الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً معناه/ أبرزناها لَهُمْ لتجمعهم وتحطِّمهم، ثم أكَّد بالمصدر عبارةً عن شدَّة الحال. وقوله: أَعْيُنُهُمْ كنايةٌ عن البصائر، والمعنى: الذين كانَتْ فِكَرُهم بينها، وبَيْن ذكري والنَّظَرِ في شَرْعِي- حجابٌ، وعليها غطاءٌ وَكانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً يريد لإِعراضهم ونِفارهم عن دعوة الحق، وقرأ الجمهور [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 545) ، و «الدر المصون» (4/ 484) .]] ، «أفَحِسِبَ الَّذِين كَفَرُوا» - بكسر السين- بمعنى «أظَنُّوا» وقرأ علي بن أبي طالب [[وقرأ بها ابن عباس، وابن يعمر، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، ونعيم بن ميسرة، والضحاك، ويعقوب، وابن أبي ليلى. ينظر: «المحتسب» (2/ 34) ، و «الكشاف» (2/ 749) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 545) ، و «البحر المحيط» (6/ 157) ، وزاد نسبتها إلى ابن محيصن، وأبي حيوة، والشافعي، ومسعود بن صالح، وينظر: «الدر المصون» (4/ 484) ، و «الشواذ» ص: (85) .]] وغيره وابنُ كَثِير، بخلافٍ عنه: «أَفَحَسْبُ» بسكون السين وضمِّ الباء، بمعنى «أَكافِيهِمْ ومنتهى غرضهم» ، وفي مصحف ابن مسعود [[ينظر: «الكشاف» (2/ 749) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 545) ، و «البحر المحيط» (6/ 157) .]] : «أَفَظَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» وهذه حجة لقراءة الجمهور. وقوله: أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي قال جمهور المفسِّرين: يريد كلَّ مَنْ عُبِدَ من دون اللَّه كالملائكة وعزير وعيسى، والمعنى: أن الأمر ليس كما ظَنُّوا، بل ليس لهم من ولاية هؤلاءِ المذكُورين شيء، ولا يجدون عندهم منتفعا وأَعْتَدْنا معناه: يَسَّرنا، و «النُّزُل» موضع النزول، و «النُّزُل» أيضاً: ما يُقدَّم للضْيفِ أو القادم من الطَّعام عند نزوله، ويحتملُ أنْ يريد بالآية هذا المعنى: أنَّ المعدَّ لهؤلاء بَدَلَ النُّزُلِ جهنَّم، والآية تحتملُ الوجهِينِ، ثم قال تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الآية: المعنى قل لهؤلاء الكفرة على جهة التوبيخ: هل نخبركم بالذين خَسِرَ عَمَلُهم، وضَلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم مع ذلك يظنُّون أنهم يحسنون فيما يصنعوه، فإِذا طلبوا ذلك، فقل لهم: أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ، وعن سعد بن أبي وقَّاص في معنى قوله تعالى: وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً قال: هُمْ عُبَّاد اليهودِ والنصارى، وأهْلُ الصوامع والدِّياراتِ وعن عَلِيٍّ: هم الخوارجُ ويضعِّف هذا كلَّه قولُهُ تعالى بعْدَ ذلك: أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ، وليس هذه الطوائف ممن يكفر باللَّه ولقائه، وإِنما هذه صفة مشركي عَبَدَةِ الأوثان، وعليٌّ وسعْدٌ رضي اللَّه عنهما، ذكَرا قوماً أَخَذُوا بحظِّهم من صدر الآية [[ذكره ابن عطية (3/ 545) .]] . وقوله سبحانه: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً يريد أنهم لا حسنَةَ لهم تُوزَنْ لأن أعمالهم قد حَبِطَتْ، أي: بَطَلَتْ، ويحتمل المجاز والاستعارة، كأنه قال: فلا قَدْرَ لهم عندنا يومئذ، وهذا معنى الآية عندي، وروى أبو هريرة أنّ النبيّ ﷺ قَالَ: «يُؤَتَى بالأكُولِ الشَّرُوبِ الطَّوِيل فَلاَ يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ثم قَرَأَ: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً» [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 457) ، وعزاه إلى ابن عدي، والبيهقي في «شعب الإيمان» .]] وقوله: ذلِكَ اشارة الى ترك إقامة الوزن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب