الباحث القرآني
(p-١١٢٧)وأخْرَجَ ابْنُ الضَّرِيرِ والنَّحّاسُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الرُّومِ بِمَكَّةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ. قالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحابَةِ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - صَلّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَقَرَأ فِيها سُورَةَ الرُّومِ» . وأخْرَجَ البَزّارُ عَنِ الأغَرِّ المَدَنِيِّ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ «أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قَرَأ في الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِسُورَةِ الرُّومِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في المُصَنَّفِ وأحْمَدُ وابْنُ قانِعٌ مِن طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي مِنَ الصَّحابَةِ، وزادَ: يَتَرَدَّدُ فِيها، فَلَمّا انْصَرَفَ قالَ: «إنَّما يُلْبِسُ عَلَيْنا في صَلاتِنا قَوْمٌ يَحْضُرُونَ الصَّلاةَ بِغَيْرِ طَهُورٍ، مَن شَهِدَ الصَّلاةَ فَلْيُحْسِنِ الطَّهُورَ» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى فاتِحَةِ السُّورَةِ في فاتِحَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى مَحَلِّها مِنَ الإعْرابِ ومَحَلِّ أمْثالِها في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن فَواتِحِ السُّوَرِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ بِضَمِّ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ وكَسْرِ اللّامِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ وأبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ومُعاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وابْنُ عُمَرَ وأهْلُ الشّامِ بِفَتْحِ الغَيْنِ واللّامِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ.
قالَ النَّحّاسُ: قِراءَةُ أكْثَرِ النّاسِ " غُلِبَتْ " بِضَمِّ الغَيْنِ وكَسْرِ اللّامِ.
قالَ أهْلُ التَّفْسِيرِ: غَلَبَتْ فارِسُ الرُّومَ فَفَرِحَ بِذَلِكَ كُفّارُ مَكَّةَ وقالُوا: الَّذِينَ لَيْسَ لَهم كِتابٌ غَلَبُوا الَّذِينَ لَهم كِتابٌ، وافْتَخَرُوا عَلى المُسْلِمِينَ وقالُوا: نَحْنُ أيْضًا نَغْلِبُكم كَما غَلَبَتْ فارِسُ الرُّومَ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ لِأنَّهم أهْلُ كِتابٍ.
ومَعْنى ﴿فِي أدْنى الأرْضِ﴾ في أقْرَبِ أرْضِهِمْ مِن أرْضِ العَرَبِ، أوْ في أقْرَبِ أرْضِ العَرَبِ مِنهم، قِيلَ: هي أرْضُ الجَزِيرَةِ، وقِيلَ: أذْرِعاتٌ، وقِيلَ: كَسْكَرُ، وقِيلَ: الأُرْدُنُّ، وقِيلَ: فِلَسْطِينُ، وهَذِهِ المَواضِعُ هي أقْرَبُ إلى بِلادِ العَرَبِ مِن غَيْرِها وإنَّما حُمِلَتِ الأرْضُ عَلى أرْضِ العَرَبِ لِأنَّها المَعْهُودُ في ألْسِنَتِهِمْ إذا أطْلَقُوا الأرْضَ أرادُوا بِها جَزِيرَةَ العَرَبِ وقِيلَ: إنَّ الألِفَ واللّامَ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، والتَّقْدِيرُ: في أدْنى أرْضِهِمْ فَيَعُودُ الضَّمِيرُ إلى الرُّومِ، ويَكُونُ المَعْنى: في أقْرَبِ أرْضِ الرُّومِ مِنَ العَرَبِ.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنْ كانَتِ الوَقْعَةُ بِأذْرُعاتٍ فَهي مِن أدْنى الأرْضِ بِالقِياسِ إلى مَكَّةَ، وإنْ كانَتِ الوَقْعَةُ بِالجَزِيرَةِ فَهي أدْنى بِالقِياسِ إلى أرْضِ كِسْرى، وإنْ كانَتْ بِالأُرْدُنِّ فَهي أدْنى إلى أرْضِ الرُّومِ ﴿وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ أيْ: والرُّومُ مِن بَعْدِ غَلَبِ فارِسَ إيّاهم سَيَغْلِبُونَ أهْلَ فارِسَ، والغَلَبُ والغَلَبَةُ لُغَتانِ، والمَصْدَرُ مُضافٌ إلى المَفْعُولِ عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ، وإلى الفاعِلِ عَلى قِراءَةِ غَيْرِهِمْ.
قَرَأ الجُمْهُورُ، وإلى الفاعِلِ عَلى قِراءَةِ غَيْرِهِمْ. قَرَأ الجُمْهُورُ " سَيَغْلِبُونَ " مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ وقَرَأ عَلِيٌّ وأبُو سَعِيدٍ ومُعاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وابْنُ عُمَرَ وأهْلُ الشّامِ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ مِن " بَعْدِ غَلْبِهِمْ " بِسُكُونِ اللّامِ.
﴿في بِضْعِ سِنِينَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِما قَبْلَهُ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ البِضْعِ واشْتِقاقِهِ في سُورَةِ يُوسُفَ، والمُرادُ بِهِ هُنا ما بَيْنَ الثَّلاثَةِ إلى العَشَرَةِ ﴿لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ﴾ أيْ: هو المُنْفَرِدُ بِالقُدْرَةِ وإنْقاذِ الأحْكامِ وقْتَ مَغْلُوبِيَّتِهِمْ ووَقْتَ غالِبِيَّتِهِمْ، فَكُلُّ ذَلِكَ بِأمْرِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - وقَضائِهِ، قَرَأ الجُمْهُورُ " مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ " بِضَمِّهِما لِكَوْنِهِما مَقْطُوعَيْنِ عَنِ الإضافَةِ، والتَّقْدِيرُ: مِن قَبْلِ الغَلَبِ ومِن بَعْدِهِ، أوْ مِن قَبْلِ كُلِّ أمْرٍ ومِن بَعْدِهِ.
وحَكى الكِسائِيُّ " مِن قَبْلٍ ومِن بَعْدُ " بِكَسْرِ الأوَّلِ مُنَوَّنًا وضَمِّ الثّانِي بِلا تَنْوِينٍ.
وحَكى الفَرّاءُ " مِن قَبْلِ ومِن بَعْدِ " بِكَسْرِهِما مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ، وغَلَّطَهُ النَّحّاسُ.
قالَ شِهابُ الدِّينِ: قَدْ قُرِئَ بِكَسْرِهِما مُنَوَّنَيْنِ.
قالَ الزَّجّاجُ: ومَعْنى الآيَةِ: مِن مُتَقَدَّمٍ ومِن مُتَأخَّرٍ ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ أيْ: يَوْمَ أنْ تَغْلِبَ الرُّومُ عَلى فارِسَ في بِضْعِ سِنِينَ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ لِلرُّومِ لِكَوْنِهِمْ أهْلَ كِتابٍ كَما أنَّ المُسْلِمِينَ أهْلُ كِتابٍ، بِخِلافِ فارِسَ فَإنَّهُ لا كِتابَ لَهم، ولِهَذا سُرَّ المُشْرِكُونَ بِنَصْرِهِمْ عَلى الرُّومِ، وقِيلَ: نَصْرُ اللَّهِ هو إظْهارُ صِدْقِ المُؤْمِنِينَ فِيما أخْبَرُوا بِهِ المُشْرِكِينَ مِن غَلَبَةِ الرُّومِ عَلى فارِسَ، والأوَّلُ أوْلى.
قالَ الزَّجّاجُ: وهَذِهِ الآيَةُ مِنَ الآياتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلى أنَّ القُرْآنَ مِن عِنْدِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ إنْباءٌ بِما سَيَكُونُ، وهَذا لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ - سُبْحانَهُ - .
يَنْصُرُ مَن يَشاءُ أنْ يَنْصُرَهُ وهو العَزِيزُ الغالِبُ القاهِرُ الرَّحِيمُ الكَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ، وقِيلَ: المُرادُ بِالرَّحْمَةِ هُنا: الدُّنْيَوِيَّةُ، وهي شامِلَةٌ لِلْمُسْلِمِ والكافِرِ.
﴿وعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وعْدَهُ﴾ أيْ: وعَدَ اللَّهُ وعْدًا لا يُخْلِفُهُ، وهو ظُهُورُ الرُّومِ عَلى فارِسَ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ وعْدَهُ، وهُمُ الكُفّارُ، وقِيلَ: كُفّارُ مَكَّةَ عَلى الخُصُوصِ.
﴿يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ: يَعْلَمُونَ ظاهِرَ ما يُشاهِدُونَهُ مِن زَخارِفِ الدُّنْيا ومَلاذِّها وأمْرِ مَعاشِهِمْ، (p-١١٢٨)وأسْبابِ تَحْصِيلِ فَوائِدِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ، وقِيلَ: هو ما تُلْقِيهِ الشَّياطِينُ إلَيْهِمْ مِن أُمُورِ الدُّنْيا عِنْدَ اسْتِراقِهُمُ السَّمْعَ، وقِيلَ: الظّاهِرُ الباطِلُ وهم عَنِ الآخِرَةِ الَّتِي هي النِّعْمَةُ الدّائِمَةُ، واللَّذَّةُ الخالِصَةُ هم غافِلُونَ لا يَلْتَفِتُونَ إلَيْها ولا يُعِدُّونَ لَها ما يُحْتاجُ إلَيْهِ، أوْ غافِلُونَ عَنِ الإيمانِ بِها والتَّصْدِيقِ بِمَجِيئِها.
﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما﴾ الهَمْزَةُ لِلْإنْكارِ عَلَيْهِمْ والواوُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ كَما في نَظائِرِهِ، وفي أنْفُسِهِمْ ظَرْفٌ لِلتَّفَكُّرِ ولَيْسَ مَفْعُولًا لِلتَّفَكُّرِ والمَعْنى: أنَّ أسْبابَ التَّفَكُّرِ حاصِلَةٌ لَهم، وهي أنْفُسُهم لَوْ تَفَكَّرُوا فِيها كَما يَنْبَغِي لَعَلِمُوا وحْدانِيَّةَ اللَّهِ وصِدْقَ أنْبِيائِهِ. وقِيلَ: إنَّها مَفْعُولٌ لِلتَّفَكُّرِ.
والمَعْنى: أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في خَلْقِ اللَّهِ إيّاهم ولَمْ يَكُونُوا شَيْئًا، وما في ما خَلَقَ اللَّهُ نافِيَةٌ أيْ: لَمْ يَخْلُقْها إلّا بِالحَقِّ الثّابِتِ الَّذِي يَحِقُّ ثُبُوتُهُ، أوْ هي اسْمٌ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى إسْقاطِ الخافِضِ أيْ: بِما خَلَقَ اللَّهُ والعامِلُ فِيها إمّا العِلْمُ الَّذِي يُؤَدِّي إلَيْهِ التَّفَكُّرُ وقالَ الزَّجّاجُ في الكَلامِ حَذْفٌ أيْ: فَيَعْلَمُوا، فَجَعَلَ ما مَعْمُولَةً لِلْفِعْلِ المُقَدَّرِ لا لِلْعِلْمِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ، والباءُ في إلّا بِالحَقِّ إمّا لِلسَّبَبِيَّةِ، أوْ هي ومَجْرُورُها في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: مُلْتَبِسَةٌ بِالحَقِّ.
قالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ إلّا لِلْحَقِّ أيْ: لِلثَّوابِ والعِقابِ، وقِيلَ: بِالحَقِّ بِالعَدْلِ، وقِيلَ: بِالحِكْمَةِ، وقِيلَ: بِالحَقِّ أيْ: أنَّهُ هو الحَقُّ ولِلْحَقِّ خَلَقَها، " وأجَلٍ مُسَمًّى " مَعْطُوفٌ عَلى الحَقِّ: أيْ: وبِأجَلٍ مُسَمّى لِلسَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما تَنْتَهِي إلَيْهِ، وهو يَوْمُ القِيامَةِ، وفي هَذا تَنْبِيهٌ عَلى الفَناءِ، وأنَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ أجَلًا لا يُجاوِزُهُ.
وقِيلَ: مَعْنى وأجَلٍ مُسَمًّى أنَّهُ خَلَقَ ما خَلَقَ في وقْتٍ سَمّاهُ لِخَلْقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ ﴿وإنَّ كَثِيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ﴾ أيْ: لَكافِرُونَ بِالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، واللّامُ هي المُؤَكِّدَةُ، والمُرادُ بِهَؤُلاءِ الكُفّارُ عَلى الإطْلاقِ، أوْ كُفّارُ مَكَّةَ.
أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ الِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ لِعَدَمِ تَفَكُّرِهِمْ في الآثارِ وتَأمُّلِهِمْ لِمَواقِعِ الِاعْتِبارِ، والفاءُ في فَيَنْظُرُوا لِلْعَطْفِ عَلى يَسِيرُوا داخِلٌ تَحْتَ ما تَضَمَّنَهُ الِاسْتِفْهامُ مِنَ التَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، والمَعْنى: أنَّهم قَدْ سارُوا وشاهَدُوا ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ﴾ مِن طَوائِفِ الكُفّارِ الَّذِينَ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وجُحُودِهِمْ لِلْحَقِّ وتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ، وجُمْلَةُ ﴿كانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً﴾ مُبَيِّنَةٌ لِلْكَيْفِيَّةِ الَّتِي كانُوا عَلَيْها، وأنَّهم أقْدَرُ مِن كُفّارِ مَكَّةَ ومَن تابَعَهم عَلى الأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، ومَعْنى ﴿وأثارُوا الأرْضَ﴾ حَرَثُوها وقَلَّبُوها لِلزِّراعَةِ وزاوَلُوا أسْبابَ ذَلِكَ ولَمْ يَكُنْ أهْلُ مَكَّةَ أهْلَ حَرْثٍ ﴿وعَمَرُوها أكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها﴾ أيْ: عَمَرُوها عِمارَةً أكْثَرَ مِمّا عَمَرَها هَؤُلاءِ، لِأنَّ أُولَئِكَ كانُوا أطْوَلَ مِنهم أعْمارًا، وأقْوى أجْسامًا، وأكْثَرَ تَحْصِيلًا لِأسْبابِ المَعاشِ.
فَعَمَرُوا الأرْضَ بِالأبْنِيَةِ والزِّراعَةِ والغَرْسِ ﴿وجاءَتْهم رُسُلُهُمْ﴾ بِالبَيِّناتِ أيِ: المُعْجِزاتِ، وقِيلَ: بِالأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهم بِتَعْذِيبِهِمْ عَلى غَيْرِ ذَنْبٍ ولَكِنْ كانُوا أنْفُسَهم يَظْلِمُونَ بِالكُفْرِ والتَّكْذِيبِ.
﴿ثُمَّ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ أساءُوا﴾ أيْ: عَمِلُوا السَّيِّئاتِ مِنَ الشِّرْكِ والمَعاصِي السُّوءى هي فُعْلى مِنَ السُّوءِ تَأْنِيثُ الأسْوَأِ، وهو الأقْبَحُ أيْ: كانَ عاقِبَتَهُمُ العُقُوبَةُ الَّتِي هي أسْوَأُ العُقُوباتِ، وقِيلَ: هي اسْمٌ لِجَهَنَّمَ كَما أنَّ الحُسْنى اسْمٌ لِلْجَنَّةِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَصْدَرًا كالبُشْرى والذِّكْرى. وُصِفَتْ بِهِ العُقُوبَةُ مُبالَغَةً.
قَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو " عاقِبَةُ " بِالرَّفْعِ عَلى أنَّها اسْمُ كانَ، وتَذْكِيرُ الفِعْلِ لِكَوْنِ تَأْنِيثِها مَجازِيًّا، والخَبَرُ السُّوءى أيِ: الفِعْلَةُ أوِ الخَصْلَةُ أوِ العُقُوبَةُ السُّوءى أوِ الخَبَرُ أنْ كَذَّبُوا أيْ: كانَ آخِرَ أمْرِهِمُ التَّكْذِيبُ عاقِبَةُ الَّذِينَ أساءُوا، والسُّوءى مَصْدَرُ أساءُوا أوْ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ.
وقالَ الكِسائِيُّ: إنَّ قَوْلَهُ: أنْ كَذَّبُوا في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى العِلَّةِ أيْ: لِأنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ الَّتِي أنْزَلَها عَلى رُسُلِهِ، أوْ بِأنْ كَذَّبُوا، ومِنَ القائِلِينَ بِأنَّ السُّوءى جَهَنَّمُ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ وابْنُ قُتَيْبَةَ وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ، وسُمِّيَتْ سُوءى لِكَوْنِها تَسُوءُ صاحِبَها.
قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أشْرَكُوا النّارُ بِتَكْذِيبِهِمْ آياتِ اللَّهِ واسْتِهْزائِهِمْ، وجُمْلَةُ وكانُوا بِها يَسْتَهْزِئُونَ عَطْفٌ عَلى كَذَّبُوا داخِلَةٌ مَعَهُ في حُكْمِ العِلِيَّةِ عَلى أحَدِ القَوْلَيْنِ، أوْ في حُكْمِ الِاسْمِيَّةِ لِكانَ، أوِ الخَبَرِيَّةِ لَها عَلى القَوْلِ الآخَرِ.
وقَدْ أخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، والنَّسائِيُّ وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في الكَبِيرِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ والضِّياءُ في المُخْتارَةِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قالَ: «كانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ فارِسُ عَلى الرُّومِ، لِأنَّهم كانُوا أصْحابَ أوْثانٍ، وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ لِأنَّهم أصْحابُ كِتابٍ، فَذَكَرُوهُ لِأبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: أما إنَّهم سَيَغْلِبُونَ فَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ لَهم، فَقالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ أجَلًا فَإنْ ظَهْرَنا كانَ لَنا كَذا وكَذا، وإنْ ظَهَرْتُمْ كانَ لَكم كَذا وكَذا، فَجَعَلَ بَيْنَهم أجَلًا خَمْسَ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: ألا جَعَلْتَهُ أُراهُ قالَ: دُونَ العَشْرِ، فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ فَغُلِبَتْ، ثُمَّ غُلِبَتْ بَعْدُ بِقَوْلِ اللَّهِ ﴿لِلَّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾» " .
قالَ سُفْيانُ: سَمِعْتُ أنَّهم ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ نَحْوَهُ، وزادَ أنَّهُ «لَمّا مَضى الأجَلُ ولَمْ تَغْلِبِ الرُّومُ فارِسًا، ساءَ النَّبِيُّ ما جَعَلَهُ أبُو بَكْرٍ مِنَ المُدَّةِ وكَرِهَهُ وقالَ: ما دَعاكَ إلى هَذا ؟ قالَ: تَصْدِيقًا لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ فَقالَ: تَعَرَّضْ لَهم وأعْظِمِ الخُطَّةَ واجْعَلْهُ إلى بِضْعِ سِنِينَ، فَأتاهم أبُو بَكْرٍ فَقالَ: هَلْ لَكَمَ في العَوْدِ فَإنَّ العَوْدَ أحْمَدُ ؟ قالُوا نَعَمْ، فَلَمْ تَمْضِ تِلْكَ السُّنُونَ حَتّى غَلَبَتِ الرُّومُ فارِسًا ورَبَطُوا (p-١١٢٩)خُيُولَهم بِالمَدائِنِ وبَنَوْا رُومِيَّةَ، فَقَمَرَ أبُو بَكْرٍ فَجاءَ بِهِ أبُو بَكْرٍ يَحْمِلُهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَقالَ: هَذا السُّحْتُ، تَصَدَّقْ بِهِ» .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ والدّارَقُطْنِيُّ في الأفْرادِ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ وأبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ نِيارِ بْنِ مُكْرَمٍ الأسْلَمِيِّ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ الآيَةَ كانَتْ فارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قاهِرِينَ الرُّومَ وكانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ، لِأنَّهم وإيّاهم أهْلُ الكِتابِ، وفي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ وكانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فارِسَ لِأنَّهم وإيّاهم لَيْسُوا أهْلَ كِتابٍ ولا إيمانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمّا أنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ خَرَجَ أبُو بَكْرٍ يَصِيحُ في نَواحِي مَكَّةَ ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ ﴿فِي أدْنى الأرْضِ وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ فَقالَ ناسٌ مِن قُرَيْشٍ لِأبِي بَكْرٍ: ذَلِكَ بَيْنَنا وبَيْنَكم يَزْعُمُ صاحِبُكَ أنَّ الرُّومَ سَتَغْلِبُ فارِسَ في بِضْعِ سِنِينَ، أفَلا نُراهِنُكَ عَلى ذَلِكَ ؟ قالَ بَلى، وذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّهانِ، فارْتَهَنَ أبُو بَكْرٍ والمُشْرِكُونَ وتَواضَعُوا الرِّهانَ، وقالُوا لِأبِي بَكْرٍ: لَمْ تَجْعَلِ البِضْعَ ثَلاثَ سِنِينَ إلى تِسْعِ سِنِينَ فَسَمِّ بَيْنَنا وبَيْنَكَ وسَطًا تَنْتَهِي إلَيْهِ، قالَ: فَسَمَّوْا بَيْنَهم سِتَّ سِنِينَ، فَمَضَتِ السِّتُّ قَبْلَ أنْ يَظْهَرُوا، فَأخَذَ المُشْرِكُونَ رَهْنَ أبِي بَكْرٍ، فَلَمّا دَخَلَتِ السَّنَةُ السّابِعَةُ ظَهَرَتِ الرُّومُ، فَعابَ المُسْلِمُونَ عَلى أبِي بَكْرٍ تَسْمِيَتَهُ سِتَّ سِنِينَ لِأنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ فَأسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ ناسٌ كَثِيرٌ.
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ لِأبِي بَكْرٍ: «ألا احْتَطَّتَ يا أبا بَكْرٍ، فَإنَّ البِضْعَ ما بَيْنَ ثَلاثٍ إلى تِسْعٍ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ عَنْهُ في تارِيخِهِ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَ الرُّومُ عَلى فارِسَ، فَأعْجَبَ ذَلِكَ المُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ ﴿الم﴾ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ قَرَأها بِالنَّصْبِ: يَعْنِي لِلْغَيْنِ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ إلى قَوْلِهِ: ﴿يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ .
قالَ: فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِظُهُورٍ الرُّومِ عَلى فارِسَ، وهَذِهِ الرِّوايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِقِراءَةِ أبِي سَعِيدٍ ومَن مَعَهُ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: سَيَجِيءُ أقْوامٌ يَقْرَءُونَ " الم غَلَبَتِ الرُّومُ " يَعْنِي بِفَتْحِ الغَيْنِ، وإنَّما هي غُلِبَتْ: يَعْنِي بِضَمِّها، وفي البابِ رِواياتٌ وما ذَكَرْناهُ يُغْنِي عَمّا سِواهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي مَعايِشَهم مَتى يَغْرِسُونَ، ومَتى يَزْرَعُونَ، ومَتى يَحْصُدُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿كانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً﴾ قالَ: كانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكم بَيْنَ مَنكِبَيْهِ مَيْلٌ.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["غُلِبَتِ ٱلرُّومُ","فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ","فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ","بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ یَنصُرُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ","وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ","یَعۡلَمُونَ ظَـٰهِرࣰا مِّنَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ غَـٰفِلُونَ","أَوَلَمۡ یَتَفَكَّرُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَاۤ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَاۤىِٕ رَبِّهِمۡ لَكَـٰفِرُونَ","أَوَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوۤا۟ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰ وَأَثَارُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَاۤ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ","ثُمَّ كَانَ عَـٰقِبَةَ ٱلَّذِینَ أَسَـٰۤـُٔوا۟ ٱلسُّوۤأَىٰۤ أَن كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُوا۟ بِهَا یَسۡتَهۡزِءُونَ"],"ayah":"وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق