الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ﴾ يَعْنِي المُنافِقِينَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ. والمُخَلَّفُ: المَتْرُوكُ خَلْفَ مَن مَضى. "بِمَقْعَدِهِمْ" أيْ: بِقُعُودِهِمْ. وفي قَوْلِهِ: ﴿خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ مَعْناهُ: بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. والثّانِي: أنَّ مَعْناهُ: مُخالَفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهو مَنصُوبٌ، لِأنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، فالمَعْنى: بِأنْ قَعَدُوا لِمُخالَفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَهُ الزَّجّاجُ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ يَعْمُرَ، والأعْمَشُ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ"، ومَعْناها: أنَّهم تَأخَّرُوا عَنِ الجِهادِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لا تَنْفِرُوا في الحَرِّ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَبَعْضٍ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ، ومُقاتِلٌ. والثّانِي: أنَّهم قالُوهُ لَلْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ. وَإنَّما قالُوا هَذا، لِأنَّ الزَّمانَ كانَ حِينَئِذٍ شَدِيدَ الحَرِّ. ﴿قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرًّا﴾ لِمَن خالَفَ أمْرَ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿يَفْقَهُونَ﴾ مَعْناهُ: يَعْلَمُونَ. قالَ ابْنُ فارِسٍ: الفِقْهُ: العِلْمُ بِالشَّيْءِ. تَقُولُ: فَقِهْتُ الحَدِيثَ أفْقَهُهُ؛ وكُلُّ عِلْمٍ بِشَيْءٍ: فِقْهٌ ثُمَّ اخْتُصَّ بِهِ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ، فَقِيلَ لَكُلِّ عالِمٍ بِها: فَقِيهٌ. قالَ المُصَنَّفُ: وقالَ شَيْخُنا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: الفِقْهُ في إطْلاقِ اللُّغَةِ: الفَهْمُ، وفي عُرْفِ الشَّرِيعَةِ: عِبارَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِأفْعالِ (p-٤٧٩)المُكَلَّفِينَ، بِنَحْوِ التَّحْلِيلِ، والتَّحْرِيمِ، والإيجابِ، والإجْزاءِ، والصِّحَّةِ، والفَسادِ، والغُرْمِ، والضَّمانِ، وغَيْرِ ذَلِكَ. وبَعْضُهم يَخْتارُ أنْ يُقالَ: الفِقْهُ: فَهُمُ الشَّيْءِ. وبَعْضُهم يَخْتارُ أنْ يُقالَ: عِلْمُ الشَّيْءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب