الباحث القرآني
﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكم واخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ ولَدِهِ ولا مَوْلُودٌ هو جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئًا إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنْيا ولا يَغُرَّنَّكم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾
إنْ لَمْ يَكُنْ يا أيُّها النّاسُ خِطابًا خاصًّا بِالمُشْرِكِينَ فَهو عامٌّ لِجَمِيعِ النّاسِ كَما تَقَرَّرَ في أُصُولِ الفِقْهِ، فَيَعُمُّ المُؤْمِنَ والمُشْرِكَ والمُعَطِّلَ في ذَلِكَ الوَقْتِ وفي سائِرِ الأزْمانِ إذِ الجَمِيعُ مَأْمُورُونَ بِتَقْوى اللَّهِ وأنَّ الخُطُواتِ المُوصِلَةَ إلى التَّقْوى مُتَفاوِتَةٌ عَلى حَسَبِ تَفاوُتِ بُعْدِ السّائِرِينَ عَنْها، وقَدْ كانَ فِيما سَبَقَ مِنَ السُّورَةِ حُظُوظٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وحُظُوظٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَلا يَبْعُدُ أنْ تُعَقَّبَ بِما يَصْلُحُ لِكِلا الفَرِيقَيْنِ، وإنْ كانَ الخِطابُ خاصًّا بِالمُشْرِكِينَ جَرْيًا عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ يا أيُّها النّاسُ خِطابٌ لِأهْلِ مَكَّةَ، فالمُرادُ بِالتَّقْوى: الإقْلاعُ عَنِ الشِّرْكِ.
ومَوْقِعُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدَ ما تَقَدَّمَها مِنَ الآياتِ مَوْقِعُ مَقْصِدِ الخُطْبَةِ بَعْدَ مُقَدِّماتِها إذْ كانَتِ المُقَدِّماتُ الماضِيَةُ قَدْ هَيَّأتِ النُّفُوسَ إلى قَبُولِ الهِدايَةِ والتَّأثُّرِ بِالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، وإنَّ لِاصْطِيادِ الحُكَماءِ فُرَصًا يَحْرِصُونَ عَلى عَدَمِ إضاعَتِها، وأحْسَنُ مُثُلِها قَوْلُ الحَرِيرِيِّ في المَقامَةِ الحادِيَةَ عَشْرَةَ (فَلَمّا ألْحَدُوا المَيْتَ، وفاتَ قَوْلُ لَيْتَ، أشْرَفَ شَيْخٌ مِن رَباوَةٍ، مُتَخَصِّرٌ بِهَراوَةٍ، فَقالَ: لِمِثْلِ هَذا فَلْيَعْمَلِ العامِلُونَ، فاذْكُرُوا أيُّها الغافِلُونَ، وشَمِّرُوا أيُّها المُقَصِّرُونَ) إلَخْ فَأمّا القُلُوبُ القاسِيَةُ، والنُّفُوسُ المُتَعاصِيَةُ، فَلَنْ تَأْسُوَها آسِيَةٌ.
(p-١٩٣)ولِاعْتِبارِ هَذا المَوْقِعِ جُعِلَتِ الجُمْلَةُ اسْتِئْنافًا لِأنَّها بِمَنزِلَةِ الفَذْلَكَةِ والنَّتِيجَةِ.
والتَّقْوى تَبْتَدِئُ مِنَ الِاعْتِرافِ بِوُجُودِ الخالِقِ ووَحْدانِيَّتِهِ وتَصْدِيقِ الرَّسُولِ ﷺ وتَنْتَهِي إلى اجْتِنابِ المَنهِيّاتِ وامْتِثالِ المَأْمُوراتِ في الظّاهِرِ والباطِنِ في سائِرِ الأحْوالِ. وتَقَدَّمَ تَفْصِيلُها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] في سُورَةِ البَقَرَةِ وتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذا في سُورَةِ الحَجِّ.
وخَشْيَةُ اليَوْمِ: الخَوْفُ مِن أهْوالِ ما يَقَعُ فِيهِ إذِ الزَّمانُ لا يُخْشى لِذاتِهِ، فانْتَصَبَ يَوْمًا عَلى المَفْعُولِ بِهِ. والأمْرُ بِخَشْيَتِهِ تَتَضَمَّنُ وُقُوعَهُ فَهو كِنايَةٌ عَنْ إثْباتِ البَعْثِ وذَلِكَ حَظُّ المُشْرِكِينَ مِنهُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى صارَ سِمَةً عَلَيْهِمْ قالَ تَعالى ﴿وقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا﴾ [الفرقان: ٢١] .
وجُمْلَةُ ﴿لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ ولَدِهِ﴾ إلَخْ صِفَةُ يَوْمٍ وحُذِفَ مِنها العائِدُ المَجْرُورُ بِـ (في) تَوَسُّعًا بِمُعامَلَتِهِ مُعامَلَةَ العائِدِ المَنصُوبِ كَقَوْلِهِ ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وجَزى إذا عُدِّيَ بِـ (عَنْ) فَهو بِمَعْنى قَضى عَنْهُ ودَفَعَ عَنْهُ، ولِذَلِكَ يُقالُ لِلْمُتَقاضِي: المُتَجازِي.
وجُمْلَةُ (ولا مَوْلُودٌ) إلَخْ عَطْفٌ عَلى الصِّفَةِ ومَوْلُودٌ مُبْتَدَأٌ، وهو ضَمِيرُ فَصْلٍ. وجازَ خَبَرُ المُبْتَدَأِ.
وذِكْرُ الوالِدِ والوَلَدِ هُنا لِأنَّهُما أشَدُّ مَحَبَّةً وحَمِيَّةً مِن غَيْرِهِما فَيُعْلَمُ أنَّ غَيْرَهُما أوْلى بِهَذا النَّفْيِ قالَ تَعالى ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِن أخِيهِ﴾ [عبس: ٣٤] ﴿وأُمِّهِ وأبِيهِ﴾ [عبس: ٣٥] الآيَةَ.
وابْتُدِئَ بِـ (الوالِدِ) لِأنَّهُ أشَدُّ شَفَقَةً عَلى ابْنِهِ فَلا يَجِدُ لَهُ مَخْلَصًا مِن سُوءٍ إلّا فِعْلَهُ.
ووَجْهُ اخْتِيارِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ في إفادَةِ عُمُومِ النَّفْيِ هُنا دُونَ طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ وأهْلُها يَوْمَئِذٍ خَلِيطٌ مِن مُسْلِمِينَ وكافِرِينَ، ورُبَّما كانَ الأبُ مُسْلِمًا والوَلَدُ كافِرًا ورُبَّما كانَ العَكْسُ، وقَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ الكافِرِينَ حِينَ تُداخِلُهُمُ الظُّنُونُ في مَصِيرِهِمْ (p-١٩٤)بَعْدَ المَوْتِ أنَّهُ إذا ظَهَرَ صِدْقُ وعِيدِ القُرْآنِ إيّاهم فَإنَّ مَن لَهُ أبٌ مُسْلِمٌ أوِ ابْنٌ مُسْلِمٌ يَدْفَعُ عَنْهُ هُنالِكَ بِما يَدُلُّ بِهِ عَلى رَبِّ هَذا الدِّينِ، وقَدْ كانَ قارًّا في نُفُوسِ العَرَبِ التَّعْوِيلُ عَلى المَوْلى والنَّصِيرِ تَعْوِيلًا عَلى أنَّ الحَمِيَّةَ والأنَفَةَ تَدْفَعُهم إلى الدِّفاعِ عَنْهم في ذَلِكَ الجَمْعِ وإنْ كانُوا مِن قَبْلُ مُخْتَلِفِينَ لَهم لِضِيقِ عَطَنِ أفْهامِهِمْ يَقِيسُونَ الأُمُورَ عَلى مُعْتادِهِمْ.
وهَذا أيْضًا وجْهُ الجَمْعِ بَيْنَ نَفْيِ جَزاءِ الوالِدِ عَنْ ولَدِهِ وبَيْنَ نَفْيِ جَزاءِ الوَلَدِ عَنْ والِدِهِ لِيَشْمَلَ الفَرِيقَيْنِ في الحالَتَيْنِ فَلا يُتَوَهَّمُ أنَّ أحَدَ الفَرِيقَيْنِ أرْجى في المَقْصُودِ.
ثُمَّ أُوثِرَتْ جُمْلَةُ ﴿ولا مَوْلُودٌ هو جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئًا﴾ بِطُرُقٍ مِنَ التَّوْكِيدِ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلى مِثْلِها جُمْلَةُ ﴿لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ ولَدِهِ﴾ فَإنَّها نُظِمَتْ جُمْلَةً اسْمِيَّةً، ووُسِّطَ فِيها ضَمِيرُ الفَصْلِ، وجُعِلَ النَّفْيُ فِيها مُنْصَبًّا إلى الجِنْسِ. ونُكْتَةُ هَذا الإيثارِ مُبالَغَةُ تَحْقِيقِ عَدَمِ جُزْءِ هَذا الفَرِيقِ عَنِ الآخَرِ إذْ كانَ مُعْظَمُ المُؤْمِنِينَ مِنَ الأبْناءِ والشَّبابِ، وكانَ آباؤُهم وأُمَّهاتُهم في الغالِبِ عَلى الشِّرْكِ مِثْلُ أبِي قُحافَةَ والِدِ أبِي بَكْرٍ وأبِي طالِبٍ والِدِ عَلِيٍّ وأُمِّ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، وأُمِّ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، فَأُرِيدَ حَسْمُ أطْماعِ آبائِهِمْ وما عَسى أنْ يَكُونَ مِن أطْماعِهِمْ أنْ يَنْفَعُوا آباءَهم في الآخِرَةِ بِشَيْءٍ.
وعُبِّرَ فِيها بِـ (مَوْلُودٌ) دُونَ ولَدٍ لِإشْعارِ مَوْلُودٍ بِالمَعْنى الِاشْتِقاقِيِّ دُونَ (ولَدٍ) الَّذِي هو اسْمٌ بِمَنزِلَةِ الجَوامِدِ لِقَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلى أنَّ تِلْكَ الصِّلَةَ الرَّقِيقَةَ لا تُخَوِّلُ صاحِبَها التَّعَرُّضَ لِنَفْعِ أبِيهِ المُشْرِكِ في الآخِرَةِ وفاءً لَهُ بِما تُومِئُ إلَيْهِ المَوْلُودِيَّةُ مِن تَجَشُّمِ المَشَقَّةِ مِن تَرْبِيَتِهِ، فَلَعَلَّهُ يَتَجَشَّمُ الإلْحاحَ في الجَزاءِ عَنْهُ في الآخِرَةِ حَسْمًا لِطَمَعِهِ في الجَزاءِ عَنْهُ، فَهَذا تَعْكِيسٌ لِلتَّرْقِيقِ الدُّنْيَوِيِّ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤] وقَوْلِهِ ﴿وصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥] .
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ عِلَّةٌ لِجُمْلَتَيِ ﴿اتَّقُوا رَبَّكم واخْشَوْا يَوْمًا﴾ . ووَعْدُ اللَّهِ: هو البَعْثُ، قالَ تَعالى ﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨] ﴿قُلْ لَكم مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً ولا تَسْتَقْدِمُونَ﴾ [سبإ: ٣٠] .
وأُكِّدَ الخَبَرُ بِـ (إنَّ) مُراعاةً لِمُنْكِرِي البَعْثِ، وإذْ قَدْ كانَتْ شُبْهَتُهم في إنْكارِهِ (p-١٩٥)مُشاهَدَةَ النّاسِ يَمُوتُونَ ويَخْلُفُهم أجْيالٌ آخَرُونَ ولَمْ يَرْجِعْ أحَدٌ مِمَّنْ ماتَ مِنهم ﴿وقالُوا ما هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوتُ ونَحْيا وما يُهْلِكُنا إلّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤] وقالُوا ﴿إنْ هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا وما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ [الأنعام: ٢٩] .
فُرِّعَ عَلى هَذا التَّأْكِيدِ إبْطالُ شُبْهَتِهِمْ بِقَوْلِهِ ﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنْيا﴾، أيْ لا تَغُرَّنَّكم حالَةُ الحَياةِ الدُّنْيا بِأنْ تَتَوَهَّمُوا الباطِلَ حَقًّا والضُّرَّ نَفْعًا، فَإسْنادُ التَّغْرِيرِ إلى الحَياةِ الدُّنْيا مَجازٌ عَقْلِيٌّ لِأنَّ الدُّنْيا ظَرْفُ الغَرُورِ أوْ شُبْهَتُهُ، وفاعِلُ التَّغْرِيرِ حَقِيقَةً هُمُ الَّذِينَ يُضِلُّونَهم بِالأقْيِسَةِ الباطِلَةِ فَيُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ إبْطاءَ الشَّيْءِ بِاسْتِحالَتِهِ فَذُكِرَتْ هُنا وسِيلَةُ التَّغْرِيرِ وشُبْهَتُهُ ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَهُ الفاعِلُ الحَقِيقِيُّ لِلتَّغْرِيرِ وهو الغَرُورُ. والغَرُورُ بِفَتْحِ الغَيْنِ: مَن يَكْثُرُ مِنهُ التَّغْرِيرُ، والمُرادُ بِهِ الشَّيْطانُ بِوَسْوَسَتِهِ وما يَلِيهِ في نُفُوسِ دُعاةِ الضَّلالَةِ مِن شُبَهِ التَّمْوِيهِ لِلْباطِلِ في صُورَةٍ وما يُلْقِيهِ في نُفُوسِ أتْباعِهِمْ مِن قَبُولِ تَغْرِيرِهِمْ.
وعُطِفَ ﴿ولا يَغُرَّنَّكم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾ لِأنَّهُ أُدْخِلَ في تَحْذِيرِهِمْ مِمَّنْ يُلْقُونَ إلَيْهِمُ الشُّبَهَ أوْ مِن أوْهامِ أنْفُسِهِمُ الَّتِي تُخَيِّلُ لَهُمُ الباطِلَ حَقًّا لِيَهِمُوا آراءَهم. وإذا أُرِيدَ بِالغُرُورِ الشَّيْطانُ أوْ ما يَشْمَلُهُ فَذَلِكَ أشَدُّ في التَّحْذِيرِ لِما تَقَرَّرَ مِن عَداوَةِ الشَّيْطانِ لِلْإنْسانِ، كَما قالَ تَعالى ﴿يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أخْرَجَ أبَوَيْكم مِنَ الجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٧] وقالَ ﴿إنَّ الشَّيْطانَ لَكم عَدُوٌّ فاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر: ٦]، فَفي التَّحْذِيرِ شَوْبٌ مِنَ التَّنْفِيرِ.
والباءُ في قَوْلِهِ ﴿ولا يَغُرَّنَّكم بِاللَّهِ﴾ هي كالباءِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿يا أيُّها الإنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾ [الإنفطار: ٦] . وقَرَّرَ في الكَشّافِ في سُورَةِ الِانْفِطارِ مَعْنى الباءِ بِما يَقْتَضِي أنَّها لِلسَّبَبِيَّةِ، وبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ السَّبَبُ شَأْنًا مِن شُئُونِ اللَّهِ يُناسِبُ المَقامَ لا ذاتَ اللَّهِ تَعالى. والَّذِي يُناسِبُ هُنا أنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنِ الِاغْتِرارِ بِما يُسَوِّلُهُ الغَرُورُ لِلْمُشْرِكِينَ كَتَوَهُّمِ أنَّ الأصْنامَ شُفَعاءُ لَهم عِنْدَ اللَّهِ في الدُّنْيا واقْتِناعِهِمْ بِأنَّهُ إذا ثَبَتَ البَعْثُ عَنِ احْتِمالٍ مَرْجُوحٍ عِنْدَهم شَفَعَتْ لَهم يَوْمَئِذٍ أصْنامُهم، أوْ يَغُرُّهم بِأنَّ اللَّهَ لَوْ أرادَ البَعْثَ كَما يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ لَبَعَثَ آباءَهم وهم يَنْظُرُونَ، أوْ أنْ يَغُرَّهم بِأنَّ اللَّهَ لَوْ أرادَ بَعْثَ النّاسِ لَعَجَّلَ لَهم ذَلِكَ وهو ما حَكى اللَّهُ عَنْهم ﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨] فَذَلِكَ كُلُّهُ غُرُورٌ لَهم مُسَبَّبٌ بِشُئُونِ اللَّهِ تَعالى فَفي (p-١٩٦)هَذا ما يُوَضِّحُ مَعْنى الباءِ في قَوْلِهِ ﴿ولا يَغُرَّنَّكم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾ . وقَدْ جاءَ مِثْلُهُ في سُورَةِ الحَدِيدِ. وهَذا الِاسْتِعْمالُ في تَعْدِيَةِ فِعْلِ الغَرُورِ بِالباءِ قَرِيبٌ مِن تَعْدِيَتِهِ بِـ (مِنَ) الِابْتِدائِيَّةِ في قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قاتِلِي
أيْ لا يَغُرَّنَّكِ مِن مُعامَلَتِي مَعَكِ أنَّ حُبَّكِ قاتِلِي.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمۡ وَٱخۡشَوۡا۟ یَوۡمࣰا لَّا یَجۡزِی وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَلَا یَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق