يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ثَمُودَ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا مَعَ نَبِيِّهَا صَالِحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، ﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ -كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف: ٧٥، ٧٦] .
﴿قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾ ، أَيْ: لِمَ تَدْعُونَ بِحُضُورِ الْعَذَابِ، وَلَا تَطْلُبُونَ مِنَ اللَّهِ رَحْمَتَهُ؟ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾ أَيْ: مَا رَأَيْنَا عَلَى وَجْهِكَ وَوُجُوهِ مَنْ اتَّبَعَكَ خَيْرًا. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ -لِشَقَائِهِمْ -كَانَ لَا يُصِيبُ أَحَدًا مِنْهُمْ سوءٌ إِلَّا قَالَ: هَذَا مِنْ قِبَلِ صَالِحٍ وَأَصْحَابِهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: تَشَاءَمُوا بِهِمْ. وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٣١] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النِّسَاءِ: ٧٨] أَيْ: بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ [[في ف، أ: "بقدر الله وقضائه".]] . وَقَالَ مُخْبِرًا عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ: ﴿قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ [يس: ١٨، ١٩] . وَقَالَ هَؤُلَاءِ: ﴿اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أَيِ: اللَّهُ يُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: تُبْتَلُونَ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿تُفْتَنُونَ﴾ أَيْ: تُسْتَدْرَجُونَ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلَالِ.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِیقَانِ یَخۡتَصِمُونَ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ لِمَ تَسۡتَعۡجِلُونَ بِٱلسَّیِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِۖ لَوۡلَا تَسۡتَغۡفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","قَالُوا۟ ٱطَّیَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰۤىِٕرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمࣱ تُفۡتَنُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِیقَانِ یَخۡتَصِمُونَ"}