حَدَّثَنا القاضِي أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ الحِيرِيُّ إمْلاءً في دارِ السُّنَّةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ في شُهُورِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وأرْبَعِمِائَةٍ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسى بْنِ عَبْدُويَهْ الحِيرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إبْراهِيمَ البُوشَنْجِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مُسَرَّحٍ الحَرّانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ عَطاءٍ الخُراسانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُهَنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ أبِي مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الجُهَنِيِّ، عَنْ سَلْمانَ الفارِسِيِّ قالَ: جاءَتِ المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهم إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، والأقْرَعُ بْنُ حابِسٍ، وذَوُوهم، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ في صَدْرِ المَجْلِسِ ونَحَّيْتَ عَنّا هَؤُلاءِ وأرْواحَ جِبابِهِمْ - يَعْنُونَ سَلْمانَ وأبا ذَرٍّ وفُقَراءَ المُسْلِمِينَ، وكانَتْ عَلَيْهِمْ جِبابُ الصُّوفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُها - جَلَسْنا إلَيْكَ وحادَثْناكَ وأخَذْنا عَنْكَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿واتْلُ ما أُوحِيَ إلَيْكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ولَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧) واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ (٢٨)) . حَتّى بَلَغَ: ( إنّا أعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ نارًا أحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وإن يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كالمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ . يَتَهَدَّدُهم بِالنّارِ، فَقامَ النَّبِيُّ ﷺ يَلْتَمِسُهم، حَتّى إذا أصابَهم في مُؤَخَّرِ المَسْجِدِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ قالَ: ”الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتّى أمَرَنِي أنْ أصْبِرَ نَفْسِي مَعَ رِجالٍ مِن أُمَّتِي، مَعَكُمُ المَحْيا ومَعَكُمُ المَماتَ“ .
أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ الحارِثِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو الشَّيْخِ الحافِظُ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو يَحْيى الرّازِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَهْلُ بْنُ عُثْمانَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو مالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تُطِعْ مَن أغْفَلْنا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا﴾ . قالَ: نَزَلَتْ في أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الجُمَحِيِّ؛ وذَلِكَ أنَّهُ دَعا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إلى أمْرٍ كَرِهَهُ مِن طَرْدِ الفُقَراءِ عَنْهُ، وتَقْرِيبِ صَنادِيدِ أهْلِ مَكَّةَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ولا تُطِعْ مَن أغْفَلْنا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا﴾ يَعْنِي مَن خَتَمْنا عَلى قَلْبِهِ عَنِ التَّوْحِيدِ، ﴿واتَّبَعَ هَواهُ﴾ يَعْنِي الشِّرْكَ.
{"ayahs_start":28,"ayahs":["وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا","وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَاۤءَ فَلۡیُؤۡمِن وَمَن شَاۤءَ فَلۡیَكۡفُرۡۚ إِنَّاۤ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن یَسۡتَغِیثُوا۟ یُغَاثُوا۟ بِمَاۤءࣲ كَٱلۡمُهۡلِ یَشۡوِی ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاۤءَتۡ مُرۡتَفَقًا"],"ayah":"وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا"}