الباحث القرآني

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي عَمَلٍ يَرْجُونَ بِهِ فَضْلًا وَنَوَالًا فَنَالُوا هَلَاكًا وَبَوَارًا كَمَنْ يَشْتَرِي سِلْعَةً يَرْجُو عَلَيْهَا رِبْحًا فَخَسِرَ وَخَابَ سَعْيُهُ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِمْ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَقِيلَ: هُمُ الرُّهْبَانُ. ﴿الَّذِينَ﴾ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ [[ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء، بل هي أعم من هذا فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية، يحسب أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول وهو مخطئ وعمله مردود، كما قال تعالى: "وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية"، وقال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" انظر: تفسير ابن كثير: ٣ / ١٠٨. وهو ما قاله الطبري أيضا حيث رجح أنه عني بها كل عامل عملا يحسبه فيه مصيبا، وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر، كالرهبانية والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة، من أهل أي دين كانوا. انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ٣٤.]] ﴿ضَلَّ سَعْيُهُمْ﴾ بَطَلَ عَمَلُهُمْ وَاجْتِهَادُهُمْ ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ أَيْ عَمَلًا. ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ﴾ بَطَلَتْ ﴿أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ أَيْ لَا نَجْعَلُ لَهُمْ خَطَرًا وَقَدْرًا، تَقُولُ الْعَرَبُ: "مَا لِفُلَانٍ عِنْدِي وَزْنٌ" أَيْ: قَدْرٌ لِخِسَّتِهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابن مَرْيَمَ أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بعوضة"، وقال اقرؤوا ما شِئْتُمْ: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [[أخرجه البخاري في التفسير باب "أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ... ": ٨ / ٤٢٦، ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم باب صفة القيامة والجنة والنار، برقم (٢٧٨٥) : ٤ / ٢١٤٧.]] . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: يَأْتِي أُنَاسٌ بِأَعْمَالٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هِيَ عِنْدَهُمْ فِي الْعِظَمِ كَجِبَالِ تِهَامَةَ فَإِذَا وَزَنُوهَا لَمْ تَزِنْ شَيْئًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب