الباحث القرآني
وأما العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك فإلى الرسل قال الله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وعْدَهُ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا وهم عَنِ الآخِرَةِ هم غافِلُونَ﴾
قال بعض السلف: يبلغ من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقر الدرهم بظفره فيعلم وزنه ولا علم له بشيء من دينه
وقال تعالى في علوم هؤلاء واغترارهم بها: ﴿فَلَمّا جاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [غافر: ٨٣] وقد فاوت الله سبحانه بين عباده فيما تناله عقولهم وأذهانهم أعظم تفاوت والعقل يعطي صاحبه فائدته في النوع الذي يلزمه به ويشغله به ويقصره عليه ما لا يعطيه في غيره، وإن كان غيره أسهل منه بكثير كما يعطيه همته وقريحته في الصناعة التي هو معني بها ومقصور العناية عليها ما لا يعطيه في صناعة غيرها.
وكثيرا ما تجد الرجل قد برز في اللطيف من أبواب العلم والنظر، وتخلف في الجليل منهما وأصاب الأغمض الأدق منها وأخطأ الأجل الأوضح.
هذا أمر واقع تحت العيان فكيف وعلوم الأنبياء ومعارفهم من وراء طور العقل، والعقل وإن لم يستقل بإدراكها فإنه لا يحيلها بل إذا أوردت عليه أقر بصحتها وبادر إلى قبولها وأذعن بالانقياد إليها، وعلم أن نسبة العلوم التي نالها الناس بأفكارهم إليها دون نسبة علوم الصبيان ومعارفهم إلى علوم هؤلاء بما لا يدرك.
(مسألة)
فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ التَّصْدِيقُ الجازِمُ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ بِالمَعادِ والجَنَّةِ والنّارِ ويَتَخَلَّفُ العَمَلُ؟
وَهَلْ في الطِّباعِ البَشَرِيَّةِ أنْ يَعْلَمَ العَبْدُ أنَّهُ مَطْلُوبٌ غَدًا إلى بَيْنِ يَدَيْ بَعْضِ المُلُوكِ لِيُعاقِبَهُ أشَدَّ عُقُوبَةٍ، أوْ يُكْرِمَهُ أتَمَّ كَرامَةٍ، ويَبِيتُ ساهِيًا غافِلًا لا يَتَذَكَّرُ مَوْقِفَهُ بَيْنَ يَدَيِ المَلِكِ، ولا يَسْتَعِدُّ لَهُ، ولا يَأْخُذُ لَهُ أُهْبَتَهُ؟
قِيلَ: هَذا لَعَمْرُ اللَّهِ سُؤالٌ صَحِيحٌ وارِدٌ عَلى أكْثَرِ هَذا الخَلْقِ، فاجْتِماعُ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ مِن أعْجَبِ الأشْياءِ وهَذا التَّخَلُّفُ لَهُ عِدَّةُ أسْبابٍ:
أحَدُها: ضَعْفُ العِلْمِ، ونُقْصانُ اليَقِينِ، ومَن ظَنَّ أنَّ العِلْمَ لا يَتَفاوَتُ، فَقَوْلُهُ مِن أفْسَدِ الأقْوالِ وأبْطَلِها.
وَقَدْ سَألَ إبْراهِيمُ الخَلِيلُ رَبَّهُ أنْ يُرِيَهُ إحْياءَ المَوْتى عِيانًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِقُدْرَةِ الرَّبِّ عَلى ذَلِكَ، لِيَزْدادَ طُمَأْنِينَةً، ويَصِيرَ المَعْلُومُ غَيْبًا شَهادَةً.
وَقَدْ رَوى أحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «لَيْسَ الخَبَرُ كالمُعايَنَةِ».
فَإذا اجْتَمَعَ إلى ضَعْفِ العِلْمِ عَدَمُ اسْتِحْضارِهِ، أوْ غَيْبَتُهُ عَنِ القَلْبِ في كَثِيرٍ مِن أوْقاتِهِ أوْ أكْثَرِها لِاشْتِغالِهِ بِما يُضادُّهُ، وانْضَمَّ إلى ذَلِكَ تَقاضِي الطَّبْعِ، وغَلَباتُ الهَوى، واسْتِيلاءُ الشَّهْوَةِ، وتَسْوِيلُ النَّفْسِ، وغُرُورُ الشَّيْطانِ، واسْتِبْطاءُ الوَعْدِ، وطُولُ الأمَلِ، ورَقْدَةُ الغَفْلَةِ، وحُبُّ العاجِلَةِ، ورُخَصُ التَّأْوِيلِ وإلْفُ العَوائِدِ، فَهُناكَ لا يُمْسِكُ الإيمانَ إلّا الَّذِي يُمْسِكُ السَّماواتِ والأرْضَ أنْ تَزُولا، وبِهَذا السَّبَبِ يَتَفاوَتُ النّاسُ في الإيمانِ والأعْمالِ، حَتّى يَنْتَهِيَ إلى أدْنى مِثْقالِ ذَرَّةٍ في القَلْبِ.
وَجِماعُ هَذِهِ الأسْبابِ يَرْجِعُ إلى ضَعْفِ البَصِيرَةِ والصَّبْرِ، ولِهَذا مَدَحَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أهْلَ الصَّبْرِ واليَقِينِ، وجَعَلَهم أئِمَّةً في الدِّينِ، فَقالَ تَعالى: ﴿مِنهم أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ٢٤].
* (موعظة)
والعجب وكل العجب من غفلة من لحظاته معدودة عليه وكل نفس من أنفاسه لا قيمة له إذا ذهب لم يرجع إليه فمطايا الليل والنهار تسرع به ولا يتفكر إلى أين يحمل ويسار به أعظم من سير البريد ولا يدري إلى أي الدارين ينقل فإذا نزل به الموت أشتد قلقه لخراب ذاته وذهاب لذاته لا لما سبق من جناياته وسلف من تفريطه حيث لم يقدم لحياته فإذا خطرت له خطرة عارضة لما خلق له دفعها باعتماده على العفو وقال قد أنبئنا أنه هو الغفور الرحيم وكأنه لم ينبأ أن عذابه هو العذاب الأليم.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ","یَعۡلَمُونَ ظَـٰهِرࣰا مِّنَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ غَـٰفِلُونَ"],"ayah":"وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق