الباحث القرآني

الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، الأول أخذنا فوائدها؟ * الطلبة: نعم. * الشيخ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، سبق الكلام على مثل هذا التعبير، وذكرنا أن تصديره بالنداء يفيد التنبيه، وأن تصديره بهذا الوصف -وصف الإيمان- يدل على أن امتثاله من مقتضيات الإيمان، وأن مخالفته نقص في الإيمان. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، أي: لا تجعلوهم أولياء؛ لأن (اتخذ) بمعنى جعل، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء ١٢٥] أي: جعله خليلًا له، لا تجعلوهم أولياء، أي تتولونهم، وتثقون بهم، وتناصرونهم، وتعلِّقون أعمالكم بهم من دون المؤمنين؛ لأن بعض المؤمنين يكون ضعيف الإيمان، ضعيف التوكل على الله، فيعتمد على هؤلاء الكفار؛ لقوتهم، ويتولَّاهم، ويرى أن المؤمنين لا يبلغون مبلغهم، وهذا لا شك أنه نقص في الإيمان والتوكل، فقد سبق أن الله قال: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء ١٣٩]. وقوله: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: من سواهم. ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾، وهذا استفهام بمعنى الإنكار، يعني: أتريدون باتخاذكم الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴿أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ﴾، أي: تُصَيِّروا له، ﴿عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ أي: حجة بينة واضحة؛ لأن كونكم مؤمنين يقتضي أن تتولوا المؤمنين لا الكفار، فإذا عدلتم عن هذا الواجب إلى موالاة الكفار فقد جعلتم لله عليكم سلطانًا مبينًا تستحقون به عقوبة الله. * في هذه الآية الكريمة: دليل على تحريم اتخاذ الكافرين أولياء؛ لأن الله نهى عن ذلك وحذَّر منه، نهى عن ذلك في قوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا﴾، حذَّر منه في قوله: ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾. * ومن فوائد هذه الآية: أنه لا تجتمع ولايتان؛ ولاية الكفار وولاية المؤمنين؛ لقوله: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ولا يعني ذلك أنهم لو اتخذوهم هم والمؤمنين أولياء جاز ذلك، بل نقول: إن قوله: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني أنكم إن اتخذتم الكفار أولياء عدلتم عن ولاية المؤمنين. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى له سلطان وحجة على من خالف أمره، ويدل لهذا قوله تعالى حين ذكر إرسال الرسل: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء ١٦٥]. فهنا لو لم يرسل الرسل صارت الحجة للناس على الله، وإذا أُرسل الرسل وبُينت الأحكام صارت الحجة لله على من؟ على المؤمنين. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب موالاة المؤمنين ومناصرتهم؛ لأن المؤمنين إخوة، فما أصاب أحدهم فقد أصاب الآخر، وما حصل من ضرر وجب على جميع المؤمنين إزالته حسب الحال والإمكان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب