الباحث القرآني
وقوله: ﴿إِلَّا بَلَاغًا﴾ قال أبو إسحاق: نصب على البدل من قوله: "ملتحداً". المعنى: ولن أجد من دونه منجاً "إلا بلاغاً"، أي: لا ينجيني إلا أن أبلغ عن الله عَزَّ وَجَلَّ ما أرسلت به [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 237 بتصرف يسير جدًا.]].
وقال الفراء: "إلا بلاغاً"، يكون استثناء من قوله: لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا إلا أن أبلغكم ما أرسلت به [["معاني القرآن" 3/ 195 بنصه.]].
والقولان [[هناك أوجه أخرى لإعراب: "إلا بلاغًا" انظر: "الدر المصون" 6/ 397.]] يبنيان على قول المفسرين.
قال مقاتل: ثم استثنى: "إلا بلاغاً من الله ورسالاته" فذلك الذي يُجيرني من عذابه، أي: التبليغ [["تفسير مقاتل" 212/ ب، و"النكت والعيون" 6/ 121 بمعناه، و"معالم التنزيل" 4/ 405، و"زاد المسير" 8/ 110، و"فتح القدير" 5/ 310.]].
وقال قتادة: "إلا بلاغاً من الله" فذلك الذي أملكه بعون الله وتوفيقه، وأما الكفر والإيمان ، فلا أملكهما [["جامع البيان" 29/ 121 بمعناه، و"الكشف والبيان" 12/ 197/ أ، و"معالم التنزيل" 4/ 405، و"المحرر الوجيز" 5/ 384، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 25، و"البحر المحيط" 8/ 354، و"الدر المنثور" 8/ 308، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، و"فتح القدير" 5/ 310.]].
وقوله [[في (أ): قوله.]]: ﴿وَرِسَالَاتِهِ﴾ عطف على قوله: ﴿بَلَاغًا﴾ [[قال الزمخشري: "رسالاته" عطف على (بلاغًا) كأنه قيل: لا أملك لكم إلا التبليغ. "الكشاف" 4/ 149. وذكر السمين الحلبي أيضًا وجهًا آخر، قال: "والثاني: أنها مجرورة نسقًا على الجلالة، أي إلا بلاغًا عن الله وعن رسالاته". "الدر المصون" 6/ 398.]].
وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ قال الكلبي [["تفسير مقاتل" 212/ ب، وقد ورد في "الوسيط" من غير عزو: 4/ 386.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 212/ ب، وقد ورد في "الوسيط" من غير عزو: 4/ 386.]]: في التوحيد، فلا يؤمن به.
وقوله [[في (أ): قواه.]]: ﴿فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ (فإن) مكسورة الهمزة؛ لأن ما بعد (فاء -الجزاء موضع الابتداء، ولذلك حمل سيبويه قوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ﴾ [المائدة: 95]، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ﴾ [البقرة: 126] ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ﴾ على أن المبتدأ فيها مضمر [[انظر: "كتاب سيبويه" 3/ 69.]].
وانقطع هذا الكلام عند قوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ ثم قال: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾ "حتى" هاهنا مبتدأة كقوله:
وحَتَّى الجِيادُ مَا يُقدْنَ بأرْسَانِ [[هذا عجز بيت لامرئ القيس، والبيت كاملاً:
مَطَوْتُ بهم حَتَّى تَكِلّ مَطِيُّهُمْ ... وحَتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأرْسَانِ
وقد ورد البيت منسوبًا له في "ديوانه" 175 ط دار صادر، و"كتاب سيبويه" 3/ 27، 626، و"كتاب شرح أبيات سيبويه" للنحاس: 158 ش 566، و"المقتضب" 2/ 40. وورد غير منسوب في "المخصص" 14/ 61.
ومعنى البيت: أي هو يسري بأصحابه غازيًا إلى أن تأكل مطاياهم، وأما الخيل فإنها تجهد وتنقطع، فلا يجدي فيها أن تقاد بالأرسان، وكانوا يركبون المطي ويقودون الخيل.
والأرسان: جمع رَسَن -بالتحريك-، وهو الحبل والزمام يجعل على الأنف. والشاهد فيه: أن "حتى" الأولى عاملة، والثانية غير عاملة لأنها استئنافية. انظر: حاشية 3 "كتاب سيبويه" 3/ 27، وانظر الشاهد في: "كتاب سيبويه".]] وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ [[سورة يوسف: 110، والآية بتمامها: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)﴾.
ومما جاء في تفسيره: قال الواحدي: (فـ (حتى) هاهنا حرف من حروف الابتداء يستأنف بعدها، كما يستأنف بعد (أما)، و (إذا)، وذلك أن (حتى) لها ثلاثة أحوال: إما أن تكون جارة، أو عاطفة، وحيث تنصب الفعل إنما تنصبه بإضمار (إن)، ومما جاء فيه (حتى) حرف مبتدأ قوله:
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
ألا ترى أنها ليست عاطفة لدخول حرف العطف عليها! ولا جارة لارتفاع الاسم بعدها).]]، وهو كثير في القرآن [[نحو ما جاء في سورة الأعراف الآية: 37 قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ الآية. وأيضًا الآية: 38 من سورة الأعراف قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾ الآية. والآية 18 من سورة النمل قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾ الآية.]].
قال ابن عباس: يريد يوم القيامة [[لم أعثر على مصدر لقوله.]].
وقال مقاتل: ما يوعدون من عذاب الآخرة، أو ما يوعدون من العذاب في الدنيا، يعني القتل ببدر، فسيعلمون عند نزول العذاب [["تفسير مقاتل" 212/ ب.]].
﴿مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا﴾ أهم، أم المؤمنون؟
﴿وَأَقَلُّ عَدَدًا﴾ قال [[ساقط من: (أ).]]: يعني جنداً، ونظير هذه الآية قوله في مريم: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ﴾ [مريم: 75] الآية.
وقال عطاء في قوله: (وأقل عدداً): هو أن الله تعالى (يجعل) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]] لأوليائه من الأزواج الآدميات، والحور العين أُلُوفاً، ومن الولدان المخلدين ألوفاً، ومن القهارمة [[القهارمة: قال الليث: القَهْرَمان: هو المسيطر الحفيظ على ما تحت يديه. "تهذيب اللغة" 6/ 502، مادة: (قهرم).
والقهرمان: لفظة فارسية معناه: الوكيل، أو أمين الدخل والخرج، جمعه: قهارمة. انظر: "الوافي"، و"معجم وسيط للغة العربية" لعبد الله البستاني: 523.]] ألوفاً، فعند ذلك عدد المؤمن الواحد أكثر من عدد كثير من أهل مدائن الدنيا، والكافر لا عدد له إلا قرناء الشياطين [[لم أعثر على مصدر لقوله.]].
قال مقاتل: فلما سمعوا هذا قال النضر بن الحارث وغيره: متى هذا الذي توعد؟ فأنزل الله: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ [["تفسير مقاتل" 212/ ب، و"التفسير الكبير" 30/ 167.]] من العذاب في الدنيا.
وقال عطاء: يريد أنه لا يعرف يوم القيامة إلا الله وحده [["الوسيط" 4/ 369.]].
﴿أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا﴾، أي: غاية وبعداً. قاله أبو عبيدة [[لم أعثر على قوله هذا في "مجاز القرآن".]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 237، قال: أي بُعْدًا، كما قال: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ [الجن: 25].]].
وقال مقاتل: يعني أجلاً بعيداً [["تفسير مقاتل" 212/ ب.]]، وهذا كقوله: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ [الجن: 25].
ثم ذكر أن علم وقت العذاب غيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، وهو قوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾، أي: ما غاب عن العباد ﴿فَلَا يُظْهِرُ﴾ فلا [[في (أ): ولا.]] يطلع ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾، أي: على الغيب الذي يعلمه هو، وينفرد بعلمه، أحداً من الناس.
{"ayah":"إِلَّا بَلَـٰغࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَـٰلَـٰتِهِۦۚ وَمَن یَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق