الباحث القرآني

(p-٣٣٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا﴾ في نُزُولِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في بَنِي عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَوْفٍ مِن ثَقِيفٍ، وفي بَنِي المُغِيرَةِ مَن بَنِي مَخْزُومٍ، وكانَ بَنُو المُغِيرَةِ يَأْخُذُونَ الرِّبا مِن ثَقِيفٍ، فَلَمّا وضَعَ اللَّهُ الرِّبا، طالَبَتْ ثَقِيفٌ بَنِي المُغِيرَةِ بِما لَهم عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، والَّتِي بَعْدَها، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: «أنَّها نَزَلَتْ في عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، والعَبّاسِ، كانا قَدْ أسْلَفا في التَّمْرِ، فَلَمّا حَضَرَ الجِذاذُ، قالَ صاحِبُ التَّمْرِ: إنْ أخَذْتُما مالَكُما، لَمْ يَبْقَ لِي ولِعِيالِي ما يَكْفِي، فَهَلْ لَكُما أنْ تَأْخُذا النِّصْفَ وأُضْعِفُ لَكُما؟ فَفَعَلا، فَلَمّا حَلَّ الأجَلُ، طَلَبا الزِّيادَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَنَهاهُما، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ،» هَذا قَوْلُ عَطاءٍ وعِكْرِمَةَ. والثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في العَبّاسِ، وخالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، وكانا شَرِيكَيْنِ في الجاهِلِيَّةِ، وكانا يُسْلِفانِ في الرِّبا، فَجاءَ الإسْلامُ، ولَهُما أمْوالٌ عَظِيمَةٌ في الرِّبا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: « "ألا إنَّ كُلَّ رِبًا مِن رِبا الجاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وأوَّلُ رِبًا أضَعُهُ رِبا العَبّاسِ"» هَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ: إنَّما قالَ: ﴿ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا﴾ لِأنَّ كُلَّ رِبًا كانَ قَدْ تُرِكَ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا رِبا ثَقِيفٍ. وقالَ قَوْمٌ: الآَيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلى مَن أرْبى قَبْلَ إسْلامِهِ، وقَبَضَ بَعْضَهُ في كُفْرِهِ، ثُمَّ أسْلَمَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُتْرَكَ ما بَقِيَ، ويُعْفى لَهُ عَمّا مَضى. فَأمّا المُراباةُ بَعْدَ الإسْلامِ، فَمَرْدُودُهُ فِيما قَبَضَ، ويَسْقُطُ ما بَقِيَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب