الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مَعْنى هَذا أنَّهم أكْذَبُ النّاسِ، دَلَّ عَلَيْهِ بِكَذِبِهِمْ يَوْمَ الحَشْرِ بَعْدَ انْكِشافِ الغِطاءِ، فَقالَ: ﴿ويَوْمَ﴾ أيْ: اذْكُرْ كَذِبَهم عَلى اللَّهِ وتَكْذِيبَهم في هَذِهِ الدّارِ، واذْكُرْ أعْجَبَ مِن ذَلِكَ، وهو كَذِبُهم في عالَمِ الشَّهادَةِ عِنْدَ كَشْفِ الغِطاءِ وارْتِفاعِ الحُجُبِ يَوْمَ ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ أيْ: نَجْمَعُهم بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ وهم كارِهُونَ صاغِرُونَ ﴿جَمِيعًا﴾ أيْ: أهْلَ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ وغَيْرَهم ومَعْبُوداتِهِمْ، وأشارَ إلى عَظَمَةِ ذَلِكَ اليَوْمِ وطُولِهِ ومَشَقَّتِهِ وهَوْلِهِ بِقَوْلِهِ بِأداةِ التَّراخِي: ﴿ثُمَّ نَقُولُ﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظْمَةِ الَّتِي انْكَشَفَتْ لَهم أسْتارُها وتَبَدَّتْ لَهم بُحُورُها وأغْوارُها تَوْبِيخًا وتَنْدِيمًا ﴿لِلَّذِينَ أشْرَكُوا﴾ أيْ: سَمَّوْا شَيْئًا مِن دُونِنا إلَهًا وعَبَدُوهُ بِالفِعْلِ، مِنَ الأصْنامِ أوْ عُزَيْرٍ أوْ المَسِيحِ أوْ الظُّلْمَةِ أوْ النُّورِ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أوْ بِالرِّضى بِالشِّرْكِ، فَإنَّ الرِّضى بِالشَّيْءِ فِعْلٌ لَهُ لا سِيَّما إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ تَكْذِيبُ المُحِقِّ والشَّهادَةُ لِلْمُبْطِلِ بِأنَّ دِينَهُ خَيْرٌ ﴿أيْنَ شُرَكاؤُكُمُ﴾ أضافَهم إلى ضَمِيرِهِمْ لِتَسْمِيَتِهِمْ لَهم بِذَلِكَ ﴿الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أيْ: (p-٨١)أنَّهم شُرَكاؤُنا بِالعِبادَةِ أوْ الشَّهادَةِ بِما يُؤَدِّي إلَيْها، ادْعُوهم اليَوْمَ لِيَنْقُصُوكم مِمّا نُرِيدُ مِن ضُرِّكم، أوْ يَرْفَعُوكم مِمّا نُرِيدُ مِن وضْعِكم، وسُؤالُهم هَذا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعَ غَيْبَةِ الشُّرَكاءِ عَنْهم وأنْ يَكُونَ عِنْدَ إحْضارِهِمْ لَهم، فَيَكُونُ الِاسْتِفْهامُ عَمّا كانُوا يَظُنُّونَ مِن نَفْعِهِمْ، فَكَأنَّ غَيْبَتَهُ غَيْبَتُهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب