الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢)﴾ [آل عمران ١٧٩-١٨٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ إلى آخر الآية، الخطاب في هذه الآية لمن؟
* طالب: للنبي ﷺ.
* الشيخ: للنبي ﷺ، ولا تصح لكل من يتأتى خطابه؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لا، يصح، ما الذي يفيده هذا النهي؟
* طالب: يفيد بيان ما كان عليه النبي ﷺ من حزنه وحسرته وندمه على عدم إيمان الكفار.
* الشيخ: أحسنت؛ يعني يفيد حزن النبي عليه الصلاة والسلام على عدم إسلام هؤلاء الكفار، وعلى مسارعتهم في الكفر.
قوله: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ لماذا عدّى ﴿يُسَارِعُونَ﴾ بـ(في) مع أن المعروف أنها تعدى بـ(إلى)؟ المعروف أن سارع تتعدى بـ(إلى) مثل: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ فلماذا عُدّيت هنا بـ(في)؟
* طالب: قد يكون يا شيخ أنهم إذا وصلوا للكفر سارعوا فيه فازدادوا منه وهم كفار.
* الشيخ: إي، لكن كيف نخرّج أنها عُديت بـ(في) مع أنها تُعدى بـ(إلى)؟
* الطالب: ما يمكن المقصود أنهم إذا وصلوا للكفر سارعوا فيه فازدادوا منه وهم ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ أي: هم كفار ويزدادون كفرًا.
* الشيخ: ما هو بواضح، الظاهر أنك تريد معنى، لكن لم تصل إلى التعبير عنه.
* طالب: مر علينا في الدرس أن (في) بمعنى (إلى).
* الشيخ: (في) بمعنى (إلى)، أحسنت هذا وجه؛ الثاني؟
* طالب: معنى يسارعون يقعون.
* طالب آخر: شيخ، سبب المسارعة هو الدخول في الكفر.
* الشيخ: نعم، يعني إذنْ التضمين هنا بالفعل لا بالحرف؛ على المعنى الأول التضمين بالحرف ضُمّن معنى (إلى)، وعلى الثاني التضمين في الفعل. أيهما أفصح؟
* طالب: في الفعل أفصح.
* الشيخ: أفصح.
* الطالب: لأنه يتضمن المعنى وزائد..
* الشيخ: يتضمن المعنى وزيادة؛ هل لك أن تأتي بمثال سوى هذا يوضح الموضوع؟
* الطالب: قوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾.
* الشيخ: نعم، ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ يشرب تتعدى بأيش في الأصل؟
* الطالب: بـ(مِن)؟
* الشيخ: بـ(مِن)، وهنا عُدّيت بالباء؛ خرِّجها على الوجهين؟
* الطالب: عينٌ يُشرب منها.
* الشيخ: هذا وجه؛ يعني الباء ضُمنت معنى (مِن).
* الطالب: الثاني: تضمن بالفعل هو عين يروى ويشرب بها.
* الشيخ: منها.
* الطالب: عين.
* الشيخ: عينًا يشرب.
* الطالب: يشرب ويَرْوى بها.
* الشيخ: عينًا إي يروى بها. وإذا قلنا: يَرْوى بها فيتضمن الشرب؛ لأنه لا ريّ إلا بعد الشرب. واضح؟
* طالب: ما يحتاج إلى (...).
* الشيخ: ما يحتاج إلى (...). كيف نجمع بين قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ وبين قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾؟
* طالب: لا يستلزم من الضرر أن يكون فيه أذية، لا يستلزم من الأذية أن يكون فيها ضرر.
* الشيخ: لا يستلزم من الأذية أن يكون فيها ضرر، قد يتأذى الإنسان بشيء ولا يتضرر به؛ مثل؟
* الطالب: مثل الذين يستهزئون بالنبي عليه الصلاة والسلام.
* الشيخ: لا، لا، ما نريد مثالًا بالنسبة لله ورسوله، عادي طبيعي؟
* الطالب: قد يتكلم إنسان على الآخر، ولكن لا يضره، يؤذيه ولا يضره.
* الشيخ: يؤذيه بكلامه ولا يضره؛ طيب هذا معنوي، حسي؟ جلس إلى جنبك رجل آكل ثومًا.
* الطالب: قد أتأذى من الرائحة.
* الشيخ: لا، قد؟!!
* الطالب: أتأذى من الرائحة، ولكن لا يضرني شيء.
* الشيخ: ولكن لا يضر، صح. إذن الآن عندنا مثالان؛ معنوي يتكلم عليّ إنسان ويؤذيني بكلامه ولكن ما يضرني؛ يجلس إلى جنبي وهو آكل ثومًا أتأذى به، ولكن لا أتضرر؛ إذن لا يلزم من الأذية الضرر، وبهذا لا يكون هناك تعارض بين هذه الآية وبين قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. ما معنى: ﴿أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ﴾؟
* طالب: نصيبًا.
* الشيخ: نصيبًا، كلمة ﴿حَظًّا﴾ هنا هل هي للعموم ولَّا للخصوص؟
* طالب: للعموم.
* الشيخ: للعموم، بأي طريق كان العموم هنا؟
* الطالب: كيفيته تقصد من وجه..
* الشيخ: العموم له مواضع يعني طرق، فما هو طريق العموم هنا؟! أي: ما هو التركيب الذي استفدنا منه العموم؟
* طالب: يعني عموم أُريد به الخصوص.
* الشيخ: لا يا أخي.
* الطالب: لأنها نكرة جاءت في سياق النفي.
* الشيخ: لأنها نكرة جاءت في سياق النفي؛ والقاعدة؟ ما تعرفها؟
* طالب: أعرفها، ولكن السؤال ما فهمته.
* الشيخ: إي، ما فهمت السؤال يعني بأي طريق حصل العموم؟ واضح الطريق هو أنها نكرة جاءت في سياق النفي. ما معنى قوله: ﴿اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾؟
* طالب: استبدلوا الكفر بالإيمان.
* الشيخ: يعني أخذوا الكفر بديلًا عن الإيمان. يقول علماء البلاغة: إن في هذه الجملة مجاز بالاستعارة التصريحية التبعية أو الاستعارة المكنية، هل تعرف ذلك؟
* طالب: يعني في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾.
* الشيخ: إي نعم، يقول: هذه يجوز أن تجعلها استعارة تبعية أو استعارة مكنية؟ طبعًا أنا ما درّستكم إياها نشوف اللي عنده شيء من..
* طالب: (...) أجتهد؟
* الشيخ: اجتهد؛ إما أن تخطئ وإما أن تصيب.
* الطالب: الظاهر من قوله يا شيخ أحسن الله إليك أن الكفر لا يُشترى، ومع ذلك الله عز وجل قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾ فهذه استعارة؛ يعني كأنه وضع الكفر.
* الشيخ: شبّه.
* الطالب: شبّه الكفر بالشيء الذي يُشترى.
* الشيخ: بالسلعة تشترى، طيب فاستعار؟
* الطالب: فاستعار الكفر بدل الإيمان.
* الشيخ: لا، فحذف المشبّه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه؛ الظاهر ما عندكم علم بالبلاغة!!
* الطالب: استعارة مكنية يا شيخ؛ لأنه..
* الشيخ: إي، شبّه الكفر بالسلعة التي تُباع وتشترى وحذف المشبَّه به.
* الطالب: وأتى بالمشبَّه.
* الشيخ: إي نعم، لكن رمز إليه بشيء من لوازمه وهو الشراء. هذا على أنها مكنية؛ على أنها تصريحية تبعية؟
* طالب: حذف المشبّه وهو الكافر الذي اشترى.
* الشيخ: لا، التصريحية التبعية معناه أنها تُجرى الاستعارة بالفعل أو باسم الفاعل؛ يعني بالشيء المشترك؛ فهنا اشتروا بمعنى اختاروا، فشبّه الاختيار بالشراء، ثم اشتق من لفظ الشراء اشتروا على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية؛ عرفتم؟
في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾ إشكال نحوي؟
* طالب: أنه رفع خير.
* الشيخ: أنه رفع خير.
* الطالب: وهنا رُفعت لأنها خبر (أن).
* الشيخ: خبر (أن)، أين اسمها؟
* الطالب: الاسم الموصول (ما).
* الشيخ: الاسم الموصول (ما). هل الكتابة هنا في المصحف جارية على القواعد المعروفة الآن؟ غير جارية على القواعد؟ القاعدة المعروفة الآن..
* الطالب: أن نفصل (أن) عن (ما).
* الشيخ: أن نفصل (أن) عن (ما)؛ لأنها اسم موصول، وهنا كتابتها كأنها أداة حصر. إي، أحسنت. ما معنى الإملاء ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾؟ وأيش معنى نملي لهم؟
* طالب: نستدرجهم.
* الشيخ: أملى له.
* الطالب: نمهله.
* الشيخ: نمهله؛ ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾ نمهلهم. اللام في قوله تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ هل هي للتعليل أو للعاقبة؟
* طالب: للتعليل.
* الشيخ: التعليل؛ يعني أن الله أمهلهم من أجل زيادة الإثم، فيكون الله تعالى قد أراد بهم شرًّا.
* طالب: اللام للتعليل، الله سبحانه وتعالى أملى لهم حتى يزدادوا إثمًا فهي للتعليل، أو أنها للعاقبة بمعنى أنهم لم يكفروا حتى يزدادوا إثمًا، وإنما الكفر كان (...) سببًا لزيادة الإثم. يعني وجهين.
* الشيخ: يعني باعتبار فعل الله يجوز أن نجعلها للتعليل؛ وباعتبار فعلهم هم ما هم عليه تكون للعاقبة ولا بد؛ لأنهم هم لا يحبون أن تطول أعمارهم لأجل أن يزدادوا إثمًا، لكن الله عز وجل قد يحب ذلك لحكمة تقتضي هذا..
فحذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه..
* طالب: الاسم فيه استعارة مكنية يا شيخ.
* الشيخ: إي، شبّه الكفر بالسلعة التي تباع وتشترى، وحذف المشبه به.
* الطالب: وأتى بالمشبه.
* الشيخ: إي نعم، لكن رمز إليه بشيء من لوازمه وهو الشراء. طيب هذا على أنها مكنيّة، على أنها تصريحيّة تبعية؟
* طالب: حذف المشبه وهو الكافر الذي اشترى.
* الشيخ: لا، التصريحية التبعية معناها أنها تُجرى الاستعارة بالفعل أو باسم الفاعل؛ يعني بالشيء المشترك، فهنا ﴿اشْتَرَوُا﴾ بمعنى اختاروا، فشبّه الاختيار بالشراء، ثم اشتق من لفظ الشراء ﴿اشْتَرَوُا﴾ على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، عرفتم؟
في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران ١٧٨] إشكال نحوي؟
* طالب: أنه رفع ﴿خَيْرٌ﴾.
* الشيخ: أنه رفع ﴿خَيْرٌ﴾.
* الطالب: و(ما) اسم موصول.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: وهنا رفعت؛ لأنها خبر (أن).
* الشيخ: خبر (أن)، أين اسمها؟
* الطالب: الاسم الموصول (ما).
* الشيخ: الاسم الموصول (ما). هل الكتابة هنا في المصحف جارية على القواعد المعروفة الآن؟
* الطالب: غير جارية.
* الشيخ: غير جارية على القواعد. القاعدة المعروفة الآن أن..
* الطالب: نفصل (أن) عن (ما).
* الشيخ: أن نفصل (أن) عن (ما)؛ لأنها اسم موصول، وهنا كتابتها كأنها أداة حصر. إي، أحسنت، ما معنى الإملاء؟ ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾ [آل عمران ١٧٨] ويش معنى ﴿نُمْلِي لَهُمْ﴾؟
* الطالب: نستدرجهم.
* الشيخ: أملى له: نمهله. ﴿أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾ نمهلهم، اللام في قوله تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ [آل عمران ١٧٨] هل هي للتعليل أو للعاقبة؟
* طالب: للتعليل يا شيخ.
* الشيخ: للتعليل؛ يعني أن الله أمهلهم من أجل زيادة الإثم، فيكون الله تعالى قد أراد بهم شرًّا.
* طالب: هنا للتعليل، الله سبحانه وتعالى أملى لهم حتى يزدادوا إثمًا، هذا التعليل، أو أنها للعاقبة مع أنهم لم يكفروا حتى يزدادوا إثمًا، وإنما الكفر كان.. كان سببًا في زيادة الكفر، يعني وجهان.
* الشيخ: يعني باعتبار فعل الله يجوز أن نجعلها للتعليل؛ وباعتبار فعلهم هم ما هم عليه تكون للعاقبة ولا بد؛ لأنهم لا يحبون أن تطول أعمارهم لأجل أن يزدادوا إثمًا، لكن الله عز وجل قد يحب ذلك لحكمة تقتضي هذا.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [آل عمران ١٧٩]، ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ﴾ ﴿مَا﴾ نافية و﴿كَانَ﴾ فعل ماضٍ ناقص؛ واللام يسمونها لام الجحود؛ يعني لام النفي، وهي التي تأتي بعد كون منفي؛ إما (ما كان) وإما (لم يكن)، مثالها في (ما كان) هذه الآية: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ﴾ ومثالها في (لم يكن): ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ [النساء ١٣٧]؛ وسُميت لام الجحود، والجحود هو النفي؛ لأنها واقعة في سياق النفي؛ أين النفي؟ لم يكن أو ما كان؛ وهي تنصب الفعل المضارع إما بنفسها كما هو اختيار الكوفي أو بـ(أن) مضمرة وجوبًا كما هو اختيار البصري.
وقوله: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ﴾ يعني أن هذا ممتنع غاية الامتناع؛ إذا جاء مثل هذا التعبير في القرآن فإنه يعني الامتناع؛ أنه ممتنع على الله عز وجل غاية الامتناع أن يفعل كذا؛ وهذا الامتناع ليس امتناعًا لعدم القدرة عليه فهو قادر، لكنه امتناع شرعي؛ أي: يمتنع بحسب ما تقتضيه حكمته أن يترك المؤمنين على ما هم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب.
وقوله: ﴿لِيَذَرَ﴾ أي: ليترك. وقوله: ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني الذين آمنوا بالله؛ على ما هم عليه بدون تمييز بين الخبيث والطيب، هذا مستحيل على الله.
وقوله: ﴿عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ أي: من غير بيان؛ وذلك لأن المجتمع النبوي في عهد النبي ﷺ خليط بين المنافقين الخلّص والكافرين الخلّص والمنافقين؛ أما الكافرون الخلّص فهم متميزون؛ بماذا؟ بإعلانهم بالكفر وتصريحهم به، ولا تخفى حالهم على أحد؛ وأما المؤمنون الخلّص فكذلك، أمرهم واضح ظاهر؛ يبقى الآن الاشتباه بين المؤمن الخالص وبين المنافق؛ لأن المنافقين يظهرون الإيمان وأنهم معهم: ﴿إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾ [البقرة ١٤]، فإذن يحتاج أن يميز الله عز وجل بين الخبيث والطيب؛ ولهذا قال: ﴿عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ يعني من الخفاء والإشكال.
﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ ﴿يَمِيزَ﴾ بمعنى يفصل؛ يعني يفصل بين الخبيث والطيّب بما يخبر به عز وجل؛ فإذا كان الأمر كذلك قال: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾؛ يعني وما كان الله ليطلعكم على الغيب في تمييز الطيب من الخبيث؛ فأنتم لا تعلمون ما في صدورهم؛ أي: ما في صدور هؤلاء الخبثاء المنافقين؛ لأنكم لا تعلمون الغيب، والله عز وجل ما كان ليطلعكم على الغيب؛ وهذه الآية مقيّدة بآية الجن: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)﴾ [الجن ٢٦، ٢٧]. أقول: هذه الآية تشبه تمامًا آية الجن، ولهذا قال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. هذا استدراك على قوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ فإن هذا الخطاب عام حتى النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه استدرك فقال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ ﴿يَجْتَبِي﴾ يعني يختار من رسله من يشاء، فيطلعه على الغيب الذي يريد أن يطلعه عليه، كما قال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾.
﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. الآن هذه القطعة والجملة من الآية تصوّر لنا حال المجتمع النبوي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن فيهم أُناسًا يخفى أمرهم، فبيّن الله عز وجل أن هؤلاء الناس الذين يخفى أمرهم لا بد أن يفصل الله بينهم وبين المؤمنين بالعلامات التي يظهرها؛ ولا يكون هذا بإطلاعكم على الغيب؛ لأن الله عز وجل لا يطلع أحدًا على الغيب إلا من ارتضى من رسول؛ ويكون هذا عن طريق من؟ إطلاعنا على ما في قلوب هؤلاء عن طريق الوحي، ولهذا سمّى النبي ﷺ عددًا من المنافقين لحذيفة بن اليمان الذي كان يُلقّب بـ(صاحب السرّ)؛ سر النبي عليه الصلاة والسلام؛ شوف الآن الرسول عليه الصلاة والسلام أسرّ إلى حذيفة بأسماء رجال من المنافقين ولم يسر إلى أبي بكر ولا إلى عمر ولا إلى من هو أفضل من حذيفة، وهذه تذكرنا بقاعدة ذكرها ابن القيم في النونية مرت علينا قريبًا، ما هي؟
* طالب: أن الفضل في شيء معين لا يستلزم الفضل المطلق.
* الشيخ: نعم، أن الخصيصة بفضيلة معينة لا تستلزم الفضل المطلق؛ وأن الفضل نوعان: مطلق ومقيد؛ فهنا لا شك أن حذيفة رضي الله عنه امتاز عن الصحابة بما أخبره به النبي عليه الصلاة والسلام من هؤلاء المنافقين؛ لكنه لا يلزم من هذا أن يكون أفضل ممن له الفضل المطلق عليه كأبي بكر وعمر وما أشبههما؛ المهم أننا لا نعلم عما في قلوب هؤلاء، ولكن الله يميزهم بما يطلع عليه نبيه ﷺ؛ ولهذا قال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.
ومن الذي اجتباه من الرسل في عهد النبوة المحمدية؟ مَنْ؟ محمد ﷺ، ولا نبيّ غيره.
ثم قال: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ يعني حقّقوا إيمانكم بالله ورسله، وذلك بالتصديق التام والانقياد والإذعان بدون اعتراض لا على القضاء والقدر ولا على الحكم الشرعي، آمنوا بالله ورسوله؛ وهكذا حال المؤمن حقًّا هو الذي ينقاد لأمر الله الكوني فيرضى به، وينقاد لأمر الله الشرعي فينفذه ويذعن له، مع أن الانقياد للحكم الكوني يعم كل أحد سواء طوعًا أو كرهًا. ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ جمْع (رسول)، ومن المعلوم أن الرسل هم الذين كلفهم الله سبحانه وتعالى بما أوحى إليهم أن يعملوا به ويدعو إليه ويبلغوه للناس؛ ولهذا كان أصل جمهور العلماء في الرسول: أنه من أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه، والنبي: من أُوحي إليه بشرع يتعبد به، ولم يكلّف أن يبلِّغَه الناس؛ فآدم عليه الصلاة والسلام نبي لكنه ليس رسولًا، ليس عنده أحد؛ نُبِّئ وصار يعمل بحسب ما يوحى إليه واتبعه على ذلك ذريته، ولما طال الزمن واختلف الناس احتاجوا للرسالة فأرسل الله إليهم، وأول من أرسل إليهم نوح.
وقوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، لا بد من هذا كله، فمن نقص شيئًا منها فإنه لم يؤمن بالله حقيقة، الإيمان بأيش؟ بربوبيته، ألوهيته، أسمائه، وصفاته.
الإيمان بالرسل يتضمن تصديقهم فيما جاؤوا به من الوحي، ويتضمن التعبد لله بشريعتهم على من ألزموا باتباعه، ومن المعلوم أنه بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُلزم الخلق إلا باتباع النبي محمد ﷺ، فإن شريعته نَسخت جميع الأديان، إذن كيف نؤمن بعيسى مثلًا؟ نؤمن بأنه رسول الله حقًّا، وأن الله أنزل إليه الكتاب، وأنه صادق فيما جاء به من الرسالة، وأما شرعه فلسنا مأمورين باتباعه، نحن مأمورون بالإيمان به فقط.
قال: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ إن تؤمنوا بقلوبكم وتتقوا بجوارحكم فلكم أجر عظيم.
الإيمان بالقلب: هو الإقرار المتضمّن للقبول والإذعان، هذا الإيمان بالقلب. التقوى: اتخاذ وقاية من عذاب الله عز وجل؛ وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وهذا أجمع ما قيل في التقوى، ولكن ليُعْلَم أن التقوى قد تقرن بالبر وقد تقرن بالإحسان: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾ [النساء ١٢٨]، قد تقرن بالإصلاح، فإذا قرنت بمثل هذا تفسّر بأن المراد بها تقوى المحارم؛ يعني اجتناب محارم الله، أما إذا أطلقت فإنها تشمل الأوامر والنواهي، وهذا كثير من الأسماء إذا قرن مع غيره صار له معنى، وإذا وُحِّد صار له معنى، لكن أيهما أشمل وأعم إذا قرن أو إذا أفرد؟ إذا أُفرد؛ لأنه إذا قرن مع غيره فإن هذا الذي قرن معه سيأخذ جانبًا كبيرًا من المعنى.
قال: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ الفاء هنا واقعة في جواب الشرط لربط الجملة الجوابية بالجملة الشرطية الفعلية، وإنما قرنت بالفاء؛ لأن الجواب وقع جملة اسمية، وقد أنشدناكم بيتًا في هذا الموضوع، فمن يحفظه؟
* طالب:
؎اسْمِيَّــــةٌ طَلَبِيَّـــــــــــــــــةٌوَبِجَـــــامِــــدٍ ∗∗∗ وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ
* الشيخ: يعني معناه هذه السبع الجمل إذا وقعت جوابًا للشرط فيجب أن تقترن به الفاء.
وقوله: ﴿أَجْرٌ﴾ يعني ثوابًا، وسمى الله الثواب أجرًا من باب التكرّم والتفضل، كأننا نحن مستأجرون أدّينا العمل فنطالب بأيش؟ بالأجرة، مع أن الحق لله علينا، لكنه عز وجل أوجب على نفسه ﴿أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام ٥٤].
إذن نقول: الأجر هنا أيش؟ الثواب، وسمى الله ذلك أجرًا تفضلًا منه، كأننا أجراء قمنا بالعمل فنطالب بالأجرة، وهذا كقوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ [البقرة ٢٤٥] فهل الله فقير حتى نقرضه؟ كلا، ولكن هذا من باب إظهار التزام الله عز وجل بالوفاء لعبده إذا أوفى بعهده: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [البقرة ٤٠].
وقوله: ﴿عَظِيمٌ﴾ هذا وصف من الله عز وجل لهذا الأجر، والوصف بالعِظَم من العظيم يدل على عظمه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث؛ حديث الدعاء الذي علّمه أبا بكر رضي الله عنه قال: «فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٣٤)، ومسلم (٢٧٠٥ / ٤٨) من حديث أبي بكر رضي الله عنه.]]، أضافها إلى عنديّة الله عز وجل.
يقول الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ﴾ إلى آخره.
* يستفاد من هذه الآية الكريمة فوائد؛ منها: أن الله عز وجل لا بد أن يميز الخبيث من الطيب؛ لقوله: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾.
فإن قال قائل: بماذا يحصل الميز؟ قلنا: يحصل بالوحي في عهد النبوة، يحصل بالقرائن في غير عهد النبوة وفي عهد النبوة أيضًا، فإن القرائن قد تبين الخبيث من الطيّب، بحيث نلاحظ أعماله وننظر كيف يسير وكيف يعمل فيتبين لنا خبثه من طيبه.
* ومن فوائد هذه الآية: بيان رحمة الله عز وجل بعباده، حيث لا يتركهم هكذا يشتبه بعضهم ببعض بل لا بد من ميز هذا عن هذا.
* ومن فوائدها: بيان الحكمة؛ حكمة الله عز وجل في أفعاله ومشروعاته أيضًا؛ لقوله: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾.
ومن فوائدها: انقسام الناس إلى خبيث وطيب؛ لقوله: ﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾، وهذا كقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن ٢]، ولم يذكر قسمًا ثالثًا، وقال تعالى في سورة هود: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود ١٠٥]، ولم يذكر قسمًا ثالثًا، ففي العمل قسم الله الناس إلى قسمين، وفي الجزاء أيضًا قسمهم إلى قسمين.
فإذا قال قائل: أليس في هذا دليل على مذهب الخوارج الذين يقولون: إن الناس إما مؤمن أو كافر، ولا يمكن لأحد أن يجمع بين الإيمان والكفر؟
فالجواب أن يقال: ليس فيه دليل لمذهبهم؛ لأن المؤمن إذا لم يفعل ما يخرج به من الإيمان فإنه لا يصدق عليه وصف الخبيث على سبيل الإطلاق، بل هو من قسم أيش؟ الطيب، لكن فيه خُبث، هو من قسم الطيّب لكن فيه خبث، وهذا الطيب غلب على خبثه، كما أن الكافر أيضًا، الكافر وإن فعل ما يُحمد عليه كالبر والجود والشجاعة وطلاقة الوجه وما أشبه ذلك، هذه خصال إيمان، لكن خبثه أعظم من هذه الخصال فهو من قسم الخبثاء وليس من قسم الطيبين، إذن نقول: هؤلاء المؤمنون الذين عندهم صفات كفر من أي القسمين؟
* الطلبة: الطيب يا شيخ.. الطيب.
* الشيخ: من قسم الطيب الذي فيه خبث، لكن طيبه يغلب على خبثه، والكفار الذين فيهم خصال من الطيب من قسم الخبيث لكن الطيب الذي فيهم قد انغمر في جانب الخبث، وعلى هذا فلا تقسيم، فليس هناك قسم ثالث، بل هما قسمان، لكن ما غلب عليه أحد الوصفين فهو منهم.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن من ادعى علم الغيب فهو كاذب، من أين تأخذها؟
* طالب: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾.
* الشيخ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾، فمن ادعى علم الغيب فهو كاذب، بل هو كافر؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل ٦٥]، ولأنه إذا ادعى علم الغيب فقد كذب بمضمون قوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾.
ولكن ما المراد بالغيب؟ المراد بالغيب ما غاب غيبًا مطلقًا، وذلك الذي يكون في المستقبل، أما الشيء الحاضر ولكنه غائب عن ناس دون أناس فهذا قد يطلع عليه الإنسان وإن لم يشاهده بخبر الجن؛ الجن يسيحون في الأرض، يذهبون شمالًا ويمينًا، وهم سريعو التصرف، فربما يسعون في الأرض، ثم يخبرون أولياءهم بما شاهدوا في أراضٍ بعيدة فيكون هذا غيبًا، غيبًا حقيقيًّا أو غيبًا إضافيًّا؟
* طالب: إضافي.
* الشيخ: إضافيًّا، ومعنى إضافي؛ يعني بالإضافة إلى قوم دون قوم، فالذين شاهدوه ليس غيبًا عندهم، والبعيدون عنه هو غيب، الآن الذي في الشارع هذا اللي جنب المسجد ونحن هنا هو بالنسبة إلينا غيب لا نطّلع عليه، لكن لو دخل علينا رجل وقال: رأيت في الشارع كذا وكذا، نقول: نحن لم نعلم الغيب، لكن أُخبرنا عن أمر وقع شاهده من أخبرنا به، فالمراد بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله هو الغيب المطلق، وهو الذي يكون في المستقبل، فهذا لا يطّلع عليه إلا الله.
فإن قال قائل: ألسنا إذا رأينا السماء مدلهمة والرعد قاصفًا والبرق خاطفًا، ألسنا نتوقع المطر؟ بلى، فإذا قلنا: ستمطر، فليس هذا من علم الغيب، بل هذا مبنيّ على قرائن قد يخطئ ظننا، وقد يأمر الله هذا السحاب فيتمزق ولا يمطر، لكن هذا حسب ما أيش؟ حسب ما نتوقع، ولسنا نقول: هذا علم، بل هو ظن مبني على قرائن، المهم لئلا يلتبس عليكم الأمر: أن الغيب هو الغيب المطلق وهو الذي يكون في المستقبل، أما الغيب الإضافي النسبي فهذا قد يُطلع الله عليه من شاء من عباده بواسطة كالجن مثلًا؛ الجن يعلمون ما حصل في الأرض ويخبرون به أولياءهم، لكن من أولياء الجن؟ أولياء الجن قد يكونون متقين وقد يكونون مجرمين، فإن كانت ولاية الجن لهم بسبب الشرك فيهم كالذبائح للجن وما أشبه ذلك فهذه ولاية إجرام، لكن يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إن الجن قد يتولّون المؤمن لإيمانه، يحبونه في الله ويخدمونه في أمره، قال: وهذا جائز بشرطين: ألا تكون وسيلة استخدامهم محرّمة، وألا يستخدمهم في محرم، انتبهوا أن لا تكون وسيلة استخدامهم محرّمة، وألا يستخدمهم في محرّم، فمثلًا إذا قالوا: لا نخدمك حتى تسجد لنا؟
* الطلبة: هذا حرام يا شيخ.
* الشيخ: هذا حرام شرك، لا نستخدمك حتى تُدخل فلانًا السجن؟ هذا حرام لكنه ليس بشرك؛ يعني خدموه بدون شرك، بدون حرام، لكن استخدمهم في شيء محرم فقال لهم مثلًا: اذهبوا إلى فلان فأرجفوا بإبله حتى تهرب وتشرد، حرام؟
* الطلبة: استعمال محرم.
* الشيخ: نعم، اذهبوا إلى فلان فآذوه، روّعوه في بيته، روّعوه في سوقه، هذا أيضًا حرام ولا يجوز، فلو قال قائل: إن استخدامهم حرام بكل حال؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام ١٢٨]، وهذا يدل على أن استمتاع الإنسي بالجني محرّم بكل حال.
فالجواب على ذلك أن نقول: اقرأ الآية التي بعدها حيث قال: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام ١٢٩]، فهذا الاستمتاع استمتاع في ظلم، ولا شك أنه حرام، أما إذا كان استمتاعًا بما ينفع وخلا من المحرّم في طريقه أو في استخدامه فإن هذا لا بأس به.
* طالب: يا شيخ، ما المقصود بالأسباط، (...) أبناء يعقوب؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: الأسباط.
* الشيخ: وين الأسباط؟
* الطالب: يوم تكلمنا عن النبي والرسول يا شيخ، عرّفت النبي والرسول، هل هم أنبياء أو رسل؟
* الشيخ: بعضهم قال: الأسباط يعني قبائل بني إسرائيل، والأسباط يعني والأنبياء من الأسباط، وبعضهم يقول: هم أولاد يعقوب.
* الطالب: والصحيح.
* الشيخ: فيها خلاف.
* * *
* طالب: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢)﴾ [آل عمران ١٨٠، ١٨٢].
* الشيخ: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ ماذا يسمي اللام نحاة العلماء؟
* طالب: لام الجحود.
* الشيخ: لام الجحود، وما هو الجحود؟
* طالب: هو المحاولة (...).
* الشيخ: لا.
* الطالب: هو المخالفة (...).
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: المخالفة.
* الشيخ: لا.
* طالب: بمعنى النفي.
* الشيخ: النفي، الجحود هنا بمعنى النفي، وضابطها؟
* الطالب: أن تأتي بعد كون منفي.
* الشيخ: أن تأتي بعد كون منفي، تمام، وما معناها إذا قلت: ما كان لكذا؟ ما كان الله لكذا؟
* طالب: أن يمتنع امتناعًا أن الله عز وجل يفعل هذا الشيء.
* الشيخ: معناه أنه يمتنع غاية الامتناع أن يفعل الله هذا الشيء.
وقوله: ﴿لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معنى ﴿لِيَذَرَ﴾؟ أي: ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه. ويش معنى يتركهم على ما أنتم عليه؟ يقول: حتى؟
* طالب: يتركهم على اشتباه بين المنافق والمؤمن الخالص.
* الشيخ: على اشتباه بين المنافق والمؤمن الخالص حتى يبين الخبيث من الطيّب.
قوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ والصلة، ما صلتها لما قبلها؟
* طالب: استدراك.
* الشيخ: استدراك، المعنى؟
* الطالب: المعنى أن الله عز وجل ما كان ليخبركم بالغيب بأن تعلموا ما في قلوب الناس من المنافق أو المؤمن الخالص.
* الشيخ: إي نعم، يعني ليطلعكم على ما في قلوبهم من النفاق أو غيره. إذن ما فيها استدراك، ما فيها استدراك.
* طالب: استدراك هنا..
* الشيخ: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾.
* طالب: ليذر (...).
* الشيخ: لا، أنا أقصد: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾.
* طالب: فيه استدراك على أن الأمور هذه يعلمها الله عز وجل فقط.
* الشيخ: لا.
* طالب: تعليل.
* الشيخ: تعليل؛ يعني وما كان الله ليطلعكم على الغيب فيخبركم بما يتميز به هذا عن هذا.
قوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾؟
* طالب: هذا استثناء.
* الشيخ: أو استدراك، (لكن) للاستدراك، طيب، المعنى؟
* الطالب: المعنى: ولكن الله قد يخبر من رسله من يشاء، والله أعلم.
* الشيخ: فيطلعكم على الغيب بواسطة؟
* الطالب: الرسل.
* الشيخ: الرسل. الخلاصة أن الله عز وجل بيّن في هذه الآية أن الله لم يترك المجتمع الإسلامي في حيرة وشك، بل لا بد أن يميز؛ أي: يفصل الخبيث من الطيب بذكر الأوصاف التي تنطبق على هذا وهذا، ولا يكون هذا بأن يطلعكم، أن يطلع كل واحد منكم على الغيب ولكن عن طريق الرسل.
قوله: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ يقرن الله بين الإيمان والتقوى كثيرًا، فبماذا نفسّر الإيمان إذا قرن مع التقوى؟
* طالب: الإيمان إذا قرن مع التقوى بم يفسر؟ الإيمان عمل بالقلب، والتقوى المقصود بالجوارح؟
* الشيخ: عمل الجوارح، إذن يكون الإيمان بالقلب، والتقوى بالجوارح.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الله قد يُطلع الخلق على الغيب بواسطة الرسل؛ لقوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.
* ومن فوائدها: أن الرسل ممن اجتباهم الله واصطفاهم على الخلق، وهذا موجود في القرآن بأن الأنبياء هم الصفوة كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ [ص ٤٧].
* ومن فوائدها: إثبات المشيئة لله عز وجل في قوله: ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ ولكننا نقول: كل شيء علّقه الله بالمشيئة فإنه لا بد أن يكون مقرونًا بالحكمة، ليست مشيئة مجردة، بل لا بد أن تكون مقرونة بالحكمة، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠] فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ إشارة إلى أن مشيئته تتبع علمه وحكمته.
* ومن فوائدها؛ من فوائد هذه الآية: وجوب الإيمان بالله ورسله عمومًا؛ لقوله: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾، وقد بيّنا في التفسير كيفية الإيمان بالرسل، وأنه يؤمن بأنهم حق، وجاؤوا من عند الله وهم صادقون، أما اتباعهم فهو خاص بالنبي ﷺ.
* ومن فوائد هذه الآية: فضيلة الإيمان والتقوى، وأنه يترتب عليهما الأجر العظيم.
* ومن فوائد هذه الآية أيضًا: بيان مِنّة الله على العباد، حيث جعل إثابتهم على العمل بمنزلة الأجر المتقرّر لهم، كأن شخصًا استأجر أجراء وأعطاهم أجرهم فرضًا، ولكن من الذي فرض ذلك عليه؟ الذي فرضه هو الله عز وجل.
* من فوائد هذه الآية أيضًا: إثبات الجزاء، وأنه من جنس العمل، فكما أن الإيمان والتقوى يعتبروا أمرًا عظيمًا ظاهرًا وباطنًا فكذلك الأجر كان أجرًا عظيمًا.
{"ayahs_start":178,"ayahs":["وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرࣱ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِثۡمࣰاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ","مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَجۡتَبِی مِن رُّسُلِهِۦ مَن یَشَاۤءُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ"],"ayah":"مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَجۡتَبِی مِن رُّسُلِهِۦ مَن یَشَاۤءُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق