الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ، وَآمِرًا لَهُ بِالتَّأَسِّي بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، وَمُخْبِرُهُ بِأَنَّهُ مَا بَعَثَ نَبِيًّا فِي قَرْيَةٍ إِلَّا كَذَّبَهُ [[في ت: "إلا كفر به".]] مُتْرَفُوهَا، وَاتَّبَعَهُ ضُعَفَاؤُهُمْ، كَمَا قَالَ قَوْمُ نُوحٍ: ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ١١١] ، ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هُودٍ: ٢٧] ، وَقَالَ الْكُبَرَاءُ مِنْ قَوْمِ صَالِحٍ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف: ٧٥، ٧٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٥٣] ؟ وَقَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٢٢] وَقَالَ: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا [فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ [[زيادة من ت.]] ] ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ١٦] . وَقَالَ هَاهُنَا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ﴾ أَيْ: نَبِيٍّ أَوْ رَسُولٍ ﴿إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾ ، وَهُمْ أُولُو النِّعْمَةِ وَالْحِشْمَةِ وَالثَّرْوَةِ والرياسة. قال قتادة: هم جَبَابرتهم وقادتهم ورؤوسهم فِي الشَّرِّ. ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونََ﴾ أَيْ: لَا نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نَتَّبِعُهُ. قَالَ [[في ت: "روى".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِين قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ شَرِيكَانِ [[في ت، س: "شريكين".]] خَرَجَ أَحَدُهُمَا إِلَى السَّاحِلِ وَبَقِيَ الْآخَرُ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ كَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ يَسْأَلُهُ: مَا فَعَلَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِنَّمَا [[في س: "إلا".]] اتَّبَعَهُ أَرَاذِلُ [[في ت، س: "رذالة".]] النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ. قَالَ: فَتَرَكَ تِجَارَتَهُ ثُمَّ أَتَى صَاحِبَهُ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَيْهِ -قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ، أَوْ بَعْضَ الْكُتُبِ-قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِلَامَ تَدْعُو؟ قَالَ: "إِلَى كَذَا وَكَذَا". قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: "وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ " قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ إِلَّا اتَّبَعَهُ رُذَالة النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [[في ت، س: "الآيات".]] : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ ] الْآيَاتِ] [[زيادة من ت، س.]] ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ تَصْدِيقَ مَا قُلْتَ". [[ورواه ابن أبي شيبة وابن المنذر كما في الدر المنثور (٦/٧٠٤) ووقع في الدر: "ابن زيد" بدل: "أبو رزين".]] وَهَكَذَا قَالَ هِرَقْلُ لِأَبِي سُفْيَانَ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْمَسَائِلَ، قَالَ فِيهَا: وَسَأَلْتُكَ: أَضُعَفَاءُ النَّاسِ اتَّبَعَهُ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَزَعَمْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُتْرَفِينَ الْمُكَذِّبِينَ: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينََ﴾ أَيِ: افْتَخَرُوا بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُمْ وَاعْتِنَائِهِ بِهِمْ، وَأَنَّهُ مَا كَانَ لِيُعْطِيَهُمْ هَذَا فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يُعَذِّبُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَهَيْهَاتَ لَهُمْ ذَلِكَ. قَالَ اللَّهُ: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٥، ٥٦] وَقَالَ: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: ٥٥] ، [[في ت، س: "أن يعذبهم".]] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا. وَبَنِينَ شُهُودًا. وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ. كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا. سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا.﴾ [المدثر: ١١-١٧] . وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ صَاحِبِ تَيْنِكَ الْجَنَّتَيْنِ: أَنَّهُ كَانَ ذَا مَالٍ وَوَلَدٍ وَثَمَرٍ، ثُمَّ لَمْ تُغن عَنْهُ شَيْئًا، بَلْ سُلب ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَاهُنَا: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ أَيْ: يُعْطِي الْمَالُ لِمَنْ يُحِبُّ ومَنْ لَا يُحِبُّ، فَيُفْقِرُ مَنْ يَشَاءُ وَيُغْنِي مَنْ يَشَاءُ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ الْبَالِغَةُ، وَالْحُجَّةُ الدَّامِغَةُ الْقَاطِعَةُ ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونََ﴾ . ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى﴾ أَيْ: لَيْسَتْ هَذِهِ دَلِيلًا عَلَى مَحَبَّتِنَا لَكُمْ، وَلَا اعْتِنَائِنَا بِكُمْ. قَالَ [[في ت: "كما روى".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا كَثير، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [[في ت، س: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال".]] : إن اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ". [وَ] [[زيادة من س.]] رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَان، بِهِ. [[المسند (٢/٥٣٩) وصحيح مسلم برقم (٢٥٦٤) وسنن ابن ماجه برقم (٤١٤٣) .]] وَلِهَذَا قَالَ: ﴿إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ أَيْ: إِنَّمَا يُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا﴾ أَيْ: تُضَاعِفُ [[في س: "يضاعف".]] لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ [[في ت، س، أ: "بعشر".]] أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ أَيْ: فِي مَنَازِلِ الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ آمَنُونَ مِنْ كُلِّ بَأْسٍ وَخَوْفٍ وَأَذًى، وَمِنْ كُلِّ شَرٍّ يُحْذَر مِنْهُ. قَالَ [[في ت: "وروى".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا فَرْوَة بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغرفا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا". فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: "لِمَنْ طَيَّبَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، [وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسِ نِيَامٌ] " [[زيادة من ت، أ.]] [[ورواه الترمذي في السنن برقم (١٩٨٤) من طريق عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق بأطول منه، وَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقد تكلم أهل الحديث في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قبل حفظه وهو كوفي". قلت: وله شواهد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي مالك الأشعري وأبي معانق الأشعري، رضي الله عنهم.]] . ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ أَيْ: يَسْعَوْنَ فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ الرُّسُلِ وَالتَّصْدِيقِ بِآيَاتِهِ، ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ أَيْ: جَمِيعُهُمْ مَجْزيون بِأَعْمَالِهِمْ فِيهَا بِحَسْبِهِمْ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ أَيْ: بِحَسْبِ مَا لَه فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، يَبْسُطُ عَلَى هَذَا مِنَ الْمَالِ كَثِيرًا، وَيُضَيِّقُ عَلَى هَذَا وَيَقْتُرُ عَلَى هَذَا رِزْقَهُ جِدًّا، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ مَا لَا يُدْرِكُهَا غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٢١] أَيْ: كَمَا هُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي الدُّنْيَا: هَذَا فَقِيرٌ مُدْقِعٌ، وَهَذَا غَنِيٌّ مُوَسَّع عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ: هَذَا فِي الغُرفات فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَهَذَا فِي الغَمرَات فِي أَسْفَلِ الدَّرَكَاتِ. وَأَطْيَبُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ ورُزق كَفَافا، وقَنَّعه اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرو. [[صحيح مسلم برقم (١٠٥٤) .]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أَيْ: مَهْمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ، فَهُوَ يُخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْبَدَلِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ [[في ت: "في الصحيح".]] : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أنْفق [[في أ: "ابن آدم أنفق".]] أنْفق عَلَيْكَ" [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٦٨٤) ومسلم في صحيحه برقم (٩٩٣) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.]] . وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ مَلِكَيْنِ يَصيحان كُلَّ يَوْمٍ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا: "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكا تَلَفًا"، وَيَقُولُ الْآخَرُ: "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا" [[رواه البخاري في صحيحه برقم (١٤٤٢) ومسلم في صحيحه برقم (١٠١٠) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.]] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "أَنْفِقْ بِلَالًا وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالَا" [[جاء عن جماعة من الصحابة، فرواه الطبراني في المعجم الكبير (١/٣٤٠) من طريق قيس بن الربيع عن أبي حصين، عن يحيي بن وثاب، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، وقيس بن الربيع ضعفوه. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١/٣٤٢) ، وأبو يعلى في مسنده (١٠/٤٢٩) وأبو نعيم في الحلية (٢/٢٨٠) عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيربن عن أبي هريرة، رضى الله عنه. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١/٣٥٩) من طريق أبي إسحاق عن مسروق عن بلال، رضي الله عنه، وفيه ابن زبالة وهو ضعيف.]] . وَقَالَ [[في ت: "وروي".]] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الطَّلَّاسِ، حَدَّثَنَا هُشَيْم عَنِ الْكَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أَلَا إِنَّ بَعْدَكُمْ [[في س: "بعدكم هذا زمان".]] زَمَانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ [[في ت، س: "يديه".]] حَذَارَ الْإِنْفَاقِ". ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينََ﴾ [[ذكره السيوطي في الدر (٦/٧٠٧) وقال: "أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف فذكره".]] وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا هُشَيم، عَنِ الْكَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "أَلَا إِنَّ بَعْدَ زَمَانِكُمْ هَذَا زَمَانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ حَذَارَ الْإِنْفَاقِ"، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينََ﴾ ، وَيَنْهَل شِرَارُ الْخَلْقِ يُبَايِعُونَ كُلَّ مُضْطَرٍّ، أَلَا إِنَّ بِيعَ الْمُضْطَرِّينَ حَرَامٌ، [أَلَا إِنَّ بَيْعَ الْمُضْطَرِّينَ حَرَامٌ] [[زيادة من ت، س.]] الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَعْرُوفٌ، فَعُد بِهِ عَلَى أَخِيكَ، وَإِلَّا فَلَا تَزده هَلَاكًا إِلَى هَلَاكِهِ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ. [[ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (١/٢٦١) وعزاه لأبي يعلى في مسنده.]] وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ مجاهد: لا يتأولن أحدكم هذه الْآيَةَ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهَ﴾ : إِذَا كَانَ عِنْدَ أَحَدِكُمْ مَا يُقِيمُهُ فَلْيَقْصِدْ فِيهِ، فَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب