الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية
قال ابن عباس -في رواية عطاء [[لم أقف على مصدر هذه الرواية.]] -: يريد قومًا من المنافقين قالوا فيمن بعثه رسولُ الله ﷺ، مِنَ السَّرَايَا إلى بِئْرِ مَعُونَة [[بَعَث النبي ﷺ، سبعينَ رَجُلا؛ لِحاجَةٍ، يُقال لهم القُرَّاء، فَعَرَضَ لهم حَيَّانِ من بني سُلَيْمِ: رِعْلٌ وذَكْوانُ، عند بِئْر يُقال لها بئرُ مَعُونَةَ، فقال القوم: والله ما إيَّاكم أرَدْنَا، إنَّمَا نحنُ مُجْتازُون في حاجة للنبي ﷺ، فقَتَلُوهم، فَدَعَا النبي ﷺ، عليهم شهرا، في صلاة الغَدَاةِ).
"صحيح البخاري" (4088)، كتاب: المغازي. باب: غزوة الرجيع. وهذ إحدى الروايات التي أوردها البخاري حول هذه السَّرِية، وهناك روايات أخرى عنده. انظرها في الباب نفسه. == وانظر روايات أخرى لهذه السَّرِيَّة في كتب السيرة، منها: "المغازي" 1/ 346، و"سيرة ابن هشام" 3/ 184، و"الطبقات الكبرى" 2/ 51، و"تاريخ الطبري" 2/ 545.]]، وإلى الرَّجيع [[بعث النبي ﷺ، سَرِيَّةً؛ عَيْنًا له، وقيل بعثهم استجابة لطلب عَضَل والقَارَة أن يبعث معهم من يُفَقِّههم في الإسلام ويقرؤهم القرآن، -وكان ذلك خدعة منهم، اتفقوا فيه مع بني لِحيان-، وأمَّرَ على السرِية عاصمَ بن ثابت، وقيل: مَرْثَد بن أبي مرثد الغَنَوِي، فخرجوا حتى إذا كانوا عند ماءٍ لهذيل، يقال له: الرَّجِيع، بناحية الحجاز، هجم عليهم بنو لِحيان، حيٌّ من هذيل، فاستل الصحابة سيوفهم، فقال لهم الأعداء: لكم العهد والميثاق ألا نقتل منكم رجلًا، فرفض عاصم، وقاتل حتى قتل، مع نَفَرٍ من أصحابه، وأسِرَ البقيَّةُ، وانطلق الأعداء بِخبَيْب بن عَدي، وزيد بن الدِّثِنَّةِ، وباعوهما بمكة، فقتلهما أهل مكة ثأرا لقتلاهم في بدر.
انظر تفصيل أخبار هذه السرِيَّة في: "صحيح البخاري" (4086). كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع، و"المغازي" 1/ 354، و"سيرة ابن هشام" 3/ 160، و"الطبقات الكبرى" 2/ 55، و"تاريخ الطبري" 2/ 538.]]، فأُصِيبوا: ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾.
وقال مجاهد [[الذي وقفت عليه عنه: قوله: (قول المنافق؛ عبد الله بن أبي بن سلول) "تفسير الطبري" 4/ 146، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 799.
وقد أورده السيوطي في "الدر" 2/ 158، إلا أن لفظه عنده: (هذا قول عبد الله بن أبي بن سلول، والمنافقين). ونسبه السيوطي إخراجه لهما، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد وابن المنذر.]]، ومحمد بن إسحاق [[قوله في: "سيرة ابن هشام" 3/ 69، و"تفسير الطبري" 4/ 146، و"تفسير أبن أبي حاتم" 3/ 798.]]: يعني بـ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: جميعَ المنافقين.
وقوله تعالى:
﴿وَقَالُواْ لِإِخوَانِهِم﴾. أي: في النِّفَاق. وقيل: في النَّسَبِ [[ذكر القولِين: الثعلبي في: "تفسيره" 3/ 135 ب، ولم يعزهما لقائل. ورجح ابن == عطية القولَ بأنها أخُوَّةُ النَسَبِ، قائلا: (لأن قَتْلَى أُحُد كانوا من الأنصار، أكثرهم من الخزرج، ولم يكن فيهم من المهاجرين إلا أربعة). "المحرر" 3/ 389.]].
﴿إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: ساروا وسافروا فيها. وكان [[من قوله: (وكان ..) إلى نهاية بيت الشعر: (.. ما كان في غد): نقله -بتصرف- عن "معاني القرآن"، للفراء 1/ 243 - 244، وأضاف إليه -مُلَفِّقا- بعضًا مِن كلام ابن الأنباري الذي أورده الأزهري في "التهذيب" 1/ 137 (إذ). وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري 121.]] ينبغي في العَرَبِيَّةِ أنْ يُقَال: (وقالوا لإخوانهم إذْ [[(أ)، (ب)، (ج): (إذا). وهي خطأ. والمثبت من "معاني القرآن". وهي الصواب.]] ضَرَبُوا في الأرض)؛ لأنه ماضٍ، كما تقول: (ضربتك إذْ قُمْتَ)، ولا تقول [[(ضربتك إذ قمت ولا تقول): ساقطة من (ج).]]: (ضربتك إذا قُمْتَ). والذي في كتاب الله عَرَبِيٌّ حَسَنٌ، لأن القَوْلَ -وإن كان ماضيًا في اللفظ- فهو في معنى [[في (ج): (بمعنى) بدلًا من: (في معنى).]] الاستقبال؛ لأن (الذين) يُذْهَبُ بها إلى معنى الجزاء، وكذلك: (مَنْ)، و (ما). فإذا وقع الماضي صِلَةً لِمُبْهَمٍ مِنْ (مَنْ) و (ما) و (الذين)، جازَ أنْ يكون بمعنى الاستقبال [[يقول ابن عطية: (ودخلت (إذا) في هذه الآية -وهي حرف استقبال-؛ من حيث (الذين) اسمٌ فيه إبهام، ويعمُّ مَنْ قال في الماضي ومَنْ يقول في المستقبل، ومن حيث هذه النازلة تتصور في مستقبل الزمان). المحرر 3/ 389.]].
فقوله [[في (أ)، (ب): (بقوله). وساقطة من (ج). وليست في "معاني القرآن"، والمثبت هو ما اسْتَصْوَبْتُه.
ومن قوله: (بقوله ..) إلى (.. بمعنى الاستقبال): ساقط من (ج).]]: ﴿كَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾، في معنى: يَكْفُرُونَ، فدخلت (إذا) لِمَعْنى الاستقبال؛ والتقدير: (لا تكونوا كالذين يكفرون [[في (ج): (كفروا).]]، ويقولون لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض (ومثله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: 25]؛ معناه: إنَّ الذين يكفرون. وكذلك قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا﴾ [المائدة: 34]؛ معناه: يَتُوبُون. ومثله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [مريم: 60]؛ معناه: إلّا مَن يَتُوب.
ومشهورٌ في كلامهم، أنْ يقول الرجلُ للرجلِ: (لا تضربْ إلّا الذي ضَرَبَكَ؛ إذا سَلَّمْتَ عليه). فيجيء بـ (إذا)؛ لأن (الذي) غير مُؤَقَّت، فلو وَقَّته، لَقَالَ: (اضربْ هذا الذي ضَرَبَكَ؛ إذْ [[في (أ)، (ب): (إذا). والمثبت من (ج). وهو الصواب.]] سَلَّمْتَ عليه). ولا يجوز: (إذا سَلَّمْتَ) -ههنا-؛ لأنَّ توقيت (الذي) أبْطَلَ أنْ يكونَ الماضي في معنى المستَقبَلِ. وتقول: (ما هَلَكَ امرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ)؛ لأن الفعل حديثٌ عن مَنْكُورٍ؛ يُراد به الجنس؛ كأنَّ المتكلمَ يريد: (ما يهلك كُلُّ امرئٍ إذا عرف قدره)، أو الرَّجُل وما أشبهها [[في (ج): (أشبههما).]].
هذا مذهب الفراء [[في "معاني القرآن" له 1/ 244.]]، وأنشد:
وإنِّي لآتِيكمْ تَشَكُّرُ ما مَضَى ... مِنَ الأمرِ واستيجابَ ماكان في غَدِ [[البيت للطِّرِمّاح بن حكيم الطائي، وهو في: ذيل ديوانه 572، وورد منسوبًا له، في: "أمالي بن الشجري" 1/ 67، 2/ 53، 453، و"اللسان" 7/ 3962 (كون). وورد غير منسوب في: "معاني الفراء" 1/ 180، و"تفسير الطبري" 4/ 148، و"الخصائص" 3/ 331، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 398، و"المحرر الوجيز" 3/ 390.
وردت روايته عند ابن الشجري: (من الود)، و (من البر)، و (من الأمس) بدلًا من: (من الأمر). كما وردت روايته: (.. في الغد). وفي "اللسان" (واستنجاز ما كان == في غد). وفي جميع المصادر السابقة -ما عدا "معاني القرآن"- ورد: (وإني)، والصواب ما ورد في الديوان، و"معاني الفراء" (فإني)؛ لأن جوابٌ للشرط الوارد في البيت الذي قبله، وهو:
مَنْ كان لا يأتيك إلا لحاجة ... يروح بها فيما يروح ويغتدي]] أي: ما يكون.
وأجاز [[في (ج): (وأجاب).]] قُطْرُب [[في كتاب "الأضداد" له 150 - 152. وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري 119، فقد ناقش هذا الأمر، وأورد قول الأخفش هذا.]] أنْ تُوقَعَ (إذْ) على معنى (إذا)، و (إذا) على معنى (إذ)، واحتج بقول الشاعر:
ثمَّ جَزَاهُ اللهُ عَنِّي إذ جَزَى ... جَنَّاتِ عَدْنٍ في العَلالِيِّ العُلى [[البيت لأبي النجم العجلي. وقد ورد منسوبًا له في: المصادر السابقة، و"تفسير الطبري" 7/ 137، و"الصاحبي" 196، و"أمالي ابن الشجري" 1/ 67، 153، و"اللسان" 5/ 2716 (طها)، 1/ 50 (إذ) ولم يشبه هنا. وورد غير منسوب في: "تهذيب اللغة" 1/ 138. وقد ورد في كل المصادر السابقة: (.. جزاه الله عنا). (العلالي)، جمع: عُلِّيَّة -بكسر العين وضمها-، وهي الغُرْفة العالية في البيت. وأراد هنا (عِلِّيِّينَ) الواردة في القرآن. و (العُلَى)، جمع: عُلْيا. انظر: "عمدة الحفاظ" 379، 380 (علو).]]
معناه: إذا يجزي [[في (ج): (إذ يجزي). وفي "الأضداد"، لقطرب، وابن الأنباري: إذا جزى.]].
قال ابن الأنباري [[لم أقف على مصدر قوله، وليس هو في كتابه "الأضداد" الذي تعرض فيه لهذه المسألة.]]: والاختيار: مذهب الفراء؛ لأنه لا يصلح في كلِّ موضعٍ وَضْعُ [[في (أ): (وضُعَ). وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل. وما أثبته هو ما استصوبته.]] (إذ) في موضع (إذا)، ولا وَضْعُ (إذا) في موضع (إذ).
والذي احْتَجَّ به من قولِ الراجز، فإن معناه: (ثم جزاه الله عني، إذْ حَكَمَ بالجزاء وأوجبه). فـ (إذ) في بابها، غير منقولة إلى معنى غيرها [[انظر هذه المسألة في: "تفسير الطبري" 4/ 147 - 148، و"تهذيب اللغة" 1/ 138 (إذ)، و"اللسان" 1/ 50 (تفسير إذ).]].
وقوله تعالى: ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾ (الغُزَّى) [[في (ب): (الغز).]]: جمع (غازٍ)؛ مثل: (شاهِدٍ، وشُهَّد)، و (نائِم ونُوَّم)، و (صائِمٍ وصُوَّم)، و (قائلٍ وقُوَّل). ومثله من الناقص: (عَافٍ وعُفًّى [[(العُفَّى، والعافِيَةِ والعُفَاة)؛ كلها جمعُ (عافٍ) و (مُعْتَفٍ)، وهو: كلُّ مَن جاءك يطلب رزقًا أو معروفًا، ويقال: (وفلان تَعْتَفِيه الأضيافُ) أو (هو كثير العُفَّى أو العافية)؛ أي: كثير الأضياف. انظر: "اللسان" 5/ 3019 (عفا).]]. ويجوز (غُزَاة)؛ مثل: (قُضَاة)، و (دُعَاة)، و (رُمَاة). ويجوز (غُزَّاء) مثل: (حُرَّاب) [[في (أ): (خراب) بالخاء. والمثبت من: (ب)، (ج)، و"معاني القرآن" للزجاج.]]، و (ضُرَّاب) [[انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة (107)، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 481 - 482، و"تفسير الطبري" 4/ 147، و"إعراب القرآن" للنحاس 1/ 372 - 373، و"الدر المصون" 3/ 454، وقال: (ويقال: غُزَّاء -بالمد، أيضًا-، وهو شاذ).]].
ومعنى (الغَزْوِ) -في كلام العرب-: قَصْدُ العَدُوِّ. و (المَغْزَى): المَقْصد.
روى عَمْرُو [[في (أ)، (ب): (عمر). والمثبت من (ج)، و"تهذيب اللغة" 3/ 2661 - 2662؛ حيث نقل قول عمرو عنه بنصه. وعمرو هو: ابن أبي عمرو الشيباني (إسحاق بن مرار).]] عن أبيه: (الغَزْوُ): القَصْد. و-كذلك- (الغَوْزُ). و (قد غَزَاه، وغَازَه، غَزْوًا، وغَوْزًا): إذا قَصَدَه.
قال الأزهري [[قوله في: المصدر السابق 3/ 2662.]]: ويقال لِجَمْعٍ (الغَازِي): (غَزِيٌّ)؛ مثل: (نَاجٍ، ونَجِيٍّ)؛ للقوم يَتَناجَوْنَ، وأنشد لِزِياد [[في (أ)، (ب): (الزياد). والمثبت من (ج)، وهو الصواب؛ لأن اسمه (زياد) في المصادر التي تَرْجَمَت له، وليس (الزياد). وفي "التهذيب" (وقال زياد الأعجم). وهو: زياد بن سَلْمَى، وقيل: زياد بن جابر بن عمرو بن عامر، من عبد القيس، وقيل له الأعجم، لِلُكْنَة كانت فيه، شاعر إسلامي، شهد فتح إصطخر، وتوفي في حدود المائة للهجرة.
انظر: "الشعر والشعراء" ص 279، و"معجم الأدباء" 3/ 352.]] الأعجم:
قُلْ لِلْقَوافِلِ والغَزِيِّ إذا غَزَوْا ... والباكِرِينَ ولِلْمُجِدِّ الرَائحِ [[البيت، ورد في: "تهذيب اللغة" 3/ 2662 (غزا)، و"إعراب القرآن"، للنحاس ص 373، و"الأمالي" لأبي عبد الله اليزيدي 1، و"ذيل الأمالي" للقالي 3/ 8، و"أمالي المرتضى" 2/ 199، و"اللسان" 6/ 3253 (غزا)، و"المقاصد النحوية" 2/ 502.
وقد اختلف في نسبته، فقال اليزيدي في "الأمالي" (وقد قال لي الأصمعي، يرويها للصلتان العبدي). وقال القالي: (وكان في كتابي للصَّلتان، فقال [يعني ابن دريد]: هي لزياد الأعجم؛ وكان ينزل إصْطَخر، ورثى بهذه القصيدة المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة. قال: وأنشدنا هذه القصيدة أبو الحسن الأخفش لزياد الأعجم). "ذيل الأمالي" 3/ 8.
وقال ابن منظور: (رأيت في حواشي ابن برِّي أن هذا البيت للصليان [هكذا في "اللسان"، بالياء] العبدي، لا لزياد. قال: وقد غلط أيضًا في نسبتها لزياد، أبو الفرج الأصبهاني، صاحب الأغاني، وتبعه الناس على ذلك). "اللسان" 6/ 3253. والصَّلَتَان، هو: قُثَم بن خبيئة، من عبد القيس.
انظر: "الشعر والشعراء" (331)، و"معاهد التنصيص" 1/ 74.
وقد ورد في بعض المصادر: (والغزاة إذا غزو) وليس فيها موضع للشاهد. وورد: (للباكرين).
و (القوافل): جمع (قافِلَةٍ)، وهي: الرُّفْقَة الراجعة من سفرها إلى وطنها.
و (الباكِرِين): المُسْرِعين في الذهاب من أوَّلِ النهار. و (المُجِدّ الرائح): المجتهد في رجوعه آخر النهار، أو المجتهد في السير في وقت الرواح، وهو: من الزوال إلى الليل. والشاهد في البيت قوله: (الغَزِيِّ)، وهي جمعُ (غازٍ).
انظر: "اللسان" 3/ 1763 (روح)، و"الخزانة" 10/ 5.]] وفي الآية محذوفٌ، يَدُلُّ عليه الكلامُ؛ والتقدير: إذا ضَرَبُوا في الأرض، فَمَاتُوا أو كانوا غُزًّى فَقُتِلُوا، ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ [[(وما قتلوا): ليس في (ج).]].
فقوله: ﴿مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾؛ يَدُلُّ على موتِهم وقَتْلِهم.
وقوله تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي: لِيَجْعَلَ ظَنَّهُمْ -أَنَهم لو [لم]، [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب)، والمُثبت من (ج).]] يَحْضُروا [[في (ب): (حضروا).]] الحربَ؛ لاندفع عنهم القتلُ- حَسْرَةً في قلوبهم. وحَسْرَتُهُم -في مَقَالَتِهم، التي كانوا كاذبين فيها على القضاء والقدر-؛ أشَدُّ [[في (أ): (اشتد). وفي (ب): (واشتد). والمثبت من (ج).]] عليهم مما [[في (ب): (فيما).]] نالهم في قَتْلِ إخوانهم ومَوْتِهم.
وتقدير الآية: لا تكونوا كهؤلاء الكفار في هذا القول منهم؛ لِيَجْعَلَ اللهُ ذلك حسرةً في قلوبهم دونكم. فـ (اللام) في ﴿لِيَجْعَلَ﴾ متعلقة بـ ﴿لاَ تَكُونُوا﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أي [[من: (أي ..) إلى (.. في علم الله): نقله -بتصرف يسير جدًا- عن "معاني القرآن" للزجاج 1/ 824.]]: ليس يمنع الإنسانَ تَحَرُّزُهُ مِن إتْيَان أجَلِهِ على ما سَبَقَ في عِلْمِ الله -عز وجل-. فهو إنكارٌ على مَن خالفَ أمْرَ اللهِ في الجهاد؛ طَلَبًا [[في (أ) ، (ب)، (ج): (وطلبًا). ولم أر للواو وجهًا -هنا- فحذفتها.]] للحياة، وهَرَبًا من الموت. هذا قول أكثر المفسرين في هذه الآية [[انظر: المصدر السابق، و"تفسير الطبري" 4/ 148.]].
وقال ابن عباس -في رواية عطاء [[لم أقف على مصدر هذه الرواية.]] - في قوله: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ ، يريد: يومَ القِيَامَةِ؛ لِمَا هم فيه من الخِزْيِ والهَوَان، ولما فيه أولياء [[في (ج): (لأولياء).]] الله مِنَ الكَرَامَةِ والنَّعِيم. ﴿حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾؛ يريد: الندامة على ترك الإسلام.
﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾؛ يريد: يحيى قلوبَ أوليائه وأهلِ طاعته، وُيرْشِدُهم للعمل بطاعته، وُيميت قلوبَ أعدائِهِ من المنافقين والكُفَّار. واللَّام [[في (ج): (فاللام).]] -على هذا التفسير- في قوله ﴿لِيَجْعَلَ اَللَّهُ﴾ متعلق [[في (ب): (تتعلق).]] بقوله ﴿كَفَرُوا﴾؛ على [أنها] [[ما بين المعقوفين زيادة أضفتها لتستقيم بها العبارة]] لام العاقبة [[وتُسمَّى لام الصيرورة، ولام المآل.]]؛ مثل قوله: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [[سورة القصص: 8. وبقيتها: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾. وينسب القول بأن اللام -هنا- لام الصيرورة، للأخفش، وليس هو رأي أكثر النحويين. قال ابن هشام: (وأنكر البصريون ومن تابعهم، لامَ العاقبة. قال الزمخشري: والتحقيق أنها لام العلة، وأن التعليل فيها وارد على طريق المجاز، دون الحقيقة، وبيانه: أنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عَدُوًّا وحَزَنا، بل المحبةَ والتَّبنِّي، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته، شُبِّه بالداعي الذي يُفعَلُ الفعل لأجله. فاللام مستعارة لما يشبه التعليل، كما استعير الأسدُ لمن == يشبه الأسدَ). "مغني اللبيب" 283.
وانظر: كتاب "معاني الحروف" للرماني 56، و"الدر المصون" 3/ 454 - 456، و"همع الهوامع" 4/ 200.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ بالياء والتاء [[قرأ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ بالياء: ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف. وقرأ الباقون: نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء.
انظر: "السبعة" 217، و"الحجة" للفارسي 3/ 91، و"المبسوط" لابن مهران 148، و"إتحاف فضلاء البشر" ص 181.]]. فمن قرأ بالتاء؛ فلأن الآية خطاب، وهو قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا﴾. ومن قرأ [الياء] [[ما بين المعقوفين ساقط من: (أ). والمثبت من (ب)، (ج).]]، فلِلْغَيْبَةِ التي قبلها؛ وهو قوله: ﴿وَقَالُوا لِإخوَانِهِم﴾، فحمل الكلام على الغَيْبَةِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَقَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ إِذَا ضَرَبُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُوا۟ غُزࣰّى لَّوۡ كَانُوا۟ عِندَنَا مَا مَاتُوا۟ وَمَا قُتِلُوا۟ لِیَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَ ٰلِكَ حَسۡرَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق