الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وقَدْ أفْضى بَعْضُكم إلى بَعْضٍ وأخَذْنَ مِنكم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ .
قالَ أبُو بَكْرٍ: ذَكَرَ الفَرّاءُ أنَّ الإفْضاءَ هو الخَلْوَةُ وإنْ لَمْ يَقَعْ دُخُولٌ. وقَوْلُ الفَرّاءِ حُجَّةٌ فِيما يَحْكِيهِ مِنَ اللُّغَةِ، فَإذا كانَ اسْمُ الإفْضاءِ يَقَعُ عَلى الخَلْوَةِ فَقَدْ مَنَعَتْ (p-٤٩)الآيَةُ أنْ يَأْخُذَ مِنها شَيْئًا بَعْدَ الخَلْوَةِ والطَّلاقِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] قَدْ أفادَ الفُرْقَةَ والطَّلاقَ، والإفْضاءُ مَأْخُوذٌ مِنَ الفَضاءِ، وهو المَكانُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ بِناءٌ حاجِزٌ عَنْ إدْراكِ ما فِيهِ، فَسُمِّيتِ الخَلْوَةُ إفْضاءً لِزَوالِ المانِعِ مِنَ الوَطْءِ والدُّخُولِ. ومِنَ النّاسِ مِن يَقُولُ: إنَّ الفَضاءَ السَّعَةُ، وأفْضى: إذا صارَ في المُتَّسَعِ مِمّا يَقْصِدُهُ. وجائِزٌ عَلى هَذا الوَضْعِ أيْضًا أنْ تُسَمّى الخَلْوَةُ إفْضاءً لَوُصُولِهِ بِها إلى مَكانِ الوَطْءِ واتِّساعِ ذَلِكَ بِالخَلْوَةِ، وقَدْ كانَ يَضِيقُ عَلَيْهِ الوُصُولُ إلَيْها قَبْلَ الخَلْوَةِ، فَسُمِّيَتِ الخَلْوَةُ إفْضاءً لِهَذا المَعْنى، فَأخْبَرَ تَعالى أنَّهُ غَيْرُ جائِزٍ لَهُ أخْذُ شَيْءٍ مِمّا أعْطاها مَعَ إفْضاءِ بَعْضِهِمْ إلى بَعْضٍ، وهو الوُصُولُ إلى مَكانِ الوَطْءِ وبَذْلُها ذَلِكَ لَهُ وتَمْكِينُها إيّاهُ مِنَ الوُصُولِ إلَيْها. فَظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ يَمْنَعُ الزَّوْجَ أخْذَ شَيْءٍ مِمّا أعْطاها إذا كانَ النُّشُوزُ مِن قِبَلِهِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] يَدُلُّ عَلى أنَّ الزَّوْجَ هو المُرِيدُ لِلْفُرْقَةِ دُونَها، ولِذَلِكَ قالَ أصْحابُنا: إنَّ النُّشُوزَ إذا كانَ مِن قِبَلِهِ يُكْرَهُ لَهُ أنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِن مَهْرِها، وإذا كانَ مِن قِبَلِها فَجائِزٌ لَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إلا أنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩] فَقِيلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: إنَّ الفاحِشَةَ هي النُّشُوزُ، وقالَ غَيْرُهُ: " هي الزِّنا " .
ولِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ ألا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيما افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ إنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] وذَلِكَ غَلَطٌ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] قَدْ أفادَ حالَ كَوْنِ النُّشُوزِ مِن قِبَلِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا أنْ يَخافا ألا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إنَّما فِيهِ ذِكْرُ حالٍ أُخْرى غَيْرِ الأُولى، وهي الحالُ الَّتِي يَكُونُ النُّشُوزُ مِنها وافْتَدَتْ فِيها المَرْأةُ مِنهُ، فَهَذِهِ حالٌ غَيْرُ تِلْكَ وكُلُّ واحِدَةٍ مِنَ الحالَيْنِ مَخْصُوصَةٌ بِحُكْمٍ دُونَ الأُخْرى.
* * *
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأخَذْنَ مِنكم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ قالَ الحَسَنُ وابْنُ سِيرِينَ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ: هو قَوْلُهُ: ﴿فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩] . قالَ قَتادَةُ: " وكانَ يُقالُ لِلنّاكِحِ في صَدْرِ الإسْلامِ: اللَّهُ عَلَيْكَ لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ أوْ لَتُسَرِّحَنَّ بِإحْسانٍ " . وقالَ مُجاهِدٌ: " كَلِمَةُ النِّكاحِ الَّتِي يُسْتَحَلُّ بِها الفَرْجُ " . وقالَ غَيْرُهُ: هو قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «إنَّما أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمانَةِ اللَّهِ واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعالى؛» واَللَّهُ أعْلَمُ بِالصَّوابِ
{"ayah":"وَكَیۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق