الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاتْلُ﴾ وَاقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ ﴿مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا مُغَيِّرَ لِلْقُرْآنِ. وَقِيلَ: لَا مُغَيِّرَ لِمَا أَوْعَدَ بِكَلِمَاتِهِ أَهْلَ مَعَاصِيهِ. ﴿وَلَنْ تَجِدَ﴾ أَنْتَ ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ إِنْ لَمْ تَتَّبِعِ الْقُرْآنَ ﴿مُلْتَحَدًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حِرْزًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَدْخَلًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَلْجَأً. وَقِيلَ: مَعْدَلًا. وَقِيلَ: مَهْرَبًا. وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَيْلِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ فِيهِمْ سَلْمَانُ وَعَلَيْهِ شَمْلَةٌ قَدْ عَرِقَ فِيهَا وَبِيَدِهِ خُوصَةٌ يَشُقُّهَا ثُمَّ يَنْسِجُهَا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَمَا يُؤْذِيكَ رِيحُ هَؤُلَاءِ وَنَحْنُ سَادَاتُ مُضَرَ وَأَشْرَافُهَا فَإِنْ أَسْلَمْنَا أَسْلَمَ النَّاسُ وَمَا يَمْنَعُنَا مِنَ اتِّبَاعِكَ إِلَّا هَؤُلَاءِ فَنَحِّهِمْ عَنْكَ حَتَّى نَتْبَعَكَ أَوِ اجْعَلْ لَنَا مَجْلِسًا وَلَهُمْ مَجْلِسًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ [[انظر: الدر المنثور: ٥ / ٣٨٠-٣٨٢، الطبري: ١٥ / ٢٣٤-٢٣٦، أسباب النزول للواحدي ص (٣٤٤-٣٤٥) ، زاد المسير: ٥ / ١٣٢.]] أَيِ: احْبِسْ يَا مُحَمَّدُ نَفْسَكَ ﴿مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ أَيْ: يُرِيدُونَ اللَّهَ لَا يُرِيدُونَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الصُّفَةِ وَكَانُوا سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ فُقَرَاءَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى تِجَارَةٍ وَلَا إِلَى زَرْعٍ وَلَا ضَرْعٍ يُصَلُّونَ صَلَاةً وَيَنْتَظِرُونَ أُخْرَى فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَهُمْ " [[انظر: الدر المنثور: ٥ / ٣٨٠، أسباب النزول ص (٣٤٥) ابن كثير: ٣ / ٨٢.]] . ﴿وَلَا تَعْدُ﴾ أَيْ: لَا تَصْرِفْ وَلَا تَتَجَاوَزْ ﴿عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ إِلَى غَيْرِهِمْ ﴿تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أَيْ: طَلَبَ مُجَالَسَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْأَشْرَافِ وَصُحْبَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا. ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ أَيْ: جَعَلْنَا قَلْبَهُ غَافِلًا عَنْ ذِكْرِنَا يَعْنِي: عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ. وَقِيلَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ أَيْ مُرَادَهُ فِي طَلَبِ الشَّهَوَاتِ ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: ضَيَاعًا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَيَّعَ أَمْرَهُ [[في "ب": أمره.]] وَعَطَّلَ أَيَّامَهُ وَقِيلَ: نَدَمًا. وَقَالَ مُقَاتِلُ ابن حَيَّانَ: سَرَفًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَتْرُوكًا. وَقِيلَ بَاطِلًا. وَقِيلَ: مُخَالِفًا لِلْحَقِّ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ [[انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٣.]] . قِيلَ: مَعْنَى التَّجَاوُزِ فِي الْحَدِّ هُوَ قَوْلُ عُيَيْنَةَ: إِنْ أَسْلَمْنَا أَسْلَمَ النَّاسُ وَهَذَا إِفْرَاطٌ عَظِيمٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب