الباحث القرآني

قال ابن عباس: (وجدنا ما وعدنا ربنا في الدنيا من الثواب حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم من العذاب حقًّا) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 187، وابن أبي حاتم 5/ 1482 بسند ضعيف.]]. وهو سؤال تعيير وتقرير. قال الزجاج: (معنى: ﴿أَن﴾ في قوله: ﴿أَن قَدْ وَجَدْنَا﴾ إن شئت كان تفسيرًا لما نادى به أصحاب الجنة، والمعنى: أي: قد وجدنا، وإن شئت كانت المخففة من الثقيلة خففت [[في (ب): (وخففت).]] أنه قد وجدنا) [["معاني الزجاج" 2/ 340. وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 298 - 299، و"معاني النحاس" 3/ 38، و"إعراب النحاس" 1/ 612، 613.]]. وقوله: ﴿قَالُوا نَعَمْ﴾. قال سيبويه: (نعم عِدَةٌ وتصديق، قال: وإذا استفهمت أجبت بنعم) [["الكتاب" 4/ 234.]] قوله [[في (ب): (أريد إذا قوله)، وهو تحريف.]]: (عِدَة وتصديق) أراد أنه يستعمل عِدَة، ويستعمل تصديقًا، وليس يريد أن العِدَة تجتمع مع التصديق؛ ألا ترى أنه إذا قال: أتعطيني؟ فقال: نعم، كان عدة ولا تصديق في هذا، وإذا قال: قد كان كذا وكذا فقلت: نعم، فقد [[في (أ): (قد صدقت).]] صدقته ولا عدة في هذا، وقوله: (إذا استفهمت أجبت نعم)، يريد إذا استفهمت عن مُوجَب كما يقال: أيقوم زيد؟، فتقول: نعم، ولو كان مكان الإيجاب نفيًا لقلت: (بلى) ولم تقل (نعم). كما لا تقول في جواب [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 4/ 20 - 21، وفيه: (كما تقول في جواب الإيجاب. قال تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ ولم يقل نعم) اهـ وانظر: "الزاهر" 2/ 50، و"حروف المعاني" للزجاجي ص 6، و"معاني الحروف" للرماني ص 104، و"رصف المباني" ص 426.]] الإيجاب. بلى كقوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: 172] وقرأ الكسائي [[قرأ الكسائي: ﴿نعِم﴾ بكسر العين حيث وقع، وقرأ الباقون بفتحها في كل القرآن. انظر: "السبعة" ص 281، و"المبسوط" ص 180، و"التذكرة" 2/ 419، و"التيسير" ص 110، و"النشر" 2/ 269.]] (نعِم) بكسر العين، قال أبو الحسن [[أبو الحسن الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي، إمام. تقدمت ترجمته.]]: (هما لغتان) [["معاني الأخفش" 1/ 252، و"الحجة" لأبي علي 4/ 19، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 406، و"الحجة" لابن خالويه ص 154 - 155.]]. قال أبو حاتم [[أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني البصري إمام لغوي. تقدمت ترجمته.]]: (وليس الكسر بمعروف) [[ذكره ابن عطية في "تفسيره" 5/ 509، والرازي 14/ 85، والسمين في "الدر" 5/ 326، وهذا قول غريب مردود لأنها قراءة سبعية، ولغة فصيحة مشهورة. انظر: "العين" 2/ 162، و"الجمهرة" 2/ 953، و"تهذيب اللغة" 4/ 3615، و"الصحاح" 5/ 2042، و"المجمل" 4/ 874، و"المفردات" ص 816، و"اللسان" 8/ 4485 (نعم).]]. واحتج الكسائي بكلام يروى عن عمر -رضي الله عنه- أنه سأل قومًا عن شيء فقالوا: نَعَم، فقال: (أما النَعَم فالإبل، فقولوا [[في (ب): (فقوله: (نعم))، وهو تحريف، ونعم الأولى بالفتح، والثانية بالكسر.]] نَعِم) [[هذا أثر مشهور لم أقف على إسناده، وهو في "الزاهر" 2/ 51 - 52، و"إعراب القراءات" 1/ 181، و"تفسير السمرقندي" 1/ 542، و"الحجة" لابن زنجلة ص 283، و"الكشف" لمكي 1/ 463، و"تفسير ابن عطية" 5/ 510، و"منثور الفوائد" لابن الأنباري ص 84، و"تفسير الرازي" 14/ 85، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير 5/ 84.]]. قال أبو عبيد: (ولم نر العرب يعرفون ما رووه عن عمر، ونراه مولدًا) [[في (ب): (مؤكدًا)، وذكره السمين في "الدر" 5/ 326 عن أبي عبيد بلفظ (مولدًا). وقال بعده: (هذا طعن في المتواتر فلا يقبل) اهـ. والمولد: الكلام المستحدث الذي لم يكن من كلامهم فيما مضى. انظر: "اللسان" 8/ 4915 (ولد).]]. وقال أبو إسحاق: (وفي بعض اللغات (نَعِم) في معنى (نَعَم)، موقوفة الآخر لأنها حرف جاء لمعنى) [["معاني الزجاج" 2/ 340.]]. [وقوله: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾؛ معنى التأذين في اللغة [[انظر: "العين" 8/ 199، و"تهذيب اللغة" 1/ 140، و"الصحاح" 5/ 2068، و"المجمل" 1/ 91، و"مقاييس اللغة" 1/ 75، و"المفردات" ص 70، و"اللسان" 1/ 52 (أذن). وقال سيبويه في "الكتاب" 4/ 62: (آذنت: أعلمت، وأذَّنْتُ النداء والتصويت بإعلان) اهـ. انظر: "الحجة" لأبي علي 4/ 23، و"الزاهر" 1/ 29.]]: النداء، والتصويت] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] بالإعلام، والأذان للصلاة إعلام بها، وبوقتها [[هذا قول الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 140 (أذن).]]، وقالوا في معنى: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾ [[جاء في الأصول: ﴿أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾ بدون فاء، وفي سورة يوسف الآية 70: ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ وانظر: "تفسير الرازي" 14/ 85.]] نادى منادٍ نداء أسمع الفريقين [[انظر: "تفسير غريب القرآن" ص 177، والطبري 8/ 187، والسمرقندي 1/ 542.]]. قال ابن عباس: (وذلك المؤذن من الملائكة وهو صاحب الصور) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 85، وقال الخازن 2/ 231: (وهذا المنادي من الملائكة، وقيل: إنه إسرافيل صاحب الصور، ذكره الواحدي) اهـ.]]. وقوله تعالى: ﴿بَيْنَهُمْ﴾، قال أبو علي: (يحتمل أمرين [[في (أ): (يحتمل لأمرين أحسن فيه).]]؛ الأحسن فيه أن يكون ظرفًا لـ (مؤذن) كما تقول: أعْلَمَ وسْطَهُمْ معلم، ولا تُجعل صفة للنكرة؛ لأن اسم الفاعل إذا أُعمل عمل الفعل لم يوصف كما لا يُصغّر؛ لأن الصفة تخصيص، والفعل وما أُجري مجراه لا يلحقه تخصيص، والتصغير كالوصف، ومن ثم لم [[في (ب): (ومن ثم لا يستحسن).]] يستحسن (هذا ضويرب زيدًا)، كما لا يستحسن (هذا ضارب ظريف زيدًا)، ولأنك في [هذا] [[لفظ: (هذا): ساقط من (ب).]] تفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي، وذلك أن ﴿مُؤَذِّنٌ﴾ عامل في ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ﴾، فإذا جعلت ﴿بَيْنَهُمْ﴾ صفة [فقد فصلت بين العامل والمعمول بالأجنبي، وإن شئت جعلت ﴿بَيْنَهُمْ﴾ صفة] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]؛ لأن التقدير فأذن مؤذن بينهم بأن لعنة الله، ومعنى الفعل قد يعمل في الجار ويصل إليه وإن فصل بينهما بالصفة، كما تقول: هذا مارّ [أمس] [[لفظ: (أمس: ساقط) من (أ).]] يزيد، والأول الوجه، والجار المقدر إن شئت جعلته متعلقًا بمؤذن، وإن [[في (أ): (فإن جعلته)، وفي "الحجة" 2/ 405: (وإن شئت جعلته) وهو الأولى.]] جعلته متعلقًا بأذن) [["الحجة" لأبي علي 2/ 404 - 405، وزاد: (وإن شئت جعلت (بين) ظرفًا للمؤذن لا صفة وكل ذلك لا يمتنع)، وقال ابن الأنباري في "البيان" 1/ 362: (بينهم: منصوب على الظرف والعامل أذن أو مؤذن على اختلاف بين النحويين؛ فالبصريون يختارون أن يكون متعلقًا بمؤذن لأنه أقرب إليه من أذن والكوفيون يختارون (أذن) لأنه الأول والعناية به أكثر فإن جعلت بينهم وصفًا لمؤذن جاز ولكن لا يجوز أن يعمل في أن لأن اسم الفاعل إذا وصفته بطل عمله ولأنه يخرج بذلك عن شبه الفعل) اهـ. وانظر: "المشكل" 1/ 292، و"التبيان" ص 377، و"الفريد" 2/ 304، و"الدر المصون" 5/ 327.]]. وقوله: ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ قرئ [[قرأ عاصم وأبو عمرو ونافع ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ﴾ بإسكان النون مخففة ورفع ﴿لَعْنَةُ﴾ وقرأ الباقون بتشديد ﴿أَنْ﴾ ونصب ﴿لَعْنَةُ﴾. انظر: "السبعة" ص 281، و"المبسوط" ص 180، و"التذكرة" 2/ 419، و"التيسير" ص110، و"النشر" 2/ 269.]] (أنْ) مخففًا، (لعنةُ الله) رفعًا ، وقرئ (أنَّ) مشددة (ولعنةَ الله) نصبًا، فمن شدّد فهو الأصل، ومن خفف ﴿أَن﴾ فهي مخففة من الشديدة على إرادة إضمار القصة والحديث، تقديره: أنه لعنة [الله] [[لفظ: (الله) ساقط من (ب).]]، ومثل ذلك قوله: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: 10] التقدير: أنه، ولا تخفف (أن) هذه إلا وإضمار القصة والحديث يراد معها [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 4/ 23. وانظر: "معاني القراءات" 1/ 407، و"إعراب القراءات" 1/ 182، و"الحجة" لابن زنجلة ص 283، و"الكشف" 1/ 463. قال الأزهري: (من خفف أن منعها عملها ورفع ما بعدها، ومن شدد النون نصب بها الاسم والمعنى واحد) اهـ. ونقل قول الواحدي الرازي في "تفسيره" 14/ 85.]]. قال أبو إسحاق [["معاني الزجاج" 2/ 341، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 298 - 299، و"تفسير الطبري" 8/ 187، و"معانى النحاس" 3/ 38، و"إعراب النحاس" 1/ 613، و"المشكل" 1/ 292، وقال: (ويجوز أن تكون في حالة التخفيف بمعنى أي التي للتفسير، فلا موضع لها من الإعراب) اهـ.]]: (ويجوز أن يكون المخففة التي هي للتفسير كأنها تفسير لما أَذَّنُوا به كما ذكرنا في قوله: ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا﴾).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب