيْهِ﴾؟ قلنا: تعلَّقت بـ﴿تَوَكَّلْتُ﴾، بم تعلَّقت ﴿إِلَيْهِ﴾؟ قلنا: بـ﴿أُنِيبُ﴾. إذن العامل متأخِّر عن المعمول في ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ وفي ﴿إِلَيْهِ أُنِيبُ﴾، والقاعدة عند البلاغيين: أنه إذا تقدم ما حقُّه التأخير كان ذلك دليلًا على الحصر، فـ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ بمنزلة: ما توكلت إلا عليه، ﴿إِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ بمنزلة: لا أنيب إلا إليه.
﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾؛ أي: فوَّضْت أمري إلى الله تفويضًا كاملًا، والتوكل على الله ليس كالتوكل على البشر؛ التوكل على البشر بمعنى أنك تعمِّده أن يشتري لك شيئًا، وهذا تفويض خاصٌّ، وأيضًا تفويض تعتقد أنك أنت صاحب الشأن فيه، بمعنى لو شئت لعزلته وفسخت الوكالة، لكن توكلك على الله تفويض إلى الله في كل شيء، ولا يمكنك أن تفسخ الوكالة، حتى لو فسختها فالله عز وجل وكيل عليك.
وبهذا نعرف الفرق بين أن يقول القائل: (توكلت على فلان) يعني معناه أني وكَّلته و(توكلت على الله). هل (توكلت على الله) مثل (وكَّلت فلانًا)؟ لا، أبدًا، وإن اتفق اللفظان لكن يختلف المعنيان اختلافًا عظيمًا، لاحظوا يا جماعة: توكلت على فلان؛ أي: فوَّضْته بأمري، والأمر إليَّ أن شئت عزلته، لكن (توكلت على الله) فوَّضْت أمري إليه مستندًا إليه جل وعلا في تيسير أمري وتسهيله، وحينئذٍ لا نقول: إنَّ مَن توكل على شخص في شراء شيء يكون مشركًا بالله، لا نقول هكذا؛ لأنه يظهر الفرق العظيم بين توكُّلي على الشخص الذي وكَّلته أن يشتري حاجة وبين توكُّلي على الله؛ توكلي على الله تفويض واستعانة، لكن على الشخص فلا، استخدام في الواقع، توكيلي إيَّاه أو توكلي عليه في الوكالة عبارةٌ عن استخدام، ولهذا متى شئت قلْتُ: لا أتوكَّل عليه وأعزله، لكن بالنسبة للتوكل على الله ليس كذلك.
فما هو التوكل على الله؟ قلنا: تفويض الأمر إلى الله عز وجل تفويضًا تامًّا، وبعضهم يقول: صدق الاعتماد على الله في جلْبِ المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله عز وجل. يُفَسَّر هكذا.
وهل التوكل على الله عز وجل يعني إلغاء الأسباب؟ لا، ولهذا لو قيل لرجل: تزوج حتى يأتيك أولاد، قال: أنا متوكل على الله؛ يصلح ولا ما يصلح؟ ما يصلح؛ لأن الأولاد لا ينبتون بالسطح، افعل الأسباب وتوكَّل، وفي المثل: اعقِلْها -يعني الناقة- وتوكَّل، لا تطلِقِ الناقة وتقول: أنا متوكِّلٌ على الله، الناقة إذا أطلقتها ذهبت حيث شاءت، حتى لو قلت: متوكلٌ على الله، افعل الأسباب. لو أن إنسانًا قيل له: يا فلان ابتغِ الرزق، بعْ، اشتر، اعمل الأسباب التي تحصل بها المال، قال: أبدًا، أنا متوكل على الله. هل هو صادق؟ هذا توكل المتهاونين، إذا كنت صادقًا في التوكل على الله فاعمل السبب، ولكن لا تعتمد على السبب، اجعل السبب سببًا، والمدبِّر هو الله عز وجل.
﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أرجِعُ إلى الله تعالى في عباداتي وفي جميع أحوالي.
قال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [الشورى ٨] * في هذه الآية فوائد؛ * منها: الرد على القدرية الذين ينفون القدر ويقولون: إن الإنسان مستقلٌّ بعمله.
لأنكم تعلمون -كما درسْتُم أو بعضُكم في العقيدة- أن الناس انقسموا بالنسبة لأفعال العبد إلى ثلاثة أقسام: قسم يقولون: إن العبد لا اختيار له، ولا إرادة، ولا مشيئة، وأنه يفعل الفعل الاختياري كالفعل الإجباري، وهؤلاء هم الجبرية، وهم الجهمية، الجهمية جبرية بالنسبة لأفعال العبد، فحركة الإنسان الاختيارية -كقيامه وقعوده وأكله وشربه ونومه واستيقاظه- مُجبر عليها، فهو في هذه الحركات كالمريض الذي يرتعش من الحرارة بغير اختياره. وهؤلاء ضالون؛ لأنه -على قاعدتهم- يكون الله عز وجل إذا عذَّب الإنسان المخالف يكون ظالمًا له؛ لأنه ليس يختار، هم يرون أن الظلم في حق الله محال مستحيلٌ؛ لأن الظلم تصرف الفاعل في غير ملكه، والله عز وجل له ملك السماوات والأرض، ولهذا كان الظلم عندهم مستحيلًا. هذه طائفة.
وطائفة أخرى يقولون: الإنسان مستقلٌّ بعمله يفعل ما يشاء، ولا علاقة لله تعالى في عمله، وهؤلاء هم القدرية الذين سمَّاهم النبي ﷺ مجوس هذه الأمة[[أخرج أبو داود (٤٦٩١) عن النبي ﷺ قال: «القدرية مجوس هذه الأمة؛ إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم». ]]؛ لأن هؤلاء يقولون: الحوادث الكونية لها خالقان: حوادث العباد هم يخلقونها، وحوادث الكون يخلقها الله عز وجل، فجعلوا للحوادث خالقين كما أن المجوس جعلوا للحوادث خالقين، ولهذا سماهم النبي ﷺ مجوس هذه الأمة.
وعلى رأيهم يكون في ملك الله ما لا يشاؤه الله، إن الله له ملك السماوات والأرض، فإذا كانت أفعال العباد بغير مشيئة الله وإرادته صار في ملكه ما لا يشاؤه. وهؤلاء ضالون غالطون؛ لأنه كيف يكون الله هو الخالق للعبد ونقول: العبد مستقلٌّ عن الله، ولا لله فيه دخل ولا شيء.
أهل السنة والجماعة يقولون: إن الإنسان يفعل باختياره وإرادته، والقرآن دلَّ على ذلك: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء ١٩] ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود ١٥] ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران ١٥٢]، يقولون: الإنسان له إرادة واختيار، ويفرق بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري ولا شك، الإنسان يقوم ويقعد ويأكل ويشرب وينام ويستيقظ، كل ذلك لا يشعر أن أحدًا يجبره عليه، ولكن مع هذا هذا الفعلُ وهذه الإرادة مخلوقة لله عز وجل، كيف تكون مخلوقة لله؟ لأن الإنسان نفْسَه مخلوقٌ لله، فإراداته التي تكون في نفسه وأفعاله التي تكون في جوارحه تكون مخلوقة؛ لأن أوصاف المخلوق وأفعال المخلوق مخلوقة كما أن أوصاف الخالق غير مخلوقة، ولهذا نقول: القرآن غير مخلوق؛ لأنه كلام الله.
إذن أهل السنة والجماعة -والحمد لله- هداهم الله للحق، فكانوا وسطًا بين متطرِّفين.
الآية الكريمة ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ ترد على مَن؟ القدرية الذين يقولون: إن الإنسان مستقلٌّ بعمله، على رأيهم لا يستطيع الله عز وجل أن يهدي الناس جميعًا أو يضلهم جميعًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من حكمة الله عز وجل أن ينقسم الناس إلى مؤمن وكافر، من قوله: ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾؛ لأنه لا يمكن أن تظهر أثر الرحمة إلا إذا انقسم الناس إلى مرحوم وغيرِ مرحوم، فكان من حكمة الله عز وجل أن اختلف الناس، نحن نعلم لولا اختلاف الناس لم يتميز مؤمن من كافر، لولا اختلاف الناس ما قام جهاد، ولا قام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يكن فائدة في خلق الجنة والنار، إلى غير ذلك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الرحمة لله عز وجل؛ لقوله: ﴿فِي رَحْمَتِهِ﴾. واعلم أن الرحمة نوعان: مخلوقة، وغير مخلوقة؛ فغير المخلوقة فهي رحمة الله التي هي وصفه؛ لأن جميع صفات الله غير مخلوقة، وأما المخلوقة فهي الشيء البائن عن الله الذي كان من آثار رحمته التي هي وصفه، قال الله عز وجل: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران ١٠٧]، هذه مخلوقة ولَّا غير مخلوقة؟ مخلوقة، (في) للظرفية، ولا يمكن أن تكون رحمة الله التي هي وصفه ظرفًا لهؤلاء الذين آمنوا، إذن ﴿فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ أي: المخلوقة. ما هي رحمة الله المخلوقة؟ هي الجنة؛ لقوله تعالى للجنة: «أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦/٣٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨]، ما المراد بالرحمة هنا الصفة أو المخلوقة؟ الصفة.
إذن من صفات الله تعالى الرحمة. والعجب من قوم يدَّعون أنهم منزهون لله يقولون: إن الله لا يوصف بالرحمة! نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا، يقولون: إن الله لا يوصف بالرحمة؛ لأن الرحمة انفعال وانكسار، كما ترحم الصبي، ترحم اليتيم، والله عز وجل مُنزَّه عن ذلك. طيب ماذا نفعل بالآيات التي لا تُحْصَى المثبتة لرحمة الله؟ قالوا: فسِّرِ الرحمة بالإنعام، فيفسرونها بالرحمة المخلوقة، أو فسِّرِ الرحمة بإرادة الإنعام، فيفسرونها بالإرادة، وهؤلاء الأشاعرة، لأنهم يُقِرون بالإرادة على أنها صفة لله.
وسبحان الله! حجتهم في هذا يقولون: الإرادة دلَّ عليها العقل والرحمة ما دلَّ عليها العقل، بل دلَّ العقل على خلافها. فنقول لهم: ما هو العقل الذي دَلَّ على الإرادة؟ قالوا: العقل الذي دَلَّ على الإرادة التخصيص؛ تخصيص المخلوقات، الجمل له صورة معيَّنةٌ، الشاة لها صورة معينة، بنو آدم لهم صورٌ معينة، فكونه يجعل البعير على هذه الصفة، والشاة على هذه الصفة، وبني آدم على هذه الصفة، تدل على الإرادة.
طيب الرحمة، هناك أدلة عقلية على الرحمة أكثر دلالة من دلالة التخصيص على الإرادة، كل ما في الكون من النعم ويش يدل عليه؟ يدل على الرحمة، ولهذا العامي إذا أمطرت السماء قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته، فدلالة هذه الأشياء على الرحمة أقوى من دلالة التخصيص على الإرادة، فنحن نؤمن بأن لله رحمة.
فإذا قال: إن الرحمة انكسار وانفعال، قلنا: هذا بالنسبة لرحمة المخلوق، أما رحمة الخالق فهي تليق به عز وجل، ما فيه انكسار ولا فيها نقص ولا فيها عيب.
أرأيتم الغضب؟ الغضب انفعال يحدث للإنسان حتى يفقد أعصابه ويتصرف تصرف المجانين، حتى ربما كسَّر ماله، وضرب أولاده، وطلق زوجته، وربما يؤدي إلى أن يرمي بنفسه في الماء، الغضب؛ لأنه جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان حتى يفور دمه، هل نقول: إن غضب الله كغضب الإنسان؟ أبدًا، حاشا، إن غضب الله صفة تليق به تدل على كمال سلطانه وقدرته على الانتقام، لكنها لا يمكن أن ينتج عنها سوء تصرف أبدًا، بخلاف غضب المخلوق.
المهم أن نقول: هناك قوم أنكروا رحمة الله، وبماذا فسروا الرحمة؟ بواحد من أمرين: إما الإنعام، أو إرادة الإنعام. وهذا لا شك من ضلالهم وبدعهم، وإرجاعهم أمور الغيب إلى ما تقتضيه عقولهم القاصرة، والحقيقة أن هذه العقول ليست عقولًا بل هي أوهام، وإلا فنحن نعلم علم اليقين أن ما جاءت به الشريعة لا يمكن أن يخالف صريح المعقول أبدًا؛ صحيح المنقول لا يخالف صريح المعقول أبدًا، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاب مجلدات في بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، ويُسَمَّى درء تعارض العقل والنقل.
* من فوائد الآية الكريمة: سوء عاقبة الظلم؛ لقوله: ﴿وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾، حتى أولياؤهم في الدنيا لا ينفعونهم في الآخرة، ليس لهم وليٌّ يتولاهم، ولا نصير يدفع عنهم الأذى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن القائم بالعدل له ناصر وولي، تُؤْخَذ من مفهوم المخالفة؛ إذا كان الظالم لا ولي له ولا نصير فمن قام بالعدل فله ولي ونصير.
* من فوائد الآية: الإنكار على الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ لأن (أم) هنا بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام الإنكارية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء طلبوا شيئًا من غير محله؛ لقوله: ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾، فهو الذي ينبغي أن يُتَّخَذ وليًّا عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الولاية لله؛ لقوله: ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾. وهل هي عامة أو لا؟ الجلالين مشى على أنها خاصة قال: (ولي المؤمنين)، والصحيح أنها في هذه الآية عامة، الله ولي كل أحد، فإن الله تعالى وليٌّ للكافرين يرزقهم ويعافيهم ويدفع عنهم السوء ويتولاهم، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ﴾ [الأنعام ٦١، ٦٢]، لكننا نقول: الولاية قسمان عامة وخاصة، كما بيَّناه في التفسير.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا ولاية لأحدٍ دون الله، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿هُوَ﴾؛ لأن (هو) ضمير فصل يفيد الحصر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل على أمْرٍ لا أحد يدعيه، ومن ادعاه كذَّبه الواقع؛ لقوله: ﴿وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى﴾، هذه الجملة لا أحد يدعيها أبدًا، ولو ادعاها فهو كاذب.
فإن قال قائل: أليس يُؤْتَى بالرجل يستحق القتل، فيأمر السلطان ألا يقتل، أليس هذا إحياء؟
الجواب: لا يمكن أن يكون إحياء، ولكنه استبقاءُ حياةٍ؛ لأن الحياة سابقة، هو لم يجعل في هذا حياة فيبقى، ولكنه استبقى حياة موجودة.
فإن قال قائل: ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة ٣٢].. ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، فأثبت الإحياء للإنسان؟
الجواب: أحياهم بإبقاء حياتهم؛ يعني من رفع القتل عن إنسان ودافع عن شخص يقتل فهو كأنما أحيا الناس جميعًا، وإلا من المعلوم أنه لا أحد يستطيع أن ينفخ الروح في ميت.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عموم قدرة الله تبارك وتعالى؛ لقوله: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
* ومن فوائدها: الحث -أعني حثَّ الإنسان- على أن يدعو الله بكل ما أراد ما لم يعتَدِ في الدعاء، انتبه يا أخي هذه فائدة تربوية، أن تدعوَ الله بكل شيء إلا ما حرَّم الله عليك الدعاء به؛ لقوله: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فإنك إذا دعوت الله عز وجل بأي شيء لا تيأس، لا تقول: هذا لا يمكن، إلا ما كان عدوانًا واعتداءً فلا يجوز.
وهذا يفتح للإنسان باب الرجاء وباب دعاء الله واللجوء إليه، لو كان عندك مريض مُدْنفٌ أَيِسْت منه، فقلت: والله ما أقدر أدعو الله عزَّ وجل لأن الرجل وصَلَ إلى حالةٍ خطيرةٍ، فهذا لا شك غلط؛ لأن الله على كل شيء قدير، فادعُ الله.
إنسان تقطعت به الأسباب، طلب الرزق في البيع والشراء فخسر، طلب الرزق في التقديم للوظيفة فلم ينجح، وهكذا، قال: إذن خلاص ما حاجة أدعو. ماذا نقول له؟ نقول: هذا خطأ وغلط، ادعَ الله؛ فالله على كل شيء قدير، كم من إنسان دعوا له الغاسل، واشتروا له الكفن، وقرَّبوا له النعش، وتهيَّأ أصحابه لتشييعه، ثم يعافيه الله عز وجل؛ لأن الله على كل شيء قدير.
إذن متى آمنت بأن الله على كل شيء قدير فلا تستصعب شيئًا على قدرة الله، اسأل كل شيء ما لم يكن إثمًا أو قطيعة رحم، ولا تيأس، ولهذا قال: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، هذه الجملة كما قلت لكم- تفيد أن الإنسان لا ييأس من رحمة الله عز وجل، وأن يدعوَ الله تعالى بكل ما أراد ما لم يكن إثمًا أو قطيعة رحم.
ثم قال عز وجل: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ إلى آخره، في هذه الآية من الفوائد:
* أولًا: أنه لا بد أن يكون اختلاف بين الناس، وهذا هو الواقع؛ يعني لا يمكن أن ترفع الاختلاف بين الناس لا بد أن يختلفوا، وسبب الاختلاف كثير، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وهو كتاب مختصر نافع، لخَّصناه وزدنا عليه بعض الشيء، وذكرنا الأمثلة التطبيقية على القواعد التي ذكرها رحمه الله في كتابنا رسالة صغير اسمها اختلاف العلماء وموقفنا نحوه، أو نحو هذا المعنى، وهو مفيد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الواجب عند الاختلاف الرجوع إلى حكم الله؛ لقول الله تعالى: ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن حكمه إلى الله في الدنيا والآخرة؛ لعموم قوله: ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾. وأما من خَصَّ ذلك في الآخرة فغلط، حتى في أمور الدنيا نرجع إلى حكم الله، كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء ٥٩].
* ومن فوائدها: تحريم الرجوع إلى القوانين البشرية عند الاختلاف؛ لقوله: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ لا إلى غيره.
فإن قال قائل: ألستم تقولون: إن قول الصحابي حُجَّة؟
فالجواب: بلى، على خلاف في هذا، المسألة ما هي إجماعية، لكن على القول بأن فقهاء الصحابة أقوالهم حجة، قلنا: بلى، نقول بذلك لكننا مستندون إلى قول الرسول ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي»[[أخرجه أبو داود (٩٦)، والطبراني في الكبير واللفظ له (٢٤٦) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.]]؛ لأن الصحيح أن (الخلفاء الراشدين) مُعلَّقة بأوصاف لا بأعيان؛ يعني ليس الخلفاء الراشدون هم الأربعة، بل كل من خلف النبي ﷺ في أمته علمًا ودعوةً وتعليمًا هذا خليفة راشد، أرشدُ من خلَفَ النبي ﷺ هم الصحابة رجوعًا إلى حكم الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إعلان النبي ﷺ بالإخلاص والتوحيد؛ لقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾؛ أي: ذلكم الذي يُرْجَعُ إلى حكمه هو الله ربي.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من هدي النبي ﷺ التوكل على الله وحده؛ لقوله: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾. لكن كلمة (وحده) من أين أخذناها؟ من الحصر الذي طريقه تقديم ما حقه التأخير.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن من هدي الرسول ﷺ الإنابة إلى الله تعالى وحده؛ لقوله: ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾، وإذا كان هذا من هدي الرسول ﷺ وجب علينا أن نأخذ به؛ لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب ٢١].
* طالب: بالنسبة لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [المائدة ٤٨]، (...) هل من الاعتداء في الدعاء أن يدعو الإنسان بهداية جميع الناس مؤمنهم وكافرهم؟
* الشيخ: لا، ليس من الاعتداء؛ لأن الناس في عصرك ماذا يمثلون بالنسبة للبشر كلهم؟ قليل، فليس من الاعتداء في الدعاء.
* طالب: بالنسبة للساحر وأنه (...)؟
* الشيخ: هل الساحر يحيي ويميت؟
* الطالب: كيف يرد عليه؟
* الشيخ: نقول: ليس يحيي ولا يميت.
* الطالب: تخييل يعني.
* الشيخ: يعني إن خيَّل للناس أن الميت تحرك فهو لم يتحرك حقيقة، ولهذا لو جاء أحد لم يدرك الساحر الذي غشى به أعين الناس لأدركه ميتًا لا يتحرك.
* طالب: (...).
* الشيخ: نحن قلنا: صفة حقيقية هنا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، إثبات الرحمة لله، ثم قسمناها نحن، ما قسمناها باعتبار الآية هذه، قسمنا الرحمة عمومًا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ ما معنى الآية؟ الاختلاف في أمور الدين يرجع إلى الله. إذن في أمور الدين والدنيا فحكمه إلى الله تعالى، طيب.
هل يؤخذ من هذا تحريم الحكم بالقوانين؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إذا كانت هذه القوانين تخالف الشريعة فإنه يحرم الرجوع إليها.
طيب لو اضطر الإنسان إلى التحاكم إلى القوانين الوضعية؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، التحاكم أصل التحاكم؛ يعني إذا كان قصده الوصول إلى حقه فهذا جائز، أما إذا كان قصده التحاكم إليهم بمعنى أن حكمهم هو النافذ فهذا لا يجوز، طيب.
على الوجه الأول ما وجه الجواز؟
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني كأنه جعلهم بمنزلة الشُّرط الذين يستنقذون حقه، لا على أنهم حكام، على أنه يتوصل إلى حقه بهم، طيب.
قوله تعالى: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ فيها حصر أو لا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ما طريقه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: تقديم ما حقه التأخير، هذا التعليل بالأعم أحسن؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، طيب.
ما معنى التوكل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: تفويض الأمر إلى الله تعالى تفويضًا كاملًا على أنك أنت مفتقر إلى الله عز وجل طيب.
ما الفرق بين التوكل على الله وعلى الإنسان؟
* طالب: (...).
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: تمام، التوكل على الإنسان يعني استخدامه في حاجة توكله عليها، وفي هذه الحال تعتقد أنك أنت فوقه، ولهذا لو شئت لفسخت الوكالة، لكن التوكل على الله تعتمد على الله عز وجل مفوضًا الأمر إليه على أنه هو الفاعل كما يشاء.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَۖ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِیُّ وَهُوَ یُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِیهِ مِن شَیۡءࣲ فَحُكۡمُهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّی عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ"],"ayah":"وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِیهِ مِن شَیۡءࣲ فَحُكۡمُهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّی عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق