الباحث القرآني
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ يعني بأن اعْبُدُوا اللَّهَ وحده فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ مؤمن وكافر ومصدّق ومكذّب يَخْتَصِمُونَ في الدين.
قال مقاتل: واختصامهم مبيّن في سورة الأعراف وهو قوله قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ الى قوله يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.
ف قالَ لهم صالح يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ بالبلاء والعقوبة قَبْلَ الْحَسَنَةِ العافية والرحمة، والاستعجال طلب التعجيل بالأمر، وهو الإتيان به قبل وقته. لَوْلا هلّا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ بالتوبة من كفركم لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قالُوا اطَّيَّرْنا تشاءمنا، وأصله تطيّرنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ وذلك أنّ المطر أمسك عنهم في ذلك الوقت وقحطوا فقالوا: أصابنا هذا الضرّ والشرّ من شؤمك وشؤم أصحابك، وإنّما ذكر التطيّر بلفظ الشأم على عادة العرب ونسبتهم الشؤم إلى البارح، وهو الطائر الذي يأتي من جانب اليد الشؤمي وهي اليسرى.
قالَ طائِرُكُمْ من الخير والشر وما يصيبكم من الخصب والجدب عِنْدَ اللَّهِ بأمره وهو مكتوب على رؤوسكم، لازم أعناقكم، وليس ذلك إليّ ولا علمه عندي.
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ قال ابن عباس: تختبرون بالخير والشر، نظيره وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [[سورة الأنبياء: 35.]] .
الكلبي: تُفْتَنُونَ حتى تجهلوا أنّه من عند الله سبحانه وتعالى.
محمد بن كعب: تعذّبون بذنوبكم وقيل: تمتحنون بإرسالي إليكم لتثابوا على طاعتكم ومتابعتي، وتعاقبوا على معصيتي ومخالفتي.
وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ يعني مدينة ثمود وهي الحجر تِسْعَةُ رَهْطٍ من أبناء أشرافهم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ وأسماؤهم قدار بن سالف ومصدع بن دهر وأسلم ورهمى وبرهم ودعمي وعيم وقتال وصداف.
قالُوا تَقاسَمُوا تحالفوا بِاللَّهِ أيّها القوم وموضع تقاسموا جزم على الأمر كقوله بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وقال قوم من أهل المعاني: محله نصب على الفعل الماضي يعني انهم تحالفوا وتواثقوا، تقديره: قالوا متقاسمين بالله، ودليل هذا التأويل أنّها في قراءة عبد الله: ولا يصلحون تقاسموا بالله، وليس فيها قالوا.
لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ من البيات فلنقتله، هذه قراءة العامة بالنون فيهما واختيار أبي حاتم، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي: لتبيّتنّه ولتقولنّ بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخطاب واختاره أبو عبيد، وقرأ مجاهد وحميد بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخبر عنهم.
ثم ليقولن ما شَهِدْنا ما حضرنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي إهلاكهم، وقرأ عاصم برواية أبي بكر مَهْلَكَ بفتح الميم واللام، وروى حفص عنه بفتح الميم وكسر اللام، وهما جميعا بمعنى الهلاك وَإِنَّا لَصادِقُونَ في قولنا: إنّا ما شهدنا ذلك.
وَمَكَرُوا مَكْراً وغدروا غدرا حين قصدوا تبييت صالح والفتك به وَمَكَرْنا مَكْراً وجزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا
قرأ الحسن والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي أَنَّا بفتح الالف ولها وجهان: أحدهما: أن يكون أَنَّا في محلّ الرفع ردّا على العاقبة.
والثاني: النصب على تكرير (كان) تقديره: كان عاقبة مكرهم التدمير، واختار أبو عبيد هذه القراءة اعتبار الحرف أي أن دمرناهم، وقرأ الباقون: إنّا بكسر الألف على الابتداء.
دَمَّرْناهُمْ يعني أهلكنا التسعة، واختلفوا في كيفية هلاكهم.
فقال ابن عباس: أرسل سبحانه الملائكة فامتلأت بهم دار صالح فأتى التسعة الدار شاهرين سيوفهم فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم.
قال قتادة: خرجوا مسرعين الى صالح فسلّط الله عليهم صخرة فدمغتهم.
مقاتل: نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم.
السدّي: خرجوا ليأتوا صالحا فنزلوا خرقا من الأرض يتمكنون فيه فانهار عليهم.
وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ بالصيحة وقد مضت القصة.
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً خالية، قراءة العامّة بالنصب على الحال عن الفرّاء والكسائي وأبو عبيدة عن القطع مجازه: فتلك بيوتهم الخاوية، فلمّا قطع منها الألف واللام نصبت كقوله سبحانه وَلَهُ الدِّينُ واصِباً [[سورة النحل: 52.]] وقرأ عيسى بن عمر خاويةٌ بالرفع على الخبر بِما ظَلَمُوا أي بظلمهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لعبرة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ من صيحة جبريل، والخراج الذي ظهر بأيديهم.
قال مقاتل: خرج أوّل يوم على أيديهم مثل الحمّصة أحمر ثمّ اصفرّ من الغد، ثمّ اسودّ اليوم الثالث، ثمّ تفقّأت، وصاح جبريل (عليه السلام) في خلال ذلك فخمدوا، وكانت الفرقة المؤمنة الناجية أربعة آلاف، خرج بهم صالح إلى حضرموت، فلمّا دخلها صالح مات، فسمّي (حضرموت) .
قال الضحّاك: ثمّ بنى الأربعة آلاف مدينة يقال لها: (حاضورا) [[هكذا في المخطوطة، وفي تفسير القرطبي: 12/ 75. حضوراء.]] وقد مضت القصّة جميعا [[راجع القصّة في تفسير القرطبي: 12/ 75.]] .
{"ayahs_start":45,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِیقَانِ یَخۡتَصِمُونَ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ لِمَ تَسۡتَعۡجِلُونَ بِٱلسَّیِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِۖ لَوۡلَا تَسۡتَغۡفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","قَالُوا۟ ٱطَّیَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰۤىِٕرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمࣱ تُفۡتَنُونَ","وَكَانَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ تِسۡعَةُ رَهۡطࣲ یُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا یُصۡلِحُونَ","قَالُوا۟ تَقَاسَمُوا۟ بِٱللَّهِ لَنُبَیِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ","وَمَكَرُوا۟ مَكۡرࣰا وَمَكَرۡنَا مَكۡرࣰا وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ","فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَـٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِینَ","فَتِلۡكَ بُیُوتُهُمۡ خَاوِیَةَۢ بِمَا ظَلَمُوۤا۟ۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ","وَأَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ یَتَّقُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِیقَانِ یَخۡتَصِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق