الباحث القرآني

سورة الشمس هي خمس عشرة آية وهي مكية بلا خلاف قال ابن عباس نزلت بمكة، وعن ابن الزبير مثله، وعن بريده " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة العشاء (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وأشباهها من السور " أخرجه أحمد والترمذي وحسنه والنسائي، وقد تقدم حديث جابر في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال لمعاذ " هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ". وعن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره أن يقرأ في صلاة الصبح بالليل إذا يغشى والشمس وضحاها " أخرجه الطبراني، وعن عقبة بن عامر قال: " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن نصلي ركعتي الضحى بسورتيهما بالشمس وضحاها والضحى " أخرجه البيهقي في الشعب. بسم الله الرحمن الرحيم وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) (والشمس وضحاها) أقسم سبحانه بهذه الأمور، وله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته وقال قوم إن القسم بهذه الأمور ونحوها مما تقدم ومما سيأتي هو على حذف مضاف أي ورب الشمس، وهكذا سائرها، ولا ملجىء إلى هذا ولا موجب له، وقوله: (وضحاها) هو قسم ثان، وقال الرازي المقصود من هذه السورة الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي. وقد أقسم تعالى بأنواع مخلوقاته المشتملة على المنافع العظيمة ليتأمل المكلف فيها ويشكر عليها لأن ما أقسم الله تعالى به يحصل منه وقع في القلب، وأقسم الله في هذه السورة بسبعة أشياء إلى قوله: (قد أفلح من زكاها) فأقسم بالشمس وضحاها فإن أهل العالم كانوا كالأموات في الليل، فلما ظهر أثر الصبح صارت الأموات أحياء، وتكاملت الحياة وقت الضحوة، وهذه الحالة تشبه أحوال القيامة، ووقت الضحى يشبه استقرار أهل الجنة فيها انتهى. قال مجاهد أي ضوؤها وإشراقها، وأضاف الضحى إلى الشمس لأنه إنما يكون عند ارتفاعها، وكذا قال الكلبي، وقال قتادة: ضحاها نهارها كله، قال الفراء: الضحى هو النهار، وقال المبرد: أصل الضحى الصبح، وهو نور الشمس، وقيل الضحوة ارتفاع النهار، والضحى فوق ذلك. قال القرطبي: الضحى مؤنثة يقال ارتفعت الضحى فوق الضحو، وقد تذكر، فمن أنث ذهب إلى أنها جمع ضحوة ومن ذكّر ذهب إلى أنها اسم فعل نحو صرد ونغر، قال أبو الهيثم: الضحى نقيض الظل: وهو نور الشمس على وجه الأرض، وأصله الضحى فاستثقلوا الياء فقلبوها ألفاً قيل والمعروف عند العرب أن الضحى إذا طلعت الشمس وبعد ذلك قليلاً، فإذا زاد فهو الضحاء بالمد. قال المبرد: الضحى والضحوة مشتقان من الضح وهو النور فأبدلت الألف والواو من الحاء. واختلف في جواب القسم ماذا هو، فقيل هو قوله: (قد أفلح من زكاها) قاله الزجاج وغيره وحذفت اللام لأن الكلام قد طال فصار طوله عوضاً منها، وقيل محذوف أي لتبعثن وقيل تقديره ليدمدمن الله على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً، وأما قوله: (قد أفلح من زكاها) فكلام تابع لقوله: (فألهمها فجورها وتقواها) على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء، وقيل هو على التقديم والتأخير بغير حذف، والمعنى (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) (والشمس وضحاها) والأول أولى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب