الباحث القرآني

(ولا نكلف نفساً إلا وسعها) قد تقدم بيان هذا في آخر سورة البقرة، وفي تفسير الوسع قولان، الأول: أنه الطاقة، كما فسره بذلك أهل اللغة الثاني: أنه دون الطاقة؛ وبه قال مقاتل والضحاك والكلبي والمعتزلة قالوا: إن الوسع إنما سمي وسعاً لأنه يتسع على فاعله فعله، ولا يضيق عليه، فمن لم يستطع الجلوس فليومئ إيماء ومن لم يستطع الصوم فليفطر وهذه جملة مستأنفة للتحريض على ما وصف به السابقون من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الكرامات ببيان سهولته، وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة، وأن ذلك عادة الله سبحانه في تكليف عباده، وهو رد على من جوز تكليف ما لا يطاق. (و) جملة (لدينا كتاب ينطق بالحق) من تمام ما قبلها من نفي التكليف بما فوق الوسع، والمراد بالكتاب صحائف الأعمال أي عندنا كتاب قد أثبت فيه أعمال كل واحد من المكلفين على ما هي عليه، يظهر به الحق المطابق للواقع من دون زيادة ولا نقص، ومثله قوله سبحانه (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) وفي هذا تهديد للعصاة، وتأنيس للمطيعين من الحيف والظلم، وقيل المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، فإنه قد كتب فيه كل شيء، وقيل المراد القرآن، والأول أولى، وفي هذه الآية تشبيه للكتاب ممن يصدر عنه البيان بالنطق بلسانه، فإن الكتاب يعرب عما فيه؛ كما يعرب الناطق المحق .. والمعنى ينطق متلبساً بالحق، وجملة (وهم لا يظلمون) مبينة لما قبلها من تفضله تعالى وعدله في جزاء عباده أي النفوس العاملة لا يظلمون شيئاً منها بنقص ثواب أو بزيادة عقاب، ومثله قوله سبحانه: (ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً) والجمع باعتبار عموم النفس لوقوعها في سياق النفي ثم أضرب سبحانه عن هذا فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب