الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ﴾، قال ابن عباس وغيره: (يريد المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله -ﷺ- في غزوة تبوك) [["تنوير المقباس" ص 200، وبنحوه قال قتادة والضحاك وابن الجوزي وغيرهم. انظر: "زاد المسير" 3/ 478، و"الدر المنثور" 3/ 474.]]، والمخلف: المتروك خلف [[في (ح): (وخلف).]] من مضى. وقوله تعالى: ﴿بِمَقْعَدِهِمْ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: المدينة) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 16/ 149.]] فعلى هذا، المقعد: اسم المكان، وقال مقاتل: (بمقعدهم: بقعودهم) [[المصدر السابق، نفس الموضع، ولعل هذا القول لمقاتل بن حيان؛ لأن مقاتل بن سليمان لم يذكره في "تفسيره".]]، وعلى هذا هو اسم للمصدر، قال أبو علي: (المقعد هاهنا: مصدر في معنى القعود ولا يكون اسمًا للمكان؛ لأن أسماء الأماكن لا يتعلق بها شيء) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 114.]]. وقوله تعالى: ﴿خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾، قال قطرب والمؤرج: (يعني مخالفة رسول الله -ﷺ- حين سار وأقاموا) [[انظر: "تفسير الثعلبي" 6/ 135 أ، و"البحر المحيط" 5/ 79، و"الدر المصون" 6/ 91.]]، واختاره الزجاج، فقال: (معناه: مخالفة رسول الله -ﷺ-، قال: وهو منصوب؛ لأنه مفعول له، المعنى: بأن قعدوا لمخالفة رسول الله -ﷺ-) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 463.]]، وعلى هذا القول: فالخلاف مصدر مضاف [[في (م): (يضاف).]] إلى المفعول به. وزعم أبو عبيدة: أن معناه: بعد رسول الله -ﷺ- [["مجاز القرآن" 1/ 264.]]، ونحو هذا قال الأخفش: إن (خلاف): في معنى [[في (ح): (بمعنى).]]: خلف، وأن يونس روى ذلك عن عيسى [[هو: عيسى بن عمر الثقفي، أبو عمر البصري، العلامة، إمام النحو، وشيخ الخليل بن أحمد، كان مقرئًا نحويًّا عالمًا ثقة، وهو من أوائل من وضع النحو وصنف فيه، توفي سنة 149 هـ على قول القفطي، وقال الذهبي: لعله بقي إلى بعد سنة160 هـ. انظر: "أخبار النحويين البصريين" ص 49، و"إنباه الرواة" 2/ 374، و"سير أعلام النبلاء" 7/ 200.]] قال: ومعناه: بعد رسول الله -ﷺ-) [[ذكر قول الأخفش هذا وروايته الرازي في "تفسيره" 16/ 149، وأشار إليه أبو حيان في "البحر المحيط" 5/ 79، والسمين الحلبي في "الدر المصون" 6/ 91، أما الأخفش في "معاني القرآن" 1/ 362 فقد نسب هذا القول إلى غيره، ورجح هو أن (خلاف) بمعنى خالفة، وأنه مصدر (خالفوا).]]، ولقوي هذا الوجه قراءة من قرأ (خَلْفْ رَسُولِ اللهِ) [[هي قراءة شاذة قرأ بها ابن عباس وأبو حيوة وعمرو بن ميمون، انظر: "مختصر في شواذ القرآن" ص 54، و"البحر المحيط" 5/ 79.]] وعلى هذا القول، الخلاف [[ساقط من (ح).]]: اسم للجملة كالخلف، وهو على حذف المضاف كأنه خلاف خروج [[ساقط من (ح).]] رسول الله -ﷺ-، ونحو هذا قال ابن عباس في رواية عطاء قال: (يريد بعد خروج رسول الله -ﷺ- إلى تبوك) ففسر الخلاف ببعد، وذكر المضاف المحذوف، و (خلاف) بمعنى (خلف) مستعمل، أنشد أبو عبيدة [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 264.]] للأحوص [[هو: عبد الله بن محمد بن عبد الله الأنصاري، الملقب بالأحوص لضيق مؤخر عينيه، كان شاعر هجاء وغزل، وجعله ابن سلام في الطبقة السادسة من الإسلاميين، وكان معاصرًا لجرير والفرزدق، وتوفي سنة 105 هـ. انظر: "طبقات فحول الشعراء" 2/ 148، 655، و"الشعر والشعراء" ص 345، و"الأعلام" 4/ 116.]]: عَقَبَ الربيعُ خلافهم فكأنما ..... بَسَطَ الشواطبُ بينهن حصيرًا [[نسب المؤلف البيت للأحوص، والصحيح أنه للحارث بن خالد المخزومي كما في "ديوانه" ص 63، و"مجاز القرآن" 1/ 164، و"الأغاني" 15/ 128، و"لسان العرب" (خلف) 2/ 1237. ورواية "الديوان": عقب الرذاذ. والشواطب: النساء اللواتي يشققن الخوص، ويقشرن العسب، ليتخذن منه الحصر. انظر: "اللسان" (شطب) 4/ 2261.]] وقوله تعالى: ﴿لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ﴾ يعني مع محمد إلى تبوك: ﴿لْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾، قال ابن عباس: (يريد: يفهمون ويعقلون أن مصير المنافقين إليها) [["تنوير المقباس" ص 200 مختصرًا.]]، وهذا ذم للمنافقين بفرحهم بالقعود عن الجهاد، والفرار من حر الشمس إلى حر الجمر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب