الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾، سبحانه وتعالى.
﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ الجملة هذه خبرية مكوَّنة من مبتدأ وخبر، قُدِّم فيها الخبر لفائدة الحصر ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾، لا يشاقُّه أحد في ذلك، ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ ٢٢، ٢٣]، فلله ما في السماوات وما في الأرض.
وهنا قال: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾، ولم يقل: من في السماوات، قال بعضهم: تغليبًا لغير العقلاء؛ لأن (مَن) في اللغة العربية يؤتى بها للعقلاء، أي: لذوي العقول، و(ما) لغير العقلاء، وغير العقلاء من المخلوقات أكثر من العقلاء، ويحتمل أنه أتى بـ (ما) ليعم ذلك الأشخاصَ والأوصاف؛ لأن تعيين (من) للعقلاء و(ما) لغير العقلاء إنما هو في الأعيان، لكن (ما) للأعيان والأوصاف، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء ٣]، حيث قال: ﴿مَا﴾، ومعلوم أن النساء من ذوي العقول، لكن لما كانت المنكوحة لا تُنْكَح لعينها إنما تنكح لما قام بها من أوصاف، والأوصاف معاني وليست عقلًا، قال: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾، وهذا القول أرجح من القول الأول، أعني: أن ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ إنما أتى بـ (ما) دون (من) ليعم أيش؟ الأشخاص والأوصاف.
﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ في بعض الآيات يقول: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ﴾ [الحديد ١] والظاهر -والله أعلم- أن هذا من باب تنوع السياق والأساليب؛ لأن المعنى لا يختلف؛ إذ إن المعطوف له حكم المعطوف عليه فإذا قال: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فهو كما لو قال: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، والتنوع في السياق جاء في القرآن كثيرًا، كما يظهر للإنسان عندما يتلو القصص التي وردت في القرآن لعدة رسل يجد اختلاف التعبير كثيرًا.
﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾ كان الله محيطًا بكل شيء، (كان) هنا منزوعة الدلالة على الزمان؛ لأنها لو بقيت دالَّة على الزمان لكانت إحاطة الله تعالى بكل شيء إحاطة سابقة ماضية، مع أنه لم يزل ولا يزال محيطًا بكل شيء، ولكنها تأتي هنا في مثل هذا السياق لبيان ثبوت الحكم، فيكون هذا كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء ١٥٢] ليس المعنى: أن الله تجدد له المغفرة والرحمة، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء ٩٢] ليس العلم والحكمة يتجدد له، وليس ماضيًا فُقِد، بل هذا لأيش؟ لتوكيد اتصافه بهذا الوصف.
وقوله: ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾ أيّ إحاطة؟ كل شيء، محيطًا به علمًا وقدرة، وسمعًا، وبصرًا، وتدبيرًا، وغير ذلك من معاني ربوبيته عز وجل.
وفي هذه الآية الكريمة: عموم ملك الله، تؤخذ؟
* طالب: تقدير الفعل.
* الشيخ: لا، من (ما) الموصولة؛ لأن جميع أسماء الموصول تفيد العموم.
* ومنها: اختصاص ملك ما في السماوات والأرض بالله عز وجل، يؤخذ من تقديم الخبر؛ لأن تقديم ما حقه التأخير أيش؟ يفيد الحصر.
* ومن فوائد هذه الآية: أن السماوات ذوات عدد، يُستفاد منين؟ من أين يؤخذ؟
* طالب: السماوات جمع.
* الشيخ: من ﴿السَّمَاوَاتِ﴾ التي هي جمع، فما هذا العدد؟ هذا بُيِّنَ في القرآن والسنة، قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون ٨٦]، ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ [النبأ ١٢]، وكذلك جاءت السنة، وأجمع الناس على ذلك.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الأرض واحدة؛ لقوله: ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، ولم يقل: وما في الأرضين، فتكون الأرض واحدة، أعرفتم؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: نعم، هذا ظاهر اللفظ، لكن هذا الظاهر قد بُيِّنَ في مواضع أن المراد بالإفراد هنا الجنس لا الوحدة، أي: جنس الأرض، وجاءت السنة صريحة بأن الأرضين سبع، وجاء القرآن ظاهرًا بأن الأرضين سبع، ففي السنة: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٥٢)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) من حديث سعيد بن زيد.]]، وفي القرآن في ظاهره: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢]، فالمماثلة هنا يحتمل أن تكون في الصفة، ويحتمل أن تكون في العدد، والاحتمال الأول ممتنع لظهور الفرق بين السماوات والأرض، فيبقى الاحتمال الثاني وهو المماثلة في العدد.
* من فوائد الآية الكريمة: إحاطة الله تعالى بكل شيء؛ لقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾.
يترتب على هذه الفائدة * فائدة مسلكية مهمة وهي: أنك إذا علمت إحاطة الله بكل شيء خِفْتَ منه وخشيته وراقبته؛ لأنه مهما كنت في أي مكان فالله محيط بك، فإذا آمنت بهذا خِفت رب العالمين المحيط بكل شيء.
هل ينبني على ذلك خوف الله في القلب؟ نعم؛ لأن الله محيط، حتى فيما في قلبك هو محيط به عز وجل.
{"ayah":"وَلِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءࣲ مُّحِیطࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق