الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ، نَاهِيًا لَهُمْ عَمَّا يُقَرِّبُهُمْ إِلَى سَخَطِهِ وَيُبْعِدُهُمْ عَنْ رِضَاهُ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَيْ: خَافُوهُ وَرَاقِبُوهُ فِيمَا تَفْعَلُونَ ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ أَيِ: اتْرُكُوا مَا لَكَمَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْأَمْوَالِ، بَعْدَ هَذَا الْإِنْذَارِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أَيْ: بِمَا شَرَعَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ تَحْلِيلِ الْبَيْعِ، وَتَحْرِيمِ الرِّبَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ ذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ جُرَيج، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَالسُّدِّيُّ: أَنَّ هَذَا السِّيَاقَ نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَبَنِي الْمُغِيرَةِ مَنْ بَنِي مَخْزُومٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَدَخَلُوا فِيهِ، طَلَبَتْ ثَقِيفٌ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُمْ، فَتَشَاوَرُوا [[في جـ، أ، و: "فتشاجروا".]] وَقَالَتْ بَنُو الْمُغِيرَةِ: لَا نُؤَدِّي الرِّبَا فِي الْإِسْلَامِ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ نَائِبُ مَكَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَكَتَبَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ فَقَالُوا: نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَنَذَرُ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا، فَتَرَكُوهُ كُلُّهُمْ.
وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، لِمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى تَعَاطِي الرِّبَا بَعْدَ الْإِنْذَارِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ﴾ أَيِ: اسْتَيْقِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ رَبِيعَةَ بْنِ كُلْثُومٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس قَالَ: يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلَاحَكَ لِلْحَرْبِ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الرِّبَا لَا يَنْزَعُ عَنْهُ فَحَقٌّ [[في أ: "يحق".]] عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ نَزَعَ وَإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُمَا قَالَا وَاللَّهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ الصَّيَارِفَةَ لَأَكَلَةُ الرِّبَا، وَإِنَّهُمْ قَدْ أَذِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى النَّاسِ إِمَامٌ عَادِلٌ لَاسْتَتَابَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا وَضَعَ فِيهِمُ السِّلَاحَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَوْعَدَهُمُ اللَّهُ بِالْقَتْلِ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَجَعَلَهُمْ بَهْرَجَا أَيْنَمَا أَتَوْا [[في جـ، أ، و: "أينما ثقفوا".]] ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا خَالَطَ هذه البيوع مِنَ الرِّبَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْسَعَ الْحَلَالَ وَأَطَابَهُ، فَلَا تُلْجِئَنَّكُمْ إِلَى مَعْصِيَتِهِ فَاقَةٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أَوْعَدَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا بِالْقَتْلِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ لِأُمِّ مُحِبَّةَ، مَوْلَاةِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ: أَخْبِرِيهِ أَنَّ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ بَطَلَ، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ، فَخَصَّتِ الْجِهَادَ؛ لِأَنَّهُ ضِدَّ قَوْلِهِ: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى ذَكَرَهُ كَثِيرٌ [[في جـ، أ، و: "ذكره ابن بطال".]] . قَالَ: وَلَكِنَّ هَذَا إِسْنَادُهُ إِلَى عَائِشَةَ ضَعِيفٌ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ﴾ أَيْ: بِأَخْذِ الزِّيَادَةِ [[في جـ، أ: "بأخذ الربا".]] ﴿وَلا تُظْلَمُونَ﴾ أَيْ: بِوَضْعِ رُؤُوسِ الْأَمْوَالِ أَيْضًا، بَلْ لَكُمْ مَا بَذَلْتُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ [[في جـ، أ: "ولا نقصان".]] مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ الْبَارِقِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ عَنْكُمْ كُلُّهُ، لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ، وَأَوَّلُ رِبًا مَوْضُوعٍ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، مَوْضُوعٌ كُلُّهُ" كَذَا وَجَدْتُهُ: سُلَيْمَانَ بْنَ الْأَحْوَصِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ" [[ورواه أبو داود في السنن برقم (٣٣٣٤) عن مسدد به، ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٣٠٥٥) من طريق أبي الأحوص به.]] .
وَكَذَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُرَّة [[في جـ: "عن أبي حمزة".]] الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمْرٍو -هُوَ ابْنُ خَارِجَةَ -فَذَكَرَهُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ : يَأْمُرُ تَعَالَى بِالصَّبْرِ عَلَى الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ وَفَاءً، فَقَالَ: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة﴾ [أَيْ] : [[زيادة من جـ، أ، و.]] لَا كَمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِمَدِينِهِ إِذَا حَلَّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ: إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ.
ثُمَّ يَنْدُبُ [[في جـ: "ثم ندب".]] إِلَى الْوَضْعِ عَنْهُ، وَيَعِدُ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرَ وَالثَّوَابَ الْجَزِيلَ، فَقَالَ: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أَيْ: وَأَنْ تَتْرُكُوا رَأْسَ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَضَعُوهُ عَنِ الْمَدِينِ. وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِذَلِكَ:
فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ [النَّقِيبِ] ، [[زيادة من جـ، أ، و.]] قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الرَّجَّانِيُّ [[في جـ، أ، و: "المرجاني".]] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، فَلْيُيَسِّر عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ لِيَضَعْ عَنْهُ" [[المعجم الكبير (١/٣٠٤) وقال الهيثمي في المجمع (٤/١٣٤) : "عاصم ضعيف ولم يدرك أسعد بن زرارة".]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الثاني".]] : عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حدثنا محمد بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ ". قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ". قُلْتُ: سَمِعْتُكَ -يَا رَسُولَ اللَّهِ -تَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ". ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ"؟! قَالَ: "لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةٌ" [[المسند (٥/٣٦٠) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الثالث".]] : عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ [الْإِمَامُ] [[زيادة من جـ، أ، و.]] أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَكَانَ يَأْتِيهِ يَتَقَاضَاهُ، فَيَخْتَبِئُ [[في جـ، أ: "فيختفي".]] مِنْهُ، فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَخَرَجَ صَبِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي الْبَيْتِ يَأْكُلُ خَزِيرَةً فَنَادَاهُ: يَا فُلَانُ، اخْرُجْ، فَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ هَاهُنَا فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا يُغَيِّبُكَ عَنِّي؟ فَقَالَ: إِنِّي مُعْسِرٌ، وَلَيْسَ عِنْدِي. قَالَ: آللَّهَ إِنَّكَ مُعْسِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَكَى أَبُو قَتَادَةَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ -أَوْ مَحَا عَنْهُ -كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [[المسند (٥/٣٠٨) ولم أقع عليه في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة، والله أعلم.]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الرابع".]] : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا الْأَخْنَسُ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ [[هو أحمد بن عمران الأخنسى، والأخنسى نسبة انظر: الجرح والتعديل (٢/٦٤) .]] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِبْعي بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَتَى اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: مَاذَا عَمِلْتَ لِي فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: مَا عَمِلْتُ لَكَ يَا رَبِّ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا أَرْجُوكَ بِهَا، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ الْعَبْدُ عِنْدَ آخِرِهَا: يَا رَبِّ، إِنَّكَ أَعْطَيْتَنِي فَضْلَ مَالٍ، وَكُنْتُ رَجُلًا أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَحَقُّ مَنْ يُيَسِّرُ، ادْخُلِ الْجَنَّةَ".
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ -مِنْ طُرُقٍ -عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ. زَادَ مُسْلِمٌ: وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ [[صحيح البخاري برقم (٢٣٩١، ٢٧٠٧، ٣٤٥١) وصحيح مسلم برقم (١٥٦٠) .]] بِنَحْوِهِ. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ".
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الخامس".]] : عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ سَهْلًا حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: "مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَازِيًا، أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مكاتبًا في رَقَبَتِهِ، أَظَلَّهُ اللَّهُ [[في جـ، أ، و: "أظله الله في ظله".]] يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ" ثُمَّ قَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ [[المستدرك (٢/٢١٧) ، وتعقبه الذهبي في التلخيص. قلت: "بل فيه عمرو بن ثابت وهو رافضي متروك".]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث السادس".]] : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ، وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ، فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ"، انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (٢/٢٣) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث السابع".]] : عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا عَمِلْتُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَرْجُوكَ بِهَا، فَقَالَهَا لَهُ ثَلَاثًا، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: أَيْ رَبِّ كُنْتَ أَعْطَيْتَنِي فَضْلًا مِنَ الْمَالِ فِي الدُّنْيَا، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى [[في جـ: "فقال تعالى وتبارك".]] نَحْنُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي. فَغَفَرَ لَهُ. قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: هَكَذَا سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ بِهِ [[المسند (٤/١١٨) وصحيح مسلم برقم (١٥٦٠) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الثامن".]] : عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَخَّرَهُ [[في جـ: "حق فمن أخره".]] كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ" [[المسند (٤/٤٤٢) .]] .
غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بُرَيْدَةَ نَحْوُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ [[في ج، أ: "الحديث التاسع".]] : عَنْ أَبِي الْيَسَرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْيَسَرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ" [[المسند (٣/٤٢٧) .]] .
وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلَكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَنَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ صُحُفٍ، وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ؟ قَالَ أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ [[في أ: "الحراني"، وفي و: "الحزامي".]] مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ، فَقُلْتُ: أَثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ: أَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي. فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ؛ خَشِيْتُ [[في جـ: "خفت".]] -وَاللَّهِ -أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وكنت صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكنت -الله -مُعْسِرًا قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: قلتُ: آللَّهِ، قَالَ: اللهِ. قلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حَلٍّ، فَأَشْهَدُ بَصَرَ عَيْنَيَّ -وَوَضْعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ -وَسَمِعَ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي -وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ [[في جـ، أ، و: "إلى نياط".]] قَلْبِهِ -رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ". وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ [[صحيح مسلم برقم (٣٠٦) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث العاشر".]] : عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ [فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ] [[زيادة من جـ، أ، و.]] حَدَّثَنِي [[في جـ: "حدثنا".]] أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَلْمٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِحْجَنٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، ﷺ، يَقُولُ: "أَظَلَّ اللَّهُ عَيْنًا فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ تَرَكَ لِغَارِمٍ" [[زوائد المسند (١/٧٣) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ [[في جـ، أ: "الحديث الحادي عشر".]] : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ جَعْوَنَةَ السُّلَمِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا -وَأَوْمَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ-: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ، وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ -ثَلَاثًا -أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُقِيَ الْفِتَنَ، وَمَا مِنْ جَرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا عَبْدٌ، مَا كَظَمَهَا عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا مَلَأَ اللَّهُ جَوْفَهُ إِيمَانًا" تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (١/٣٢٧) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ البُورَاني قَاضِي الحَدِيَثة مِنْ دِيَارِ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائي، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْجَارُودِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْمُتَّئِدِ -خَالُ ابْنِ عُيَيْنَةَ -عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا إِلَى مَيْسَرَتِهِ أَنْظَرَهُ اللَّهُ بِذَنْبِهِ إِلَى تَوْبَتِهِ" [[المعجم الكبير (١١/١٥١) ، وقال الهيثمي في المجمع (٤/١٣٥) : "وفيه الحكم بن جارود ضعفه الأزدي، وشيخ الحكم وشيخ شيخه لم أعرفهما".]] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى يَعِظُ عِبَادَهُ وَيُذَكِّرُهُمْ زَوَالَ الدُّنْيَا وَفَنَاءَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا، وَإِتْيَانَ [[في جـ، أ: "وإيثار".]] الْآخِرَةِ وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِ تَعَالَى وَمُحَاسَبَتُهُ تَعَالَى خَلْقَهُ عَلَى مَا عَمِلُوا، وَمُجَازَاتُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا كَسَبُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَيُحَذِّرُهُمْ عُقُوبَتُهُ، فَقَالَ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ آخرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَقَالَ ابْنُ لَهِيعة: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ [[في أ: "من القرآن العظيم".]] ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ وَعَاشَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ تِسْعَ لَيَالٍ، ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدُويه مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: آخَرُ شَيْءٍ [[في جـ، أ: "آخر ما نزل".]] نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٠٥٧) .]] .
وَكَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ، والعَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ [[في جـ، أ: "نزلت".]] : ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ فَكَانَ بَيْنَ نُزُولِهَا [وَبَيْنَ] [[زيادة من جـ، أ، و.]] مَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ الْآيَةَ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَاشَ بَعْدَهَا تِسْعَ لَيَالٍ، وَبُدِئَ [[في و: "ومرض".]] يَوْمُ السَّبْتَ وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَرَوَاهُ عَطِيَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ .
{"ayahs_start":278,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ","فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ فَأۡذَنُوا۟ بِحَرۡبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَ ٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ","وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةࣲ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَیۡسَرَةࣲۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق