الباحث القرآني
أَمَرَ تَعَالَى بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ، وَالدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ عَلَى ذَلِكَ وَالِاسْتِمْرَارِ، وَحَثَّ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ أَيْ مِمَّا هُوَ مَعَكُمْ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي أَيْدِي مَنْ قَبْلَكُمْ ثُمَّ صَارَ إِلَيْكُمْ، فَأَرْشَدَ تَعَالَى إِلَى اسْتِعْمَالِ مَا اسْتَخْلَفَهُمْ فِيهِ مِنَ الْمَالِ فِي طَاعَتِهِ، فَإِنْ [[في م: "وإن لم".]] يَفْعَلُوا وَإِلَّا حَاسَبَهُمْ عَلَيْهِ وَعَاقَبَهُمْ لِتَرْكِهِمُ الْوَاجِبَاتِ فِيهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سَيَكُونُ مُخَلَّفًا عَنْكَ، فَلَعَلَّ وَارِثَكَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ، فَيَكُونَ أَسْعَدَ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ مِنْكَ، أَوْ يَعْصِيَ اللَّهَ فِيهِ فَتَكُونَ قَدْ سَعَيْتَ فِي مُعَاوَنَتِهِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ مُطَرَّف-يَعْنِي بْنَ عَبْدِ الله بن الشخير-عن أبيه قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: " ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ [التَّكَاثُرِ:١] ، يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي! وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟ ".
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، بِهِ [[المسند (٤/٢٤) وصحيح مسلم برقم (٢٩٥٨) .]] وَزَادَ: "وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ"
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ تَرْغِيبٌ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِنْفَاقِ فِي الطَّاعَةِ،
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ﴾ ؟ أَيْ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالرَّسُولُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، يَدْعُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ لَكُمُ الْحُجَجَ وَالْبَرَاهِينَ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءَكُمْ بِهِ؟ وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ طُرُق فِي أَوَائِلَ شَرْحِ "كِتَابِ الْإِيمَانِ" مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: "أيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْجَبُ إِلَيْكُمْ إِيمَانًا؟ " قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: "وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ " قَالُوا: فَالْأَنْبِيَاءُ. قَالَ: "وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ؟ ". قَالُوا: فَنَحْنُ؟ قَالَ: "وَمَا لَكَمَ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ وَلَكِنْ أَعْجَبُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا قَوْمٌ يجيؤون بَعْدِكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا" [[سبق تخريج الحديث عند تفسير الآية: ٣ من سورة البقرة.]]
وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ هَذَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ "الْبَقَرَةِ" عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٣] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾ كَمَا قَالَ: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [الْمَائِدَةِ:٧] . وَيَعْنِي بِذَلِكَ: بَيْعَةَ الرَّسُولِ ﷺ.
وَزَعَمَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ آدَمَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مُجَاهِدٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ أَيْ: حُجَجًا وَاضِحَاتٍ، وَدَلَائِلَ بَاهِرَاتٍ، وَبَرَاهِينَ قَاطِعَاتٍ، ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أَيْ: مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ والآراء الْمُتَضَادَّةِ إِلَى نُورِ الْهُدَى وَالْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ: فِي إِنْزَالِهِ الْكُتُبَ وَإِرْسَالِهِ الرُّسُلَ لِهِدَايَةِ النَّاسِ، وَإِزَاحَةِ الْعِلَلِ وَإِزَالَةِ الشُّبَهِ.
وَلَمَّا أَمَرَهُمْ أَوَّلًا بِالْإِيمَانِ وَالْإِنْفَاقِ، ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَزَالَ عَنْهُمْ مَوَانِعَهُ، حَثَّهُمْ [[في م: "ثم حثهم".]] أَيْضًا عَلَى الْإِنْفَاقِ. فَقَالَ: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ أَيْ: أَنْفَقُوا وَلَا تخشَوا فَقْرًا [[في أ: "قترًا".]] وَإِقْلَالًا فَإِنَّ الَّذِي أَنْفَقْتُمْ في سبيله هو مالك السموات وَالْأَرْضِ، وَبِيَدِهِ مَقَالِيدُهُمَا، وَعِنْدَهُ خَزَائِنُهُمَا، وَهُوَ مَالِكُ الْعَرْشِ بِمَا حَوَى، وَهُوَ الْقَائِلُ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سَبَإٍ:٣٩] ، وَقَالَ ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النَّحْلِ:٩٦] فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ أَنْفَقَ، وَلَمْ يَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سَيُخْلِفُهُ عَلَيْهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾ أَيْ: لَا يَسْتَوِي هَذَا وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَفِعْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ كَانَ الْحَالُ شَدِيدًا، فَلَمْ يَكُنْ يُؤْمِنُ حِينَئِذٍ إِلَّا الصِّدِّيقُونَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْفَتْحِ فَإِنَّهُ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ ظُهُورًا عَظِيمًا، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بالفتح هاهنا فَتْحُ مَكَّةَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بالفتح هاهنا: صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا زُهَير، حَدَّثَنَا حُمَيد الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا؟ فَبَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ ذُكر لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: " دَعُوا لِي أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ-أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ-ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ" [[المسند (٣/٢٦٦) .]]
وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِسْلَامَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُوَاجِهِ بِهَذَا الْخِطَابِ كَانَ بَيْنَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُشَاجَرَةُ بَيْنَهُمَا فِي بَنِي جَذيمة الَّذِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: "صَبَأْنَا، صَبَأْنَا"، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: "أَسْلَمْنَا"، فَأَمَرَ خَالِدٌ بِقَتْلِهِمْ وَقَتْلِ مَنْ أُسِرِ مِنْهُمْ، فَخَالَفَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا. فَاخْتَصَمَ خَالِدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسَبَبِ ذَلِكَ [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٧١٨٩) من حديث بن عمر، رضي الله عنه.]]
وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصيفه" [[صحيح البخاري برقم (٣٦٧٣) وصحيح مسلم برقم (٢٥٤١) من حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]]
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عن زيد بن أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ تُحَقِّرُونَ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ" فَقُلْنَا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُرَيْشٌ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا". فَقُلْنَا: أَهُمْ خَيْرٌ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَنْفَقَهُ، مَا أَدْرَكَ مُدّ أَحَدِكُمْ وَلَا نَصيفه، أَلَا إِنَّ هَذَا فَضْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ، ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [[تفسير الطبري (٢٧/١٢٧) .]]
] وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ بِهَذَا السِّيَاقِ، وَالَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -ذَكَر الْخَوَارِجَ-: "تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ" [[صحيح البخاري برقم (٦٩٣١) وصحيح مسلم برقم (٤٦٠١) .]] الْحَدِيثَ. وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَقَالَ:
حَدَّثَنِي بْنُ الْبَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ التَّمَّارِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ تُحَقِّرُونَ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ". قُلْنَا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قُرَيْشٌ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنْ أَهْلُ الْيَمَنِ، لِأَنَّهُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا". وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ". فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُمْ خَيْرٌ مِنَّا؟ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ يُنْفِقُهُ مَا أَدَّى مُدّ أَحَدِكُمْ وَلَا نَصِيفَهُ". ثُمَّ جَمَعَ أَصَابِعَهُ وَمَدَّ خِنْصَرَهُ، وَقَالَ: "أَلَا إِنَّ هَذَا فضلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ، ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ] " [[زيادة من م، أ.]] [[تفسير الطبري (١٧/١٢٧) .]]
فَهَذَا السِّيَاقُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحُدَيْبِيَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْفُوظًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُنْزِلَ قَبْلَ الْفَتْحِ إِخْبَارًا عَمَّا بَعْدَهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ "الْمُزَّمِّلِ"-وَهِيَ مَكِّيَّةٌ، مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ-: ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ [الْمُزَّمِّلِ: ٢٠] فَهِيَ بِشَارَةٌ بِمَا يُسْتَقْبَلُ، وَهَكَذَا هَذِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ يَعْنِي الْمُنْفِقِينَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَبَعْدَهُ، كُلُّهُمْ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى مَا عَمِلُوا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ تَفَاوُتٌ فِي تُفَاضُلِ الْجَزَاءِ كَمَا قَالَ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النِّسَاءِ:٩٥] . وَهَكَذَا [[في م، أ: "وهذا".]] الْحَدِيثُ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ" [[صحيح مسلم برقم (٢٦٦٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] وَإِنَّمَا نَبَّه بِهَذَا لِئَلَّا يُهدرَ جَانِبُ الْآخَرِ بِمَدْحِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ، فَيَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ ذَمَّهُ؛ فَلِهَذَا عَطَفَ بِمَدْحِ الْآخَرِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، مَعَ تَفْضِيلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أَيْ: فَلِخِبْرَتِهِ فَاوَتَ بَيْنَ ثَوَابِ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِعِلْمِهِ بِقَصْدِ الْأَوَّلِ وَإِخْلَاصِهِ التَّامِّ، وَإِنْفَاقِهِ فِي حَالِ الْجُهْدِ وَالْقِلَّةِ وَالضِّيقِ. وَفِي الْحَدِيثِ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفٍ" [[رواه النسائي في السنن (٥/٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] وَلَا شَكَّ عِنْدَ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنَّ الصِّدِّيقَ أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَهُ الْحَظُّ الْأَوْفَرُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ أَنْفَقَ مَالَهُ كُلَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ يَجْزِيهِ بِهَا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ [[في أ: "الشرعي".]] أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ قَدْ خَلَّها فِي صَدْرِهِ بِخِلَالٍ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَالِي أَرَى أَبَا بَكْرٍ عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ قَدْ خَلَّها فِي صَدْرِهِ بِخلال؟ فَقَالَ: "أَنْفَقَ مَالَهُ عليَّ قَبْلَ الْفَتْحِ" قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: أَرَاضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَرَاضٍ أنت عَني في فقرك هذا أم ساخط؟ " فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَسْخَطُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ؟ إِنِّي عَنْ رَبِّي رَاضٍ [[معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٤) وفيه: "إني عن ربي راض" مرتين، ووجه ضعفه أنه فيه العلاء بن عمرو. قال بن حبان: "يروى أبي إسحاق الفزاري العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال" وساق الحديث.]]
هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هُوَ الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّفَقَةُ عَلَى الْعِيَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ وَعَزِيمَةٍ صَادِقَةٍ، دَخَلَ فِي عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٤٥] [[في أ، م، هـ: "أضعافًا كثيرة وله أجر كريم" وهوخطأ، والصواب ما أثبتناه.]] أَيْ: جَزَاءٌ جَمِيلٌ وَرِزْقٌ بَاهِرٌ-وَهُوَ الْجَنَّةُ-يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ " قَالَ: "نَعَمْ، يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ". قَالَ أَرِنِي يَدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَنَاوَلَهُ يَدَهُ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي-وَلَهُ حَائِطٌ [[في أ: "وحائط له".]] فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ فِيهِ وَعِيَالُهَا-قال: فجاء أبو الدحداح فنادها: يَا أَمَّ الدَّحْدَاحِ. قَالَتْ: لَبَّيْكَ. فَقَالَ: اخْرُجِي، فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ-وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: رَبح بَيْعُكَ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ. وَنَقَلَتْ مِنْهُ مَتَاعَهَا وَصِبْيَانَهَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "كَمْ مِنْ عَذْق رَدَاح فِي الْجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ". وَفِي لَفْظٍ: "رُبَّ نَخْلَةٍ مُدَلَّاةٍ عُرُوقُهَا دُرٌّ وياقوت لأبي الدحداح في الجنة". [[ورواه أبو يعلى في مسنده (٨/٤٠٤) عن محرز بن عون، عن خلف بن خليفة به، وضعفه الحافظ بن حجر في المطالب العالية برقم (٤٠٨٠) كما ذكره المحقق الفاضل حسين أسد.]]
{"ayahs_start":7,"ayahs":["ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِۖ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَأَنفَقُوا۟ لَهُمۡ أَجۡرࣱ كَبِیرࣱ","وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ یَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُوا۟ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِیثَـٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ","هُوَ ٱلَّذِی یُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦۤ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲ لِّیُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ","وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا یَسۡتَوِی مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُوا۟ۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ","مَّن ذَا ٱلَّذِی یُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَـٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥۤ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ"],"ayah":"ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِۖ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَأَنفَقُوا۟ لَهُمۡ أَجۡرࣱ كَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق