الباحث القرآني

(ذلك) أي الأمر ذلك، وهذا وأمثاله يطلق ويذكر للفصل بين الكلامين أو بين طرفي كلام واحد كما يقدم الكاتب جملة من كلامه في بعض المعاني، ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال هذا، وقد كان كذا، قاله أبو حيان في البحر، أو المعنى. افعلوا ذلك، والمشار إليه هو ما سبق من أعمال الحج (ومن يعظم حرمات الله) جمع حرمة، وهي ما لا يحل انتهاكه. قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به، وحرم التفريط فيه وهي في هذه الآية ما نهى عنها، ومنع من الوقوع فيها كالجدال والجماع والصيد، والظاهر من الآية عموم كل حرمة في الحج وغيره، كما يفيده اللفظ، وإن كان السبب خاصاً وتعظيمها ترك ملابستها. قال مجاهد: الحرمة مكة والحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها، وقيل هي البيت الحرام، والمشعر الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام، والشهر الحرام، وتعظيمها القيام بمراعاتها وحفظ حرمتها، وقيل هي مناسك الحج، وتعظيمها إقامتها وإتمامها. (فهو) أي فالتعظيم (خير له) من التهاون بشيء منها (عند ربه) يعني في الآخرة، وقيل إن صيغة التفضيل هنا لا يراد بها معناها الحقيقي، بل المراد أن ذلك التعظيم خير ينتفع به أي قربة وطاعة يثاب عليها عند الله فهو عدة بخير. (وأحلت لكم الأنعام) أن تأكلوها بعد الذبح وهي الإبل والبقر والغنم كما تقدم (إلا ما يتلى عليكم) تحريمه في الكتاب العزيز من المحرمات وهي الميتة وما ذكر معها في آية المائدة فالاستثناء منقطع لما ذكر في آية المائدة بما ليس من جنس الأنعام كالدم ولحم الخنزير، ويجوز أن يكون متصلاً بأن يصرف إلى ما يحرم من بهيمة الأنعام بسبب عارض كالموت ونحوه، وقيل وجه الانقطاع أنه ليس في الأنعام محرم، قاله الشهاب والسمين، وقيل في قوله: (إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم). (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) الرجس: القذر والوسخ وعبادة الأوثان قذر معنوي والوثن التمثال وأصله من وثن الشيء أي أقام في مقامه وسمى الصليب وثناً لأنه ينصب ويركز في مقامه فلا يبرح عنه، والمراد اجتناب عبادة الأوثان وسماها رجساً لأنها سبب الرجس، وهو العذاب، وقيل جعلها سبحانه رجساً حكماً والرجس النجس وليست النجاسة وصفاً ذاتياً لها، ولكنها وصف شرعي فلا تزول إلا بالإيمان كما أنها لا تزول النجاسة الحسية إلا بالماء، قال الزجاج: (مِن) هنا لتخليص جنس من أجناس أي فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن. وقال ابن عباس: يقول اجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان (واجتنبوا قول الزور) الذي هو الباطل وسمي زوراً لأنه مائل عن الحق، ومنه قوله تعالى: (تزاور عن كهفهم) وقوله: (مدينة زوراء) أي مائلة، والمراد هنا قول الزور على العموم فهو تعميم بعد تخصيص، فإن عبادة الأوثان رأس الزور، والمشرك زاعم أن الوثن تحق له العبادة فأعظمه الشرك بالله بأي لفظ كان. وقال الزجاج: المراد هنا تحليلهم بعض الأنعام وتحريمهم بعضها، وقولهم: هذا حلال وهذا حرام، وقيل المراد به شهادة الزور، وقال ابن عباس: يعني الافتراء على الله والتكذيب به وقيل هو قول المشركين في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك أخرج أحمد والترمذي وابن المنذر وغيرهم عن أيمن بن حريم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: " يا أيها الناس عدلت شهادة الزور شركاً بالله ثلاثاً، ثم قرأ هذه الآية [[الترمذي كتاب الشهادات باب 3.]]، قال أحمد: غريب ولا نعرف لأيمن بن حريم سماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيحن وغيرهما من حديث أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " [[مسلم 87 - البخاري 1291.]]. حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب