الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ نَتِيجَةُ الآيَةِ الماضِيَةِ في الِاعْتِمادِ عَلى ما عِنْدَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى مِنَ الأجْرِ وعَدَمِ الحُزْنِ عَلى ما فاتَ مِن رِبًا وغَيْرِهِ والخَوْفِ (p-١٣٨)مِن شَيْءٍ آتٍ مِن فَقْرٍ أوْ غَيْرِهِ تَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ يُنْسَبُ إلى الرِّبا [و] كانَ بَيْنَ أهْلِ الإسْلامِ وأهْلِ الجاهِلِيَّةِ وبَيْنَ بَعْضِهِمْ [و] بَعْضٍ مُعامَلاتٌ في الجاهِلِيَّةِ رِبَوِيَّةٌ لَمْ تَتِمَّ بَعْدُ بَيَّنَ أمْرَها نَفْيًا لِما قَدْ يُتَوَهَّمُ مِن قَوْلِهِ سابِقًا ﴿فَلَهُ ما سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] مِن تَحْلِيلِ بَقايا الرِّبا وأنَّ النَّهْيَ خاصٌّ بِما تَجَدَّدَ مِنهُ فَقالَ مُخاطِبًا لِأقْرَبِ مَن ذَكَرَهُ مِمَّنْ تَلَبَّسَ بِالإيمانِ ولَمْ يَلْتَفِتْ إلى غَيْرِهِمْ تَشْرِيفًا لَهُمْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ أقَرُّوا بِالتَّصْدِيقِ بِألْسِنَتِهِمْ. ولَمّا كانَ الرِّبا قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا فَيَكُونُ صاحِبُهُ قَدْ مَضَتْ [عَلَيْهِ] مُدَدٌ وهو مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلى أخْذِهِ فَيَصِيرُ الكَفُّ عَنْهُ يَعْدِلُ المَوْتَ عِنْدَهُ أبْلَغَ سُبْحانَهُ وتَعالى في التَّشْدِيدِ في هَذِهِ المَواعِظِ فَقالَ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ العَظَمَةِ تَصْدِيقًا لِإقْرارِكم ﴿وذَرُوا﴾ أيِ اتْرُكُوا أيَّ تَرْكٍ كانَ ﴿ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا﴾ أيِ الَّذِي كُنْتُمْ تَتَعامَلُونَ بِهِ فَلا تَسْتَحِلُّوهُ ولا تَأْكُلُوهُ. ولَمّا لَوَّحَ في أوَّلِ الآيَةِ [إلى] أنَّ مَن أصَرَّ فَهو غَيْرُ صادِقٍ (p-١٣٩)فِي دَعْوى الإيمانِ صَرَّحَ بِذَلِكَ في آخِرِها فَقالَ: ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أيْ مُتَّصِفِينَ بِما ذَكَرْتُمُوهُ بِألْسِنَتِكم. قالَ الحَرالِّيُّ: فَبَيَّنَ أنَّ الرِّبا والإيمانَ لا يَجْتَمِعانِ وأكْثَرُ بَلايا هَذِهِ الأُمَّةِ حَتّى أصابَها ما أصابَ بَنِي إسْرائِيلَ مِنَ البَأْسِ الشَّنِيعِ والِانْتِقامِ بِالسِّنِينَ إنَّما هو مِن عَمَلِ مَن عَمِلَ بِالرِّبا، وهَذِهِ الآيَةُ [أصْلٌ] عَظِيمٌ في أحْكامِ الكُفّارِ إذا أسْلَمُوا فَما مَضى مِنها لَمْ يَنْقُصْ وما لَمْ يَمْضِ لَمْ يُفْعَلْ. نَبَّهَ عَلَيْهِ الأصْبَهانِيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب