الباحث القرآني
﴿لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ في شَيْءٍ إلّا أنْ تَتَّقُوا مِنهم تُقاةً ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وإلى اللَّهِ المَصِيرُ﴾ اسْتِئْنافٌ عُقِّبَ بِهِ الآيُ المُتَقَدِّمَةُ، المُتَضَمِّنَةُ عَداءَ المُشْرِكِينَ لِلْإسْلامِ وأهْلِهِ، وحَسَدَ اليَهُودِ لَهم، وتَوَلِّيَهم عَنْهُ: مِن قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٠] إلى هُنا.
فالمُناسَبَةُ أنَّ هَذِهِ كالنَّتِيجَةِ لِما تَقَدَّمَها: نَهى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ بَعْدَ ما بَيَّنَ لَهم بَغْيَ المُخالِفِينَ وإعْراضَهم - أنْ يَتَّخِذُوا الكُفّارَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ؛ لِأنَّ اتِّخاذَهم أوْلِياءَ - بَعْدَ أنْ سَفَّهَ الآخَرُونَ دِينَهم وسَفَّهُوا أحْلامَهم في اتِّباعِهِ - يُعَدُّ ضَعْفًا في الدِّينِ وتَصْوِيبًا لِلْمُعْتَدِينَ.
(p-٢١٦)وشاعَ في اصْطِلاحِ القُرْآنِ إطْلاقُ وصْفِ الكُفْرِ عَلى الشِّرْكِ، والكافِرِينَ والَّذِينَ كَفَرُوا عَلى المُشْرِكِينَ، ولَعَلَّ تَعْلِيقَ النَّهْيِ عَنِ الِاتِّخاذِ بِالكافِرِينَ بِهَذا المَعْنى هُنا لِأنَّ المُشْرِكِينَ هُمُ الَّذِينَ كانَ بَيْنَهم وبَيْنَ المُهاجِرِينَ صِلاتٌ، وأنْسابٌ، ومَوَدّاتٌ، ومُخالَطاتٌ مالِيَّةٌ، فَكانُوا بِمَظِنَّةِ المُوالاةِ مَعَ بَعْضِهِمْ. وقَدْ عَلِمَ كُلُّ سامِعٍ أنَّ مَن يُشابِهُ المُشْرِكِينَ في مَوْقِفِهِ تُجاهَ الإسْلامِ يَكُونُ تَوَلِّي المُؤْمِنِينَ إيّاهُ كَتَوَلِّيهِمُ المُشْرِكِينَ. وقَدْ يَكُونُ المُرادُ بِالكافِرِينَ جَمِيعَ المُخالِفِينَ في الدِّينِ: مِثْلَ المُرادِ مِن قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسابِ﴾ [آل عمران: ١٩]، فَلِذَلِكَ كُلِّهِ قِيلَ: إنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في حاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ وكانَ مِن أفاضِلِ المُهاجِرِينَ وخُلَّصِ المُؤْمِنِينَ، إلّا أنَّهُ تَأوَّلَ فَكَتَبَ كِتابًا إلى قُرَيْشٍ يُعْلِمُهم بِتَجَهُّزِ النَّبِيءِ ﷺ لِفَتْحِ مَكَّةَ. وقِيلَ: نَزَلَتْ في أسْماءَ ابْنَةِ أبِي بَكْرٍ لَمّا اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في بِرِّ والِدَتِها وصِلَتِها، أيْ قَبْلَ أنْ تَجِيءَ أُمُّها إلى المَدِينَةِ راغِبَةً؛ فَإنَّهُ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ قالَ لَها: «صِلِي أُمَّكِ» . وقِيلَ: نَزَلَتْ في فَرِيقٍ مِنَ الأنْصارِ كانُوا مُتَوَلِّينَ لِكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، وأبِي رافِعِ ابْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وهُما يَهُودِيّانِ بِيَثْرِبَ. وقِيلَ: نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ وهم مِمَّنْ يَتَوَلّى اليَهُودَ؛ إذْ هم كُفّارُ جِهَتِهِمْ، وقِيلَ: نَزَلَتْ في عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ وكانَ لَهُ حِلْفٌ مَعَ اليَهُودِ، فَلَمّا كانَ يَوْمُ الأحْزابِ «قالَ عُبادَةُ لِلنَّبِيءِ ﷺ: إنَّ مَعِي خَمْسَمائَةِ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ، وقَدْ رَأيْتُ أنْ يَخْرُجُوا مَعِي فَأسْتَظْهِرَ بِهِمْ عَلى العَدُوِّ» . وقِيلَ: نَزَلَتْ في عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ لَمّا أخَذَهُ المُشْرِكُونَ فَعَذَّبُوهُ عَذابًا شَدِيدًا، فَقالَ ما أرادُوهُ مِنهُ، فَكَفُّوا عَنْهُ، فَشَكا ذَلِكَ إلى النَّبِيءِ ﷺ فَقالَ لَهُ: «كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ، قالَ: مُطَمْئِنًّا بِالإيمانِ، فَقالَ: فَإنْ عادُوا فَعُدْ» .
وقَوْلُهُ: ﴿مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ ”مِن“ لِتَأْكِيدِ الظَّرْفِيَّةِ.
والمَعْنى: مُباعِدِينَ المُؤْمِنِينَ أيْ في الوَلايَةِ، وهو تَقْيِيدٌ لِلنَّهْيِ بِحَسَبِ الظّاهِرِ، فَيَكُونُ المَنهِيُّ عَنْهُ اتِّخاذَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ دُونَ المُؤْمِنِينَ، أيْ ولايَةَ المُؤْمِنِ الكُفّارَ الَّتِي تُنافِي ولايَتَهُ المُؤْمِنِينَ، وذَلِكَ عِنْدَما يَكُونُ في تَوَلِّي الكافِرِينَ إضْرارٌ بِالمُؤْمِنِينَ، وأصْلُ القُيُودِ أنْ تَكُونَ لِلِاحْتِرازِ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ في شَيْءٍ﴾ لِأنَّهُ نَفْيٌ لِوُصْلَةِ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ بِجانِبِ اللَّهِ تَعالى في جَمِيعِ الأحْوالِ، والعَرَبُ (تَقُولُ أنْتَ (p-٢١٧)مِنِّي وأنا مِنكَ) في مَعْنى شِدَّةِ الِاتِّصالِ حَتّى كَأنَّ أحَدَهُما جُزْءٌ مِنَ الآخَرِ، أوْ مُبْتَدَأٌ مِنهُ، ويَقُولُونَ في الِانْفِصالِ والقَطِيعَةِ: لَسْتَ مِنِّي ولَسْتُ مِنكَ؛ قالَ النّابِغَةُ:
؎فَإنِّي لَسْتُ مِنكَ ولَسْتَ مِنِّي
فَقَوْلُهُ: في شَيْءٍ تَصْرِيحٌ بِعُمُومِ النَّفْيِ في جَمِيعِ الأحْوالِ لِرَفْعِ احْتِمالِ تَأْوِيلِ نَفْيِ الِاتِّصالِ بِأغْلَبِ الأحْوالِ فالمَعْنى أنَّ فاعِلَ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ عَنِ الِانْتِماءِ إلى اللَّهِ، وهَذا يُنادِي عَلى أنَّ المَنهِيَّ عَنْهُ هُنا ضَرْبٌ مِن ضُرُوبِ الكُفْرِ، وهو الحالُ الَّتِي كانَ عَلَيْها المُنافِقُونَ، وكانُوا يَظُنُّونَ تَرْوِيجَها عَلى المُؤْمِنِينَ، فَفَضَحَهُمُ اللَّهُ تَعالى، ولِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، ومِمّا يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أنَّها نَظِيرُ الآيَةِ الأُخْرى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أتُرِيدُونَ أنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكم سُلْطانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٤٤] ﴿إنَّ المُنافِقِينَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ﴾ [النساء: ١٤٥] .
وقِيلَ: لا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: ﴿مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ لِأنَّ آياتٍ كَثِيرَةً دَلَّتْ عَلى النَّهْيِ عَنْ ولايَةِ الكافِرِينَ مُطْلَقًا: كَقَوْلِهِ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصارى أوْلِياءَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١] وقَوْلِهِ: (﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُؤًا ولَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ أوْلِياءَ﴾ [المائدة: ٥٧]) وإلى هَذا الوَجْهِ مالَ الفَخْرُ.
واسْمُ الإشارَةِ في قَوْلِهِ ”ذَلِكَ“ بِمَعْنى ذَلِكَ المَذْكُورِ، وهو مَضْمُونُ قَوْلِهِ: أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ.
والآيَةُ نَهْيٌ عَنْ مُوالاةِ الكافِرِينَ دُونَ المُؤْمِنِينَ بِاعْتِبارِ القَيْدِ أوْ مُطْلَقًا، والمُوالاةُ تَكُونُ بِالظّاهِرِ والباطِنِ وبِالظّاهِرِ فَقَطْ، وتَعْتَوِرُها أحْوالٌ تَتْبَعُها أحْكامٌ، وقَدِ اسْتَخْلَصْتُ مِن ذَلِكَ ثَمانِيَةَ أحْوالٍ:
الحالَةُ الأُولى: أنْ يَتَّخِذَ المُسْلِمُ جَماعَةَ الكُفْرِ أوْ طائِفَتَهُ، أوْلِياءَ لَهُ في باطِنِ أمْرِهِ، مَيْلًا إلى كُفْرِهِمْ، ونِواءً لِأهْلِ الإسْلامِ، وهَذِهِ الحالَةُ كُفْرٌ، وهي حالُ المُنافِقِينَ، وفي حَدِيثِ عِتْبانَ بْنِ مالِكٍ: «أنَّ قائِلًا قالَ في مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (أيْنَ مالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ) فَقالَ آخَرُ: ذَلِكَ مُنافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولَهُ. فَقالَ النَّبِيءُ ﷺ: لا تَقُلْ ذَلِكَ أما سَمِعْتَهُ يَقُولُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللَّهِ ؟ فَقالَ القائِلُ (p-٢١٨)اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ فَإنّا نَرى وجْهَهُ ونَصِيحَتَهُ إلى المُنافِقِينَ» . فَجَعَلَ هَذا الرَّجُلُ الِانْحِيازَ إلى المُنافِقِينَ عَلامَةً عَلى النِّفاقِ لَوْلا شَهادَةُ الرَّسُولِ لِمالِكٍ بِالإيمانِ، أيْ في قَلْبِهِ مَعَ إظْهارِهِ بِشَهادَةِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
الحالَةُ الثّانِيَةُ: الرُّكُونُ إلى طَوائِفِ الكُفْرِ ومُظاهَرَتُهم لِأجْلِ قَرابَةٍ ومَحَبَّةٍ دُونَ المَيْلِ إلى دِينِهِمْ، في وقْتٍ يَكُونُ فِيهِ الكُفّارُ مُتَجاهِرِينَ بِعَداوَةِ المُسْلِمِينَ، والِاسْتِهْزاءِ بِهِمْ وأذاهم كَما كانَ مُعْظَمُ أحْوالِ الكُفّارِ، عِنْدَ ظُهُورِ الإسْلامِ مَعَ عَدَمِ الِانْقِطاعِ عَنْ مَوَدَّةِ المُسْلِمِينَ، وهَذِهِ حالَةٌ لا تُوجِبُ كُفْرَ صاحِبِها، إلّا أنَّ ارْتِكابَها إثْمٌ عَظِيمٌ، لِأنَّ صاحِبَها يُوشِكُ أنْ يُوالِيَهم عَلى مَضَرَّةِ الإسْلامِ، عَلى أنَّهُ مِنَ الواجِبِ إظْهارُ الحَمِيَّةِ لِلْإسْلامِ، والغَيْرَةِ عَلَيْهِ، كَما قالَ العَتّابِيُّ:
؎تَوَدُّ عَدُوِّي ثُمَّ تَـزْعُـمُ أنَّـنِـي ∗∗∗ صَدِيقُكَ إنَّ الرَّأْيَ عَنْكَ لَعازِبُ
وفِي مِثْلِها نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: (﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُؤًا ولَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ أوْلِياءَ﴾ [المائدة: ٥٧]) قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: كانَتْ كُفّارُ قُرَيْشٍ مِنَ المُسْتَهْزِئِينَ، وفي مِثْلِ ذَلِكَ ورَدَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكم في الدِّينِ وأخْرَجُوكم مِن دِيارِكُمْ﴾ [الممتحنة: ٩] الآيَةَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِن دُونِكم لا يَأْلُونَكم خَبالًا﴾ [آل عمران: ١١٨] الآيَةَ، نَزَلَتْ في قَوْمٍ كانَ بَيْنَهم وبَيْنَ اليَهُودِ، جِوارٌ وحِلْفٌ في الجاهِلِيَّةِ، فَدامُوا عَلَيْهِ في الإسْلامِ فَكانُوا يَأْنَسُونَ بِهِمْ ويَسْتَنِيمُونَ إلَيْهِمْ، ومِنهم أصْحابُ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، وأبِي رافِعِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وكانا يُؤْذِيانِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ .
الحالَةُ الثّالِثَةُ: كَذَلِكَ، بِدُونِ أنْ يَكُونَ طَوائِفُ الكُفّارِ مُتَجاهِرِينَ بِبُغْضِ المُسْلِمِينَ ولا بِأذاهم، كَما كانَ نَصارى العَرَبِ عِنْدَ ظُهُورِ الإسْلامِ، قالَ تَعالى: ﴿ولَتَجِدَنَّ أقْرَبَهم مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إنّا نَصارى﴾ [المائدة: ٨٢] وكَذَلِكَ كانَ حالُ الحَبَشَةِ فَإنَّهم حَمَوُا المُؤْمِنِينَ، وآوَوْهم، قالَ الفَخْرُ: وهَذِهِ واسِطَةٌ، وهي لا تُوجِبُ الكُفْرَ، إلّا أنَّهُ مَنهِيٌّ عَنْهُ، إذْ قَدْ يَجُرُّ إلى اسْتِحْسانِ ما هم عَلَيْهِ وانْطِلاءِ مَكائِدِهِمْ عَلى المُسْلِمِينَ.
الحالَةُ الرّابِعَةُ: مُوالاةُ طائِفَةٍ مِنَ الكُفّارِ لِأجْلِ الإضْرارِ بِطائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ مِثْلَ الِانْتِصارِ بِالكُفّارِ عَلى جَماعَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، وهَذِهِ الحالَةُ أحْكامُها مُتَفاوِتَةٌ، فَقَدْ قالَ (p-٢١٩)مالِكٌ في الجاسُوسِ يَتَجَسَّسُ لِلْكُفّارِ عَلى المُسْلِمِينَ: إنَّهُ يُوكَلُ إلى اجْتِهادِ الإمامِ، وهو الصَّوابُ؛ لِأنَّ التَّجَسُّسَ يَخْتَلِفُ المَقْصِدُ مِنهُ إذْ قَدْ يَفْعَلُهُ المُسْلِمُ غُرُورًا، ويَفْعَلُهُ طَمَعًا، وقَدْ يَكُونُ عَلى سَبِيلِ الفَلْتَةِ، وقَدْ يَكُونُ لَهُ دَأْبًا وعادَةً، وقالَ ابْنُ القاسِمِ: ذَلِكَ زَنْدَقَةٌ لا تَوْبَةَ فِيهِ، أيْ لا يُسْتَتابُ ويُقْتَلُ كالزِّنْدِيقِ، وهو الَّذِي يُظْهِرُ الإسْلامَ ويُسِرُّ الكُفْرَ، إذا اطُّلِعَ عَلَيْهِ، وقالَ ابْنُ وهْبٍ: رِدَّةٌ ويُسْتَتابُ، وهُما قَوْلانِ ضَعِيفانِ مِن جِهَةِ النَّظَرِ.
وقَدِ اسْتَعانَ المُعْتَمِدُ ابْنُ عَبّادٍ صاحِبُ إشْبِيلِيَةَ بِالجَلالِقَةِ عَلى المُرابِطِينَ اللَّمْتُونِيِّينَ، فَيُقالُ: إنَّ فُقَهاءَ الأنْدَلُسِ أفْتَوْا أمِيرَ المُسْلِمِينَ عَلِيَّ بْنَ يُوسُفَ بْنِ تاشَفِينَ، بِكُفْرِ ابْنِ عَبّادٍ، فَكانَتْ سَبَبَ اعْتِقالِهِ ولَمْ يَقْتُلْهُ ولَمْ يُنْقَلْ أنَّهُ اسْتَتابَهُ.
الحالَةُ الخامِسَةُ: أنْ يَتَّخِذَ المُؤْمِنُونَ طائِفَةً مِنَ الكُفّارِ أوْلِياءَ لِنَصْرِ المُسْلِمِينَ عَلى أعْدائِهِمْ، في حِينِ إظْهارِ أُولَئِكَ الكُفّارِ مَحَبَّةَ المُسْلِمِينَ وعَرْضِهِمُ النُّصْرَةَ لَهم، وهَذِهِ قَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ في حُكْمِها: فَفي المُدَوَّنَةِ قالَ ابْنُ القاسِمِ: لا يُسْتَعانُ بِالمُشْرِكِينَ في القِتالِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكافِرٍ تَبِعَهُ يَوْمَ خُرُوجِهِ إلى بَدْرٍ «ارْجِعْ فَلَنْ أسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ورَوى أبُو الفَرَجِ، وعَبْدُ المَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: أنَّ مالِكًا قالَ: لا بَأْسَ بِالِاسْتِعانَةِ بِهِمْ عِنْدَ الحاجَةِ، قالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وحَدِيثُ لَنْ أسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ مُخْتَلَفٌ في سَنَدِهِ، وقالَ جَماعَةٌ: هو مَنسُوخٌ، قالَ عِياضٌ: حَمَلَهُ بَعْضُ عُلَمائِنا عَلى أنَّهُ كانَ في وقْتٍ خاصٍّ واحْتَجَّ هَؤُلاءِ بِغَزْوِ صَفْوانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ النَّبِيءِ ﷺ في حُنَيْنٍ، وفي غَزْوَةِ الطّائِفِ، وهو يَوْمَئِذٍ غَيْرُ مُسْلِمٍ، واحْتَجُّوا أيْضًا بِأنَّ النَّبِيءَ ﷺ لَمّا بَلَغَهُ أنَّ أبا سُفْيانَ يَجْمَعُ الجُمُوعَ لِيَوْمِ أُحُدٍ قالَ لِبَنِي النَّضِيرِ مِنَ اليَهُودِ «إنّا وأنْتُمْ أهْلُ كِتابٍ وإنَّ لِأهْلِ الكِتابِ عَلى أهْلِ الكِتابِ النَّصْرَ، فَإمّا قاتَلْتُمْ مَعَنا، وإلّا أعَرْتُمُونا السِّلاحَ» وإلى هَذا ذَهَبَ أبُو حَنِيفَةَ، والشّافِعِيُّ، واللَّيْثُ، والأوْزاعِيُّ، ومِن أصْحابِنا مَن قالَ: لا نَطْلُبُ مِنهُمُ المَعُونَةَ، وإذا اسْتَأْذَنُونا لا نَأْذَنُ لَهم: لِأنَّ الإذْنَ كالطَّلَبِ، ولَكِنْ إذا خَرَجُوا مَعَنا مِن تِلْقاءِ أنْفُسِهِمْ لَمْ نَمْنَعْهم، ورامَ بِهَذا الوَجْهِ التَّوْفِيقَ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ القاسِمِ ورِوايَةِ أبِي الفَرَجِ، قالَهُ ابْنُ رُشْدٍ في البَيانِ مِن كِتابِ الجِهادِ، ونَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنِ الطَّحاوِيِّ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ: أنَّهُ أجازَ الِاسْتِعانَةَ بِأهْلِ الكِتابِ دُونَ المُشْرِكِينَ، قالَ ابْنُ رُشْدٍ: وهَذا لا وجْهَ لَهُ، وعَنْ أصْبَغَ المَنعُ مُطْلَقًا بِلا تَأْوِيلٍ.
(p-٢٢٠)الحالَةُ السّادِسَةُ: أنْ يَتَّخِذَ واحِدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ واحِدًا مِنَ الكافِرِينَ بِعَيْنِهِ ولِيًّا لَهُ، في حُسْنِ المُعاشَرَةِ أوْ لِقَرابَةٍ، لِكَمالٍ فِيهِ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ، مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ في ذَلِكَ إضْرارٌ بِالمُسْلِمِينَ، وذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، فَقَدْ قالَ تَعالى في الأبَوَيْنِ: ﴿وإنْ جاهَداكَ عَلى أنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥] واسْتَأْذَنَتْ أسْماءُ النَّبِيءَ ﷺ في بِرِّ والِدَتِها وصِلَتِها، وهي كافِرَةٌ، فَقالَ لَها: «صِلِي أُمَّكِ» وفي هَذا المَعْنى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكم مِن دِيارِكم أنْ تَبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ﴾ [الممتحنة: ٨] قِيلَ نَزَلَتْ في والِدَةِ أسْماءَ، وقِيلَ في طَوائِفَ مِن مُشْرِكِي مَكَّةَ: وهم كِنانَةُ، وخُزاعَةُ، ومُزَيْنَةُ، وبَنُو الحارْثِ بْنِ كَعْبٍ، كانُوا يَوَدُّونَ انْتِصارَ المُسْلِمِينَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ. وعَنْ مالِكٍ تَجُوزُ تَعْزِيَةُ الكافِرِ بِمَن يَمُوتُ لَهُ. وكانَ النَّبِيءُ ﷺ يَرْتاحُ لِلْأخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ الثَّقَفِيِّ، لِما يُبْدِيهِ مِن مَحَبَّةِ النَّبِيءِ، والتَّرَدُّدِ عَلَيْهِ، وقَدْ نَفَعَهم يَوْمَ الطّائِفِ إذْ صَرَفَ بَنِي زُهْرَةَ، وكانُوا ثَلاثَمِائَةِ فارِسٍ، عَنْ قِتالِ المُسْلِمِينَ، وخَنَسَ بِهِمْ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [البقرة: ٢٠٤] الآيَةَ.
الحالَةُ السّابِعَةُ: حالَةُ المُعامَلاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ: كالتِّجاراتِ، والعُهُودِ، والمُصالَحاتِ، أحْكامُها مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلافِ الأحْوالِ وتَفاصِيلُها في الفِقْهِ.
الحالَةُ الثّامِنَةُ: حالَةُ إظْهارِ المُوالاةِ لَهم لِاتِّقاءِ الضُّرِّ وهَذِهِ هي المُشارُ إلَيْها بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلّا أنْ تَتَّقُوا مِنهم تُقاةً﴾ .
والِاسْتِثْناءُ في ﴿إلّا أنْ تَتَّقُوا﴾ مُنْقَطِعٌ ناشِئٌ عَنْ جُمْلَةِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ في شَيْءٍ؛ لِأنَّ الِاتِّقاءَ لَيْسَ مِمّا تَضَمَّنَهُ اسْمُ الإشارَةِ، لَكِنَّهُ أشْبَهَ الوَلايَةَ في المُعامَلَةِ.
والِاتِّقاءُ: تَجَنُّبُ المَكْرُوهِ، وتَعْدِيَتُهُ بِحَرْفِ ”مِن“ إمّا لِأنَّ الِاتِّقاءَ تَسَتُّرٌ فَعُدِّيَ بِـ ”مِن“ كَما يُعَدّى فِعْلُ ”تَسَتَّرَ“، وإمّا لِتَضْمِينِهِ مَعْنى تَخافُوا.
وتُقاةً قَرَأهُ الجُمْهُورُ: بِضَمِّ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ وفَتْحِ القافِ بَعْدَها ألِفٌ، وهو اسْمُ مَصْدَرِ الِاتِّقاءِ، وأصْلُهُ ”وُقْيَةٌ“ فَحُذِفَتِ الواوُ الَّتِي هي فاءُ الكَلِمَةِ تَبَعًا لِفِعْلِ ”اتَّقى“ إذْ قُلِبَتْ واوُهُ تاءً لِيَتَأتّى إدْغامُها في تاءِ الِافْتِعالِ، ثُمَّ أتْبَعُوا ذَلِكَ بِاسْمِ مَصْدَرِهِ كالتُّجاةِ (p-٢٢١)والتُّكْلَةِ والتُّوءَدَةِ والتُّخْمَةِ؛ إذْ لا وجْهَ لِإبْدالِ الفاءِ تاءً في مِثْلِ ”تُقاةٍ“ إلّا هَذا. وشَذَّ تُراثٌ. يَدُلُّ لِهَذا المَقْصِدِ قَوْلُ الجَوْهَرِيِّ: وقَوْلُهم تُجاهَكَ بُنِيَ عَلى قَوْلِهِمُ اتَّجَهَ لَهم رَأْيٌ. وفي اللِّسانِ في تُخْمَةٍ (لِأنَّهم تَوَهَّمُوا التّاءَ أصْلِيَّةً لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمالِ) ويَدُلُّ لِذَلِكَ أيْضًا قَرْنُ هَذِهِ الأسْماءِ مَعَ أفْعالِها في نَحْوِ هَذِهِ الآيَةِ، ونَحْوِ قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢] وقَرَأهُ يَعْقُوبُ بِفَتْحِ الفَوْقِيَّةِ وكَسْرِ القافِ وفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ.
وفائِدَةُ التَّأْكِيدِ بِالمَفْعُولِ المُطْلَقِ هُنا: الإشارَةُ إلى تَحَقُّقِ كَوْنِ الحالَةِ حالَةَ تَقِيَّةٍ، وهَذِهِ التَّقِيَّةُ مِثْلُ الحالِ الَّتِي كانَ عَلَيْها المُسْتَضْعَفُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِلْهِجْرَةِ، قالَ تَعالى: ﴿إلّا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ﴾ [النحل: ١٠٦] ومِثْلُ الحالَةِ الَّتِي لَقِيَها مُسْلِمُو الأنْدَلُسِ حِينَ أكْرَهَهُمُ النَّصارى عَلى الكُفْرِ فَتَظاهَرُوا بِهِ إلى أنْ تَمَكَّنَتْ طَوائِفُ مِنهم مِنَ الفِرارِ، وطَوائِفُ مِنِ اسْتِئْذانِ الكُفّارِ في الهِجْرَةِ إلى بِلادِ الإسْلامِ فَأذِنَ لَهُمُ العَدُوُّ، وكَذَلِكَ يَجِبُ أنْ تَكُونَ التُّقاةُ غَيْرَ دائِمَةٍ لِأنَّها إذا طالَتْ دَخَلَ الكُفْرُ في الذَّرارِي.
وقَوْلُهُ: ﴿ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ تَحْذِيرٌ مِنَ المُخالَفَةِ ومِنَ التَّساهُلِ في دَعْوى التَّقِيَّةِ واسْتِمْرارِها أوْ طُولِ زَمانِها.
وانْتِصابُ ”نَفْسَهُ“ عَلى نَزْعِ الخافِضِ، وأصْلُهُ ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ مِن نَفْسِهِ وهَذا النَّزْعُ هو أصْلُ انْتِصابِ الِاسْمَيْنِ في بابِ التَّحْذِيرِ في قَوْلِهِمْ إيّاكَ الأسَدَ، وأصْلُهُ أُحَذِّرُكَ مِنَ الأسَدِ. وقَدْ جُعِلَ التَّحْذِيرُ هُنا مِن نَفْسِ اللَّهِ أيْ ذاتِهِ لِيَكُونَ أعَمَّ في الأحْوالِ، لِأنَّهُ لَوْ قِيلَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ غَضَبَهُ لَتُوُهِّمَ أنَّ لِلَّهِ رِضًا لا يَضُرُّ مَعَهُ تَعَمُّدُ مُخالَفَةِ أوامِرِهِ، والعَرَبُ إذا أرادَتْ تَعْمِيمَ أحْوالِ الذّاتِ عَلَّقَتِ الحُكْمَ بِالذّاتِ؛ كَقَوْلِهِمْ: لَوْلا فُلانٌ لَهَلَكَ فُلانٌ، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ﴾ [الفتح: ٢٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿لَعَذَّبْنا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهم عَذابًا ألِيمًا﴾ [الفتح: ٢٥] ومِن هَذا القَبِيلِ تَعْلِيقُ شَرْطِ ”لَوْلا“ عَلى الوُجُودِ المُطْلَقِ الَّذِي سَوَّغَ حَذْفَ الخَبَرِ بَعْدَ ”لَوْلا“ .
وسَيَجِيءُ الكَلامُ عَلى صِحَّةِ إطْلاقِ النَّفْسِ مُضافًا إلى اللَّهِ تَعالى في سُورَةِ العُقُودِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تَعْلَمُ ما في نَفْسِي ولا أعْلَمُ ما في نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦] .
وهَذا إعْذارٌ ومَوْعِظَةٌ وتَهْدِيدٌ بِالعِقابِ عَلى مُخالَفَةِ ما نَهاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ.
(p-٢٢٢)والمَصِيرُ: هو الرُّجُوعُ، وأُرِيدَ بِهِ البَعْثُ بَعْدَ المَوْتِ وقَدْ عَلِمَ مُثْبِتُو البَعْثِ أنَّهُ لا يَكُونُ إلّا إلى اللَّهِ، فالتَّقْدِيمُ في قَوْلِهِ: وإلى اللَّهِ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمامِ، وهَذا تَعْرِيضٌ بِالوَعِيدِ أكَّدَ بِهِ صَرِيحَ التَّهْدِيدِ الَّذِي قَبْلَهُ.
{"ayah":"لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق