الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ [فصلت ٣٧] (من آياته) أي: آيات الله عز وجل، والآية في اللغة: العلامة، وهي بالنسبة لآيات الله: ما كان علامةً على قدرة الله عز وجل وقوته وحكمته وعلمه ورحمته وغير ذلك.
فقوله: (من آياته) الدالة على قدرته وعلمه وحكمته ورحمته وغير ذلك مما يدل عليه هذا الليل والنهار.
﴿مِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ﴾ (الليل) بظلامه و(النهار) بضيائه هذا من آيات الله؛ لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك إطلاقًا.
يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾ [القصص ٧١]، الجواب: لا إله، لا أحد يأتي بذلك، ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القصص ٧٢] الجواب: لا أحد، فهذا من آيات الله العظيمة الدالة على قدرته وعلى رحمته وعلمه وحكمته وقوته، بينما الليل قد غشي الأرض بظلامه، وإذا بالصبح قد كشف هذا الغطاء فأصبحت الدنيا ضياءً.
كذلك من آياته الشمس والقمر، وما أعظمها من آية، هذان الكوكبان يسيران منذ خلقهما الله عز وجل إلى أن يأذن الله بخرابهما، يسيران على نمط واحد لا يتعديانه ولا يتجاوزانه.
قال بعض العلماء: لو أن الشمس بعدت عن مقرها شعرةً واحدة لهلك الناس من البرد وجمدت المائعات، ولو أنها نزلت شعرةً واحدة لذابت الأرض من الحر، وهذا من قدرة الله عز وجل، ثم هذا الجرم العظيم له هذه الإضاءة العظيمة مع البعد التام، وهذه الحرارة العظيمة مع البعد التام، لو أنك سعرت أقوى نار في الدنيا ما بلغت مسافة حرها إلى مئة متر، ومع ذلك تجد مس الحرارة فقط لا أن يصل إلى هذه الدرجة، وهذه بينك وبينها ما لا يعلمه إلا الله عز وجل وتجد هذا الحر، في أيام الصيف ربما قال لي بعضهم: ربما بدأ الماء يغلي من شدة الحرارة في بعض المناطق مما يدل على عظمة هذه الشمس.
القمر أيضًا عظيم، هذا القمر الكوكب الكتلة يضيء هذه الإضاءة العظيمة من بُعد، مع ذلك هو بارد لا يسخن الجو ولا يسخن الأرض؛ لأنه آية الليل، أرأيتم لو كان حارًّا أيتمتع الناس بالليل كما يُتمتع به اليوم؟ لا يمكن أبدًا، لكن من رحمة الله عز وجل أن جعله نورًا باردًا، حتى لا تبقى حرارة الأرض طوال أربع وعشرين ساعة، وحتى يستقر الناس في منامهم وذهابهم ومجيئهم.
أن جعله نورًا باردًا حتى لا تبقى حرارة الأرض طوال أربع وعشرين ساعة، وحتى يستقر الناس في منامهم وذهابهم ومجيئهم.
ثم قال: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ [فصلت ٣٧] نَهْي عن السجود للشمس والقمر؛ لأن من بني آدم من يسجد للشمس ويسجد للقمر، «ولذلك نُهِيَ عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٨٥)، ومسلم (٨٢٨ / ٢٨٩) من حديث ابن عمر.]]، وقال بعض العلماء: إن المراد: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ عند تغيرهما بالكسوف، ولكن اسجدوا لله.
قال: (﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ [فصلت ٣٧] أي: الآيات الأربع ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ ) يعني: إن كنتم صادقين في عبادته فلا تسجدوا لغيره؛ لأن من يعبد الله ويعبد غيره ليس صادقًا في عبادته؛ الصادق في عبادته هو الذي يخلص العبادة لله عز وجل، ويأتي إن شاء الله البقية.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، هذا يوم القيامة، تلقى في جهنم يوم القيامة ما هو الآن، ويوم القيامة تتغير الأمور ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ [إبراهيم ٤٨].
* طالب: (...).
* الشيخ: ظاهر القرآن أنها في الأرض في سجين، كما جاء في الحديث في قضية المحتضر: «اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السابعة السفلى»[[أخرجه أحمد (١٨٥٣٤) من حديث البراء بن عازب.]]، لكن تتغير الأمور في يوم القيامة، ما هي على ما يُتصور الآن.
* طالب: ما الفرق بين الشيطان وإبليس؟
* الشيخ: ويش هذا السؤال؟ ما يصلح السؤال هذا، الفرق بين الشيطان والإنس؟
* طالب: وإبليس.
* الشيخ: الشيطان هو إبليس، هو واحد.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت ٣٥] هل يكون معناه أن من صفح عند الناس يكون هذا جُبنًا وخورًا؟
* الشيخ: لا، هذا هو الحكمة في أن الله قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾؛ لأن الإنسان ينال درجة عظيمة عالية من الأخلاق والرزانة والرجولة والثواب، كلها وليس الحظ العظيم هو أن الإنسان يزداد درهمًا ودينارًا؛ الأخلاق هي كل شيء سواء مع الله أو مع عباد الله.
؎وَإِنَّمَا الْأُمَمُ الْأَخْلَاقُ مَا بَقِيَتْ ∗∗∗ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْذَهَبُوا
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾ [فصلت ٣٦] (...)؟
* الشيخ: نعم، السلطان كما تعرف هو الذي يتولى الأمر بسلطته ويغلب، فالشيطان ينزغ حتى عباد الله الصالحين، ولكن ليس له عليهم سلطان، أليس قد تفلت على الرسول عليه الصلاة والسلام شيطان يريد أن يفسد عليه صلاته؟ لكن ما له سلطان، السلطان يقول ويفعل، كما قال ابن الوردي في المنظومة:
؎جَانِبِ السُّلْطَانَ وَاحْذَرْ بَطْشَهُ ∗∗∗ لَا تُخَــــاصِمْ مَــــنْ إِذَا قَــــالَفَعَــــلْ
فالمراد بـ﴿لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر ٤٢] يعني: لا يمكن أن تتسلط عليهم فتغويهم.
* طالب: الذي لا يقدر رد السيئة بمثلها هل يدخل في قوله: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [فصلت ٣٤].
* الشيخ: أيش؟
* طالب: الذي لا يقدر رد السيئة بمثلها هل يدخل في قوله: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾؟
* الشيخ: لا يا أخي، هذا ضعف وجبن، اللي لا يقدر على الانتصار لنفسه هذا لا يُحمد، بل يُقال: هذا ضعيف، بل لا يحمد إلا العفو عند المقدرة والصفح عند المقدرة، أما الإنسان العاجز يجي شخص –مثلًا- ضعيف يضربه ويضربه ويضربه، ويقول: جزاك الله خيرًا، أحسن الله إليك، عفا الله عنك، وهو (...) هل هذا يُحْمد؟! لأنه عاجز.
* * *
* طالب: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فصلت ٣٧- ٣٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [فصلت ٣٦] ما مناسبة هذه الآية لما قبلها؟
* طالب: مناسبة الآية هذه لما قبلها أنه لما ذكر المولى تبارك وتعالى مدافعة العدو من الإنس ذكر مدافعة العدو من الجن.
* الشيخ: أحسنت، أين جواب الشرط في قوله: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾؟
* طالب: قوله: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾.
* الشيخ: قوله: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾، لماذا اقترن الجواب بالفاء؟
* الطالب: لأن ما بعده فعل أمر.
* الشيخ: لأن ما بعده فعل أمر؟ لا ما يكفي هذا.
* طالب: أن الجملة طلبية.
* الشيخ: أن الجملة طلبية.
وفيه قاعدة ذكرها ابن مالك في هذا الموضوع؟
* طالب: قوله:
؎وَاقْرُنْ بِـ(فَا) حَتْمًا جَوَابًا لَوْ جُعِلْ ∗∗∗ شَرْطًا لِـ(إِنْ) أَوْ غَـــيْرِهَا لَمْيَنْــجَعِلْ
* الشيخ: نعم؛ يعني إذا لم يصح مباشرة الجواب لأداة الشرط، فإنه يجب اقترانه بالفاء.
ما معنى الاستعاذة؟
* طالب: الاعتصام بالله.
* الشيخ: الاعتصام بالله.
هل تجوز الاستعاذة بغير الله؟
* طالب: الاستعاذة بغير الله تجوز فيما يقدر عليه.
* الشيخ: مطلقًا؟
* طالب: فيما إذا كان يقدر عليه.
* الشيخ: فيما يقدر عليه؟ توافقون على هذا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، وكذلك الاستغاثة تجوز فيما يقدر عليه، والاستعانة تجوز فيما يُقدر عليه.
قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ (من) هذه للتبعيض وعلامة (من) التبعيضية أن يحل محلها (بعض) يعني: بعض آياته، ﴿اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ وذكرنا وجه كون هذه الأربع من آياته فيما سبق ولا حاجة للإعادة.
﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ الخطاب لجميع العباد، نهاهم أن يسجدوا للشمس أو للقمر؛ لأن من الناس من يعبد الشمس والقمر ويسجد لها، وقد «أخبر النبي عليه الصلاة والسلام «أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، فَإِذَا طَلَعَتْ سَجَدَ لَهَا الْكُفَّارُ»[[أخرجه مسلم (٨٣٢ / ٢٩٤) من حديث عمرو بن عبسة.]]، ومن ثَمَّ نُهِي عن الصلاة في أوقات النهي التي هي قريبة من طلوع الشمس وغروبها.
﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ (اسجدوا لله) المراد بالسجود هنا -والله أعلم- ما هو أعم من السجود الخاص الذي هو وضع الأعضاء السبعة على الأرض؛ أي: إن المراد بالسجود هنا الذُّل كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [الرعد ١٥]، ويحتمل أن يكون المراد به السجود الخاص لقوله: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾، والقاعدة في علم التفسير أنه إذا كان اللفظ يحتمل معنيين أحدهما أوسع وأعم وأشمل فإنه يحمل على الثاني الذي هو أوسع وأعم.
﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ الذي خلق هذه الأشياء، وفي هذا إشارة إلى أن الله هو المستحق؛ لأن يُسجد له؛ لأنه هو الخالق، وأما هذه فهي مخلوقة لا تستحق أن يُسجد لها.
﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت ٣٧] أي: إن كنتم ذوي عبادة لله حقًا فاسجدوا لله ولا تسجدوا للشمس ولا للقمر، وقوله: ﴿إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ العبادة بمعنى الذل، ومنه قولهم طريق معبد، أي: مذلل لمن سلكه ليس فيه وعورة لا طلوع ولا نزول ولا التفاف يمينًا ولا شمالًا، فالطريق المُعَبَّد؛ يعني: المذلل، إذن فالتعبد لله هو التذلل له محبةً وتعظيمًا.
واعلم أن العبادة تطلق على معنيين: المعنى الأول: التعبد لله الذي هو فعل العابد، والمعنى الثاني المُتَعَبَّد به التي هي العبادات، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، بناء على أن المراد بها المتَعَبَّد به، لكن كما قلت لكم هي تطلق على معنيين: على التعبد الذي هو فعل العابد، وعلى المتعبَّد به الذي هو العبادات.
﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ قدم المفعول به؛ لإفادة الحصر؛ لأن من القواعد المقررة في علم البلاغة وغيرها أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، وهذه قاعدة يجب أن تكون لديكم معلومةً: إذا قدم ما حقه التأخير كان ذلك دالًّا على الحصر، فإذا قلت مثلًا: إياك أكرمت. المعنى: لم أكرم غيرك، وقول القائل في سورة الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة ٥] يعني: لا نعبد غيرك ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ يعني: لا نستعين غيرك.
ثم قال تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا﴾ [فصلت ٣٨] يعني: عن عبادة الله والسجود له، فإن الله تعالى غني عنهم (﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا﴾ عن السجود لله وحده ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي: الملائكة ﴿يُسَبِّحُونَ﴾ يصلون ﴿لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ لا يملون) يعني: فإن استكبر هؤلاء عن عبادة الله فلله عباد آخرون، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [الأنعام ٨٩]، ثم على فرض أنه لا يوجد عابد لله فإن الله يقول: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾ [الزمر ٧]، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران ٩٧] فهنا شيئان:
الشيء الأول: أن يستكبر طائفة من المخلوقين عن عبادة الله فإن استكبروا فهناك طائفة أخرى تعبد الله.
الثاني: أن يستكبر الكل، وهذا محال حسب ما نعلم لكن على فرض أن جميع المخلوقات استكبرت عن عبادة الله فالله غني عنهم كل هذا أفصح به القرآن، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾، ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ هذا إذا كفر بعض وآمن بعض، ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [فصلت ٣٨] هذا إذا استكبر بعض وذل بعض، ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ جملة ﴿فَالَّذِينَ﴾ هي جواب الشرط وقرنت بالفاء؛؛ لأن ما بعدها لا يصح أن يكون فعلًا للشرط وهذه قاعدة: إذا كان جواب الشرط لا يستقيم أن يكون فعلًا للشرط وجب اقترانه بالفاء كما قال ابن مالك:
؎وَاقْرُنْ بِـ(فَا) حَتْمًا جَوَابًا لَوْ جُعِلْ ∗∗∗ شَرْطًا لِـ(إِنْ) أَوْ غَــــيْرِهَا لَمْيَنْـجَعِـــــلْ
وقد ذكر بعض الجامعين لما يجب أن يقترن بالفاء، جمع ذلك في بيت هو:
؎اسْمِيَّـــــــةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَــــــامِدٍ ∗∗∗ وَبِمَا وَلَنْ وَبِقَدْ وَبِالتَّنْفِيسِ
﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وهم الملائكة ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ يقول المؤلف: (﴿يُسَبِّحُونَ﴾ أي: يصلون) وهذا له وجهة نظر؛ لأن السياق في السجود، ويمكن أن نقول: يسبحون بما هو أعم من الصلاة؛ أي: يقولون: سبحان الله والحمد لله، وما أشبه ذلك من كل ما فيه تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به، وقوله: ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ﴾ أي: لله، واعلم أن التسبيح معناه التنزيه، فما الذي يُنزه الله عنه؟
يُنزه الله تعالى عن كل نقص، فهو عز وجل مُنزه عن كل نقص لا يمكن أن يعتريه النقص بأي حال من الأحوال.
ثانيًا: يُنزه عن كل نقص في كماله فلا نقص في سمعه ولا بصره ولا قدرته ولا قوته.
الثالث: يُنزه عن مماثلة المخلوقين، فلا يماثل المخلوق أبدًا بأي حال من الأحوال، والتماثل بين الخالق والمخلوق من أكبر المحال.
فما ينزه الله عنه إذن ثلاثة أشياء: الأول النقص، لا يمكن أن يعتريه نقص إطلاقًا، والثاني: النقص في كماله، فكمالاته من علم وقدرة وحياة وسمع وبصر ورحمة وغير ذلك لا يمكن أن يعتريها نقص بأي حال من الأحوال، والثالث: مماثلة -ما نقول: مشابهة- نقول: مماثلة المخلوقين، لاحظوا هذه المسألة، أكثر الذين يُعبِّرون بمثل هذا يعبِّرون بالمشابهة، وهذا ليس بصواب؛ الصواب أن نعبر بما عبر الله به عن نفسه فقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى ١١]، وقال: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النحل ٧٤]، ولم يذكر التشبيه بأي حال من الأحوال.
ولهذا كان التعبير بنفي التمثيل هو الصواب دون التشبيه، دليل هذا أن الله منزه عن كل نقص وعيب، قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل ٦٠] الـمثل؛ يعني: الوصف؛ لأن المثل يُطلق على ذلك، كما في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد ١٥]، ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ ﴿مَثَلُ﴾ بمعنى وصفها، صفتها: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ إلى آخره، فإذا كان الله له المثل الأعلى -أي: الأكمل- لزم أن يكون مُنزهًا عن كل نقص.
أما النقص في كماله فيدل له قوله تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق ٣٨] أي من نقص على أن هذه المخلوقات عظيمة جدًّا ومع ذلك ما لحق الله تعالى فيها نقص، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [الأحقاف ٣٣].
الثالث ما هو؟ مماثلة المخلوقين، يقول الله عز وجل: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى ١١]، ويقول جل وعلا: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل ٧٤]، ويقول تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة ٢٢]، إذن التسبيح بمعنى التنزيه، والذي يُنزه الله عنه ثلاثة أشياء عرفتموها الآن.
﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ (الباء) هنا بمعنى (في)؛ لأن المقصود بالليل يعني: ظرف الليل، وعلى هذا فتكون (الباء) بمعنى (في) كما هي في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات ١٣٧، ١٣٨] (بالليل) يعني: في الليل.
وقوله: ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ يعني إذن كل الوقت يسبحون الله، ويقول عز وجل: ﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ هم مع كونهم مستغرقين الليل والنهار بتسبيح الله ﴿لَا يَسْأَمُونَ﴾ أي: لا يملُّون، وكذلك لا يتعبون؛ لأن الملل يكون من الضجر والتعب وذل النفس أمام ما يتحمله الإنسان هؤلاء الملائكة عليهم الصلاة والسلام ﴿لَا يَسْأَمُونَ﴾.
* في الآيتين فوائد: أولًا: أن لله آيات كثيرة لا تنحصر بآيتين أو ثلاث، ندرك ذلك من قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ وما أكثرها في القرآن الكريم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ [الروم ٢٠]، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [الروم ٢١]، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [الشورى ٢٩]، وهي كثيرة.
* من فوائد الآية الكريمة: أن لله تعالى آيات محسوسة تُعِين على الآيات المعقولة، وهذا من رحمة الله عز وجل أن الله أرى عباده الآيات المحسوسة ليستعينوا بها على الآيات المعقولة، كلٌّ يعلم أن كل حادث لا بد له من مُحدِث، هذه آية عقلية لا ينكرها أحد، ولهذا قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور ٣٥] الجواب: لا هذا ولا هذا، هم ما خلقوا من غير شيء، بل لا بد لهم من خالق، ولا خلقوا أنفسهم، إذن لهم خالق وهو الله عز وجل.
ولهذا لما «سمع جبير بن مطعم هذه الآية وكان من أسرى بدر وسمع النبي ﷺ يقرأ بـ(الطور) وصل هذه بالآية يقول: كاد قلبي يطير»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٠٥٠)، ومسلم (٤٦٣ / ١٧٤) من حديث جبير بن مطعم.]]؛ يعني: عرفت أني على خطأ، وأن المشركين كلهم مخطئون ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ الجواب: لا هذا ولا هذا، فيتعين أن يكون لهم خالق، إذن آيات الله عز وجل إما عقلية وإما سمعية محسوسة، هنا من آياته الليل والنهار الآيات هذه محسوسة ولّا عقلية؟ محسوسة كل يعرف الليل والنهار، وأنه لا يمكن لأحد أن يأتي بهما.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الليل والنهار والشمس والقمر آيات عظيمة، ولهذا نص الله عليهم، والأمر كذلك، هذه الشمس الكوكب العظيم الـمنير الحار لا يمكن لأي مخلوق أن يصنع مثله إطلاقًا، وقد بينا في أثناء التفسير وجه ذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: النهي عن السجود للشمس والقمر؛ لقوله: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ مع أنهما من آيات الله لكنها مخلوقة، والسجود إنما يكون للخالق.
وننتقل من هذا إلى نقطة مهمة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو أن صفات الله عز وجل ليست هي الله، فلا يجوز دعاء الصفة، ولا السجود لصفات الله، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: من دعا صفة من صفات الله فإنه كافر بالاتفاق. يعني لو قال قائل: يا رحمة الله ارحميني. كيف يا رحمة الله ارحميني؟ هل الرحمة شيء بائن عن الله يستطيع أن يرحم أو لا؟! لا، فإذا قلت: يا رحمة الله ارحميني. معناه: أنك جعلت مع الله إلهًا آخر، وهذا كفر.
وكذلك لو قلت: يا قدرة الله أنقذيني، هذا حرام، شرك، قل: يا الله بقدرتك أنقذني. ولا يَرِد على هذا قوله: اللهم برحمتك أستغيث. لأنه ليس المعنى أنني أستغيث بالرحمة وكأني أعتقدها شيئًا مستقلًا، لكن المعنى التوسل إلى الله تعالى برحمته، كأنه يقول: يا رب أغثني برحمتك، فيجب التنبه لهذه المسألة.
ومن ذلك أيضًا -من الخطأ في مثل هذا- قول بعض الناس: شاءت قدرة الله، شاء القدر. هذا حرام لا يجوز، القدرة نفسها ليس لها مشيئة، المشيئة لله عز وجل، أما القدرة فليس لها مشيئة؛ لأنها صفة في موصوف، والشائي والمختار هو الله عز وجل، أما: اقتضت قدرة الله. فهذا صحيح؛ يعني أن من مقتضيات القدرة كذا وكذا، أما المشيئة فلا تكون إلا من شَاءٍ له اختيار، وهذا لا يمكن أن يكون من الصفة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من بلاغة القرآن أنه إذا ذكر الحكم ذكر الدليل العقلي عليه لقوله: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ (اسجدوا لله): هذا واضح أمر شرعي، لكن ﴿الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ دليل كوني قدري على أن المستحق للسجود من؟ الذي خلق هذه الأشياء، كيف تسجدون للشمس والقمر ولا تسجدون لله الذي خلقهن، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة ٢١]، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت ١٥]، لم يقل: أولم يروا أن الله أشد منهم قوة، بل قال: ﴿الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾ ليدل بذلك دلالة عقلية واضحة أنهم دون الله تعالى في القدرة؛ لأن الله هو الذي خلقهم، وهذا من أساليب القرآن المعجزة التي تدل على أنه من لدن حكيم خبير.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على عابدي الشمس والقمر؛ لقوله: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ [فصلت ٣٧]، استنبط بعض العلماء من هذه الآية فائدة، وهي مشروعية صلاة الكسوف، قال: لأن الله قال: ﴿مِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ ولم يقل: لليل والنهار، وذلك لأن الشمس والقمر إذا تغيرتا فقد ينشأ في قلب عابدهما أن يسجد لهما كالتائب، فقال: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾، وهذا الاستنباط فيه شيء من البعد لكنه ليس ممتنعًا أن يكون في ذلك إشارة إلى مشروعية صلاة الكسوف.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يمكن؛ لإنسان يدعي أنه يعبد الله حقًّا أن يسجد لغير الله؛ لقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحدي من أشرك بالله -بأي نوع من الشرك- أن يكون عابدًا حقًّا لله، فالمرائي مثلًا نقول: إنك لم تعبد الله حقًّا، لم تفرده بالعبادة؛ لأنك أردت بعبادتك التقرب إلى المخلوقين، ولهذا قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: التي بعدها أن المستكبرين عن عبادة الله لن يضروا الله شيئًا؛ لقوله: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [فصلت ٣٨].
* ومن فوائدها: كشف تحدي هؤلاء الذين يعبدون غير الله بأنهم إذا عبدوا غير الله فلله من يعبد الله عز وجل.
* ومِن فوائد الآية الكريمة: ما استدل به بعضهم على أن الملائكة أفضل من البشر، وعلل ذلك بأن الملائكة ليس فيهم مشرك؛ لقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأعراف ٢٠٦] وبنو آدم فيهم مؤمن وكافر، والجنس الذي ليس فيهم مشرك خير من الجنس الذي يكون فيه مشرك وموحد، ولكن قد يُعارض هذا الاستدلال، فيُقال: عبادة الجنس الذي فيه مشرك وموحد أفضل من عبادة جنس ليس فيه مشرك؛ وذلك لمشقة التوحيد في جنس فيه مشرك على الموحد، فيكون الموحد من بني آدم أفضل من الملائكة؛ لأنه عبَدَ الله في قوم لا يعبدون الله، أما الملائكة فكلهم يعبدون الله ولا يستكبرون عن عبادته، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ولكل منهم أدلة، لكن جمع شيخ الإسلام رحمه الله بين الأدلة فقال: الملائكة أفضل باعتبار البداية، وصالحو البشر أفضل باعتبار النهاية، وهذا قول لا بأس به، الجمع بين الأدلة الدالة على التفضيل؛ تفضيل الملائكة على البشر والبشر على الملائكة، ولهذا قال السفاريني رحمه الله:
؎وَعِنْدَنَا تَفْضِيلُ أَعْيَانِ الْبَشَرْ ∗∗∗ عَلَى مِـــلَاكِ رَبِّنَا كَمَااشْتَـــــهَرْ
قال -يعني الإمام أحمد-: ومن قال سوى هذا افترى. يعني: مَن قال بغير تفضيل أعيان البشر على الملائكة فهو مفترٍ، لكن الصواب أن نقول كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: أما باعتبار البداية فالملائكة أفضل؛ لأنهم خُلِقوا من نور ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لكن بالنهاية يكون لصالحي البشر من الثواب والأجر والقرب من الله ما ليس للملائكة.
* ومِن فوائد الآية الكريمة: أن للملائكة إرادة، من أين يؤخذ؟
* طالب: ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ﴾ [فصلت ٣٨].
* الشيخ: ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ﴾ ولا تسبيح إلا بإرادة.
ومن هنا نقفز إلى * الفائدة الثانية وهي: أن جميع المخلوقات من الأحجار والأشجار والأنهار والشمس والقمر والسماء والأرض لها إرادة؛ لأنها كلها تسبح الله ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء ٤٤]، وبهذا نَرُد على الذين قالوا: إن قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف ٧٧] -يعني: الجدار- هذا مجاز؛ لأن الجدار ليس له إرادة، فيُقال: من قال لكم إنه ليس له إرادة، بل له إرادة، وميله يدل على أنه أراد، ولقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في أحد: «إِنَّه يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٨٨٩)، ومسلم (١٣٩٣ / ٥٠٤) من حديث أنس بن مالك.]]، والمحبة أخص من الإرادة وأثبتها الرسول عليه الصلاة والسلام للجبل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن بعض أهل العلم استدل بها على علو الله، وأن الأشياء ليست كلها سواءً بالنسبة للقرب منه؛ لقوله: ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾، والعندية تقتضي القرب، وأن بعض المخلوقات إلى الله أقرب من بعض، وهذا لا إشكال فيه، من يقول: إن من كان في الأرض السابعة السفلى هو في القرب إلى الله كالذي في السماء السابعة؟ لا أحد يقول بهذا، أما من جهة الإحاطة بالخلق فلا شك أن القريب والبعيد عند الله على حد سواء، وأما من جهة الواقع فلا شك أن من كان في السماوات أقرب إلى الله ممن كان في الأرض، ولهذا قال: ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾.
أقول إن بعض العلماء استدل بهذه الآية على علو الله، وقال: نحن في الأرض والذين عند الله لا بد أن يكونوا في السماء؛ لأنه لولا علوه لكنا نحن أيضًا عنده، فكونه يقول: ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ يخاطب من في الأرض، يدل على علو الله عز وجل، وهذا لا شك أنه استنباط جيد، لكنا لسنا بحاجة إلى أن نأتي بهذا الدليل الذي قد تخفى دلالته على كثير من الناس.
وعندنا أدلة كثيرة واضحة على علو الله عز وجل: أدلة عقلية وأدلة سمعية وأدلة فطرية على علو الله، ولا أحد ينكر علو الله عز وجل العلو الذاتي إلا مخبول غير عاقل، وهو بين أمرين: إما أن يقول بالحلول وإما أن يقول بالعدم، من أنكر علو الله فهو لا يخرج عن واحد من أمرين: إما أن يقول بالحلول أو بالعدم، وفعلًا التزموا ذلك فالذين أنكروا علو الله انقسموا إلى قسمين: قسم قال: إن الله في كل مكان ولم ينزه الله عز وجل عن الحشوش والأقذار والأنتان والأسواق اللي فيها اللغو والكذب والغش، وهذا -فيما أرى- كفر صريح؛ أن من قال: إن الله بذاته في كل مكان فهو كافر لو مات ما صليت عليه ولا دعوت له بالرحمة؛ لأنه مكذب للقرآن وللأدلة العقلية، وواصم لربه بكل عيب.
ومنهم من يقول: إن الله تعالى ليس داخل العالم، ولا خارج العالم، ولا متصل بالعالم، ولا مباين، ولا محايز، ولا فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، بماذا وصف الله؟ بالعدم، وصف الله بالعدم، لو قيل لنا: صفوا المعدوم ما وصفناه بأكثر من هذا، فيُقال: أين هو؟ ما دام لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عن العالم ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، وين يروح إلا العدم؟!
ولهذا لما قال ابن فورك لمحمود بن سبكتكين رحمه الله: إني لا أقول إن الله فوق العالم ولا داخل العالم ولا تحت إلى آخره، وذكر هذه الأسلوبات، قال: بَيِّن لنا الفرق بين وجود ربك وعدمه، أو كلمةً نحوها؛ يعني معنى أنك إذا وصفت الله بهذه الأوصاف فهذا هو العدم تمامًا.
على كل حال تقرير أن الله تعالى في السماء يعني العلو الذاتي أمر لا إشكال فيه، والعجب أنك تأتي العجوز التي لم تدرس ولم تفهم ولم تعلم وتسألها: أين الله؟ تقول: في السماء. إلا إذا كان الأمر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨ / ٢٢) من حديث أبي هريرة.]]؛ أي إلا إذا كانت عائشةً بين قوم ينكرون العلو، فربما تنكره بناءً على أن البيئة تتغير، أما لو أتينا إلى الإنسان من حيث الفطرة لرأيناه لا يشك في أن الله في السماء.
ولذلك أفحم الهمداني -رحمه الله- أفحم أبا المعالي الجويني حين كان أبو المعالي الجويني ينكر استواء الله على العرش، ويقول: إن الله تعالى كان ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه، يريد أن ينكر استواءه على العرش، استواء الله على العرش دليله عقلي ولّا سمعي؟ سمعي؛ يعني: لولا أن الله أخبرنا أنه استوى على العرش ما علمنا، بخلاف العلو؛ العلو دليله عقلي وسمعي وفطري، وأما هذا فدليله سمعي، قال له الهمداني -رحمه الله- قال له: يا شيخ، دعنا من ذكر العرش، أخبرنا عن هذه الضرورة، فما قال عارف قط: يا الله، إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو، ما قال عارف هذه؛ كلمة (عارف) اصطلاح صوفي، العارف عندهم: هو العالم الواسع العلم العابد الكثير العبادة، ما قال عارف قط: يا الله، إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو، صحيح هذا ولّا لا؟
* طالب: صحيح.
* الشيخ: أي إنسان يقول: يا الله، يجد قلبه يتجه إلى السماء، فصرخ أبو المعالي وجعل يضرب على رأسه، يقول: حيرني الهمداني حيرني، عجز أن يرد على هذا، فنحن نقول والحمد لله: إن العلو أمر لا غموض فيه ولا إشكال فيه ولا ينكره إلا شخص مغموس -والعياذ بالله- بالبدعة، ونحن نرى أنه كافر، وأنه لا تنفعه صلاة ولا صدقة ولا صيام ولا حج، ولو مات ما صلينا عليه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الملائكة مستغرقون الزمن كله في العبادة؛ لقوله: ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ و(الباء) وإن كانت بمعنى الظرف بمعنى (في) التي هي الظرفية لكن فيها نوع من الدلالة على الاستيعاب، كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ﴾، شوف ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء ٢٠].
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قوة الملائكة لقوله: ﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ أي: لا يملون ولا يتعبون مما يدل على قوتهم، والأدلة على قوتهم كثيرة منها قصة سليمان عليه الصلاة والسلام حين جاءه الهدهد بخبر ملكة سبأ أن لها عرشًا عظيمًا، فقال سليمان: ﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل ٣٨]، فـ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ [النمل ٣٩]، وكان له وقت محدد يقوم فيه ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ [النمل ٣٩] جني يبغي يأتيه من أقصى اليمن إلى الشام وهو واحد، ويقول: ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ﴾، يؤكد قوته ﴿أَمِينٌ﴾ لن أخون فيه ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ [النمل ٤٠] الله أكبر، في الحال وجده أمامه ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ [النمل ٤٠]، والفاء تدل على الترتيب والتعقيب، ثم قال: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ﴾، ولم يقل: فلما رآه عنده مستقرًا كأنه وضع في هذا المكان من سنوات مستقر، قال: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ الآن حضر من هناك بلحظة؛ يعني كأن العرش مثلًا على يمينك فنقلته عن يسارك بل أشد، قال أهل العلم: لأن هذا دعا الله عز وجل فحملته الملائكة، والملائكة أقوى من الجن، وهذا لا شك فيه أنهم أقوى من الجن.
﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾، ثم قال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ إلى آخره.
* طالب: قول شيخ الإسلام أن الملائكة أفضل ابتداءً والبشر أفضل انتهاءً (...).
* الشيخ: الملائكة أفضل من حيث البداية؛ لأنهم خلقوا من نور وامتثلوا أمر الله وليس فيهم من يستكبر عن عبادة الله، لكن في النهاية يكون مآل البشر أفضل، حتى الملائكة عملهم في يوم القيامة أنهم يدخلون عليهم من كل باب يهنئونهم يقولون: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد ٢٤] ولا ينالون من النعيم مثل ما يناله المؤمنون.
* طالب: (...) تفضيل صالحي البشر على الملائكة؟
* الشيخ: لا، على سبيل العموم لا.
* طالب: لا، على سبيل التعيين لصالحي البشر.
* الشيخ: (...) صالحي البشر ما يمكن، حتى صالحي البشر الجنس هذا فيه الكافر والمؤمن.
* طالب: في مسألة عدم عبادة صفات الله ذكرتم أنه لا يجوز، وأيضًا هناك عبارة شائعة بين العامة ألا وهو قولهم: نشكر فضل الله، أو عبارة نحوها ما أذكرها الآن؛ يعني يشكرون فضل الله عز وجل.
* الشيخ: اذكر الآن عشان نعرف.
* طالب: نحمد الله ونشكر فضله.
* الشيخ: إي، أليس الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ [النحل ١١٤]؟!
* طالب: نعم.
* الشيخ: والمراد نعمة الله المخلوقة، ما هي الصفة؛ يعني: ما أنعم الله، كذلك أشكر فضل الله ليس معناه أني أجعل هذه الصفة مشكورة، لكن هذا الفضل الذي مَنَّ الله به علي أشكر الله عليه.
* طالب: يعني جائزة هذه العبارة؟
* الشيخ: ما فيها شيء.
* طالب: قولنا يا شيخ: ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ بأن (الباء) هنا بمعنى (في) علماء البصرة الذين ينكرون أن تقوم الحروف بعضها ببعض، ما يقولون بالتضمين، كيف تجيبون على مثل هذه الآيات؟
* الشيخ: إحنا -بارك الله فيك- لدينا قاعدة، أنه إذا دل القرآن على شيء جائز فلا عبرة بمن خالف، هذه واحدة.
ثانيًا: إذا اختلف النحويون في مسألة فإننا نتبع الأسهل، ما فيه دليل شرعي مثلًا يؤيد هؤلاء أو هؤلاء فنتبع الأسهل، وأنا قد أعطيت طلابنا هذه القاعدة؛ على أنكم إذا رأيتم علماء البصرة وعلماء الكوفة مختلفين في شيء فاتبعوا الأسهل، وقولوا: الحمد لله على الراحة، خذ هذه القاعدة -إن شاء الله- معك عشان تحملها إلى قومك.
* طالب: (...) لأن شيخ الإسلام يُغلِّط..
* الشيخ: لا، هذه ما يُغلِّط بمثل هذه، شيخ الإسلام يُغلِّظ فيما إذا ضُمِّن الفعل معنًى يناسب حرف الجر، مثل: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان ٦] منهم من يقول: (بها) إن الباء بمعنى (من) يشرب منها عباد الله، ونحن نقول: لا، الأولى أن تضمن الفعل معنًى يناسب الحرف، أما الآيات التي معنا ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ﴾ فلا تستقيم.
* طالب: أحسن الله إليك، الذين يقولون: الله ليس داخل العالم ولا خارجه ولا كذا (...) ولا نصلي عليهم؟
* الشيخ: لا، هذه والله ما أستطيع أني أحكم عليهم بالكفر.
* طالب: الأدلة عقلية يا شيخ على علو الله (...).
* الشيخ: إي، ما يخالف، لكن هم يقولوا: ما ننكر علو الله لكن نفسره بالعلو المعنوي، يعني أنه عالي القدرة عالي السمع عالي البصر، وما أشبه ذلك.
* طالب: (...) تقول عن السحر بأنه علم، واستدلوا بهذه الآية ﴿الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ فكيف نرد على هؤلاء الناس؟
* الشيخ: السحر؟ نحن نقول: السحر علم، أليس الله تعالى قال عن الملكين: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ [البقرة ١٠٢] ما فيه إشكال أنه علم.
* طالب: يستدلون بهذه الآية.
* الشيخ: لا، هذا ما هو بصحيح، يعني كأنهم يريدون أن هذا ساحر؟! الذي عنده علم من الكتاب قال: ﴿عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [النمل ٤٠] ما قال: علم من السحر، ثم إن السحر لا يمكن أن يغير الحقائق، السحر يخيل الأشياء، يعني بمعنى أنه يجعل المسحور يرى الساكن متحركًا والمتحرك ساكنًا، أما أن (...).
{"ayahs_start":37,"ayahs":["وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِ ٱلَّیۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُوا۟ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ","فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فَٱلَّذِینَ عِندَ رَبِّكَ یُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا یَسۡـَٔمُونَ ۩"],"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِ ٱلَّیۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُوا۟ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق