الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿لَا يَتَّخِذِ﴾ (لا) ناهية، ودليل كونها ناهية: أن الفعل بعدها مجزوم، أليس كذلك؟ ولكن لماذا كسر الفعل؟ كسر لالتقاء الساكنين، لأجل أن ينتقل اللسان من هذا المكسور إلى الساكن بسهولة؛ ولهذا صار أنسب ما يكون في التقاء الساكنين هو الكسر، أنسب ما يكون الكسر ﴿لَا يَتَّخِذِ﴾؛ لأن الكسر فيه انخفاض من أجل أن يترقى اللسان من المكسور إلى الساكن.
يقول الله عز وجل: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ﴾ أي: لا يجعلوهم أولياء فيتخذوهم، وكلمة (اتخذ) تدل على اصطناع الشيء والركون إليه والالتجاء إليه، مثل قولك: اتخذت هذا صاحبًا، أي: جعلته واصطنعته واخترته، فالمعنى: لا يختار المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
وقوله: ﴿الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ﴾ كيف صارت (الكافرين) مع أنها بعد اسم مرفوع؟
* الطلبة: مفعول به.
* الشيخ: ما هي نعت؟ لا تصلح أن تكون نعتًا؟ لا، ما تصلح، يختلف المعنى اختلافًا عظيمًا، ﴿الْكَافِرِينَ﴾ مفعول (اتخذ) الأول، و﴿أَوْلِيَاءَ﴾ مفعول ثانٍ.
وقوله: ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ هل هم يتخذونهم أولياء من أعلى؟ ولَّا أولياء من أسفل؟ أو كلاهما؟ يشمل هذا وهذا، أي: لا ينصروهم ولا ينتصروا بهم، فلا يتولون الكفار ولا يجعلون الولاية للكفار عليهم، فالنهي من الأمرين، اللهم إلا -كما سيأتي إن شاء الله تعالى- فيما استثني.
لكن إذا كان الأمر في سعة والمؤمنون في قوة، فإنهم لا يجوز لهم أن يتخذوا من الكفار من ينصرهم؛ لأن الكفار مهما كانوا أعداءٌ للمسلمين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران ١١٨]، فليس لنا الحق أن نستعين بالكفار إلا إذا دعت الحاجة، فلنا أن ننتصر بهم بأخذ السلاح وما أشبه ذلك، بل وبالعهد معهم أيضًا، «فإن النبي ﷺ استعار من صفوان بن أمية دروعًا، فقال له: أغصبًا يا محمد؟ قال: «بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ»[[أخرجه أبو داود (٣٥٦٢)، والحاكم في المستدرك (٢٣٣٢) من حديث ابن عباس.]]، فدل هذا على جواز الاستعانة بالمشرك بالسلاح. ونحن مثلًا إذا أخذنا السلاح ما لنا وله؟ نحن الذين نستعمل السلاح ونتدرب عليه.
«كذلك حالف النبي ﷺ خزاعة، كما في صلح الحديبية[[أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٧٨٩٩) من حديث عكرمة.]] »، حالفهم، لكن كان الناس في ذلك الوقت ليسوا على قوة، فيجوز أيضًا أن يحالف المسلمون الكفار إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأنه قد يكون هذا من مصلحة المسلمين، فإن المسلمين إذا كانوا ضعفاء تسلط عليهم كفار آخرون، فإذا حالفوا كفارًا أقوياء انتصروا بهم، فصار في ذلك مصلحة.
وأصل النهي عن ولاية الكفار هو من أجل أن لا يذل الإسلام بين أيديهم، فإذا كان في مثل هذه الأمور مصلحة للمسلمين وقوة صار ذلك جائزًا، هذا بالنسبة للانتصار بهم.
هذا بالنسبة للانتصار بهم، ونحن ذكرنا أن قوله: ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ [آل عمران ٢٨] يشمل الوجهين، أما بالنسبة للانتصار لهم فهذا لا يجوز أبدًا، لا يجوز أن ننصر كافرًا على مؤمن بأي حال من الأحوال، ولكن هل يجوز أن ننصر كافرًا على كافر إذا اقتضت المصلحة ذلك؟
نقول: إن المؤمنين فرحوا حين غلَبت الروم الفرس وهم كفّار على كفّار كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الروم ٤، ٥] فإذا كان هناك عدو مشترك لنا ولهذه الطائفة من الكفار ونحن نعلم أننا إن لم ننصر الكفار على هذا الكافر غلبه، ثم استأصلنا فحينئذٍ يكون عونه للحاجة جائزًا؛ لأننا نعينه لا لذاته لأنه كافر، ولكن لمصلحة المسلمين، وهذا كله يعود على المصلحة، أما لو رأينا كافرًا يطلب منا العون على مسلم، فهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال، ولهذا قال: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ٢٨] يعني من سِوى المؤمنين يعادون المؤمنين ويوالون الكفار، فهذا لا يمكن، ولهذا جاءت الآية: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ولم يقل: لا تتخذوا؛ لأن الله فرّق بين قوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وبين ما إذا اتخذ المؤمنون الكافرين أولياء لا من دون المؤمنين، فوجّه الخطاب إلى المؤمنين مباشرة، في الثانية دون الأولى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة ٥١] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة ١] فخاطبهم خطابًا مباشرًا، لكن هنا قال: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. ففرّق بينهما، هكذا قال بعض العلماء وقال: إن الله لم يخاطب المؤمنين خطابًا مباشرًا؛ لأن هذا أمر مشين، والأمر المشين تكون المخاطبة المباشرة فيه صدمة عظيمة، ولهذا قال الله تعالى للرسول: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس ١، ٢] ولم يقل: عبست، وهذا القول أول ما يتكلم به الإنسان يظنه جيدًا، لكن المشكل يشكل على هذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء ١٤٤] فهنا واجههم بالخطاب مباشرة مع أنه قال: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وعلى هذا فيكون التوجيه الذي ذكره بعض المعاصرين فيه نظر، ونقول: إن الله عبّر بصيغة الغائب هنا: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ عن الخطاب لبلاغة يعلمها الله عز وجل قد نعلمها وقد لا نعلمها. ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِين﴾ ما جاوبت الأسئلة؟
* طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، أقول: سؤال الكتب النافعة من بعض..
* الشيخ: سؤالك، احذف الميم هنا، احذف الميم جزاك الله خيرًا.
* طالب: أقول: أحسن الله إليكم، سؤال الكتب النافعة من بعض الإخوان هل ينافي تمام العِفّة؟
* الشيخ: أما إذا كان يقول: سؤال الكتب للاستعارة، الاستعارة كذا؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: الاستعارة ولا تملُّك؟
* الطالب: الاستعارة يقرؤها.
* الشيخ: لا، الاستعارة جائزة ما فيها إشكال.
* الطالب: لكن آخذها أصورها مثلًا كذا أو أقرؤها وأردها؟
* الشيخ: الظاهر أن التصوير من جنس الاستعارة، وآخذها أقرؤها وأردها هذه استعارة، لكن سؤالها تملكًا هذا هو المذموم، أما الاستعارة فما زال المسلمون يستعيرون، الرسول ﷺ استعار من صفوان بن أمية دروعًا[[أخرجه أبو داود (٣٥٦٢)، وأحمد (١٥٣٠٢، ٢٧٦٣٦) من حديث صفوان بن أمية.]].
* الطالب: لكن لو كان مثلًا عنده مثلًا نسخ متعددة وأنا ما عندي والسوق ليس في شيء مهم فأشتريه؟
* الشيخ: اشترِ.
* الطالب: نعم؟
* الشيخ: اشترِ منه.
* الطالب: إن قال ما أبيع؟
* الشيخ: قل: أعرني إياه؟
* الطالب: يعني إعارة؟
* الشيخ: إيه الإعارة ما فيها شيء.
* الطالب: بس، يعني ما أنا بآخده يوم ولَّا يومين يعني كتاب سفر مضخّم يحتاج إني أخليه مرجعًا عندي أستفيد منه وكذا؟
* الشيخ: ما أشوف.
* الطالب: لكن النبي مرة يا شيخ: «اسْتَعْنِ بِاللَّهِ وَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ»[[أخرجه مسلم (٢٦٦٤ / ٣٤) من حديث أبي هريرة.]]؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أقول..
* الشيخ: نعم، ومما ينفعك أن لا تسأل الناس شيئًا.
* الطالب: لكن مما ينفعني ما في هذا الكتاب.
* الشيخ: حتى السارق يقول: والله أنا بأسرق لينفعني.
* طالب: شيخ، مناسبة قوله بغير حساب؟
* طالب آخر: شيخ، الآن فيه ناس من المسلمين يتجنسون جنسية أمريكية؟
* الشيخ: لا، ما يجوز، يعني اتخاذ جنسية كافرة حرام؛ لأن مقتضى هذه الجنسية أيش؟ أن توالي من يوالون وتعادي من يعادون، وأن تناصرهم بكل شيء حتى على المسلمين، هذا حرام ما يجوز أبدًا.
* طالب: شيخ، قوله: ﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ [آل عمران ٢٧] قلنا يا شيخ إنها تخرج العالِم من الجاهل، وقوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام ١٢٢]؟ لكن قوله: ﴿وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ الجاهل تخرجه من العالم أي العكس، كيف يعني هل معناه أنه ينسى العلم؟
* الشيخ: لا، معنى ذلك: إنه يكون رجل عالم أولاده جهّال.
* الطالب: لا، على المعنى الأول ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا﴾ اللي هو؟
* الشيخ: على المعنى الأول أنه كان ميتًا ما ترد هذه، ما ترد وربما يكون، لا ما ترد الظاهر.
* طالب: شيخ، في قوله تعالى: ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ [آل عمران ٢٧] يعني ما يكون فيها من الفوائد أن مصلحة النبات والثمر أنه ما بعض الثمر ما يحصل إلا في فصل الشتاء والعكس أيضًا؟
* الشيخ: نحن ما قلناها؟
* طلبة: قلنا هذه فائدة موجودة.
* الشيخ: ذكرناها.
* الطالب: يا شيخ، نحن إذا استنصرنا بالكفار.
* الشيخ: إذا أيش؟
* الطالب: إذا استنصرنا بالكفار من حيث العتاد الأسلحة يجوز الاستنصار بهم صح ولَّا لا؟
* الشيخ: (...).
* الطالب: إذا الكفار استنصروا بنا نعرف أن الإسلام ليس نقدر نقول: انقسموا لسنة وشيعة، إذا استنصروا بنا ما منا من عتاد على شيعة يجوز؟
* الشيخ: وهذه تحتاج لنظر إذا كان الشيعة على وجه يكفرون به فيجوز، إذا كان على وجه لا يكفرون ما يجوز؛ لأن المسلم مهما كان من المعاصي لا يجوز أن تُعين الكافر عليه.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران ٢٨- ٣٠].
* الشيخ: قال الله تعالى: ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ [آل عمران ٢٧] ما المراد بالولاية هنا؟
قلنا: إنه لا ينتصر بهم ولا لهم، أما تحريم الانتصار لهم فالأمر ظاهر، لكن تحريم الانتصار بهم يشكل عليه أن الرسول ﷺ حالف خزاعة وهم كفار.
* طالب: إذا اقتضت المصلحة الدفاع مثلا عن المسلمين من قريب واقتضت المصلحة أنه الاستعانة بهم استعنَّا.
* الشيخ: نعم، نقول: هذا إذا اقتضت المصلحة أو الضرورة الانتصار بهم فهذا لا بأس به. نكمل هذا البحث لأنه مهم، لو قال قائل: إذا كان الانتصار بهم ليس لمصلحة الإسلام ولكن لأن هؤلاء أعداء لمن أراد الاعتداء على المسلمين، فناصروا المسلمين لأن هذا عدو مشترك؛ يعني هم لم يناصروا المسلمين لله ولا لإقامة دين الله لكن لأن العدو مشترك، فهل يجوز أن ننتصر بهم في هذه الحال؟
* الطالب: نعم، ننتصر بهم ولكن ليس لأجل مناصرة الكفار وإنما لمصلحة المسلمين.
* الشيخ: نقول: نعم، هم إذا ناصرونا، سواء كان ذلك لله أو ليس لله قطعًا أو كان من أجل أن عدونا وعدهم واحد مشترك، واضح؟ ولكن مع ذلك لا يجوز أن نجعل هذا الانتصار بهم على حساب ديننا؛ يعني أن نداهنهم ونمكنهم من أفعالهم القبيحة في بلادنا بلاد الإٍسلام لا؛ لأن هذا مداهنة والمداهنة في دين الله حرام لا يجوز.
يقول عز وجل: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهذا هو الواقع، الواقع أن الإنسان المؤمن لا يمكن أن يتولى الكافر دون المؤمن، وسيأتي إن شاء الله في الفوائد أن الذين يفعلون ذلك من المنافقين. ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء ١٣٩].
ثم قال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ [آل عمران ٢٨] المشار إليه الاتخاذ، وعادت الإشارة هنا على المفهوم من الفعل؛ لأن الفعل يدل على حدَث وفاعل، على الحدث وفاعله، الحدث هنا هو الاتخاذ، والفاعل هو المؤمن، فهنا نقول عاد الضمير على الاتخاذ المفهوم من أيش؟ من (يتخذ)، مثل قوله تعالى: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة ٨] فهو عاد على العدل المفهوم من كلمة ﴿اعْدِلُوا﴾. ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ أي يتخذهم أولياء من دون المؤمنين ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ يعني فالله بريء منه؛ لأن الله تعالى لا يرضى أن يتولَّى أحد من المؤمنين أحدًا من الكافرين؛ لأن الكافر عدو لله، بل هو عدو لك أيضًا ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ مهما كان فإن الكافر لا يمكن أن يُضمر لك المحبة أو الولاية أبدًا، ولا يمكن أبدًا أن يُناصرك إلا لمصلحته هو؛ لأنه عدو، والعدو لا يمكن أن يريد منفعة عدوه، ولهذا قال: ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ أي: فالله منه بريء والعياذ بالله.
ثم قال: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ و(إلا) هنا لا شك أنها حرف استثناء، ولكن هل هذا الاستثناء متصل أو منقطع؟ الصواب أنه منقطع، بل يتعين لأنه في حالة التقاة لا نتخذهم أولياء، ولكن نوافقهم في الظاهر ونخالفهم في الباطن، وأيضًا شوف ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا﴾ معناه أن هؤلاء الكفار لهم سيطرة وقوة وقدرة نخشاهم فنتقي منهم؛ أي: نتخذ وقاية من بطشهم وتنكيلهم بنا، لكن في الظاهر دون الباطن، إذن انتبه فهذا لا يجوز إلا في حال الخوف على النفس، ولضعف المسلمين وقوة الكفار.
ثانيًا: لا بد أن تكون هذه الموالاة باللسان فقط بالظاهر، أما في الباطن فيجب أن نُضمر لهم العداوة والبغضاء وعدم الولاية. وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ في هذا التفات من الغيبة إلى الحضور، والخطاب للحضور؛ لأنه لولا الالتفات لقال: إلا أن يتقوا منهم تقاة. والالتفات سبق لنا أن له فوائد، من يذكرها؟
* طالب: فائدة عامة في جميع الالتفات وهي التنبيه، والفائدة الخاصة لكل سياق..
* الشيخ: نعم، الفائدة العامة التنبيه؛ تنبيه المخاطَب، وذلك أن الخطاب إذا كان على نسق واحد استمر الإنسان يسير فيه دون أن ينتبه، فإذا اختلف انتبه، وهذا موجود أعني الانتباه عند التغير موجود في كل سير سواء سير ذهني أو سير حسي، لو كنت تمشي ثم وجدت حفرة في الطريق انتبهت، أو وجدت ارتفاعًا في الطريق عتبة انتبهت، أليس كذلك؟ كذلك في الكلام لو كنت على نسق واحد وأنت خطيب كانت خطبتك تأتي بالنوم، لكن إذا كانت الخطبة فيها أمر ونهي واستفهام وعرض وتحضيض صار في ذلك تنبيه، تنبيه للمخاطَب، فكذلك أيضًا في القرآن أحيانًا يعدل الله سبحانه وتعالى عن السياق الأول إلى سياق آخر جديد من أجل التنبيه، أما الفائدة الثانية فتتقيد بحسب القرائن.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران ٢٨- ٣٠].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (لا) هنا هل هي نافية أو ناهية؟
* طالب: (لا) نافية.
* الشيخ: نافية؟
* الطالب: ناهية.
* الشيخ: ناهية؟ ما الدليل؟
* الطالب: دليل الجزم أنها جزمت الفعل وقلبت الجزم سكونًا لالتقاء الساكنين.
* الشيخ: قلبت الجزمة سكونًا؟!
* الطالب: قلبت السكون كسرة لالتقاء الساكنين.
* الشيخ: خطأ.
* الطالب: قلبت السكون كسرة لالتقاء الساكنين.
* الشيخ: خطأ.
* الطالب: كسر الذال لالتقاء الساكنين.
* الشيخ: خطأ.
* طالب: حُرِّك بالكسر لالتقاء الساكنين.
* الشيخ: حرك بالكسر لالتقاء الساكنين.
* الطالب: أقول: لا مشاحة في الاصطلاح!
* الشيخ: لا لا، لا مشاحة في الغلط! لأن ﴿لَا يَتَّخِذِ﴾ إذا قلنا: حرك بالكسر معناها أن الكسرة هذه ما هي كسرة إعراب، ما هي بدل عن السكون، لكن حرك لفظًا فقط لسهولة الانتقال من المتحرك إلى الساكن؛ لأن الانتقال من ساكن إلى ساكن هذا اختصار.
* الطالب: وأبدلت يا شيخ، ما هي صحيحة؟
* الشيخ: لا لا؛ لأن الإبدال معناه حلت محلها حقيقة وحكمًا، وهذا حكمه السكون لكنه حرك تحريكًا فقط.
قوله تعالى: ﴿أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ما الذي نصب أولياء؟
* الطالب: مفعول ﴿يَتَّخِذِ﴾.
* الشيخ: الكافرين مفعول ﴿يَتَّخِذِ﴾ ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ﴾.
* الطالب: مفعول ثاني لـ﴿يَتَّخِذِ﴾.
* الشيخ: مفعول ثاني لـ﴿يَتَّخِذِ﴾ إيه. قوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿دُونِ﴾ بمعنى؟
* طالب: من سوى المؤمنين.
* الشيخ: من سوى المؤمنين، وأظن ما كمّلنا الآية؟
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ معناها؟ معنى الجملة ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾؟
* الطالب: أي الذي يتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين فإن الله سبحانه وتعالى غير راض عنه، فليس من أوليائه يعني.
* الشيخ: نعم، ما الذي أوجب الإتيان بالفاء في قوله: ﴿فَلَيْسَ﴾؟
* الطالب: أنه جواب شرط.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ جواب شرط.
* الشيخ: وجواب الشرط يحذف فيه الفاء؟
* طالب: شيخ، اقتران الفاء بجواب الشرط.
* الشيخ: واقتران الفاء بجواب الشرط لازم؟
* طالب: إذا كان ليس (...).
* الشيخ: يعني يجوز لو كان بيقرأ القرآن جاز حذف الفاء؟
* الطالب: شيخ، جملة اسمية.
* الشيخ: ما هي جملة اسمية.* الطالب: شيخ، لأن الجواب هنا جامد فوجب اقترانه بالفاء.
* الشيخ: يعني مبدوء بفعل جامد، وإذا بُدئ الجواب بفعل جامد.
* الطالب: يجب اقترانه بالفاء.
* الشيخ: طيب هل لديك شاهد أو كلام مشهور في ذلك؟
* الطالب: قال بعضهم في الجمع بين اشتراط اقتران الفاء
؎اسْمِيَّــــــــــــــــةٌ طَلَبِيَّــــــــــــةٌوَبِجَامِــــــــــــــــــــــدٍ ∗∗∗ وَبِمَــــــــا وَقَـــــــدْ وَبِلَــــــنْوَبِالتَّنْفِيــــــــــسِ
* الشيخ:
؎اسْمِيَّــــــــــــــــةٌ طَلَبِيَّــــــــــــةٌوَبِجَامِــــــــــــــــــــــدٍ ∗∗∗ وَبِمَــــــــا وَقَـــــــدْ وَبِلَــــــنْوَبِالتَّنْفِيــــــــــسِ
طيب هذه من أي الأنواع السبعة؟
* الطالب: الجامد، هذا الجامد.
* الشيخ: جامد ليس يعني.
* الطالب: نعم، فعل جامد لا يتصرف.
* الشيخ: إيه، لا يتصرف، أحسنت. قال الله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ ما معنى قوله: ﴿تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾؟
* الطالب: أي: تتقوا شرهم.
* الشيخ: إلا أن تقولوا شيئًا تتقوا به شرهم، الاستثناء هنا منقطع ولا متصل؟
* الطالب: منقطع.
* الشيخ: منقطع نعم، صح، يعني لكن إن اتقيتم منهم تقاة كالمكره على الكفر فيكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فهذا ليس بشيء، لا يضر.
قال الله عز وجل: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ يُقال: تقاة ويقال: تَقِيَّة، وأما (تُقية) فهي من اللحن الشائع قولهم: (تُقْية) هذا من اللحن الشائع؛ لأننا لو قلنا تُقية لوجب أن تحول إلى تُقاة بمقتضى القاعدة الصرفية المعروفة، وعلى هذا فنقول: إن الصواب تُقاة أو تَقِيَّة.
قال الله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ ﴿يُحَذِّرُكُمُ﴾ فيها فعل ومفعول به، ولفظ الجلالة (الله) فاعل و﴿نَفْسَهُ﴾ مفعول ثاني ﴿يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: يخوفكم من نفسه عز وجل، ويحذركم من عقابه إذا اتخذتموهم أولياء إلا في الحال التي تكون موالاتهم تقاة وليس عن قصد واختيار.
﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع، والجملة -كما تشاهدون- جملة اسمية قدم فيها الخبر لفائدة الحصر؛ يعني إلى الله لا إلى غيره، المصير: المرجع، وأي مرجع هذا؟ هل المراد المرجع في الآخرة، أو المرجع في جميع الأمور؟
الجواب: المرجع في جميع الأمور كما قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [آل عمران ١٠٩] فإلى الله المصير يعني بعد الانتقال من الدنيا، وإلى الله المصير المرجع في كل الأحوال وفي كل الأمور.
في هذه الآية الكريمة من الفوائد: أولًا: تحريم اتخاذ الكفار أولياء لقوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* ومن فوائدها: أن مقتضى الإيمان الحقيقي أن يتخذ الإنسان الكافرين أعداء لقوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فعلّق هذا الحكم بالمؤمنين، وهو دليل على أن مقتضى إيمانهم أن لا يتخذوهم أولياء بل أن يتخذوهم عدوًّا أعداء؛ لأن هؤلاء الكفار شيعة الشيطان وأولياؤه وقد قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر ٦].
* ومن فوائدها: أن اتخاذ الكافرين أولياء منافٍ إما للإيمان أصلًا، وإما للإيمان كمالًا؛ يعني أنه ينافي أصل الإيمان أو كمال الإيمان، لماذا؟ لأن الحكم إذا عُلّق بوصف فإنه يتبع ذلك الوصف قوة وضعفًا، فكلما كمل الإيمان كملت المعاداة وانتفت الموالاة، وإذا وُجدت الموالاة ضعف الإيمان، وإذا ضعف الإيمان أيضًا وُجدت الموالاة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى أنه يجب أن يتخذ المؤمن أولياء من المؤمنين لقوله هنا: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهذا لا شك هو مقتضى الإيمان قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة ٧١] فالواجب على المؤمن أن يتخذ له أولياء من المؤمنين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن اتخاذ الكافرين أولياء من كبائر الذنوب، وجه الدلالة: أن الله تبرأ منهم، وتعليق الحكم أو تعليق البراءة بحكم من الأحكام يدل على أنه من كبائر الذنوب، والكبائر جمع (كبيرة)، وأحسن ما قيل في تعريفها: ما رُتّبت عليه عقوبة خاصة، وذلك لأن المحرمات نوعان: إما منهي عنها أو مذكورة بلفظ التحريم ولكن ليس على فاعلها عقوبة خاصة، فهذه من الصغائر، وإما أن يُرتّب على فعلها عقوبة خاصة وحينئذٍ تكون من الكبائر، ولكن كما أن الصغائر تختلف حتى يصل بعضها إلى قريب الكبائر كذلك الكبائر تختلف، ليس قطيعة الرحم بين العم وابن أخيه كعقوق الوالدين مع أن كلا منهما من كبائر الذنوب، والمهم أن الكبائر تختلف، وكذلك الصغائر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى ولي المؤمنين، ووجهه أن الذي يتخذ الكافرين أولياء ويدع المؤمنين يتبرأ الله منه؛ لأنه ليس من المؤمنين في شيء، فلم يكن الله منه في شيء، وهذا له شاهد من القرآن مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المائدة ٥٥] مثل قوله: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ٦٨] مثل قوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة ٢٥٧] والآيات في هذا المعنى كثيرة؛ أن الله تعالى ولي المؤمنين فيوالي من والوه ومن والاهم ويعادي من عاداهم، وقد صح في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه أن الله سبحانه وتعالى قال: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ»[[أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: سهولة الإٍسلام ويسره حيث رفع الحرج عن الأمة؛ وذلك بما أباح من اتخاذ التقاة عند الضرورة إليها لقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾.
ومن فوائد الآية: أنه لا تجوز المداهنة لأعداء الله وإظهار الرضا بما هم عليه لقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ ومعلوم أن التقاة لا تجوز إلا عند الضرورة ومع ذلك ينوي بها الإنسان أيش؟ أنها وقاية مما يخاف منهم لا رضًا بما فعلوا أو اطمئنانًا إليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله عز وجل مع كمال رحمته وشمولها ومحبته للتوبة في مقام الوعيد يذكر من الآيات أو من الكلمات الكلمات الشديدة القوية لقوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ لأن المقام مقام يقتضي الشدة في ذلك، فإنه من أعظم الأشياء أن يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ولهذا قال: ﴿يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إطلاق النفس على الذات؛ لأن المراد نفسه أي: ذاته ﴿يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: ذاته، والتعبير بالنفس أوْلى من التعبير بالذات، وإن كان التعبير بالذات هو المشهور عند العلماء، لكن التعبير بالذات عن النفس ليس من اللغة العربية الفصحى كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وإنما هو متلقى من اصطلاح عرفي، وأصله أن (ذات) تُستعمل مضافة فيقال: ذات جمال، ذات دين، ذات مال، وما أشبه ذلك، فيعبرون بالذات عن العين المتصفة بصفات، ثم سلبوها من الإضافة وعبّروا بكلمة (ذات) مجردة عن الإضافة، هذا هو الأصل في استعمال كلمة (ذات)، وإلا فإنها ليست عربية محضة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب رد الأشياء إلى الله عز وجل لقوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾.
ومن فوائدها أيضًا: تكرار التحذير، وأنه إذا كان المقام يقتضي ذلك كان تكراره من أعلى أنواع البلاغة؛ لأن قوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ هذا تحذير ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ هذا أيضًا تحذير، فإنه تهديد ووعيد لمن خالف ما حذَّر الله منه.
{"ayah":"لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق