الباحث القرآني

قوله تعالى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ يقول: عجب ورضي المتخلفون عن الغزو وهم المنافقون بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ، يعني: بتخلفهم عن رسول الله ﷺ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لاَ تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، يعني: قال بعضهم لبعض: لا تخرجوا إلى الغزو، فإن الحر شديد. قال الله تعالى: قُلْ يا محمد: نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ يعني: لو كانوا يفهمون. قراءة ابن مسعود لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ. ثم قال عز وجل: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً اللفظ لفظ الأمر والمراد به: التوبيخ. قال الحسن: يعني: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا في الدنيا، وَلْيَبْكُوا كَثِيراً في الآخرة في النار. جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، يعني: عقوبة لهم بما كانوا يكفرون. وعن أبي رزين أنه قال في قوله تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً قال: يقول الله تعالى: الدنيا قليل فليضحكوا قليلا فيها ما شاؤوا، فإذا صاروا إلى النار بكوا بكاءً لا ينقطع، فذلك الكثير. وروى الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عامر، عن عمرو بن شرحبيل قال: مرّ النبيّ ﷺ على ملأ من قريش، وفيهم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة فقال أبو جهل: هذا نبيكم يا بني عبد مناف. فقال عتبة: وما ننكر أن يكون منا نبي أو ملك، فسمعه النبي ﷺ، فأقبل عليهم فقال: «أمَّا أنْتَ يا عُتْبَةُ، فَلَمْ تَغْضَبْ لله وَلا لِرَسُولِهِ، وَإنَّمَا غَضِبْتَ لِلأصْلِ. وَأمَّا أنْتَ يَا أبَا جهل، فو الله لا يَأْتِي عَلَيْكَ إلاَّ غَيْرُ كَثِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى تَبْكِيَ كَثِيراً وَتَضْحَكَ قَلِيلاً. وَأمَّا أنْتُمْ يَا ملأ قريش، فو الله لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ إلاَّ غَيْرُ كَثِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ، حَتَّى تَدْخُلُوا فِي هذا الأمْرِ الَّذِي تُنْكِرُونَ طَائِعِينَ أوْ كَارِهِينَ» . قال: فسكتوا كأنما ذرّ على رؤوسهم التراب، فلم يردوا عليه شيئاً. وروى أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ أنه قال: «يُرْسِلُ الله تَعَالَى البُكَاءَ عَلَى أهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يُرَى فِي وُجُوهِهِمْ كهيئة الأخدود» [[عزاه السيوطي: 4/ 256 إلى ابن مردويه وابن ماجة وأبي يعلى.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب