الباحث القرآني

﴿ولا﴾ أيْ والحالُ أنّا لا نُكَلِّفُهم ولَكِنَّهُ عَمَّ فَقالَ: ﴿نُكَلِّفُ نَفْسًا﴾ أيْ كافِرَةً ومُؤْمِنَةً ﴿إلا وُسْعَها﴾ فَلا يَقْدِرُ عاصٍ عَلى أنْ يَقُولَ: كُنْتُ غَيْرَ قادِرٍ عَلى الطّاعَةِ، ولا يَظُنُّ بِنا مُؤْمِنٌ أنّا نُؤاخِذُهُ بِالزَّلَّةِ والهَفْوَةِ، فَإنَّ أحَدًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَقْدُرَنا حَقَّ قَدْرِنا لِأنَّ مَبْنى المَخْلُوقِ عَلى العَجْزِ. ولَمّا كانَتِ الأعْمالُ إذا تَكاثَرَتْ وامْتَدَّ زَمَنُها تَعَسَّرَ أوْ تَعَذَّرَ حَصْرُها إلّا بِالكِتابَةِ عامَلَ العِبادَ سُبْحانَهُ بِما يَعْرِفُونَ مَعَ غِناهُ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿ولَدَيْنا﴾ أيْ عِنْدَنا عَلى وجْهٍ هو أغْرَبُ الغَرِيبِ ﴿كِتابٌ﴾ وعَبَّرَ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: ﴿يَنْطِقُ﴾ بِما كُتِبَ فِيهِ مِن أعْمالِ العِبادِ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ ﴿بِالحَقِّ﴾ أيِ الثّابِتِ الَّذِي يُطابِقُهُ الواقِعُ، قَدْ كَتَبَ فِيهِ أعْمالَهم مِن قَبْلِ خَلْقِهِمْ، لا زِيادَةَ فِيها ولا نَقْصَ، تَعْرِضُ الحَفَظَةُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَيْهِ ما كَتَبُوهُ مِمّا شاهَدُوهُ بِتَحْقِيقِ القَدْرِ لَهُ فَيَجِدُونَهُ مُحَرَّرًا بِمَقادِيرِهِ وأوْقاتِهِ وجَمِيعِ أحْوالِهِ فَيَزْدادُونَ بِهِ إيمانًا، ومِن حَقِّيَّتِهِ أنَّهُ لا يُسْتَطاعُ إنْكارُ شَيْءٍ مِنهُ. ولَمّا أفْهَمَ ذَلِكَ نَفِيَ الظُّلْمَ، صَرَّحَ بِهِ فَقالَ: ﴿وهُمْ﴾ أيِ الخَلْقُ (p-١٦٢)كُلُّهم ﴿لا يُظْلَمُونَ﴾ مِن ظالِمٍ ما بِزِيادَةٍ ولا نَقْصٍ في عَمَلٍ ولا جَزاءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب