الباحث القرآني
﴿ومِن آياتِهِ﴾ الدّالَّةِ عَلى شُؤُونِهِ الجَلِيلَةِ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿اللَّيْلُ والنَّهارُ﴾ في حُدُوثِهِما وتَعاقُبِهِما وإيلاجِ كُلٍّ مِنهُما في الآخَرِ ﴿والشَّمْسُ والقَمَرُ﴾ في اسْتِنارَتِهِما واخْتِلافِهِما في قُوَّةِ النُّورِ والعِظَمِ والآثارِ والحَرَكاتِ مَثَلًا، وقُدِّمَ ذِكْرُ اللَّيْلِ قِيلَ: تَنْبِيهًا عَلى تَقَدُّمِهِ مَعَ كَوْنِ الظُّلْمَةِ عَدَمًا، وناسَبَ ذِكْرُ الشَّمْسِ بَعْدَ النَّهارِ لِأنَّها آيَتُهُ وسَبَبُ تَنْوِيرِهِ ولِأنَّها أصْلٌ لِنُورِ القَمَرِ بِناءً عَلى ما قالُوا مِن أنَّهُ مُسْتَفادٌ مِن ضِياءِ الشَّمْسِ، وأمّا ضِياؤُها فالمَشْهُورُ أنَّهُ غَيْرُ طارِئٍ عَلَيْها مِن جِرْمٍ آخَرَ، وقِيلَ: هو مِنَ العَرْشِ، والفَلاسِفَةُ اليَوْمَ يَظُنُّونَ أنَّهُ مِن جِرْمٍ آخَرَ وادَّعَوْا أنَّهم يَرَوْنَ في طَرَفٍ مِن جِرْمِ الشَّمْسِ ظُلْمَةً قَلِيلَةً لا ﴿تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ﴾ لِأنَّها مِن جُمْلَةِ مَخْلُوقاتِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى اَلْمُسَخَّرَةِ عَلى وفْقِ إرادَتِهِ تَعالى مِثْلِكم ﴿واسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ الضَّمِيرُ قِيلَ لِلْأرْبَعَةِ المَذْكُورَةِ والمَقْصُودُ تَعْلِيقُ الفِعْلِ بِالشَّمْسِ والقَمَرِ لَكِنْ نَظَمَ مَعَهُما اللَّيْلَ والنَّهارَ إشْعارًا بِأنَّهُما مِن عِدادِ ما لا يُعْلَمُ ولا يُخْتارُ ضَرُورَةً أنَّ اللَّيْلَ والنَّهارَ كَذَلِكَ ولَوْ ثُنِّيَ الضَّمِيرُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إشْعارٌ بِذَلِكَ.
وحُكْمُ جَماعَةِ ما لا يَعْقِلُ - عَلى ما قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ - حُكْمُ الأُنْثى فَيُقالُ: الأقْلامُ بَرَيْتُها وبَرَيْتُهُنَّ فَلا يُتَوَهَّمُ أنَّ الضَّمِيرَ لَمّا كانَ لِلَّيْلِ والنَّهارِ والشَّمْسِ والقَمَرِ كانَ المُناسِبُ تَغْلِيبَ الذُّكُورِ، والجَوابُ بِأنَّهُ لَمّا كُنَّ مِنَ الآياتِ عُدَّتْ كالإناثِ تَكَلُّفٌ عَنْهُ غِنًى بِالقاعِدَةِ المَذْكُورَةِ. نَعَمْ قالَ أبُو حَيّانَ: يَنْبَغِي أنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ جَمْعِ القِلَّةِ مِن ذَلِكَ وجَمْعِ الكَثْرَةِ فَإنَّ الأفْصَحَ في الأوَّلِ أنْ يَكُونَ بِضَمِيرِ الواحِدِ تَقُولُ الأجْذاعُ انْكَسَرَتْ عَلى الأفْصَحِ في الثّانِي أنْ يَكُونَ بِضَمِيرِ الإناثِ تَقُولُ الجُذُوعُ انْكَسَرْنَ وما في الآيَةِ لَيْسَ بِجَمْعِ قِلَّةٍ بِلَفْظٍ واحِدٍ لَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنزِلَةَ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِهِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلشَّمْسِ والقَمَرِ والِاثْنانِ جَمْعٌ وجَمْعُ ما لا يَعْقِلُ يُؤَنَّثُ، ومِن حَيْثُ يُقالُ شُمُوسٌ وأقْمارٌ لِاخْتِلافِهِما بِالأيّامِ واللَّيالِي ساغَ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلَيْهِما جَمْعًا، وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْآياتِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُها في قَوْلِهِ تَعالى: ( ومِن آياتِهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ ) فَإنَّ السُّجُودَ أقْصى مَراتِبِ العِبادَةِ فَلا بُدَّ مِن تَخْصِيصِهِ بِهِ عَزَّ وجَلَّ، وكانَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ. وابْنُ مَسْعُودٍ يَسْجُدانِ عِنْدَ ( تَعْبُدُونَ ) ونُسِبَ القَوْلُ بِأنَّهُ مَوْضِعُ السَّجْدَةِ لِلشّافِعِيِّ، وسَجَدَ عِنْدَ ﴿لا يَسْأمُونَ﴾ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ عُمَرَ وأبُو وائِلٍ وبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ وهْبٍ ومَسْرُوقٍ والسُّلَمِيِّ والنَّخَعِيِّ وأبِي صالِحٍ وابْنِ وثّابٍ والحَسَنِ وابْنِ سِيرِينَ وأبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم، ونَقَلَهُ في التَّحْرِيرِ عَنِ الشّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ وفي الكَشْفِ أصَحُّ (p-126)الوَجْهَيْنِ عِنْدَ أصْحابِنا - يَعْنِي الشّافِعِيَّةَ - أنَّ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ ﴿لا يَسْأمُونَ﴾ كَما هو مَذْهَبُ الإمامِ أبِي حَنِيفَةَ، ووَجْهُهُ أنَّها تَمامُ المَعْنى عَلى أُسْلُوبِ اسْجُدْ فَإنَّ الِاسْتِكْبارَ عَنْهُ مَذْمُومٌ، وعَلَّلَهُ بَعْضُهم بِالِاحْتِياطِ لِأنَّها إنْ كانَتْ عِنْدَ ( تَعْبُدُونَ ) جازَ التَّأْخِيرُ لِقَصْرِ الفَصْلِ، وإنْ كانَتْ عِنْدَ ﴿يَسْأمُونَ﴾ لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُها
{"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِ ٱلَّیۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُوا۟ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق