الباحث القرآني
* [فَصْلٌ: مُغالَطَةُ النَّفْسِ حَوْلَ الأسْبابِ]
الأمْرُ الثّانِي أنْ يَحْذَرَ مُغالَطَةَ نَفْسِهِ عَلى هَذِهِ الأسْبابِ وهَذا مِن أهَمِّ الأُمُورِ فَإنَّ العَبْدَ يَعْرِفُ أنَّ المَعْصِيَةَ والغَفْلَةَ مِنَ الأسْبابِ المُضِرَّةِ لَهُ في دُنْياهُ وآخِرَتِهِ ولا بُدَّ، ولَكِنْ تُغالِطُهُ نَفْسُهُ بِالِاتِّكالِ عَلى عَفْوِ اللَّهِ ومَغْفِرَتِهِ تارَةً، وبِالتَّسْوِيفِ بِالتَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ بِاللِّسانِ تارَةً، وبِفِعْلِ المَندُوباتِ تارَةً، وبِالعِلْمِ تارَةً، وبِالِاحْتِجاجِ بِالقَدَرِ تارَةً، وبِالِاحْتِجاجِ بِالأشْباهِ والنُّظَراءِ تارَةً، وبِالِاقْتِداءِ بِالأكابِرِ تارَةً أُخْرى.
وَكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ يَظُنُّ أنَّهُ لَوْ فَعَلَ ما فَعَلَ ثُمَّ قالَ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ، زالَ أثَرُ الذَّنْبِ وراحَ هَذا بِهَذا، وقالَ لِي رَجُلٌ مِنَ المُنْتَسِبِينَ إلى الفِقْهِ: أنا أفْعَلُ ما أفْعَلُ ثُمَّ أقُولُ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ وقَدْ غُفِرَ ذَلِكَ أجْمَعُهُ كَما صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «مَن قالَ في يَوْمٍ سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطاياهُ، ولَوْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»، وقالَ لِي آخَرُ مِن أهْلِ مَكَّةَ: نَحْنُ إذا فَعَلَ أحَدُنا ما فَعَلَ، اغْتَسَلَ وطافَ بِالبَيْتِ أُسْبُوعًا وقَدْ مُحِيَ عَنْهُ ذَلِكَ، وقالَ لِي آخَرُ: قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ:
«أذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: أيْ رَبِّ أصَبْتُ ذَنْبًا فاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَقالَ: أيْ رَبِّ أصَبْتُ ذَنْبًا، فاغْفِرْ لِي، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: عَلِمَ عَبْدِي أنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، فَلْيَصْنَعْ ما شاءَ».
وَقالَ: أنا لا أشُكُّ أنَّ لِي رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بِهِ، وهَذا الضَّرْبُ مِنَ النّاسِ قَدْ تَعَلَّقَ بِنُصُوصٍ مِنَ الرَّجاءِ، واتَّكَلَ عَلَيْها وتَعَلَّقَ بِها بِكِلْتا يَدَيْهِ وإذا عُوتِبَ عَلى الخَطايا والِانْهِماكِ فِيها، سَرَدَ لَكَ ما يَحْفَظُهُ مِن سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ ومَغْفِرَتِهِ ونُصُوصِ الرَّجاءِ، ولِلْجُهّالِ مِن هَذا الضَّرْبِ مِنَ النّاسِ في هَذا البابِ غَرائِبُ وعَجائِبُ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ:
؎وَكَثِّرْ ما اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطايا ∗∗∗ إذا كانَ القُدُومُ عَلى كَرِيمٍ
وَقَوْلِ الآخَرِ: التَّنَزُّهُ مِنَ الذُّنُوبِ جَهْلٌ بِسَعَةِ عَفْوِ اللَّهِ.
وَقالَ الآخَرُ: تَرْكُ الذُّنُوبِ جَراءَةٌ عَلى مَغْفِرَةِ اللَّهِ واسْتِصْغارٌ.
وَقالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ: رَأيْتُ بَعْضَ هَؤُلاءِ يَقُولُ في دُعائِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ العِصْمَةِ.
التَّعَلُّقُ بِالجَبْرِ
وَمِن هَؤُلاءِ المَغْرُورِينَ مَن يَتَعَلَّقُ بِمَسْألَةِ الجَبْرِ، وأنَّ العَبْدَ لا فِعْلَ لَهُ ألْبَتَّةَ ولا اخْتِيارَ، وإنَّما هو مَجْبُورٌ عَلى فِعْلِ المَعاصِي.
التَّعَلُّقُ بِالإرْجاءِ
وَمِن هَؤُلاءِ مَن يَغْتَرُّ بِمَسْألَةِ الإرْجاءِ، وأنَّ الإيمانَ هو مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، والأعْمالَ لَيْسَتْ مِنَ الإيمانِ، وأنَّ إيمانَ أفْسَقِ النّاسِ كَإيمانِ جِبْرِيلَ ومِيكائِيلَ.
وَمِن هَؤُلاءِ مَن يَغْتَرُّ بِمَحَبَّةِ الفُقَراءِ والمَشايِخِ والصّالِحِينَ، وكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إلى قُبُورِهِمْ، والتَّضَرُّعِ إلَيْهِمْ، والِاسْتِشْفاعِ بِهِمْ، والتَّوَسُّلِ إلى اللَّهِ بِهِمْ، وسُؤالِهِ بِحَقِّهِمْ عَلَيْهِ، وحُرْمَتِهِمْ عِنْدَهُ.
وَمِنهم مَن يَغْتَرُّ بِآبائِهِ وأسْلافِهِ، وأنَّ لَهم عِنْدَ اللَّهِ مَكانَةً وصَلاحًا، فَلا يَدَعُوهُ أنْ يُخَلِّصُوهُ كَما يُشاهِدُ في حَضْرَةِ المُلُوكِ، فَإنَّ المُلُوكَ تَهَبُ لِخَواصِّهِمْ ذُنُوبَ أبْنائِهِمْ وأقارِبِهِمْ، وإذا وقَعَ أحَدٌ مِنهم في أمْرٍ مُفْظِعٍ خَلَّصَهُ أبُوهُ وجَدُّهُ بِجاهِهِ ومَنزِلَتِهِ.
الِاغْتِرارُ بِاللَّهِ
وَمِنهم مَن يَغْتَرُّ بِأنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ غَنِيٌّ عَنْ عَذابِهِ، وعَذابُهُ لا يَزِيدُ في مُلْكِهِ شَيْئًا، ورَحْمَتُهُ لَهُ لا تَنْقُصُ مِن مُلْكِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ: أنا مُضْطَرٌّ إلى رَحْمَتِهِ، وهو أغْنى الأغْنِياءِ، ولَوْ أنَّ فَقِيرًا مِسْكِينًا مُضْطَرًّا إلى شَرْبَةِ ماءٍ عِنْدَ مَن في دارِهِ شَطٌّ يَجْرِي لَما مَنَعَهُ مِنها فاللَّهُ أكْرَمُ وأوْسَعُ فالمَغْفِرَةُ لا تَنْقُصُهُ شَيْئًا والعُقُوبَةُ لا تَزِيدُ في مُلْكِهِ شَيْئًا.
الِاغْتِرارُ بِالفَهْمِ الفاسِدِ والقُرْآنِ والسُّنَّةِ
وَمِنهم مَن يَغْتَرُّ بِفَهْمٍ فاسِدٍ فَهِمَهُ هو وأضْرابُهُ مِن نُصُوصِ القُرْآنِ والسُّنَّةِ، فاتَّكَلُوا عَلَيْهِ كاتِّكالِ بَعْضِهِمْ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى﴾ [الضحى: ٥٥].
قالَ وهو لا يَرْضى أنْ يَكُونَ في النّارِ أحَدٌ مِن أُمَّتِهِ، وهَذا مِن أقْبَحِ الجَهْلِ، وأبْيَنِ الكَذِبِ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يَرْضى بِما يَرْضى بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وجَلَّ، واللَّهُ تَعالى يُرْضِيهِ تَعْذِيبُ الظَّلَمَةِ والفَسَقَةِ والخَوَنَةِ والمُصِرِّينَ عَلى الكَبائِرِ، فَحاشا رَسُولَهُ أنْ يَرْضى بِما لا يَرْضى بِهِ رَبُّهُ تَبارَكَ وتَعالى.
وَكاتِّكالِ بَعْضِهِمْ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣]
وَهَذا أيْضًا مِن أقْبَحِ الجَهْلِ، فَإنَّ الشِّرْكَ داخِلٌ في هَذِهِ الآيَةِ، فَإنَّهُ رَأْسُ الذُّنُوبِ وأساسُها، ولا خِلافَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ في حَقِّ التّائِبِينَ، فَإنَّهُ يَغْفِرُ ذَنْبَ كُلِّ تائِبٍ مِن أيِّ ذَنْبٍ كانَ، ولَوْ كانَتِ الآيَةُ في حَقِّ غَيْرِ التّائِبِينَ لَبَطَلَتْ نُصُوصُ الوَعِيدِ كُلُّها.
وَأحادِيثُ إخْراجِ قَوْمٍ مِنَ المُوَحِّدِينَ مِنَ النّارِ بِالشَّفاعَةِ.
وَهَذا إنَّما أتى صاحِبَهُ مِن قِلَّةِ عِلْمِهِ وفَهْمِهِ، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ هاهُنا عَمَّمَ وأطْلَقَ، فَعُلِمَ أنَّهُ أرادَ التّائِبِينَ، وفي سُورَةِ النِّساءِ خَصَّصَ وقَيَّدَ فَقالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فَأخْبَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنَّهُ لا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، وأخْبَرَ أنَّهُ يَغْفِرُ ما دُونَهُ، ولَوْ كانَ هَذا في حَقِّ التّائِبِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشِّرْكِ وغَيْرِهِ، وكاغْتِرارِ بَعْضِ الجُهّالِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها الإنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾ [الانفطار: ٦٦] فَيَقُولُ: كَرَمُهُ، وقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لَقَّنَ المُغْتَرَّ حُجَّتَهُ، وهَذا جَهْلٌ قَبِيحٌ، وإنَّما غَرَّهُ بِرَبِّهِ الغَرُورُ، وهو الشَّيْطانُ، ونَفْسُهُ الأمّارَةُ بِالسُّوءِ وجَهْلُهُ وهَواهُ، وأتى سُبْحانَهُ بِلَفْظِ الكَرِيمِ وهو السَّيِّدُ العَظِيمُ المُطاعُ، الَّذِي لا يَنْبَغِي الِاغْتِرارُ بِهِ، ولا إهْمالُ حَقِّهِ، فَوَضَعَ هَذا المُغْتَرُّ الغَرُورَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ، واغْتَرَّ بِمَن لا يَنْبَغِي الِاغْتِرارُ بِهِ.
وَكاغْتِرارِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى في النّارِ: ﴿لا يَصْلاها إلّا الأشْقى - الَّذِي كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ [الليل: ١٥-١٦]، وقَوْلِهِ: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤].
وَلَمْ يَدْرِ هَذا المُغْتَرُّ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَأنْذَرْتُكم نارًا تَلَظّى﴾ هي نارٌ مَخْصُوصَةٌ مِن جُمْلَةِ دَرَكاتِ جَهَنَّمَ، ولَوْ كانَتْ جَمِيعَ جَهَنَّمَ فَهو سُبْحانَهُ لَمْ يَقُلْ لا يَدْخُلُها بَلْ قالَ ﴿لا يَصْلاها إلّا الأشْقى﴾ ولا يَلْزَمُ مِن عَدَمِ صَلْيِها، عَدَمُ دُخُولِها، فَإنَّ الصَّلْيَ أخَصُّ مِنَ الدُّخُولِ، ونَفْيُ الأخَصِّ لا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الأعَمِّ.
ثُمَّ هَذا المُغْتَرُّ لَوْ تَأمَّلَ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَها؛ لَعَلِمَ أنَّهُ غَيْرُ داخِلٍ فِيها، فَلا يَكُونُ مَضْمُونًا لَهُ أنْ يُجَنَّبَها.
وَأمّا قَوْلُهُ في النّارِ ﴿أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾، فَقَدْ قالَ في الجَنَّةِ: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣] ولا يُنافِي إعْدادُ النّارِ لِلْكافِرِينَ أنْ يَدْخُلَها الفُسّاقُ والظَّلَمَةُ، ولا يُنافِي إعْدادُ الجَنَّةِ لِلْمُتَّقِينَ أنْ يَدْخُلَها مَن في قَلْبِهِ أدْنى مِثْقالِ ذَرَّةٍ مِنَ الإيمانِ، ولَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ.
وَكاغْتِرارِ بَعْضِهِمْ عَلى صَوْمِ يَوْمِ عاشُوراءَ، أوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، حَتّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: يَوْمُ عاشُوراءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ العامِ كُلَّها، ويَبْقى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيادَةً في الأجْرِ، ولَمْ يَدْرِ هَذا المُغْتَرُّ، أنَّ صَوْمَ رَمَضانَ، والصَّلَواتِ الخَمْسِ، أعْظَمُ وأجَلُّ مِن صِيامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، ويَوْمِ عاشُوراءَ، وهي إنَّما تُكَفِّرُ ما بَيْنَهُما إذا اجْتُنِبَتِ الكَبائِرُ.
فَرَمَضانُ إلى رَمَضانَ، والجُمُعَةُ إلى الجُمُعَةِ، لا يَقْوَيا عَلى تَكْفِيرِ الصَّغائِرِ، إلّا مَعَ انْضِمامِ تَرْكِ الكَبائِرِ إلَيْها، فَيَقْوى مَجْمُوعُ الأمْرَيْنِ عَلى تَكْفِيرِ الصَّغائِرِ.
فَكَيْفَ يُكَفِّرُ صَوْمُ يَوْمِ تَطَوُّعٍ كُلَّ كَبِيرَةٍ عَمِلَها العَبْدُ وهو مُصِرٌّ عَلَيْها، غَيْرُ تائِبٍ مِنها؟ هَذا مُحالٌ عَلى أنَّهُ لا يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ويَوْمِ عاشُوراءَ مُكَفِّرًا لِجَمِيعِ ذُنُوبِ العامِ عَلى عُمُومِهِ، ويَكُونُ مِن نُصُوصِ الوَعْدِ الَّتِي لَها شُرُوطٌ ومَوانِعُ، ويَكُونُ إصْرارُهُ عَلى الكَبائِرِ مانِعًا مِنَ التَّكْفِيرِ، فَإذا لَمْ يُصِرَّ عَلى الكَبائِرِ لِتَساعُدِ الصَّوْمِ وعَدَمِ الإصْرارِ، وتَعاوُنِهِما عَلى عُمُومِ التَّكْفِيرِ، كَما كانَ رَمَضانُ والصَّلَواتُ الخَمْسُ مَعَ اجْتِنابِ الكَبائِرِ مُتَساعِدَيْنِ مُتَعاوِنَيْنِ عَلى تَكْفِيرِ الصَّغائِرِ مَعَ أنَّهُ سُبْحانَهُ قَدْ قالَ: ﴿إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكم سَيِّئاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١]
فَعُلِمَ أنَّ جَعْلَ الشَّيْءِ سَبَبًا لِلتَّكْفِيرِ لا يَمْنَعُ أنْ يَتَساعَدَ هو وسَبَبٌ آخَرُ عَلى التَّكْفِيرِ، ويَكُونُ التَّكْفِيرُ مَعَ اجْتِماعِ السَّبَبَيْنِ أقْوى وأتَمَّ مِنهُ مَعَ انْفِرادِ أحَدِهِما، وكُلَّما قَوِيَتْ أسْبابُ التَّكْفِيرِ كانَ أقْوى وأتَمَّ وأشْمَلَ.
حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ
وَكاتِّكالِ بَعْضِهِمْ عَلى قَوْلِهِ ﷺ حاكِيًا عَنْ رَبِّهِ " «أنا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي ما شاءَ» يَعْنِي ما كانَ في ظَنِّهِ فَإنِّي فاعِلُهُ بِهِ، ولا رَيْبَ أنَّ حُسْنَ الظَّنِّ إنَّما يَكُونُ مَعَ الإحْسانِ، فَإنَّ المُحْسِنَ حَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ أنْ يُجازِيَهُ عَلى إحْسانِهِ ولا يُخْلِفَ وعْدَهُ، ويَقْبَلَ تَوْبَتَهُ.
وَأمّا المُسِيءُ المُصِرُّ عَلى الكَبائِرِ والظُّلْمِ والمُخالَفاتِ فَإنَّ وحْشَةَ المَعاصِي والظُّلْمِ والحَرامِ تَمْنَعُهُ مِن حُسْنِ الظَّنِّ بِرَبِّهِ، وهَذا مَوْجُودٌ في الشّاهِدِ، فَإنَّ العَبْدَ الآبِقَ الخارِجَ عَنْ طاعَةِ سَيِّدِهِ لا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، ولا يُجامِعُ وحْشَةَ الإساءَةِ إحْسانُ الظَّنِّ أبَدًا، فَإنَّ المُسِيءَ مُسْتَوْحِشٌ بِقَدْرِ إساءَتِهِ، وأحْسَنُ النّاسِ ظَنًّا بِرَبِّهِ أطْوَعُهم لَهُ.
كَما قالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: إنَّ المُؤْمِنَ أحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأحْسَنَ العَمَلَ وإنَّ الفاجِرَ أساءَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأساءَ العَمَلَ.
وَكَيْفَ يَكُونُ مُحْسِنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ مَن هو شارِدٌ عَنْهُ، حالٌّ مُرْتَحِلٌ في مَساخِطِهِ وما يُغْضِبُهُ، مُتَعَرِّضٌ لِلَعْنَتِهِ قَدْ هانَ حَقُّهُ وأمْرُهُ عَلَيْهِ فَأضاعَهُ، وهانَ نَهْيُهُ عَلَيْهِ فارْتَكَبَهُ وأصَرَّ عَلَيْهِ؟
وَكَيْفَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ مَن بارَزَهُ بِالمُحارَبَةِ، وعادى أوْلِياءَهُ، ووالى أعْداءَهُ، وجَحَدَ صِفاتَ كَمالِهِ، وأساءَ الظَّنَّ بِما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، ووَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ﷺ وظَنَّ بِجَهْلِهِ أنَّ ظاهِرَ ذَلِكَ ضَلالٌ وكُفْرٌ؟ وكَيْفَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ مَن يَظُنُّ أنَّهُ لا يَتَكَلَّمُ ولا يَأْمُرُ ولا يَنْهى ولا يَرْضى ولا يَغْضَبُ؟
وَقَدْ قالَ اللَّهُ في حَقِّ مَن شَكَّ في تَعَلُّقِ سَمْعِهِ بِبَعْضِ الجُزْئِيّاتِ، وهو السِّرُّ مِنَ القَوْلِ: ﴿وَذَلِكم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكم أرْداكم فَأصْبَحْتُمْ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ [فصلت: ٢٣].
فَهَؤُلاءِ لَمّا ظَنُّوا أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمّا يَعْمَلُونَ، كانَ هَذا إساءَةً لِظَنِّهِمْ بِرَبِّهِمْ، فَأرْداهم ذَلِكَ الظَّنُّ، وهَذا شَأْنُ كُلِّ مَن جَحَدَ صِفاتِ كَمالِهِ، ونُعُوتَ جَلالِهِ، ووَصَفَهُ بِما لا يَلِيقُ بِهِ، فَإذا ظَنَّ هَذا أنَّهُ يُدْخِلُهُ الجَنَّةَ كانَ هَذا غُرُورًا وخِداعًا مِن نَفْسِهِ، وتَسْوِيلًا مِنَ الشَّيْطانِ، لا إحْسانَ ظَنٍّ بِرَبِّهِ.
فَتَأمَّلْ هَذا المَوْضِعَ، وتَأمَّلْ شِدَّةَ الحاجَةِ إلَيْهِ، وكَيْفَ يَجْتَمِعُ في قَلْبِ العَبْدِ تَيَقُّنُهُ بِأنَّهُ مُلاقٍ اللَّهَ، وأنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ ويَرى مَكانَهُ، ويَعْلَمُ سِرَّهُ وعَلانِيَتَهُ، ولا يَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ مِن أمْرِهِ، وأنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، ومَسْئُولٌ عَنْ كُلِّ ما عَمِلَ، وهو مُقِيمٌ عَلى مَساخِطِهِ مُضَيِّعٌ لِأوامِرِهِ، مُعَطِّلٌ لِحُقُوقِهِ، وهو مَعَ هَذا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، وهَلْ هَذا إلّا مِن خِدَعِ النُّفُوسِ، وغُرُورِ الأمانِيِّ؟
وَقَدْ قالَ أبُو أُمامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: دَخَلْتُ أنا وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلى عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - فَقالَتْ «لَوْ رَأيْتُما رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في مَرَضٍ لَهُ، وكانَتْ عِنْدِي سِتَّةُ دَنانِيرَ، أوْ سَبْعَةٌ، فَأمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ أُفَرِّقَها، قالَتْ: فَشَغَلَنِي وجَعُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى عافاهُ اللَّهُ، ثُمَّ سَألَنِي عَنْها فَقالَ: ما فَعَلْتِ؟ أكُنْتِ فَرَّقَتِ السِّتَّةَ الدَّنانِيرَ؟ فَقُلْتُ: لا واللَّهِ لَقَدْ شَغَلَنِي وجَعُكَ، قالَتْ فَدَعا بِها، فَوَضَعَها في كَفِّهِ، فَقالَ: ما ظَنُّ نَبِيِّ اللَّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وهَذِهِ عِنْدَهُ؟ وفي لَفْظٍ: ما ظَنُّ مُحَمَّدٍ بِرَبِّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وهَذِهِ عِنْدَهُ».
فَيا لَلَّهِ ما ظَنُّ أصْحابِ الكَبائِرِ والظَّلَمَةِ بِاللَّهِ إذا لَقَوْهُ ومَظالِمُ العِبادِ عِنْدَهُمْ؟ فَإنْ كانَ يَنْفَعُهم قَوْلُهُمْ: حَسَّنّا ظُنُونَنا بِكَ، إنَّكَ لَنْ تُعَذِّبَ ظالِمًا ولا فاسِقًا، فَلْيَصْنَعِ العَبْدُ ما شاءَ، ولِيَرْتَكِبْ كُلَّ ما نَهاهُ اللَّهُ عَنْهُ، ولِيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِاللَّهِ، فَإنَّ النّارَ لا تَمَسُّهُ، فَسُبْحانَ اللَّهِ! ما يَبْلُغُ الغُرُورُ بِالعَبْدِ، وقَدْ قالَ إبْراهِيمُ لِقَوْمِهِ: ﴿أئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ - فَما ظَنُّكم بِرَبِّ العالَمِينَ﴾ [الصافات: ٨٦-٨٧].
أيْ ما ظَنُّكم أنْ يَفْعَلَ بِكم إذا لَقِيتُمُوهُ وقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ.
وَمَن تَأمَّلَ هَذا المَوْضِعَ حَقَّ التَّأمُّلِ عَلِمَ أنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ هو حُسْنُ العَمَلِ نَفْسُهُ، فَإنَّ العَبْدَ إنَّما يَحْمِلُهُ عَلى حُسْنِ العَمَلِ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ أنْ يُجازِيَهُ عَلى أعْمالِهِ ويُثِيبَهُ عَلَيْها ويَتَقَبَّلَها مِنهُ، فالَّذِي حَمَلَهُ عَلى العَمَلِ حُسْنُ الظَّنِّ، فَكُلَّما حَسُنَ ظَنُّهُ حَسُنَ عَمَلُهُ، وإلّا فَحُسْنُ الظَّنِّ مَعَ اتِّباعِ الهَوى عَجْزٌ، كَما في حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ والمُسْنَدِ مِن حَدِيثِ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الكَيِّسُ مَن دانَ نَفْسَهُ وعَمِلَ لِما بَعْدَ المَوْتِ، والعاجِزُ مَن أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواها، وتَمَنّى عَلى اللَّهِ».
وَبِالجُمْلَةِ فَحُسْنُ الظَّنِّ إنَّما يَكُونُ مَعَ انْعِقادِ أسْبابِ النَّجاةِ، وأمّا مَعَ انْعِقادِ أسْبابِ الهَلاكِ فَلا يَتَأتّى إحْسانُ الظَّنِّ.
الفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ والغُرُورِ
فَإنْ قِيلَ: بَلْ يَتَأتّى ذَلِكَ، ويَكُونُ مُسْتَنَدُ حُسْنِ الظَّنِّ سَعَةَ مَغْفِرَةِ اللَّهِ، ورَحْمَتِهِ وعَفْوِهِ وجُودِهِ، وأنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، وأنَّهُ لا تَنْفَعُهُ العُقُوبَةُ، ولا يَضُرُّهُ العَفْوُ.
قِيلَ: الأمْرُ هَكَذا، واللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ وأجَلُّ وأكْرَمُ وأجْوَدُ وأرْحَمُ، ولَكِنْ إنَّما يَضَعُ ذَلِكَ في مَحِلِّهِ اللّائِقِ بِهِ، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ مَوْصُوفٌ بِالحِكْمَةِ، والعِزَّةِ والِانْتِقامِ، وشِدَّةِ البَطْشِ، وعُقُوبَةِ مَن يَسْتَحِقُّ العُقُوبَةَ، فَلَوْ كانَ مُعَوَّلُ حُسْنِ الظَّنِّ عَلى مُجَرَّدِ صِفاتِهِ وأسْمائِهِ لاشْتَرَكَ في ذَلِكَ البَرُّ والفاجِرُ، والمُؤْمِنُ والكافِرُ، ووَلِيُّهُ وعَدُّوهُ، فَما يَنْفَعُ المُجْرِمَ أسْماؤُهُ وصِفاتُهُ وقَدْ باءَ بِسُخْطِهِ وغَضَبِهِ، وتَعَرَّضَ لِلَعْنَتِهِ، ووَقَعَ في مَحارِمِهِ، وانْتَهَكَ حُرُماتِهِ، بَلْ حُسْنُ الظَّنِّ يَنْفَعُ مَن تابَ ونَدِمَ وأقْلَعَ، وبَدَّلَ السَّيِّئَةَ بِالحَسَنَةِ، واسْتَقْبَلَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ بِالخَيْرِ والطّاعَةِ، ثُمَّ أحْسَنَ الظَّنَّ، فَهَذا هو حُسْنُ ظَنٍّ، والأوَّلُ غُرُورٌ، واللَّهُ المُسْتَعانُ.
وَلا تَسْتَطِلْ هَذا الفَصْلَ، فَإنَّ الحاجَةَ إلَيْهِ شَدِيدَةٌ لِكُلِّ أحَدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وبَيْنَ الغُرُورِ بِهِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هاجَرُوا وجاهَدُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٨] فَجَعَلَ هَؤُلاءِ أهْلَ الرَّجاءِ، لا البَطّالِينَ والفاسِقِينَ.
قالَ تَعالى: ﴿ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِن بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وصَبَرُوا إنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١١٠]
فَأخْبَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الأشْياءِ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَن فَعَلَها، فالعالِمُ يَضَعُ الرَّجاءَ مَواضِعَهُ والجاهِلُ المُغْتَرُّ يَضَعُهُ في غَيْرِ مَواضِعِهِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمۡ وَٱخۡشَوۡا۟ یَوۡمࣰا لَّا یَجۡزِی وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَلَا یَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق