الباحث القرآني
﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [الكهف: ١٠٤، ١٠٥] ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ الكونية أو الشرعية؟
* الطلبة: (...).
* الشيخ: الظاهر كلاهما، لكن الذين كذبوا الرسول ﷺ كذبوا بالآيات الشرعية ولم يكذبوا بالآيات الكونية، الدليل أن الله تعالى أخبر بأنهم إذا سئلوا مَنْ خلق السماوات والأرض يقولون: الله عز وجل، ولا أحد منهم يَدَّعي أن هناك خالقًا مع الله لكنهم كذبوا بالآيات الشرعية، كذبوا الرسول، وكذبوا بما جاء به فهم داخلون في الآية.
﴿وَلِقَائِهِ﴾ أي: كذَّبوا بلقاء الله، ومتى يكون لقاء الله؟ يكون يوم القيامة، فهؤلاء كذبوا بيوم القيامة، وجادلوا وأُرُوا الآيات، ولكنهم أصروا؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ [يس ٧٧، ٧٨] يكذبنا فيه، فقال: ﴿مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس ٧٨] تحدٍّ، مَنْ يُحْييها؟ ﴿رَمِيمٌ﴾ لا فيها حياة ولا شيء، أُجِيب ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس ٧٩] مَنْ أنشأها أول مرة؟ الله، يحييها الله، والإعادة أهون من الابتداء كما قال -عز وجل-: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم ٢٧] هذا الدليل، إذن الدليل على إمكان البعث، وإحياء العظام وهي رميم أن الله تعالى ابتدأها، ولما قال زكريا حين بُشِّرَ بالولد، وقد بلغ في الكبر عتيًا، وأن امرأته عاقر قال الله تعالى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ [مريم ٩]، فالذي خلقك من قبل وأنت لم تكن شيئًا قادر على أن يجعل لك ولدًا، إذن ﴿يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس ٧٩] هذا الدليل.
﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس ٧٩] وإذا كان بكل خلق عليمًا فإنه لن يتعذر عليه أن يخلق ما شاء، من الذي يَمْنَعُه إذا كان عليمًا بكل الخلق؟ لا أحد يمنعه، ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾ [يس ٨٠] شَجَرٌ أَخضر يخرج منه نار! هكذا عندكم؟!
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا تعرفه؟! الشجر عندكم، الشجر الأخضر يضرب بالزند ثم ينقدح نارًا، وكان العرب يعرفون هذا فالذي يخرج هذه النار، وهي حارة يابسة من غصن رطب بارد، يعني: متضادان غاية التضاد قادر على أن يخلق الإنسان أو أن يعيد خلق هذه العظام وهي رميم، كم هذا من دليل؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ﴿الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾ [يس ٧٩، ٨٠] ثم حقق هذه النار بقوله: ﴿فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾.
الدليل الرابع: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ [يس ٨١] الجواب: ﴿بَلَى﴾.
قال الله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر ٥٧]، فالذي خلق السماوات والأرض بكبرها وعظمها قادر على أن يعيد جزءًا من لا شيء بالنسبة للأرض، من أنت يا ابن آدم بالنسبة للأرض؟ لا شيء، أنت خلقت منها، أنت بعض منها، بعض يَسيرٌ منها، فالذي قدر على خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم.
﴿بَلَى﴾ قال الله تعالى مجيبًا نفسه: ﴿بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس ٨١] هذا دليل خامس، ﴿الْخَلَّاقُ﴾ صيغة مبالغة، وإن شئت فاجعلها نسبة يعني: أنه موصوف بالخلق أزلًا وأبدًا، وهو تأكيدٌ لقوله قبل: ﴿وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس ٨١].
الدليل السادس: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]، لا يحتاج إلى عُمَّال، ولا بنائين، ولا أحد ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]؛ ولهذا قال -عز وجل-: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس ٥٣]، كلمة واحدة ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]. الدليل السابع؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [يس ٨٣] ﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾ [يس ٨٣] فبيده ملكوته -عز وجل- يتصرف كما يشاء، فنسأله -عز وجل- أن يهدينا صراطه المستقيم.
﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس ٨٣] هذا الدليل الثامن، وإنما كان دليلًا؛ لأنه لولا رجوعنا إلى الله -عز وجل- لكان وجودنا عبثًا، وهذا ينافي الحكمة فتأمل سياق هذه الأدلة الثمانية في هذا القول الموجز، ومع ذلك ينكرون لقاء الله، قال الله عز وجل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ﴾.
وفي قوله: ﴿بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ إلزام لهم بالإيمان بالآيات؛ لأن كونه ربُّهم -عز وجل- يجب أن يطيعوه وأن يؤمنوا به، لكن مَنْ حقَّت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن.
﴿فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ حبطت يعني: بطلت ولم ينتفعوا بها، حتى لو أن الكافر أحسن وأصلح الطرق وبنى الرُبُط وتصدَّق على الفقراء، فإن ذلك لا ينفعه، إن أراد الله أن يثيبه عجَّل له الثواب في الدنيا، أما في الآخرة فلا نصيب له -نعوذ بالله- نسأل الله الحماية والعافية؛ لأن أعماله حبطت.
ولكن هل يَحْبَط العمل بمجرد الردة، أم لا بد من شرط؟ لا بد من شرط، وهو أن يموت على ردته، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [البقرة ٢١٧]، أما لو ارتد ثم مَنَّ الله عليه بالرجوع إلى الإسلام، فإنه يعود عليه عمله الصالح السابق للردة.
﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف ١٠٥] يعني: أنه لا قدر لهم عندنا ولا يزان، وهو كناية عن سقوط مرتبتهم عند الله -عز وجل- وقيل: إن المعنى لا نزنهم؛ لأن الوزن إنما يُحتاج إليه لمعرفة ما يترجح من حسنات أو سيئات، والكافر ليس له عمل حتى يوزن، ولكن الصحيح أن الأعمال توزن كلها، قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ [القارعة ٦-١١]. فيقام الوزن لإظهار الحجة عليهم، والمسألة هذه فيها خلاف، نكمل إن تمكنا من ذكر الخلاف، وإلا فالكتب بين أيديكم.
{"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَاۤىِٕهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَلَا نُقِیمُ لَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَزۡنࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق