الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ إلى آخره [آل عمران: ١٥٦].
فيها أولًا: ما يتعلق باللغة العربية قوله: ﴿وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ اللام هل هي للتعدية؟ أي: تعدية القول أو لها معنى آخر؟
نقول: إن لها معنى آخر، وليست لتعدية القول؛ لأن إخوانهم قد ماتوا وقُتلوا فلا يمكن أن يُوجّه القول لهم، لكنها بمعنى (في)؛ أي قالوا: في إخوانهم، أو بمعنى (عن)؛ أي قالوا: عن إخوانهم.
أيضًا يقول: ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾ [آل عمران ١٥٦] ﴿غُزًّى﴾ جمع (غازي) على وزن (فُعَّل)، قال ابن مالك:
؎وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ∗∗∗ وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ
عاذِل يقال: عُذَّل، غازي يقال: غُزّى، ويقال أيضًا: غُزاة كقاضٍ وقُضاة، لكن هنا نجعل غُزًّى جمع (غازي)، فما وزنها الصرفي؟
* طلبة: فاعل.. اسم فاعل..
* الشيخ: وزنها؟
* طالب: فُعَّل.
* طالب آخر: فاعل.
* الشيخ: غُزًّى ما هي غازي، غازي معروف أنها فاعل.
* طلبة: فُعَّل.
* الشيخ: فُعَّل، صح فُعَّل نعم. وكذلك أيضًا قوله: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [آل عمران ١٥٦] اللام هل هي للتعليل أو للعاقبة؟
* طالب: للعاقبة.
* الشيخ: للعاقبة؛ يعني يقال هذا القول ليجعل الله هذا القول حسرة في قلوبهم.
يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الخطاب أو النداء موجّه للمؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ * وفائدة توجيه النداء إلى المؤمنين بهذا الخطاب:
* أولًا: الحث والإغراء على قبول ما يوجه إليهم وامتثاله؛ لأن وصف الإيمان يزيد الإنسان قوة وشجاعة كما لو قلت لشخص: يا أيها الرجل، افعل كذا وكذا؛ أي: لرجولتك افعل، وهذا سيعطيه قوة واندفاعًا في قبول ما توجه إليه.
* الفائدة الثانية: أن ما يأتي بعدها من مقتضيات الإيمان.
* الفائدة الثالثة: أن مخالفة ذلك نقص في الإيمان؛ لأنه إذا كان قبوله والإتيان به من مقتضيات الإيمان كان مخالفته من نواقص الإيمان، أما بدء الخطاب بالنداء فإنه يفيد التنبيه والعناية بما يُذكر، ولهذا قال ابن مسعود: «إذا سمعتَ الله يقول: يا أيها الذين آمنوا فأرْعِها سمعَك؛ فإما خيرٌ تؤمر به وإما شرٌّ تُنهى عنه»[[أخرجه أحمد بن حنبل في الزهد (ص: ١٣٠)، وابن أبي حاتم في التفسير (١/ ١٩٦) من حديث عبد الله بن مسعود.]]
الفائدة الثانية: أن ما يأتي بعدها من مقتضيات الإيمان.
* الفائدة الثالثة: أن مخالفة ذلك نقص في الإيمان؛ لأنه إذا كان قبوله والإتيان به من مقتضيات الإيمان كان مخالفته من نواقص الإيمان.
أما بدء الخطاب بالنداء فإنه يفيد التنبيه والعناية بما يُذكر؛ ولهذا قال ابن مسعود: «إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: » ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ «فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ؛ فَإِمَّا خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، وَإِمَّا شَرٌّ تُنْهَى عَنْهُ»[[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١٨٨٦) (٣ / ٤٠٨) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.]].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. ﴿آمَنُوا﴾ الإيمان شرعًا هو الإقرار المتضمِّن للقبول والإذعان، فالإقرار المجرد لا يسمى شرعًا إيمانًا، بل لا بد من قبول وإذعان، قبول ضد الرفض، والإذعان ضد الاستكبار.
يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني مثل الذين كفروا.
ثم قال: ﴿وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ وهذا لا شك أنه من جملة كفرهم؛ لأنه دال على ضعف الإيمان.
وقوله: ﴿وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ قال بعض المفسرين: إخوانهم في النسب. وقال بعض المفسرين: إخوانهم في الكفر. والثاني أقرب، أي قالوا في شأن إخوانهم إذا ضربوا في الأرض.
* طالب: إذا كان العدو أقوى قوة عدة وليس عددًا فهل يجوز الفرار؟
* الشيخ: أما الآية الكريمة يقول الله عز وجل: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ [الأنفال ٦٥]، ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الأنفال ٦٦] فظاهر الآية الكريمة أن المعتبَر العدد، لكن الأمر -كما قلت- أنه إذا كان العدو أقوى عُدَدًا فإن كثرة العدد أمام هذا السلاح الفتاك لا يعد شيئًا، والظاهر أنه يُلحَق به، إذا كان عندهم من القوة أكثر مما عندنا مرتين، فإن ذلك يبيح الفرار.
* طالب: شيخ، إذا كان الشخص يعرف أنه إذا وقف أمام العدو إذا كانوا مثليه أو مثله وحده فقط، وعرف أنه سيُمكِّن العدو من قتله هو؟
* الشيخ: كيف سيمكِّن؟
* الطالب: يعني مثلًا الْتقى المؤمن والكافر، المؤمن عنده مثلًا إمكانية، والمؤمن يعرف أنه سيُقتل إذا قاتله، قلنا: إن الأفضل أنه يواجهه إذا كان مثله فقط أي في العدد.
* الشيخ: إذا كان عندهم من القوة أكثر مما عندنا بكثير فهنا يظهر -والله أعلم- أنه يجوز الفرار.
* طالب: أحسن الله إليك شيخ، إذا كانت الفئة المنحاز إليها بعيدة ليست في الجبهة، أو ربما يعني يكونون ينحازون إلى بلد إسلامي ليتقووا به، فهل هذا جائز؟
* الشيخ: هذا فيه موضع خلاف بين العلماء، فمنهم من يقول: إن المراد بـ (الفئة): المشارِكة في هذا الجهاد. وهذا في الغالب يقتضي أن تكون قريبة، ومنهم من قال: إن الفئة عامة المسلمين. وعلى هذا فمن التحيز أن يتحيز إلى بلد إسلامي ولو بعُد، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء.
وينبغي هنا أن يقال: إنه يُنظر لكل قضية بعينها، قد تكون الفئة التي ينحاز إليها وهي ممن شارك في هذا الاقتتال، قد تكون غير مدافعة ولا تستطيع أن تحميهم، فهنا يتحيزون ولو إلى بلد بعيد.
* طالب: شيخ، قول الله تعالى: ﴿وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ [الصافات ٧] ما عندنا أن الشيطان مأخوذة من (شطن).
* الشيخ: نعم، كيف؟
* الطالب: أقول: نُوِّنَت ﴿شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾، ما عندنا أنها مأخوذة من شطن؟
* الشيخ: بلى، وهذا الذي رجحناه.
* طالب: شيخ، ﴿وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ هذا عطف على..
* الشيخ: ﴿كَفَرُوا﴾.
* الطالب: على ﴿كَفَرُوا﴾. والخطاب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا﴾ لجميع المؤمنين ولَّا لطائفة (...)؟
* الشيخ: لا، عام.
* الطالب: عام لجميع المسلمين، لا تكونوا كـ..
* الشيخ: كهؤلاء الكفار، يعني لا تتشبهوا بهم في مثل هذا الاعتراض على القدر؛ لأن هؤلاء المعترضون على القدر.
* الطالب: يعني هذا للكفار.
* الشيخ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، معترضون على القدر.
* طالب: قلنا يا شيخ: ﴿اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ أي من المعاصي، يعني الإنسان إذا فعل معصية وتاب منها هل يُلحق بالآية؟
* الشيخ: لا، إذا تاب تاب الله عليه، لكن قد يعتريه بعض المصائب امتحانًا، مثلما أن المصائب تأتي المؤمن الذي يعني يقل منه المعاصي أو لا توجد منه معصية.
* طالب: إذا حوصر المجاهد الأفضل أن يستسلم ولَّا يقاوم ويُقتل؟
* الشيخ: هذا يُنظر للمصلحة، إذا كان يمكن أن يقاوم مثل ينتظر مددًا مثلًا فليقاوم، إذا كان لا يمكن فليستسلم ويفرج الله له.
* * *
* طالب: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران ١٥٦، ١٦٠].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ إلى آخره.
سبق الكلام على أول هذه الآية، وبيّنّا أن هؤلاء يقولون لإخوانهم في الكفر أو في النسب: ﴿إِذَا ضَرَبُوا﴾ أي الإخوان، ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أي سافروا فيها لتجارة أو غيرها.
﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾ الضمير في (كانوا) أيضًا يعود على الإخوان، ﴿غُزًّى﴾ جمع غازٍ، على وزن فُعَّل، وأنشدنا في هذا قول ابن مالك رحمه الله:
؎وفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ∗∗∗ وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ
عاذل: عُذَّل، عاذلة: عُذَّل.
﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا﴾ يعني لم يضربوا في الأرض ﴿مَا مَاتُوا﴾، ولو كانوا عندنا لم يغزوا ﴿مَا قُتِلُوا﴾. فقوله: ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ هذا فيه ما يسمى عند البلاغيين لفًّا ونشرًا؟
* طالب: مشتت.
* طالب آخر: غير مرتب.
* طالب آخر: مشوش.
* الشيخ: كيف مشوش! مرتب يا جماعة. ﴿مَا مَاتُوا﴾ مقابل: ﴿إِذَا ضَرَبُوا﴾، ﴿وَمَا قُتِلُوا﴾ مقابل ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾، و﴿إِذَا ضَرَبُوا﴾ قبل ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾، فهو مرتب.
إذن لو كانوا عندنا لم يضربوا في الأرض ما ماتوا، لو كانوا عندنا لم يغزوا ما قُتلوا.
يقول هؤلاء: لو أنهم لم يسافروا ما ماتوا، لو أنهم لم يغزوا ما قُتلوا، هكذا يقولون، ولكن الله يقول سبحانه تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾، ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ﴾ أي ما وقع، أو ﴿ذَلِكَ﴾ أي القول الذي قالوه، يحتمل المعنيين، ولكن الثاني أقرب، أي ليجعل الله هذا القول الذي قالوه، وهو لا يغني عنهم شيئًا، يجعله الله حسرة في قلوبهم، حسرة: يعني تَحَسُّرًا وندمًا، يستحسر به القلب ولا ينبسط ولا يفرح، وإلا فإن هذا القول لا يغني شيئًا.
واللام في قوله: ﴿لِيَجْعَلَ﴾ سبق أن قلنا: إنها للعاقبة، وبينا أن اللام الداخلة على الفعل في مثل هذا التركيب تكون: إما للعاقبة، وإما للتعليل، وإما زائدة، فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾ [الأحزاب ٣٣] هذه؟
* طالب: زائدة.
* الشيخ: زائدة. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ﴾ [الصف ٨] اللام؟
* طلبة: للتعليل.
* طلبة آخرون: زائدة.
* الشيخ: زائدة، ودليل هذا أن في الآية الثانية: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا﴾ [التوبة ٣٢].
﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص ٨]؟
* الطلبة: للعاقبة.
* الشيخ: للعاقبة؛ لأنهم ما التقطوه لهذا، لو ظنوا أنه يكون عدوًّا وحزنًا لقتلوه.
هذه الآية: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أيضًا للعاقبة، لو أنهم ظنوا أن هذا حسرة وأنه لا فائدة منه إلا التحسر والندم وتكرار المصيبة؛ ما قالوا هذا، ولكن الواقع أنه يكون حسرة في قلوبهم، وإلا فإنه لا يغني شيئًا، لماذا؟ لأن الأمر بيد الله؛ ولهذا قال: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾: الإحياء والإماتة بيد الله عز وجل، فإذا قدَّر الله إماتة شخص على سبب من الأسباب يسَّر له هذا السبب، وصار هو نفسه يفعل ذلك السبب. إذا قدر الله تعالى موت إنسان على سبب، أو صار غيره يتسبب له، فالإحياء والإماتة بإذن الله عز وجل.
﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ يعني: ومِن جملة ما هو بصير به عملُهم. والبصير هنا يحتمل بصر الرؤية ويحتمل بصر العلم، يحتمل المعنيين جميعًا، فهو بصير بما نعمل بمعنى: عليم، بصر العلم. بصير بما نعمل بمعنى: راءٍ ما نعمل، وهذا بصر الرؤية.
فإذا قال قائل: هل تثبتون لله بصر رؤية؟
قلنا: نعم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «حِجَابُهُ النُّورُ» -أَيِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- «لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» »[[أخرجه مسلم (١٧٩ / ٢٩٣) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.]] هذا إثبات البصر لله، أما بصر العلم فواضح كثير.
إذن في هذه الآية إثبات إحاطة علم الله عز وجل بكل ما نعمل؛ لقوله: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ ، و(ما) هنا؟
* طالب: اسم موصول بمعنى (الذي).
* الشيخ: واسم الموصول يفيد؟ اسم الموصول يا إخواننا يفيد العموم، كلما جاءك اسم موصول فإنه للعموم، ولو كان واحدًا، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر ٣٣] شوف مفرد عاد عليه الإشارة والضمير أيش؟ جمعًا؛ لأنه عام، فاسم الموصول وإن كان لفظه لفظ المفرد يكون للعموم، عرفت؟ خذ معك هذه الفائدة: كل اسم موصول فهو للعموم.
﴿بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيها القراءة الثانية: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فهل في الآية التفات؟
* طلبة: بالتاء
* الشيخ: هل في الآية التفات؟ ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أو ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ ؟
* الطلبة: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
* الشيخ: فكِّروا. المهم السؤال هل فيها التفات أو لا؟
* الطلبة: فيها التفات.
* الشيخ: على قراءة التاء فيها التفات؟
هي الواقع ليس فيها التفات في الحقيقة؛ لأنه إذا قال: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ فالخطاب في أول الآية موجه للمؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا﴾ مخاطب، لا تكونوا فإن كنتم فالله بما تعملون بصير. إذن لا التفات، إذا جعلنا: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ عائدًا لـ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾ أيضًا فليس فيه التفات، فالحقيقة أنه ليس في الآية التفات، سواء جاءت بالتاء أو بالياء؛ لأنها إن جاءت بالتاء فقد رُوعي فيها صدر الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾... ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، هذا إذا كانت بالتاء، وإن كانت بالياء فقد رُوعي فيها آخر الآية.
في هذه الآية فوائد كثيرة:
* منها: تعلية شأن المؤمنين بإيمانهم؛ من قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ لأن المخاطب لا ينادَى إلا بأحب الأوصاف إليه، ولهذا لو ناديت أحدًا بأقبح الأوصاف لسابّك وشاتمك، ففيه تعلية شأن المؤمنين بإيمانهم.
* ومنها: فضيلة الإيمان وأنه مقتضٍ لكل الأخلاق الفاضلة.
* ومنها: الإشارة إلى النهي عن التشبه بالكفار؛ لقوله: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾. والتشبه بالكفار اختلف فيه العلماء، فذهب أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله في المشهور عنهم إلى أن التشبه بالكفار مكروه، والمكروه عند الفقهاء كراهة تنزيه، أي يثاب تاركه امتثالًا ولا يعاقب فاعله، لكنّ قولهم هذا ضعيف، والصواب أن التشبه بالكفار حرام، لمّا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حديث: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[[أخرجه أبو داود (٤٠٣١) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.]] في كتابه القيم الذي أشير به على كل طالب علم وهو اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم؛ قال لما ذكر هذا الحديث، قال: وأقل أحوال هذا الحديث التحريم، أقل أحواله التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم. لأن قوله: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» » ظاهره أنه كافر، فالاقتصار على الكراهة التي يراد بها كراهة التنزيه عند الفقهاء فيه نظر ظاهر، المهم أن في هذه الآية الإشارة إلى النهي عن التشبه بماذا؟ بالكفار، لا سيما إذا كان الفعل نفسه محرَّمًا، فإن قولهم هذا فيه اعتراض على القدر كما سيتبين إن شاء الله.
فإن قال قائل: ما هو ضابط التشبه؟ وهل يشترط فيه القصد؟
فالجواب: أن ضابط التشبه أن يأتي بما يختص بالكفار من لباس أو تحلية جسم أو غيره، بحيث أن يقول من رآه: هذا من الكفار؛ لأنه لا يمكن أن يقول: هذا من الكفار إلا إذا كان الشيء مختصًّا بهم، أما إذا كان عامًّا فإنه لا يمكن أن يقال: من الكفار، فمثلًا البنطلون -الذي يسمى البنطلون عند الناس- في بعض البلاد الإسلامية هو لباس الناس، أليس كذلك؟ هل نقول: إن البنطلون تشبه؟ لا، لماذا؟ لأنه ليس خاصًّا بالكفار، ترى الإنسان ولا تقول: هذا كافر؛ لأنه ممكن يكون كافرًا وممكن يكون مسلمًا. طيب لو لبس البنطلون من كانت عادتهم لباس القُمُص هل يكون تشبهًا؟ لا، لكنه يكون شهرة، وثوب الشهرة منهي عنه. انتبهوا للأحكام ومآخذها وعللها؛ لأن هذا مهم لطالب العلم؛ أن يعرف المآخذ والعلل.
طيب هل يشترط في التشبه القصد أو لا يشترط؟ لا يشترط؛ لأن الإنسان لو قصد التشبه لكان الخطر عظيمًا؛ لأنه لا يقصد التشبه بهم إلا من مُلِئَ قلبه أو كاد يُملأ بمحبتهم وتعظيمهم، بل التشبه حاصل بصورة التشبه، سواء قصد أم لم يقصد. هذا نقوله باعتبار الشخص نفسه، أما باعتبار إنكارنا عليه فإننا ننكر عليه مطلقًا؛ لأننا لو سكتنا عن الإنكار عليه لأمكن كل واحد أن يقول: إنني لم أقصد التشبه، فنحن نقول: الإنكار على المتشبه مطلقًا، سواء قصد أم لم يقصد، لكن الكلام على المتشبه نفسه: هل يشترط لكونه متشبهًا أن يقصد التشبه؟ الجواب: لا، إذا حصلت صورة التشبه فقد تشبه سواء قصد أم لم يقصد.
التشبه في الأمور الدينية للكفار أعظم بكثير من التشبه في الأمور العادية؛ لأن التشبه بهم في الأمور الدينية يعني تعظيم الباطل لذاته، لا لكونه من خصائصهم.
ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة أنه حرام بالاتفاق، وقال: هذا إن سلِم فاعله من الكفر فقد أتى محرمًا لا شك فيه؛ لأن التشبه بهم في الأمور الدينية يعني تعظيم دينهم، ودينهم منسوخ بدين محمد ﷺ بإجماع المسلمين، ومن زعم أن اليهود أو النصارى أو غيرهم على دين صحيح مقبول عند الله فهو كافر، يُعَلَّم حتى يرجع؛ لأن الله يقول عز وجل: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٨٥] ويقول: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران ١٩].
وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَا يُؤْمِنُ بِمَا جِئْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»[[أخرجه مسلم (١٥٣ / ٢٤٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، وإذا قيل: أصحاب النار فهم أصحابها الذين لا يخرجون منها وهم الكفار.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الندم على ما وقع لا يرفع الواقع ؛ لأن الله قال: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾.
* ومن فوائدها: أن هذا الدين رحمة؛ لأن نهي الله عن الندم على ما مضى مصلحة للإنسان؛ لأنه يطمئن قلبه ولا يتحسر ولا يحزن، فإنه يقول لنفسه: هذا الأمر لا بد أن يقع كما وقع، فلا حاجة أن تقول: لو أني فعلت ما حصل، لا حاجة، إنما تقول: (لو أني فعلت) في أمر تكون فرطتَ فيه، أما شيء لم يكن بتفريطك فهذا لا يحل لك أن تتندم عليه.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه لو أن شخصًا سافر ثم صار عليه حادث، فقال أهله: لو أنه ما سافر كان أسلم له، كان ما يحصل عليه حادث، نقول: هذا من قول الكفار: قالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض: لو كانوا عندنا ما ماتوا، هذا قول الكفار، المؤمن لا يقول هكذا، المؤمن يقول: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ويقول: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد ٨]، ويقول: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد ٣٨]، وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على أن الأمر بيد الله، ولا يمكن أن يتغير المقدور عما وقع أبدًا.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء المعترضين على القدر يكون اعتراضهم حسرة في قلوبهم، ولا ينسون المصيبة، وتجد الشيطان يلعب بهم: ليته ما راح، ليته ما غزا، ليته ما فعل، يلعب به، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام مشيرًا إلى هذا المعنى: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ»[[أخرجه مسلم (٢٦٦٤ / ٣٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] القوي في أيش؟ القوي في بدنه، يحمل الحجر الكبير ولا يبالي، ولكن صلاته ضعيفة.
وفيه مؤمن ما يحمل إلا عشر كيلو أو شبهه، ولكنه يتهجد بالليل، ويصوم ما شاء الله، ويصلي الواجبات. الأول قوي، الأول يأخذ الثاني ويضرب به إلى فوق.
إذن المؤمن القوي في إيمانه؛ لأن القوي وصف عائد على ما سبق؛ على المؤمن، والمؤمن مشتق منين؟ من الإيمان.
إذن المؤمن القوي في إيمانه ولا بد، ما هو المؤمن القوي في بدنه، لو قال: البدين القوي، قلنا: معناه: القوي في بدنه، ولو قال: الرجل القوي، قلنا: في رجولته، لكن قال: المؤمن القوي؛ أي في إيمانه. قوة البدن لا تُمدح إلا إذا كان فيها زيادة قوة الإيمان لتمدح. كثرة المال لا تُمدح إلا إذا كان فيها زيادة في الإيمان، يقول الرسول ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ».»
ولما كان هذا الكلام من الصادق المصدوق قد يؤدي إلى انحطاط رتبة المؤمن الضعيف، قال: «وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ» » جبرًا لما يتوهم من نقص الضعيف «وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ».
وهذا الأدب من الرسول عليه الصلاة والسلام هو مما أدبه الله به، قال الله عز وجل: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾ وأيش بعده؟ ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد ١٠] وقال: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء ٩٥].
النبي عليه الصلاة والسلام قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ» » ثم قال: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ» »[[أخرجه مسلم (٢٦٦٤ / ٣٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، احرص واستعن ولا تعجز، يعني لا تكسلوا، وتضعف عن إتمام العمل «وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ» » بعد الحرص والاستعانة بالله والقوة في العمل «إِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» »[[أخرجه مسلم (٢٦٦٤ / ٣٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
إذن من قال: (لو) معترضًا على القدر فقد شابه الكفار، وقد فتح على نفسه باب عمل الشيطان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على القدرية، قوله: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ يعني أن الله قدَّر أن يقولوا هذا القول ليجعله حسرة في قلوبهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات أن الإحياء والإماتة بيد الله: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ وهذا أيضًا مؤجل، الإحياء والإماتة مؤجلة بأجل لا يزيد ولا ينقص أبدًا، لا يزيد ولا ينقص: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد ٣٨].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات عموم علم الله عز وجل بكل ما نعمل؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أو: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ .
ويترتب على هذه الفائدة فائدة مسلكية ينتفع بها الإنسان في سلوكه وعمله، وهي: أنه إذا آمن بأن الله بصير بما يعمل لزم من ذلك أن يستقيم على أمره، أنت عندما تريد أن تفعل معصية اذكر هذه الآية؛ أن الله بصير بعملك، إذا أردت أن تعمل طاعة اذكر هذه؛ أن الله بصير بعملك، فأحسِن الطاعة، فهذه تفيد الإنسان في سيره إلى الله عز وجل، إذا آمن بأن الله بصير بما يعمل حسُنَ سيره إلى الله، واستعان بذلك على إحسان العبادات وعلى ترك المحرمات.
* من فوائد الآية: الرد على الجبرية؟
* الطلبة: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
* الشيخ: حيث أضاف العمل إليهم، والجبرية لا يضيفون العمل إلى الإنسان، يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، فالإنسان اللي يقول بيده هكذا اختيارًا كالإنسان الذي فيه رعشة، كلاهما سواء لا يستطيعان أن يمنعا أنفسهما.
إذا قال قائل: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾، قال مارد لإبراهيم: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨]، أيش نقول؟ نقول: لست أنت الذي تحيي وتميت، أنت تفعل سبب الحياة والموت، وأيضًا لست تفعل سبب الحياة الناشئة، تفعل سبب بقاء الحياة وإلا فالحياة من الله أولًا. الإماتة أيضًا لست أنت الذي تميت وإنما تفعل سبب الموت، ولو شاء الله ألا يموت من جرحته جرحًا موحيًا لم يمت، ولكن إبراهيم عدل عن مناظرته في هذا إلى شيء لا يمكنه أن يجادل فيه، وهو: قال له: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة ٢٥٨] وأيش يقول؟ ما يقول شيئًا: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة ٢٥٨].
وقد ذكرنا حين تكلمنا على هذه الآية أنه ينبغي للمناظر إذا عرف من مناظره الذي يجادله أنه إنما يريد الجدل، فليأت بالحجة الدامغة قبل أن ينازع في حججه؛ من أجل إسكات الخصم وإفحامه وقطع المنازعة، أما لو قال إبراهيم مثلًا: أنت لا تحيي ولا تميت ولكن تبقي الحياة، أو تفعل سبب الموت، صار فيه جدال، وصار سامع القصة يحتاج إلى تصور بعيد، لكن إذا قطع عليه المناظرة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ لو يجتمع هو وكل المردة ما استطاعوا أن يأتوا بها أبدًا.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَقَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ إِذَا ضَرَبُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُوا۟ غُزࣰّى لَّوۡ كَانُوا۟ عِندَنَا مَا مَاتُوا۟ وَمَا قُتِلُوا۟ لِیَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَ ٰلِكَ حَسۡرَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق