الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾، أيْ: لا تَجْعَلُوهم بِطانَتَكُمْ، وخاصَّتَكُمْ، ﴿أتُرِيدُونَ أنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكم سُلْطانًا مُبِينًا﴾، أيْ: حُجَّةً ظاهِرَةً، و”اَلسُّلْطانُ“، في اللُّغَةِ: اَلْحُجَّةُ، وإنَّما قِيلَ لِلْخَلِيفَةِ والأمِيرِ: ”سُلْطانٌ“، لِأنَّ مَعْناهُ أنَّهُ ذُو الحُجَّةِ، والعَرَبُ تُؤَنِّثُ السُّلْطانَ، وتُذَكِّرُهُ، فَتَقُولُ: ”قَضَتْ عَلَيْكَ بِهَذا السُّلْطانُ“، و”أمَرَتْكَ بِهِ السُّلْطانُ“، وزَعَمَ قَوْمٌ مِنَ الرُّواةِ أنَّ التَّأْنِيثَ فِيهِ أكْثَرُ، ولَمْ يُخْتَلَفْ في التَّذْكِيرِ، وأحْسَبُ الَّذِينَ رَوَوْا لَمْ يَضْبِطُوا مَعْنى الكَثْرَةِ مِنَ القِلَّةِ، والتَّذْكِيرُ فِيهِ أكْثَرُ، فَأمّا القُرْآنُ فَلَمْ يَأْتِ فِيهِ ذِكْرُ السُّلْطانِ إلّا مُذَكَّرًا، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ﴾ [الكهف: ١٥]، (p-١٢٤)وَقالَ: ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٩]، وقالَ: ﴿سُلْطانًا مُبِينًا﴾، فَجَمِيعُ ما في القُرْآنِ مِن ذِكْرِ السُّلْطانِ مُذَكَّرٌ، ولَوْ كانَ التَّأْنِيثُ أكْثَرَ لَكانَ في كِتابِ اللَّهِ - جَلَّ وعَزَّ -. فَإنْ قالَ قائِلٌ: إنَّما رَوَوْا أنَّ ”اَلسُّلْطانُ“، بَيْنَ النّاسِ هو المُؤَنَّثُ، قِيلَ: إنَّما ”اَلسُّلْطانُ“، مَعْناهُ: ذُو السُّلْطانِ، و”اَلسُّلْطانُ“، اَلْحُجَّةُ، و”اَلِاحْتِجاجُ“، و”اَلْحُجَّةُ“، مَعْناهُما واحِدٌ، فَأمّا التَّأْنِيثُ فَصَحِيحٌ، إلّا أنَّهُ أقَلُّ مِنَ التَّذْكِيرِ، فَمَن قالَ: ”قَضَتْ بِهِ عَلَيْكَ السُّلْطانُ“، أرادَ: ”قَضَتْ عَلَيْكَ بِهِ الحُجَّةُ“، و”قَضَتْ عَلَيْكَ حُجَّةُ الوالِي“، ومَن قالَ: ”قَضى بِهِ عَلَيْكَ السُّلْطانُ“، ذَهَبَ إلى مَعْنى ”صاحِبُ السُّلْطانِ“، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ ذَهَبَ بِهِ إلى ”اَلْبُرْهانِ“، و”اَلِاحْتِجاجِ“، أيْ: قَضى بِهِ عَلَيْكَ البُرْهانُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب