الباحث القرآني

(p-٢٢٧٢)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٢] ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا أيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ أيِ: الإنْسَ والجِنَّ والشَّياطِينَ. مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ تَهْوِيلًا لِلْأمْرِ ﴿جَمِيعًا﴾ لِيَفْتَضِحَ مَن لا يُفْلِحُ مِنَ الظّالِمِينَ مَزِيدَ افْتِضاحٍ، ويَظْهَرُ المُفْلِحُونَ بِكَمالِ الإعْزازِ. ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا﴾ أيْ: مَضَوْا عَلى الشِّرْكِ، بِأنْ ماتُوا عَلَيْهِ، وهُمُ الشّاهِدُونَ أنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى: ﴿أيْنَ شُرَكاؤُكُمُ﴾ أيِ: الَّذِينَ جَعَلْتُمُوهم شُرَكاءَنا، وهم شُرَكاؤُكم في العُبُودِيَّةِ - كَذا قالَهُ المَهايِمِيُّ - وعَلَيْهِ، فالإضافَةُ عَلى بابِها. وفِي "العِنايَةِ": الإضافَةُ فِيهِ لِأدْنى مُلابَسَةٍ، كَما أشارَ إلَيْهِ القاضِي بِقَوْلِهِ: أيْ: آلِهَتُكُمُ الَّتِي جَعَلْتُمُوها شُرَكاءَ لِلَّهِ؛ لِأنَّهُ لا شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ، وإنَّما سَمَّوْهم شُرَكاءَ، فَلِهَذِهِ المُلابَسَةِ أُضِيفُوا إلَيْهِمْ. قِيلَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهم وما كانُوا يَعْبُدُونَ﴾ [الصافات: ٢٢] يَقْتَضِي حُضُورَهم مَعَهم في المَحْشَرِ، و(أيْنَ) يُسْألُ بِها عَنْ غَيْرِ الحاضِرِ؟ أُجِيبَ بِأنَّهُ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ. أيْ: أيْنَ نَفْعُهم وشَفاعَتُهُمْ، أوْ أنَّهم بِمَنزِلَةِ الغُيَّبِ، لِعَدَمِ ما رَجَوْا مِنهم مِنَ الشَّفاعَةِ. وعَلى كُلٍّ، فالقَصْدُ مِنَ السُّؤالِ تَوْبِيخُهم وتَقْرِيعُهُمْ، وأنْ يُقَرَّرَ في نُفُوسِهِمْ أنَّ ما كانُوا يَرْجُونَهُ مَأْيُوسٌ مِنهُ. وذَلِكَ تَنْبِيهٌ لَهم في دارِ الدُّنْيا عَلى فَسادِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أيْ: تَزْعُمُونَها شُرَكاءَ مِن عِنْدِ أنْفُسِكم. أيْ: فَقَصَدْتُمْ بِذَلِكَ فِعْلَ الفاتِنِينَ في المَمْلَكَةِ بِجَعْلِها لِغَيْرِ مَن هي لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب