قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} فيه خمسة أوجه، احدها: أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ بعده، وهو على ظرفيَّته، أي: ويوم نحشرهم كان كيت وكيت، وحُذِفَ ليكونَ أبلغَ في التخويف. والثاني: أنه معطوف على ظرفٍ محذوف، وذلك الظرف معمول لقوله: {لاَ يُفْلِحُ الظالمون} والتقدير: إنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا ويوم نحشرهم، قاله محمد بن جرير. الثالث: أنه منصوب بقوله: {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ} وفيه بُعْدٌ لعبده من عامله بكثرة الفواصل. الرابع: أنه مفعول به باذكر مقدراً. الخامس. أنه مفعول به أيضاً، وناصبه احذروا أو اتقوا يوم نحشرهم، كقوله: {واخشوا يَوْماً} [لقمان: 33] وهو كالذي قبله فلا يُعَدُّ خامساً.
وقرأ الجمهور «نَحْشرهم» بنون العظمة وكذا «ثم نقول» وقرأ حميد ويعقوب بياء الغيبة فيهما وهو الله تعالى. والجمهور على ضم الشين من «نَحْشُرهم» وأبو هريرة بكسرها، وهما لغتان في المضارع. والضمير المنصوب في «نحشرهم» يعود على المفترين الكذب، وقيل: على الناس كلهم فيندرج هؤلاء فيهم، والتوبيخ مختص بهم. وقيل: يعود على المشركين وأصنامهم، ويدل عليه قوله: {احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ} [الصافات: 22] . و «جميعاً» حال من مفعول «نحشُرهم» . ويجوز أن يكونَ توكيداً عند مَنْ أثبته من النحويين كأجمعين. وعطف هنا ب «ثُمَّ» للتراخي الحاصل بين الحشر والقول. ومفعولا «تَزْعُمون» محذوفان للعِلْمِ بهما أي: تزعمونهم شركاء أو تزعمون أنهما شفعاؤكم.
وقوله: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ} إن جَعَلْنا الضمير في «نحشرهم» عائداً على المفترين الكذبَ كان ذلك من باب إقامة الظاهرِ مُقام المضمر، إذ الأصل: ثم نقول لهم وإنما أُظِهِرَ تنبيهاً على قبح الشرك.
{"ayah":"وَیَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَیۡنَ شُرَكَاۤؤُكُمُ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ"}