الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء ١٦٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، سبق لنا في الآية التي قبل هذه، بل في الآيتين ما يدل على إثبات الأسباب؟
* طالب: لقوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾.
* الشيخ: وجه الدلالة؟
* الطالب: الباء للسببية.
* الشيخ: أن الباء للسببية، وسبق لنا أيضًا أن الإنسان قد يحرَم الطيبات بطريق شرعي أو بطريق كوني لأجل ظلمه؟
* طالب: لقوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ﴾، قوله: ﴿حَرَّمْنَا﴾ بسبب ظلمهم.
* الشيخ: التحريم هذا شرعي ولّا قدري؟
* الطالب: شرعي.
* الشيخ: لكن بالقياس؟
* الطالب: هناك من تحريمه قدري.
* الشيخ: يحرم الإنسان الطيبات تحريمًا قدريًّا، فمثلًا في شريعتنا لا يمكن أن تحرم الطيبات تحريمًا شرعيًّا؛ لأنه انتهى وقت التحليل والتحريم، لكن قد يحرم الإنسان إياها تحريما قدريًّا لمرض أو غيره.
قوله: ﴿بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ هل (صد) هنا من الفعل اللازم أو من الفعل المتعدي؟
* طالب: لأنه من الفعل اللازم والفعل المتعدي.
* الشيخ: فسرها على كلا الاحتمالين؛ إذا كانت من اللازم فما معناها؟
* طالب: إذا كان من اللازم: فصدوا بأنفسهم.
* الشيخ: إذا كان من اللازم فالمعنى أنهم صدوا بأنفسهم.
* الطالب: وإذا كانت متعدي فإنهم صدوا غيرهم.
* الشيخ: صدوا غيرهم، بارك الله فيك، على هذا الاختلاف ينبني إعراب ﴿كَثِيرًا﴾ كيف تعرب: كثيرًا؟
* طالب: إن أعربناها على أنها فعل لازم يكون ﴿كَثِيرًا﴾ مفعولًا به، وإن كانت متعديًا فـ﴿كَثِيرًا﴾ وصف.
* الشيخ: إن كانت (صد) من اللازم فـ﴿كَثِيرًا﴾؟
* الطالب: من اللازم؟
* الشيخ: أيوه، فـ﴿كَثِيرًا﴾؟
* الطالب: وصف.
* الشيخ: المعنى؟
* الطالب: وبصدهم عن سبيل الله صدًّا كثيرًا، عما كان صدهم غيرهم يعني خلقًا كثيرًا، فتصير وصفًا لـ(خلقًا).
* الشيخ: لكن وصف لأيش؟
* الطالب: لـ(خلقا) المحذوف.
* الشيخ: للمحذوف، المعنى صدهم عن سبيل الله خلقا كثيرا، يعني: مفعول به، وعلى الأول تكون صفة لمصدر محذوف، وإن شئت فقل: مفعولًا مطلقًا.
﴿أَخْذِهِمُ الرِّبَا﴾ أيش طريقة أخذهم الربا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني تناولهم الربا، سواء أكلوه أو لبسوه أو استعملوه في منافع أخرى، أيّها أعمّ: يأكلون الربا أو يأخذون الربا؟
* الطالب: يأخذون.
* الشيخ: هل تستطيع أن تبين لنا ما هو الربا؟
* طالب: الربا في اللغة: الزيادة، وفي الاصطلاح: زيادة مقدَّرة في أشياء مقدرة.
* الشيخ: زيادة مقدرة في أشياء مقدرة، في زمن مقدر على وجه مقدر، ما أتيت بشيء.
* الطالب: زيادة مقدرة في أشياء معلومة.
* الشيخ: زيادة في أشياء معلومة أو نسأ؟
* الطالب: في أشياء معلومة.
* الشيخ: إذا قلت لك: ما هي الأشياء المعلومة؟
* الطالب: الذهب، والفضة، والبر، والتمر، والملح.
* الشيخ: خمسة هذه؟
* الطالب: والشعير.
* الشيخ: هل يقاس عليها غيرها؟
* طالب: بينها خلاف في (...)
* الشيخ: قل، فصِّل.
* الطالب: منهم من قال: إن العلة في هذه المسألة.
* الشيخ: أما عند الظاهرية فلا يقاس عليها غيرها؛ لأن القياس عندهم ليس دليلًا شرعيًّا، وعلى رأي القياسيين؟
* الطالب: يقاس عليها غيرها، ولكن اختلفوا في العلة.
* الشيخ: خطأ، نعم.
* طالب: أن القياسيين اختلفوا، قال ذلك ابن عقيل الحنبلي، قال: إذا اختلفوا في العلة فنرجع إلى الأقوال، ونبقى على الأصل.
* الشيخ: يعني عند القياسيين منهم من يقتصر عليها، بناء على اختلافهم في العلة، وليس هناك نص يفصل فتساقط الأقوال.
* الطالب: وعند الآخرين منهم يقاس عليها، واختلفوا في العلة.
* الشيخ: إي نعم، أحسنت، بارك الله فيك. ما هو الضابط لأكل أموال الناس بالباطل؟
* طالب: الباطل هو ما يخالف الحق، كل ما أخذ أموالًا بغير حق فقد أكله بالباطل.
* الشيخ: الغش، إذا غش فزادت السلعة، فهل هذا أكل المال بالباطل؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: لأنه.
* طالب: لأنه أخذه بغير حق.
* الشيخ: الزائد بغير حق، إذا قال: قيمة هذه السلعة بمئة، وهي لم تسم، فاشتراها المشتري بمئة، هل يكون هذه الزيادة من أكل المال بالباطل؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: ثم قال الله عز وجل استدراكا على ما مضى من وصف هؤلاء الذين هادوا بما ذكر، قال: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾، فـ(لكن) هنا حرف استدراك على ما مضى من أوصافهم، و ﴿الرَّاسِخُونَ﴾ اسم فاعل من رسخ إذا ثبت، ومنه رسوخ الشجرة، رسوخ أساس البنيان وما أشبه ذلك؛ لأنه يثبت ولا يتزعزع.
﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾، ﴿فِي الْعِلْمِ﴾ المراد به هنا العلم الشرعي، فـ(أل) فيه للعهد الذهني؛ لأن الرسوخ في غير العلم الشرعي لا يمدح صاحبه ولا يذم، بل هو على حسب ما يؤدي إليه ذلك الرسوخ، وقوله: ﴿مِنْهُمْ﴾ أي من الذين هادوا. ونمثل لهذا بمن؟
* طلبة: عبد الله بن سلام.
* الشيخ: بعبد الله بن سلام؛ فإنه كان حبرًا من أحبار اليهود وآمن بمحمد ﷺ.
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ قوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ هي عطف على قوله: ﴿الرَّاسِخُونَ﴾ لكن هل المراد بذلك الراسخون في العلم الذين أثمر علمهم الإيمان، فتكون من باب عطف الصفة على الصفة، وعطف الصفة على الصفة جائز باللغة العربية؛ كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ [الأعلى ١ - ٤]، أو إن المؤمنين هنا غير الراسخين في العلم، والمراد بهم المؤمنون من المهاجرين والأنصار، أي من هذه الأمة، فيكون العطف من باب عطف المتباينين المتغايرين؟
ذكروا في هذا قولين، ولا يبعد أن يكون القولان كلاهما صحيح.
وقوله: ﴿الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ وهو القرآن، والمنزل له هو الله عز وجل؛ كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾ [النحل ١٠٢] فالمنزل هو الله عز وجل، والمنزل إليه محمد ﷺ، والنازل هو القرآن، إذن (ما) اسم موصول يعود على؟
* طالب: على القرآن.
* الشيخ: القرآن، ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ من الكتب السابقة، فيؤمنون بأن الله أنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، والصحف على ابراهيم، وكذلك على موسى، ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ المقيمين الصلاة: الذين يأتون بها على وجه الاستقامة والتمام؛ بأن يأتوا بها تامة الشروط والأركان والواجبات، ويكملونها بالمستحبات، والمراد بالصلاة هنا عموم الصلوات، فيشمل الفرائض والنوافل.
وفي الآية إشكال من حيث الإعراب؛ حيث جاءت ﴿الْمُقِيمِينَ﴾ بالياء بين مرفوعات: مرفوع سابق ومرفوع لاحق، فأشكل على بعض الناس كيف جاءت هذه الكلمة بين المرفوعات على أنها بالياء؛ فقيل: إن قوله: ﴿الْمُقِيمِينَ﴾ معطوف على قوله: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ أي والمؤمنين بالمقيمين الصلاة، والمراد بهم الملائكة؛ لأن النبي ﷺ أخبر أنه ما في السماء موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد[[أخرجه الترمذي (٢٣١٢)، وابن ماجه (٤١٩٠) من حديث أبي ذر الغفاري.]]، فكأنه قال: والمؤمنين بمن؟ بالملائكة.
وقيل: إن (المقيمين) هنا وصف عام يشمل كل من أقام الصلاة من الملائكة وغيرهم، وأنه نص على مقيمي الصلاة لأهميتها، ولأنها آكد أفعال البدن من العبادات، فعلى هذا تكون منصوبة، لا مجرورة، ونصبت على المدح، أي أمدح المقيمين الصلاة، فعاملها إذن محذوف، والتقدير: وأمدح المقيمين بالصلاة، وإنما جاء القطع حيث نصبت بفعل محذوف لفائدتين:
الفائدة الأولى: معنوية، وهي بيان العناية بإقام الصلاة.
والفائدة الثانية: الانتباه؛ وذلك لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فإن الإنسان ينسجم معه ولايكون هناك شيء يوجب وقوفه، لكن إذا اختلف توقف، لماذا جاءت هذه الكلمة على هذا الوجه مخالفة لغيرها من الكلمات.
إذا ففيه فائدتان: إحداهما معنوية، والثانية لفظية، المعنوية هي أن في ذلك إشارة إلى أهمية الصلاة والعناية بها، والثاني: اللفظية، هي مراعاة الانتباه، أي أن الإنسان إذا اختلف عليه اللفظ فسوف أيش؟ يتوقف وينتبه، وهذا بلا شك خير ممن قال: إن هذا غلط من الكتاب كما قاله بعضهم -والعياذ بالله- وقال: إن الذين كتبوا المصحف أخطؤوا فقالوا: والمقيمين، وإنها على قراءة ابن مسعود: ﴿وَالْمُقِيمُونَ﴾ فهي الصواب، لكن هذا لا يستقيم إطلاقًا، كيف يمكن للأمة الإسلامية أن يبقى الغلط في القرآن الكريم ولا يغير؟ وكيف يلتئم هذا مع قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر ٩]، والحقيقة أن الغالط هو القائل بهذا، وأنه أبعد النجعة وأخطأ خطأ عظيمًا، بل الفائدة كما قلت لكم.
إذن يبقى النظر هل نقول: إن ﴿الْمُقِيمِينَ﴾ بالجر والمعنى: يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالمقيمين الصلاة وهم الملائكة؟ أو إنها منصوبة على تقدير فعل محذوف؟ الثاني أولى، وإن كان الأول فيه احتمال، لكن الثاني هو الراجح، والحكمة من ذلك -أي من القطع- ما ذكرنا لكم: لفظية ومعنوية.
﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ معطوفة على أيش؟ قيل: إنها مستأنفة وإن الخبر قوله: ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، وقيل: إنها معطوفة على ما سبق؛ لقوله: ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾، يعني ﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾، لكن الأقرب أنها مستأنفة؛ لوجود الفاصل بينها وبين المعطوف عليه، وهو قوله: ﴿الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾.
وقوله: ﴿الْمُؤْتُونَ﴾ أي المعطون، و﴿الزَّكَاةَ﴾ أي النصيب المقدر في الأموال الزكوية، وعلى هذا فالمراد بذلك زكاة المال، وقيل: المراد بذلك زكاة البدن؛ لقول الله تعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت ٦، ٧] والمراد بذلك زكاة البدن، لكن الأول أقرب إلى الصواب؛ لأن الله تعالى يقرن دائمًا بين إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (١٦٢) إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١٦٢ - ١٦٥].
* الشيخ: يقول الله عز وجل: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ يعني: المعطونها لمستحقها، والزكاة مال فرضه الله تعالى في أموال معينة، تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء.
وقوله: ﴿الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الإيمان بالله ليس هو التصديق فقط؛ لأن مجرد التصديق لا يسمى إيمانًا، ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمنًا، مع كونه مصدقًا للرسول عليه الصلاة والسلام، بل الإيمان هو الإقرار التام المستلزم للقبول والإذعان، فلا بد من إقرار القلب الإقرار التام، ولا بد من القبول، قبول ما جاءت به الشريعة، ولا بد من الإذعان حتى يتم الإيمان. والإيمان بالله يتضمن الإيمان بوجوده وبربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وتفرده في ذلك، وهذا قد مضى كثيرًا مشروحًا مبينًا، الإيمان باليوم الآخر، اليوم الآخر هو: يوم القيامة، ووصف بالآخر لأنه لا يوم بعده، فهو آخر مراحل الإنسان؛ لأن الإنسان له أربع مراحل بعد أن يكون إنساناً:
المرحلة الأولى: في بطن أمه، والثانية: في الدنيا، والثالثة: في البرزخ، والرابعة: يوم القيامة.
ولهذا يسمى اليوم الآخر، وليس الآخر هو البرزخ الذي بين الحياة والموت كما يفهم من تعبير بعض الناس، حين يصف الميت بأنه انتقل إلى مثواه الأخير، فإن هذا ليس بصحيح، بل المثوى الأخير هو يوم القيامة؛ إما الجنة وإما النار.
الإيمان باليوم الآخر لا يتضمن أن تؤمن بأن الناس سيبعثون فقط، بل له علاقات أو متعلقات كثيرة، حددها ابن تيمية رحمه الله شيخ الإسلام في قوله: يدخل في الإيمان باليوم الآخر كل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت، كفتنة القبر، وعذاب القبر، ونعيم القبر، وما أشبه ذلك، فإنه يدخل في الإيمان باليوم الآخر؛ لأن الموت آخر ما للإنسان في الدنيا، فإن من مات قامت قيامته، والإيمان باليوم الآخر يتضمن استقامة الإنسان على دين الله؛ لأنه يخاف اليوم الآخر، ويرجو اليوم الآخر؛ كما قال تعالى: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب-٢١]، فهو يخاف اليوم الآخر ليتجنب المعصية، ويرجو اليوم الآخر فيقوم بالطاعة، ولهذا يقرن الله تبارك وتعالى دائمًا بين الإيمان به والإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يحمل على الاستقامة، أو على تمام الاستقامة.
﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ فيها قراءتان ﴿سَيُؤْتِيهِمْ﴾ و﴿سَنُؤْتِيهِمْ﴾، ﴿سَيُؤْتِيهِمْ﴾ جار على نسق الكلام؛ لأن نسق الكلام كله للغائب ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَيُؤْتِيهِمْ﴾ أي: الله ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ ، فالقراءة بالياء -وهي سبعية صحيحة- هي على نسق السياق، وأما القراءة بالنون ففيها انتقال من الغيبة إلى الحضور إلى المتكلم، والانتقال -ويسمى الالتفات- له فائدة؛ وهي تنبيه المخاطب لما سيأتي بعد؛ لأنه إذا تغير نسق الكلام فلا بد أن يتوقف الإنسان: ما هو السبب الذي تغير به الكلام، وحينئذ ينتبه للمعنى أكثر ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. أما عد الفوائد الأخرى التي تفرع على الالتفات فكل مقام يذكر له ما يناسبه، فهنا ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ﴾ يكون تكفلًا صريحًا من الله عز وجل بأنه سيؤتيهم أجرًا عظيمًا، والتكفل الصريح وإضافة الشيء إلى النفس أبلغ من إضافته إلى الغائب ﴿سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، يعرب لنا ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ الأخ؟
* طالب: (..) مفعول به.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: (أجرًا).
* الشيخ: و(عظيمًا)؟
* الطالب: صفة.
* الشيخ: طيب مفعول به فقط نقول؟
* طالب: ﴿سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا﴾ مفعول ثان.
* الشيخ: وأين المفعول الأول؟
* طالب: المفعول الأول الهاء في (هُم).
* الشيخ: طيب الهاء أو (هُم)، الهاء صحيح، و(هُم) ما أدري من أين جاءت.
* الطالب: على رأي بعضهم.
* الشيخ: لكن بس (هُم) والهاء مكسورة عندنا.
* الطالب: بعضهم يعرب تعرب الهاء مفعولًا أول والميم للجمع، وبعضهم يعرب (هُم) مفعولًا أول.
* الشيخ: بس (هُم) ما هو لفظ الآية: ﴿سَنُؤْتِيهِمْ﴾، تقول: (هِم) مفعول أول. على كل حال الصحيح الراجح أن الضمائر؛ ضمائر الغيبة في غير ضمائر الرفع يعرب الضمير وحده فقط والباقي علامة.
هل هذان المفعولان أصلهما المبتدأ والخبر؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: أصلهما المبتدأ والخبر.
* طالب: (...) أصله المبتدأ.
* الشيخ: كيف؟ وهل هناك شيء ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر؟
* الطالب: (...) فلو جردنا الفعل والفاعل لم يجب أن يكون مبتدأ.
* الشيخ: مبتدأ، طيب.
﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ﴾ أي سنعطيهم ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي ثوابا ﴿عَظِيمًا﴾ أي ذا عظمة. واعلم أن العظيم إذا عظم الشيء فإنه يكون فوق ما يتصور، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٤٤)، ومسلم (٢٨٢٤ / ٢) من حديث أبي هريرة.]].
* في الآية الكريمة فوائد: منها تمام عدل الله عز وجل، وأنه إذا حكم بحكم عام يختص أفراده بخلاف ذلك الحكم فلا بد أن يذكرها. نأخذ هذا من كلمة (لكن) الاستدراكية، بعد أن حكم عليهم بما حكم من أخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل قال: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ﴾، وهذا تمام العدل أن يذكر الخير والشر، سواء كان ذلك الخير والشر بالنسبة للطائفة، أو كان ذلك الخير والشر بالنسبة للواحد، فمن أراد تقويم شخص فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه، أما من أراد أن يبطل ما يقوله من باطل فهنا لا يلزم بأن يذكر المحاسن؛ لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يرفع الرد عليه والتنفير منه، ويوجب العطف عليه، فهنا يفرق بين شخص يريد أن يقوم شخصًا، فهنا لا بد أن يذكر المعايب والمحاسن، وبين إنسان يريد أن يرد على شخص باطله، فليذكر الباطل ولا يذكر المحاسن؛ لأنه لو ذكر المحاسن ضعف جانب الرد عليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة الرسوخ في العلم، وانتبهوا لكلمة الرسوخ لمعناها أيش؟ الثبوت والاستقرار؛ وذلك لأن العلم علمان: علم طاف، بمعنى أنه على السطح، أي ريح تزعزعه، وهذا ما يكون عند كثير من الطلبة، تجد كثيرًا من الطلبة يجمع العلوم دفعة واحدة، فيكون كالطبيب العام ليس له اختصاص في شيء، وبعض الطلبة يركز ويحرص، فهذا هو الذي يدرك العلم ويكون عنده قدرة وملكة، حتى إن بعض العلماء زعم أن من نبغ في فن من الفنون كان مدركًا لجميع الفنون.
ولا يخفى على بعضكم ما ذكر عن محاجة أبي يوسف مع الكسائي حين تناظرا عند الرشيد، وكان الكسائي يزعم أن كل من أتقن علمًا إتقانًا تامًّا أمكنه أن يدرك جميع العلوم، فقال له أبو يوسف: ما تقول فيمن سها في سجود السهو؟ قال: أقول لا سجود عليه. قال: من أين أخذت هذا من علمك؟ والكسائي معروف بأيش؟ بعلم النحو، قال: أخذته من علمي هو أن القاعدة عندي أن المصغر لا يصغَّر. سجود السهو على زعمه مصغر، فلا يصغر.
على كل حال، هذه القصة الله أعلم هل هي مصنوعة أو حقيقة، ولكنها غير صحيحة، ما فيه شك أنها غير صحيحة، إنما قصدي أن أقول: أن الرسوخ في العلم هو العلم، ومن ثم كنت أقول دائمًا لطلاب العلم: احرصوا على القواعد؛ قواعد العلم وضوابط العلم؛ وذلك لأن الجزئيات لا حصر لها، كل يوم يخرج للناس معاملة جديدة أو حدث جديد في العبادات، لا يمكن للإنسان أنه يحكم عليها حكمًا صحيحًا إلا إذا كان عنده قواعد وأصول، يلحق هذه الجزئيات بأصولها وقواعدها، أما من يأخذ العلم مسألة مسألة فهو كالذي يلقط الجراد من الصحراء يتعب ولم يملأ الكيس، لكن الإنسان اللي يحرص على القواعد هذا هو الذي بإذن الله يدرك العلم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن العلم سبب للإيمان؛ لقوله: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾، ولا شك أنه كلما ازداد الإنسان علمًا ازداد إيمانًا وبصيرة بتوفيق الله عز وجل، فعليك بالعلم، عليك بالعلم، واحذر الشبهات والجدال، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما أُوتِي قومٌ الجَدَلَ إلا ضَلُّوا[[أخرجه الترمذي (٣٢٥٣)، وابن ماجه (٤٨) من حديث أبي أمامة: بلفظ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ» ولم نقف عليه من حديث ابن مسعود.]]، ولهذا نجد أهدى الناس طريقًا وأقلهم تكلفًا هم الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن الجدال عندهم قليل ولا يلجؤون إليه إلا عند الضرورة، أما كون الإنسان كلما فهم مسألة ذهب يورد عليها في قلبه أو على غيره ما لا يكون واردًا فهذا من التكلف والتنطع، وهو سبب للحرمان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من أهل الكتاب من هو راسخ في العلم مؤمن بالله؛ لقوله: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ أي من أهل الكتاب.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يمكن أن يتم الإيمان إلا بالإيمان بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ فكل إنسان يدعي أنه مؤمن ولا يؤمن بما أنزل على محمد فإنه كافر وكاذب في دعواه؛ لأن دين الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ ناسخ لجميع الأديان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات رسالة الرسول ﷺ، منين؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من (ما) ولّا (أنزل) ولا (الكاف)؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: من الكاف، نعم ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن القرآن كلام الله.
* طالب: يقول الله سبحانه وتعالى: (...) أن القرآن ليس ذاتًا مستقلة بنفسها، وإنما هو صفة.
* الشيخ: الكلام صفة للمتكلم، فيقتضي أن يكون الله هو الذي تكلم به، وهو كذلك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا بد من الإيمان بما أنزل على محمد ﷺ وما أنزل من قبله؛ لقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾، ولهذا جاء في الآية في سورة البقرة: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة ٢٨٥].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الإشارة إلى أنه لا نبي بعد محمد، تؤخذ؟
* طلبة: ﴿مِنْ قَبْلِكَ﴾.
* الشيخ: ﴿مِنْ قَبْلِكَ﴾ ولم يقل: من بعدك، وهذا هو الواقع، لكن الآية فيها الإشارة وليس فيها الصريح.
* ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة؛ لأن الله تعالى نص عليهما من بين سائر الأعمال. وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قرينان في كتاب الله، ولولا حديث أبي هريرة في مانع الزكاة وأنه «يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»[[أخرجه مسلم (٩٨٧ / ٢٤) من حديث أبي هريرة.]] لقلنا: إن تارك الزكاة كافر، كما قلنا ذلك في تارك الصلاة، لكن ليس لنا أن نكفر من دلت النصوص على عدم كفره، كما أنه ليس لنا أن نتهيب الكفر فيمن دلت النصوص على كفره؛ لأننا نحن متعبدون بقول الله ورسوله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، ونص على الإيمان بهذا مع أنه داخل في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ لأهميته؛ لأن مدار الإيمان كله يا إخوان، مدار الإيمان كله على الإيمان بالله؛ لأننا نؤمن بأن الرسل من؟ رسل الله، الكتب؟ كتب الله، الملائكة؟ عباد الله، وهلم جرًّا. الركيزة الأولى كلها هي الإيمان بالله عز وجل، وما بعده فيعتبر فروعًا أو جهات متعددة من الإيمان بالله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اليوم الآخر، وقد سبق الكلام عليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وعد الله سبحانه وتعالى من اتصف بهذه الصفات أنه سيؤتيه أجرًا عظيمًا لا يتصور عظمته؛ لقوله: ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: علو مرتبة هؤلاء المتصفين بهذه الصفات، يؤخذ من الإشارة إليهم بإشارة البعيد ﴿أُولَئِكَ﴾ ولم يقل: هؤلاء، ولم يقل: فإننا سنؤتيهم، قال: ﴿أُولَئِكَ﴾ والإشارة إلى المشار إليه بالبعد تدل على علو مرتبته؛ كما في قوله تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة ١، ٢]، مع أنه بين أيدينا، لكن لعلو مرتبته أشير إليه بإشارة بعيدة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من الراسخين في العلم، المؤمنين بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبلنا.
* طالب: بارك الله فيكم، في قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ إلى آخره (...) الله سبحانه وتعالى من آمن بالرسول ﷺ، وهكذا في قوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ [المائدة ٨٢] فنسبهم إلى النصارى، مع أنهم إنما مدحوا بإيمانهم بالرسول ﷺ، ما الحكمة من نسبهم إلى (...).
* الشيخ: الحكمة، هو الله في سورة المائدة ذكر الطائفتين، بل ذكر ثلاث طوائف: المشركين واليهود والنصارى، فمن أقرب الناس مودة إلى المؤمنين؟
* طلبة: النصارى.
* الشيخ: هم النصارى، يعني في آية المائدة ليس المقصود الكلام على النصارى، المقصود الكلام على هذه الطوائف وأنهم بالنسبة للمؤمنين مختلفون.
* طالب: شيخ، تعليل الذي في آية المائدة، إنما امتدحهم الله عز وجل لأنهم آمنوا.
* الشيخ: لا لا، هو يدل على أن منهم قسيسين ورهبانًا، منهم.
* طالب: لكن حتى لو جلسوا على ما هم عليه هل يمدحون؟
* الشيخ: لا، لو بقوا معادين للمسلمين صاروا مثل اليهود، ولهذا نقول: إن النصارى بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام من المغضوب عليهم، وأن وصف الرسول لهم بالضالين كما في حديث عدي بن حاتم الذي مر علينا البارحة إنما هو باعتبار الأصل.
* طالب: ياشيخ، المدح اللي قبل الرسالة تمدحهم آية المائدة في القرآن؟
* الشيخ: لا لا، قال: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ﴾ [المائدة ٨٣] اقرأ الآخر إلى قوله: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة ٨٣].
* الطالب: أشكل علي ياشيخ لأنهم آمنوا.
* الشيخ: ما يشكل، هم كانوا نصارى، ولهذا إذا آمنوا بمحمد أوتوا أجرهم مرتين: الإيمان برسولهم والإيمان بمحمد، فيختلفون عن المشركين.
* طالب: ما رأيكم في قول القائل: القرآن الكريم كلام الله وكلام الله قديم؟
* الشيخ: أما قوله: القرآن كلام الله فحق، وأما قوله: القرآن قديم وهذه المقدمة الثانية فهذا إن أراد أن القرآن كذلك فهو خطأ، وإن أراد أنه الكلام من حيث هو فصحيح، مع أننا لا نوافق أن الكلام قديم، بل نقول: الكلام قديم نوعي، لا قديم العين، فهناك فرق بين قدم النوع وقدم العين، فالله تعالى يتكلم بالكلام متى شاء، لكن أصل الكلام في حد ذاته من الصفات الذاتية.
* طالب: مما أدى الجهار يا شيخ بالقول بأن القرآن مثل ما هو قديم وأن الله تعالى تكلم به منذ القدم ثم أنزله..
* الشيخ: نقول: كذبتم، من أين جاءكم ذلك؟ هؤلاء هم الذين يقولون: الكلام هو المعنى القائم بالنفس.
{"ayah":"لَّـٰكِنِ ٱلرَّ ٰسِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ یُؤۡمِنُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚ وَٱلۡمُقِیمِینَ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَٱلۡمُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ سَنُؤۡتِیهِمۡ أَجۡرًا عَظِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق