الباحث القرآني
(p-٥٧٣)سُورَةُ الرُّومِ
مَكِّيَّةٌ
أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ”الرُّومِ“ بِمَكَّةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ، بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحابَةِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَقَرَأ فِيها سُورَةَ ”الرُّومِ“» .
وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنِ الأغَرِّ المُزَنِيِّ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ في صَلاةِ الصُّبْحِ بِسُورَةِ ”الرُّومِ“» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ في الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِسُورَةِ ”الرُّومِ“» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“، وأحْمَدُ، وابْنُ قانِعٍ، مِن طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي رَوْحٍ قالَ: «صَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ فَقَرَأ بِسُورَةِ (p-٥٧٤)”الرُّومِ“، فَتَرَدَّدَ فِيها، فَلَمّا انْصَرَفَ قالَ: «إنَّما يَلْبِسُ عَلَيْنا صَلاتَنا قَوْمٌ يَحْضُرُونَ الصَّلاةَ بِغَيْرٍ طُهُورٍ، مَن شَهِدَ الصَّلاةَ فَلْيُحْسِنِ الطُّهُورَ»» .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ .
أخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في ”الكَبِيرِ“، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، والضِّياءُ «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قالَ: غَلَبَتْ وغَلَبَتْ. قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ فارِسُ عَلى الرُّومِ؛ لِأنَّهم أصْحابُ أوْثانٍ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ لِأنَّهم أصْحابُ كِتابٍ، فَذَكَرُوهُ لِأبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أما إنَّهم سَيَغْلِبُونَ» . فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لَهم فَقالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ أجَلًا، فَإنْ ظَهَرْنا كانَ لَنا كَذا وكَذا، وإنْ ظَهَرْتُمْ كانَ لَكم كَذا وكَذا. فَجَعَلَ بَيْنَهم أجَلًا خَمْسَ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: «ألا جَعَلْتَهُ -أُراهُ قالَ- دُونَ العَشْرِ» . فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ فَغُلِبَتْ، ثُمَّ غَلَبَتْ بَعْدُ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ قالَ سُفْيانُ: سَمِعْتُ أنَّهم قَدْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ» .
(p-٥٧٥)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «كانَ فارِسُ ظاهِرًا عَلى الرُّومِ، وكانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ فارِسُ عَلى الرُّومِ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ؛ لِأنَّهم أهْلُ كِتابٍ، وهم أقْرَبُ إلى دِينِهِمْ، فَلَمّا نَزَلَتْ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ ﴿فِي أدْنى الأرْضِ وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ قالُوا: يا أبا بَكْرٍ، إنَّ صاحِبَكَ يَقُولُ: إنَّ الرُّومَ تَظْهَرُ عَلى فارِسَ في بِضْعِ سِنِينَ! قالَ: صَدَقَ. قالُوا: هَلْ لَكَ إلى أنْ نُقامِرَكَ؟ فَبايَعُوهُ عَلى أرْبَعَةِ قَلائِصَ إلى سَبْعِ سِنِينَ، فَمَضى السَّبْعُ سِنِينَ ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ، فَفَرِحَ المُشْرِكُونَ بِذَلِكَ وشَقَّ عَلى المُسْلِمِينَ، وذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: «ما بِضْعُ سِنِينَ عِنْدَكُمْ»؟ . قالَ: دُونَ العَشْرِ. قالَ: «اذْهَبْ فَزايِدْهم وازْدَدْ سَنَتَيْنِ في الأجَلِ» . قالَ: فَما مَضَتِ السَّنَتانِ حَتّى جاءَتِ الرُّكْبانُ بِظُهُورِ الرُّومِ عَلى فارِسَ، فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ، وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وعْدَهُ﴾ [الروم»: ٦] .
وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ البَراءِ بْنِ (p-٥٧٦)عازِبٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ الآيَةَ. قالَ المُشْرِكُونَ لِأبِي بَكْرٍ: ألا تَرى إلى ما يَقُولُ صاحِبُكَ، يَزْعُمُ أنَّ الرُّومَ تَغْلِبُ فارِسَ؟ قالَ: صَدَقَ صاحِبِي. قالُوا: هَلْ لَكَ أنْ نُخاطِرَكَ؟ فَجَعَلَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم أجَلًا. فَحَلَّ الأجَلُ قَبْلَ أنْ تَغْلِبَ الرُّومُ فارِسَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَساءَهُ وكَرِهَهُ، وقالَ لِأبِي بَكْرٍ: «ما دَعاكَ إلى هَذا»؟ . قالَ: تَصْدِيقًا لِلَّهِ ورَسُولِهِ. فَقالَ: «تَعَرَّضْ لَهم وأعْظِمِ الخَطَرَ، واجْعَلْهُ إلى بِضْعِ سِنِينَ» . فَأتاهم أبُو بَكْرٍ فَقالَ: هَلْ لَكَمَ في العَوْدِ، فَإنَّ العَوْدَ أحْمَدُ؟ قالُوا: نَعَمْ. فَلَمْ تَمْضِ تِلْكَ السُّنُونَ حَتّى غَلَبَتِ الرُّومُ فارِسَ، ورَبَطُوا خُيُولَهم بِالمَدائِنِ، وبَنَوُا الرُّومِيَّةَ، فَقَمَرَ أبُو بَكْرٍ، فَجاءَ بِهِ أبُو بَكْرٍ يَحْمِلُهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذا السُّحْتُ، تَصَدَّقْ بِهِ»» .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والدّارَقُطْنِيُّ في ”الأفْرادِ“، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، عَنْ نِيارِ بْنِ مُكْرَمٍ الأسْلَمِيِّ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ الآيَةَ. كانَتْ (p-٥٧٧)فارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قاهِرِينَ الرُّومَ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّهم وإيّاهم أهْلُ كِتابٍ، وفي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ وكانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فارِسَ؛ لِأنَّهم وإيّاهم لَيْسُوا أهْلَ كِتابٍ، ولا إيمانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمّا أنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ خَرَجَ أبُو بَكْرٍ يَصِيحُ في نَواحِي مَكَّةَ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ ﴿فِي أدْنى الأرْضِ وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ فَقالَ ناسٌ مِن قُرَيْشٍ لِأبِي بَكْرٍ: ذاكَ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ، يَزْعُمُ صاحِبُكَ أنَّ الرُّومَ سَتَغْلِبُ فارِسَ في بِضْعِ سِنِينَ، أفَلا نُراهِنُكَ عَلى ذَلِكَ؟ قالَ: بَلى. وذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّهانِ، فارْتَهَنَ أبُو بَكْرٍ والمُشْرِكُونَ، وتَواضَعُوا الرِّهانَ، وقالُوا لِأبِي بَكْرٍ: لِمَ تَجْعَلُ البِضْعَ ثَلاثَ سِنِينَ إلى تِسْعِ سِنِينَ؟ فَسَمِّ بَيْنَنا وبَيْنَكَ وسَطًا تَنْتَهِي إلَيْهِ. قالَ: فَسَمَّوْا بَيْنَهم سِتَّ سِنِينَ، فَمَضَتِ السِّتُّ قَبْلَ أنْ يَظْهَرُوا، فَأخَذَ المُشْرِكُونَ رَهْنَ أبِي بَكْرٍ، فَلَمّا دَخَلَتِ السَّنَةُ السّابِعَةُ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ، فَعابَ المُسْلِمُونَ عَلى أبِي بَكْرٍ تَسْمِيَتَهُ سِتَّ سِنِينَ. قالَ: لِأنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ فَأسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ ناسٌ كَثِيرٌ.
(p-٥٧٨)وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِأبِي بَكْرٍ في مُناحَبَةِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾: «ألا احْتَطْتَ يا أبا بَكْرٍ؛ فَإنَّ البِضْعَ ما بَيْنَ ثَلاثٍ إلى تِسْعٍ»؟» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في ”تارِيخِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لِأبِي بَكْرٍ لَمّا نَزَلَتْ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ «ألا تَغْلِبُ؛ البِضْعُ دُونَ العَشْرِ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ في ”فُتُوحِ مِصْرَ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: بَلَغَنا «أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يُجادِلُونَ المُسْلِمِينَ وهم بِمَكَّةَ، يَقُولُونَ: الرُّومُ أهْلُ كِتابٍ وقَدْ غَلَبَتْهُمُ الفَرَسُ، وأنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّكم سَتَغْلِبُونا بِالكِتابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلى نَبِيِّكُمْ، فَسَنَغْلِبُكم كَما غَلَبَتْ فارِسُ الرُّومَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قالَ ابْنُ شِهابٍ: فَأخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (p-٥٧٩)عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ» أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هاتانِ الآيَتانِ ناحَبَ أبُو بَكْرٍ بَعْضَ المُشْرِكِينَ قَبْلَ أنْ يُحَرَّمَ القِمارُ عَلى شَيْءٍ إنْ لَمْ تَغْلِبِ الرُّومُ فارِسَ في سَبْعِ سِنِينَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لِمَ فَعَلْتَ؟ فَكُلُّ ما دُونَ العَشْرِ بِضْعٌ» . فَكانَ ظُهُورُ فارِسَ عَلى الرُّومِ في سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ أظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عَلى فارِسَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، فَفَرِحَ المُسْلِمُونَ بِظُهُورِ أهْلِ الكِتابِ.
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ، فَأعْجَبَ ذَلِكَ المُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ: (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) . إلى قَوْلِهِ: ﴿يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ . قالَ: فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ الرُّومِ عَلى فارِسَ. قالَ التِّرْمِذِيُّ، هَكَذا قَرَأ: (غَلَبَتْ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، وابْنُ عَساكِرَ، (p-٥٨٠)مِن طَرِيقِ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قالَ: قَدْ مَضى، كانَ ذَلِكَ في أهْلِ فارِسَ والرُّومِ، وكانَتْ فارِسُ قَدْ غَلَبَتْهُمْ، ثُمَّ غَلَبَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، ولَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُشْرِكِي العَرَبِ، والتَقى الرُّومُ وفارِسُ، فَنَصَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ ومَن مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلى مُشْرِكِي العَرَبِ، ونَصَرَ اللَّهُ أهْلَ الكِتابِ عَلى مُشْرِكِي العَجَمِ. فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ إيّاهُمْ، ونَصْرِ أهْلِ الكِتابِ عَلى مُشْرِكِي العَجَمِ» . قالَ عَطِيَّةُ: وسَألْتُ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: «التَقَيْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ومُشْرِكُو العَرَبِ، والتَقَتِ الرُّومُ وفارِسُ، فَنُصِرْنا عَلى مُشْرِكِي العَرَبِ، ونُصِرَ أهْلُ الكِتابِ عَلى المَجُوسِ، فَفَرِحْنا بِنَصْرِ اللَّهِ إيّانا عَلى المُشْرِكِينَ، وفَرِحْنا بِنَصْرِ اللَّهِ أهْلَ الكِتابِ عَلى المَجُوسِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم»: ٥] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ قَتادَةَ: «﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ ﴿فِي أدْنى الأرْضِ﴾ قالَ: غَلَبَهم أهْلُ فارِسَ عَلى أدْنى أرْضِ الشّامِ، ﴿وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ قالَ: لَمّا أنْزَلَ اللَّهُ هَؤُلاءِ الآياتِ صَدَّقَ (p-٥٨١)المُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ، وعَرَفُوا أنَّ الرُّومَ سَتَظْهَرُ عَلى أهْلِ فارِسَ، فاقْتَمَرُوا هم والمُشْرِكُونَ خَمْسَ قَلائِصَ، وأجَّلُوا بَيْنَهم خَمْسَ سِنِينَ، فَوَلِيَ قِمارَ المُسْلِمِينَ أبُو بَكْرٍ، ووَلِيَ قِمارَ المُشْرِكِينَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وذَلِكَ قَبْلَ أنْ يُنْهى عَنِ القِمارِ، فَجاءَ الأجَلُ ولَمْ تَظْهَرِ الرُّومُ عَلى فارِسَ، فَسَألَ المُشْرِكُونَ قِمارَهُمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «ألَمْ تَكُونُوا أحِقّاءَ أنْ تُؤَجِّلُوا أجَلًا دُونَ عَشْرٍ؟ فَإنَ البِضْعَ ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى العَشْرِ، فَزايِدُوهم ومادُّوهم في الأجَلِ» . فَفَعَلُوا، فَأظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عَلى فارِسَ عِنْدَ رَأْسِ السَّبْعِ مِن قِمارَهُمُ الأوَّلِ، فَكانَ ذَلِكَ مَرْجِعَهم مِنَ الحُدَيْبِيَةِ، وكانَ مِمّا شَدَّ اللَّهُ بِهِ الإسْلامَ، فَهو قَوْلُهُ: ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم»: ٥] .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ الكِلابِيِّ قالَ: رَأيْتُ غَلَبَةَ فارِسَ الرُّومَ، ثُمَّ رَأيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فارِسَ، ثُمَّ رَأيْتُ غَلَبَةَ المُسْلِمِينَ فارِسَ والرُّومَ، وظُهُورَهم عَلى الشّامِ والعِراقِ، كُلُّ ذَلِكَ في خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: سَيَجِيءُ أقْوامٌ يَقْرَءُونَ: (p-٥٨٢)( الم غَلَبَتِ الرُّومُ) . وإنَّما هي: ﴿غُلِبَتِ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، «عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قالَ: سَألْتُ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ أوْ: (غَلَبَتْ) . فَقالَ: أقْرَأنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم»: ٢]» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ في ”فُتُوحِ مِصْرَ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قالَ: غَلَبَتْهم فارِسُ، ثُمَّ غَلَبَتِ الرُّومُ فارِسَ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فِي أدْنى الأرْضِ﴾ قالَ: في طَرَفِ الأرْضِ؛ الشّامِ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««البِضْعُ ما بَيْنَ السَّبْعِ إلى العَشَرَةِ»» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ نِيارِ بْنِ مُكْرَمٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««البِضْعُ ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ في ”فُتُوحِ مِصْرَ“، مِن طَرِيقِ إبْراهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، (p-٥٨٣)عَنْ أبِي الحُوَيْرِثِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««البِضْعُ سِنِينَ ما بَيْنَ خَمْسٍ إلى سَبْعٍ»» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: البِضْعُ سَبْعُ سِنِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ قالَ: ذَكَرَ غَلَبَةَ فارِسَ إيّاهُمْ، وإدالَةَ الرُّومِ عَلى فارِسَ، وفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الرُّومِ أهْلِ الكِتابِ عَلى فارِسَ مِن أهْلِ الأوْثانِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، «أنَّ الرُّومَ وفارِسَ اقْتَتَلُوا في أدْنى الأرْضِ. قالَ: وأدْنى الأرْضِ يَوْمَئِذٍ أذْرِعاتٌ، بِها التَقَوْا فَهُزِمَتِ الرُّومُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ وأصْحابَهُ وهم بِمَكَّةَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْرَهُ أنْ يَظْهَرَ الأُمِّيُّونَ مِنَ المَجُوسِ عَلى أهْلِ الكِتابِ مِنَ الرُّومِ، وفَرِحَ الكُفّارُ بِمَكَّةَ وشَمِتُوا، فَلَقُوا أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالُوا: إنَّكم أهْلُ كِتابٍ، والنَّصارى أهْلُ كِتابٍ، ونَحْنُ أُمِّيُّونَ، وقَدْ ظَهَرَ إخْوانُنا مِن أهْلِ فارِسَ عَلى إخْوانِكم مِن أهْلِ الكِتابِ، وإنَّكم إنْ قاتَلْتُمُونا لَنَظْهَرَنَّ عَلَيْكم. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ الآياتِ.
(p-٥٨٤)فَخَرَجَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إلى الكُفّارِ فَقالَ: أفَرِحْتُمْ بِظُهُورِ إخْوانِكم عَلى إخْوانِنا؟ فَلا تَفْرَحُوا، ولا يُقِرَّنَّ اللَّهُ أعْيُنَكُمْ، فَواللَّهِ لَتَظْهَرَنَّ الرُّومُ عَلى فارِسَ، أخْبَرَنا بِذَلِكَ نَبِيُّنا ﷺ، فَقامَ إلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَقالَ: كَذَبْتَ. فَقالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ: أنْتَ أكْذَبُ يا عَدُوَّ اللَّهِ. قالَ: أُناحِبُكَ؛ عَشْرُ قَلائِصَ مِنِّي وعَشْرُ فَلائِصَ مِنكَ، فَإنْ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ غَرِمْتُ، وإنْ ظَهَرَتْ فارِسُ غَرِمْتَ إلى ثَلاثِ سِنِينَ. ثُمَّ جاءَ أبُو بَكْرٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ: «ما هَكَذا ذَكَرْتُ، إنَّما البِضْعُ مِنَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ، فَزايِدْهُ في الخَطَرِ، ومادِّهِ في الأجَلِ» . فَخَرَجَ أبُو بَكْرٍ فَلَقِيَ أُبَيًّا فَقالَ: لَعَلَّكَ نَدِمْتَ. قالَ: لا، قالَ: تَعالَ أُزايِدْكَ في الخَطَرِ، وأُمادَّكَ في الأجَلِ، فاجْعَلْها مِائَةَ قَلُوصٍ لِمِائَةِ قَلُوصٍ إلى تِسْعِ سِنِينَ. قالَ: قَدْ فَعَلْتُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَلِيطٍ قالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقْرَأُ: (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) قِيلَ لَهُ: يا أبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَلى أيِّ شَيْءٍ غَلَبُوا؟ قالَ: عَلى رِيفِ الشّامِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿لِلَّهِ الأمْرُ﴾ مِن قَبْلِ دَوْلَةِ فارِسَ (p-٥٨٥)عَلى الرُّومِ، ومِن بَعْدِ دَوْلَةِ الرُّومِ عَلى فارِسَ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","غُلِبَتِ ٱلرُّومُ","فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ","فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ","بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ یَنصُرُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ","وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق