الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ﴾ قال ابن عباس [[قوله، في "تفسير الطبري" 3/ 228، "تفسير الثعلبي" 3/ 34 أ، "أسباب النزول" للواحدي ص104، "تفسير البغوي" 2/ 25، "زاد المسير" 1/ 371، "لباب النقول" للسيوطي 52.]]: نزلت الآية في قوم من المؤمنين، كانوا [[(كانوا): ساقطة من (ج).]] يباطنون اليهود ويوالونهم [[في (أ)، (ب)، (ج): (يتوالونهم)، والمثبت من (د). وتفسير (الوسيط) للمؤلف (تح: بالطيور): 187.]].
وقال المُقاتِلان [[في (أ)، (ب)، (د): (مقاتلان). والمثبت من (ج) وهو الصواب؛ لموافقة لما في "تفسير الثعلبي" 3/ 34 أ، والمقاتلان؛ هما: مقاتل بن سليمان، ومقاتل بن حيان، وقد أخرج لهما الثعلبي في "تفسيره" وجعلهما من مصادره. انظر: "تفسيره" 1/ 7 ب، وقول مقاتل بن سليمان في تفسيره 1/ 270. ويبدو أن الواحدي نقل القول عنهما من "تفيسر الثعلبي" 34 أ، وقد أورد البغوي في "تفسيره" 2/ 25 قولَ مقاتل، ولم يُعَيِّن مَنْ منهما. ونَصَّ على وروده عنهما ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 371، وقال: (هذا قول المقَاتِلَيْن: ابنِ سُليمان، وابن حَيان).]]: نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعَة [[هو: حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو اللَّخمي، صحابي، أصله من اليمن، وكان حليفًا للزبير، شهد بدرًا، وهو الذي كاتب أهل مكة يخبرهم بتجهز رسول الله ﷺ لغزوهم، مُريدًا بذلك أن يتخذ عند الكفار يدا يحمي بها أهله الذين في مكة، حيث لا عشيرة له بها تحميهم، وقد قبل النبي ﷺ عذره. وقد أنزل الله فيه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: 1]، توفي سنة (30هـ). انظر: "صحيح البخاري" 8/ 633. كتاب التفسير. سورة الممتحنة، "الاستيعاب" 1/ 374، "الإصابة" 1/ 300.]]، وغيره ممن كانوا يوالون كفار مكة.
قال الفرَّاء [[في "معاني القرآن" له 1/ 205 نقله عنه بالمعنى.]]: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾: نهيٌ؛ فجُزم على ذلك. ولو رُفِع على الخبر كقراءة من قرأ: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [[وهي قراءة: ابن كثير، وأبي عمرو، وقرأ الباقون: ﴿تُضَارَّ﴾، بفتح الرَّاء المشددة. انظر: "الحجة" لابن زنجلة: 136، "اتحاف فضلاء البشر" 1/ 440. والقراءة بجزم ﴿لاَ يَتَّخِذِ﴾، قراءة الجمهور، وقرأ المفضل الضبِّي برفع الذال، وأجاز الكسائي الرفعَ على الخبر، والمراد به النهي. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس: 1/ 320، "التبيان" للعكبري: 1/ 183، "البحر المحيط" 1/ 422.]] [البقرة: 233] جازَ.
قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 395، نقله عنه نصًّا.]]: ويكون المعنى على الرفع: أنه من كان مؤمنًا، فلا بنبغي أنْ يتَّخذَ الكافرَ وَلِيًّا؛ لأن وَلِيَّ الكافرِ راضٍ بِكُفْرِهِ، فهو كافر، وقد ذكرنا معنى (الوليَّ) و (المولى) فيما تقدم.
ومعنى (الأولياء) ههنا: الأنصار، والأعوان، أو [[(أو): ساقطة من (ج). وفي (د)، (و).]] الذين يوالونهم ويلاطفونهم بالمحبَّةِ والقُرْبَةِ.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. (مِنْ) ههنا معناه: ابتداء الغاية، على تقدير [[(تقدير): ساقطة من (ب).]]: لا تجعلوا ابتداء الولاية مكاناً دون المؤمنين [[والتقدير بعبارة أوضح: لا تجعلوا ابتداء الولاية من مكان دون مكان المؤمنين. وكون (مِن) لابتداء الغاية، هو الوجه الأظهر، والوجه الآخر: أن (مِن) في موضع نصب، صفة للأولياء. وقال سليمان الجمل: (إنها في محل الحال من الفاعل). انظر: "التبيان" للعكبري 1/ 183، "البحر المحيط" 2/ 423، "الدر المصون" 3/ 107، "الفتوحات الإلهية" للجمل 1/ 258.]]. وهذا [[من قوله: (وهذا ..) إلى (.. مكان المؤمنين): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج: 1/ 396 مع اختلافٍ يسير جدًّا بين النصين.]] كلام جرى على المثل في المكان، وهو كما تقول: (زيدٌ دونك)؛ لست تريد: أنَّه في موضعٍ مُسْتَفِلٍ [[(مستفل): وردت في "معاني القرآن" مستقل، وما أورده المؤلف هنا هو الصواب؛ لمناسبتها لسياق الكلام. و (التَّسفُّلُ)، نقيض التَّعلِّي، انظر: "التاج" 14/ 347 (سفل).]]، وأنك في موضع مرتفع، ولكن جعلت الشَّرف بمنزلة الارتفاع في المكان، وجعلت الخِسَّةَ كالاستفال [[كالاستفال: وردت في "معاني القرآن" (كالاستقبال)؛ ولا وجه لها، والصواب ما أثبته المؤلفُ.]] في المكان.
والمعنى [[في (ج): (فالمعنى)، وفي (د): (والمكانى).]]: أنَّ المكان المرتفع في باب الولاية: مكانُ المؤمنين، ومكان الكافرين الأدنى. فهذا معنى ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وتحقيق له.
والتأويل: أولياء من غير المؤمنين وسواهم؛ كقوله تعالى ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 23] أي: غير الله. وقد مرَّ.
وقد ثبت بهذه الآية تحريمُ موالاة الكافرين: والله تعالى قد قطع بيننا وبينهم أصلَ الموالاة.
قال ابن عباس في هذه الآية [[قوله، في "تفسير الطبري" 3/ 227، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 628، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 28ونسب إخراجه كذلك لابن المنذر. ونهاية قول ابن عباس إلى (.. الكفار)، أما الآيات القرآنية، فهي من إلحاق المؤلف الواحدي تفسيرًا لقول ابن عباس.]]: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفارَ في آيات كثيرة، منها قوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: 118] وقوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: 22]، وقوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [[وقال ابن عطية: (ولفظ الآية عام في جميع الأعصار)، وقال أبو حيان: (وظاهر الآية تقتضي النهي عن موالاتهم إلا ما فُسح لنا فيه من اتِّخاذهم عبيدًا، والاستعانة بهم استعانة العزيز بالذليل، والأرفع بالأوضع، والنكاح فيهم). "المحرر الوجيز" 3/ 71. وذكر سلميان الجمل أن ترك موالاة المؤمنين يصدق بصورتين: إما أن تقصر الموالاة على الكافرين، أو أن يُشرك بينهم وبين المؤمنين في الموالة، وكلا الصورتين داخلتان في منطوق النهي، فموالاة الكافرين ممنوعة، استقلالًا أو اشتراكًا مع المؤمنين. انظر: "الفتوحات الإلهية" 1/ 258. وانظر: "البحر المحيط" 2/ 422.]] [المائدة: 51].
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ أي: اتِّخاذ الأولياء منهم [[(اتخاذ الأولياء منهم): ساقط من (د).]].
﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾. أي: من دين الله، فحذف الدينَ اكتفاءً بالمضاف إليه، والمعنى: أنه قد برئ من الله، وفارق دينه، ثمَّ استثنى، فقال: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾. ذكرنا معنى الاتقاء وحقيقته في قوله: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2]. و (التُّقاة) ههنا مصدر، ووزنها: فُعَلَة، مثل: (تُخَمَة)، و (تُؤَدَة)، و (تُكَأَة)، و (تُهمَة). والتَّاء في كل هذا مبدلة من الواو [[انظر: "تفسير البسيط" (تح: د. الفوزان): 2/ 48، "كتاب سيبويه" 4/ 333، "سر صناعة الإعراب" 1/ 145 - 148، "شرح الشافية" 3/ 80 - 83، "الممتع في التصريف" 1/ 383. ومعنى (تُخمَة): ما يصيب الإنسان من الطعام، إذا استثقله ولم يستمرئه. وهي مأخوذة من: (الوَخامة). و (تُؤَدَة) بالتسكين والفتح: التأني والتمهل، واصلها: (وُأدَةٌ). و (تُكَأة): ما يُتَّكأ عليه، و (رجل تُكَأة): كثير الإتِّكاء، وأصلها: (وُكَأة). و (تُهَمَة): الظنُّ، أصلها: (الوُهَمَة)، من: الوهم، وهو: الظَّن. "اللسان" 8/ 4791 (وخم)، 8/ 4745 (وأد)، 8/ 4904 (وكأ)، 8/ 4933 (وهم).]]، ويقال [[من قوله: (ويقال ..) إلى نهاية بيت الشعر (.. احتقارًا): نقله بتصرف عن "تفسير الثعلبي" 3/ 34 ب.]]: (تَقَيْتُهُ تُقاةً، وتُقىً، وتَقِيَّةً، وتَقْوى). وإذا قلت [[في (ج): (قلبت).]]: (اتَّقَيت)، كان مصدره (الإتقاء) [[انظر: "إصلاح المنطق" 24، ومادة (وقى)، في "تهذيب اللغة" 4/ 3941، "الصحاح" 6/ 2527، "اللسان" 8/ 4901.]].
وإنما قال: (تتَّقوا)؛ من: الاتِّقاء، ثم قال: (تُقاةً)، ولم يقل: اتِّقاءً: لأن العرب قد تَذْكُر المصدرَ من غير لفظ الفعل، إذا كان ما ذُكِر من المصدر يوافق [[في (ج): (موافق).]] مصدر الفعل المذكور، فيقول: (التقيت فلاناً لقاءً حسناً)، قال القُطامي [[هو: عمير بن شُيَيْم التَّغْلبي، تقدمت ترجمته.]]: وليس بأنْ تتَّبعه اتِّباعا [[عجز بيت، وصدره:
وخير الأمر ما استقبلت منه
وهو في: "ديوانه" 35، "كتاب سيبويه" 4/ 82، "أدب الكاتب" 630، "الشعر والشعراء" 2/ 728، "المقتضب" 3/ 205، "الأصول في النحو" 3/ 134، "شرح المفضليات" لابن الأنباري 352، "الخصائص" 2/ 309، "الاقتضاب" 477، "شرح أدب الكاتب" 305، "أمالي ابن الشجري" 2/ 141، "وضح البرهان" 1/ 239، "شرح المفصل" 1/ 111، "خزانة الأدب" 2/ 369.
ومعنى البيت: أن خير الأمور ما تدبرته في أوله فعرفت إلام تنتهي عاقبته، وشر الأمور ما تُرك النظرُ في أوله، وتُتُبِّعت أواخرُه بالنظر. والشاهد فيه: أنه أتى بـ"اتِّباعًا" مصدرًا لـ"تتبع"، لأن معناهما واحد.]]
وقال أيضًا:
ولاح بجانب [[(د): (من جانب).]] الجبلين منه ... ركامٌ يَحْفِر التُّربَ [[(د): (الثوب).]] احتفارا [[لم أقف عليه في ديوان القطامي، وأورده الثعلبي في "تفسيره" 3/ 34 ب، ونسبه للقطامي، وبين أنه يصف غَيْثًا، وأورده أبو حيان في "البحر المحيط" 2/ 424.]]
وقال بعض النحويين [[لم أهتد إلى القائل، وقد ذكره أبو حيان في "البحر" 2/ 424، والحلبي في "الدر" 3/ 111 عند بيان نصب ﴿تقاه﴾ على الحال كما سيأتي.]]: (تقاة) اسم وضع موضع المصدر [[أي على تقدير: إلا أن تتقوا منهم اتقاءً، فيكون مفعولًا مطلقًا.]] كما يقال: (جَلَسَ جَلْسَةً)، و (رَكِبَ رِكْبَةً) [["جَلْسَة": اسم للمرَّة، و"جِلْسَة": اسم للهيئة، وهكذا "رِكْبة" و"رَكْبَة". يقول ابن مالك - في صياغة اسم المرَّة والهيئة من الثلاثي:
و"فَعْلَةٌ" لمرَّةٍ كجَلْسَهْ ... و"فِعْلَةٌ" لهيئة كجِلْسَهْ]]، وكما قال: وبَعْدَ عطائِكَ المائةَ الرِّتاعا [[عجز بيت، وصدره:
أكُفْرًا بعد ردِّ الموتِ عني
وهو للقطامي، في "ديوانه" 37، كما ورد في "الشعر والشعراء" 2/ 727، و"الخصائص" 2/ 221، و"الأصول في النحو" 1/ 149، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 396، و"اللسان" 8/ 163 (سمع)، 9/ 141 (زهف)، 15/ 69 (عطا)، 138 (غنا)، و"شرح شذور الذهب" 412، و"المقاصد النحوية" 3/ 505، 4/ 295، "منهج السالك" 2/ 288، و"شرح شواهد المغني" 2/ 849، و"الهمع" 3/ 103، "معاهد التنصيص" 1/ 179، و"التصريح" 2/ 64، "الخزانة" 8/ 136، 137، "الدرر" 1/ 161. والشاعر يمدح في البيت زُفَر بن الحارث الكِلاَبي، بعد أن مَنَّ عليه بإطلاق أساره من قبيلة قيس، التي كانت تنوي قتله، وأعطاه مائة من الإبل. وقوله: (أكفرًا) استفهام إنكاري؛ أي: لا أخونك بعد أن أنقذتني من الموت، وأعطيتني مائة من الإبل (الرِّتاع)؛ أي: الراعية. والشاهد فيه: إعمال اسم المصدر: وهو (عطاء) عملَ المصدر، وهو (إعطاء)، ولذا نصب به المفعول، وهو (المائة).]]
فأجراه مجْرَى الإعطاء [[اسم المصدر المأخوذ من حدث لغيره، كـ (الثواب، والكلام، والعطاء)، منع البصريون إعمالَه، إلَّا في الضرورة، وأجاز إعمالَه الكوفيُّون والبغداديُّون قياسًا؛ إلحاقًا له بالمصدر. واستثنى الكسائي إمام الكوفيين ثلاثةَ ألفاظ، هي: (الخبز) و (الدهن) و (القوت)، فإنها لا تعمل، فلا يقال: (عجبت من خبزكَ الخبزَ)، ولا (من دهنكَ رأسكَ)، ولا (من قوتِكَ عيالَكَ)، وأجاز ذلك الفرَّاءُ، لما حكاه عن العرب مثل: (أعجبني دهنَ زيدٍ لحيَتَه). انظر: "همع الهوامع" 2/ 94 - 95.]].
قال: ويجوز أن تجعل (تُقاة) ههنا مثل: (رُماة)، فتكون حالاً مؤكدة [[أي: إنَّ (تقاة) هنا جمعٌ، حالها حال (رُماة) التي مفردها: (رامٍ)، وإن لم يأت من (تقاة) لفظ (فاعل)؛ لأن (فُعَلَة) تأتي جمعًا لفاعل الوصف المعتل اللَّام. انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3940 (وقى)، "البحر المحيط" 2/ 424، "الدر المصون" 3/ 111، "التبيان" للعكبري: (184).]].
قال المفسرون [[من قوله: (قال المفسرون ..) إلى (.. عورة المسلمين): نقله بتصرف عن "تفسير الثعلبي" 3/ 35 أ.]]: هذا في المؤمن، إذا كان في قوم كفَّار، ليس فيهم غيره، وخافهم على نفسه وماله، فله أن يخالفهم [[في (د): (يحالفهم)، وفي "تفسير الثعلبي" (يتحالفهم)، وقد أثبَتُّ (يخالفهم)؛ لورودها في النسخ الثلاث، ولأنها تحتمل المخالفة القلبية، وإلا فإني أرجِّح أن تكون (يخالقهم)، بمعنى: يصانعهم، ويعاشرهم على أخلاقهم، وهكذا وردت عن مجاهد في تفسير الآية، حيث قال: (إلَّا مصانعة في الدنيا، ومُخالقة). انظر: "تفسير الطبري" 3/ 229، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 629.]]، ويُداريهم باللسان، وقلبه مطمئنٌ بالإيمان دفعا عن نفسه [[(دفعا عن نفسه): ساقط من: (ب).]]، من غير أن يَستحِلَّ مُحرَّماً؛ من: دمٍ، أو مالٍ، أو إطْلاع للكافرين على عَوْرة [[في (د): (عورات).]] المسلمين.
قال ابن عباس في هذه الآية [[الوارد عن ابن عباس في المصادر التي بين يدي ما يفيد هذا المعنى، وليس بهذا اللفظ. انظر: "تفسير الطبري" 3/ 228، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 229، "المستدرك" للحاكم 2/ 291، "الدر المنثور" 2/ 29.]]: يريد: مُدَاراةً ظاهرةً. والتقيَّة لا تحل إلاَّ مع خوف القتل. وهي رخصة من الله تعالى. ولو أفصح بالإيمان؛ حيث يجوز له التَقِيَّة، [فيُقْتَل لأجلِ إيمانِهِ] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في: (أ)، وهو مثبت من: (ب)، (ج)، (د).]]، كان ذلك فضيلةً له [[قال ابن العربي: (لا خلاف في ذلك) "أحكام القرآن" 3/ 1179، وانظر: "أحكام القرآن" للجصاص: 1/ 9، 3/ 192، "تفسير القرطبي" 10/ 188.]].
وظاهر الآية يدل على أن التقيَّة إنما تَحلُّ مع الكفار الغالبين، غير أن مذهب الشافعي رحمه الله: [أنَّ الحالةَ بين] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ)، وهو بياض في (ب)، والمثبت من (ج)، (د).]] المسلمين [[(المسلمين): مكانها بياض في: (ب).]]، إذا شاكلت [[(شاكلت): أي: شابهت، ووافقت. انظر: "القاموس" (1019) (شكل).]] الحالةَ بين المسلمين والمشركين، حَلَّت التقِيَّةُ، محاماةً عن المُهْجَةِ [[انظر: "أحكام القرآن" للكيا الهراسي: 2/ 285، 4/ 246، "الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية" للسيوطي: 206، "حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب" 2/ 390.]].
[وأمال] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في: (أ). وفي (ب)، (ج)، وأما المثبت من (د).]] الكسائي، وحمزة ﴿تُقَاةً﴾ ههنا [[انظر: "الحجة" للفارسي: 3/ 27، وقال: (وأمال حمزة منهم (تقاة) إشمامًا من غير مبالغة)، "حجة القراءات" لابن زنجلة: 159.]]. والقافُ حرفٌ مُسْتَعْلٍ [[الحروف المستعلية، هي: الخاء، والطاء، والظاء، والصاد، والضاد، والغين، والقاف. انظر: "الرعاية" لمكي 123، "التمهيد" لابن الجزري 90.]]، فالأحسن ترْكُ الإمالة مع القاف، كما لم يُميلوا (قادم). و (قاة) من (تقاة)، بمنزلة: (قادم).
وحُجَّة [[من قوله: (وحجة ..) إلى (.. أميلت التي في تقاة): نقله عن "الحجة" للفارسي: 3/ 30 - 31 بتصرف واختصار.]] من أمالَ: أنَّ سيبويه ذكر [[انظر: "كتاب سيبويه" 4/ 132، و 4/ 134.]]: أنَّ قوماً قد أمالوا مع المستعلي، ما لا ينبغي أن يُمال في القياس؛ وذلك قولهم: (رأيت غَرْقى) [[هكذا جاءت في جميع النسخ. والذي في "الحجة" للفارسي، "كتاب سيبويه" (عِرْقا) بالعين المكسورة، من: العِرقاة، وهي: أصل الشيء، وما يقوم عليه. وهي في الشَّجَر: أرُومُه الأوسط الذي تتشعب منه العروق. انظر: "اللسان" 5/ 2903 (عرق). أما (غَرقى)، فهي جمع: غريق. ويلاحظ أن سيبويه قد ذكر أن العلة في إمالة (عِرقا) هي وجود الكسرة في أولها، وليس ذاك في (غرقى). انظر: "كتاب سيبويه" 4/ 134، "الدر المصون" 3/ 112 - 113.]]. قال: وهو قليل. وأيضاً فإنهم قد أمالوا: (سَقى)، (وصَغى) [[(سقى)، (وصغى): ساقطتان من (د).]]؛ طلباً للياء التي الألِفُ في موضعها، فلمَّا أُميلت هذه الألِفُ مع المستعلي، كذلك أميلت [[(أميلت): ساقطة من (ج).]] التي في (تقاة).
وقوله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾. أي: يخوفكم الله على موالاة الكفار عذابَ نَفْسِهِ، وعقوبَتَه، فحذف المضاف، وهو قول ابن عباس [[لم أهتد إلى مصدر قوله، اللهم إلا ما ورد في "المحرر الوجيز" 3/ 77 من قوله هو والحسَنَ: (ويحذركم الله عقابه)، وانظر: "البحر المحيط" 2/ 425.]] و (النفس) عند العرب، عبارة عن: ذات الشيء ووجوده. يقولون: هذا نفس كلامك [[انظر (نفس) في "تهذيب اللغة" 4/ 3629.]]. وإلى هذا ذهب أهل المعاني.
قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 397، وانظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 384، "المحرر الوجيز" 3/ 76، "القاموس المحيط" (577).]]: معنى ﴿نَفْسَهُ﴾: إيَّاه، كأنه قال: ويحذركم الله إيَّاه. وقال بعضهم [[لم أهتد إلى هذا القائل.]]: النفس ههنا: تعود إلى اتِّخاذ الأولياء من الكفار؛ [أي] [[ما بين المعقوفين في (أ): غير واضح، وفي (ب): (أن)، والمثبت من (ج)، (د).]]: ينهاكم الله عن نفس هذا الفعل [[والآية من الأدلة على أن لله تعالى نفسًا، وهي صفة من صفاته العلية، تليق بكماله وجلاله سبحانه. انظر: "قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر" لصديق خان: 65.]].
{"ayah":"لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق