الباحث القرآني
(p-٥٦٨)قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿وَنادى أصْحابُ الجَنَّةِ أصْحابُ النارِ أنْ قَدْ وجَدْنا ما وعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ رَبُّكم حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهم أنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلى الظالِمِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عن سَبِيلِ اللهِ ويَبْغُونَها عِوَجًا وهم بِالآخِرَةِ كافِرُونَ﴾
هَذا إخْبارٌ مِنَ اللهِ - عَزَّ وجَلَّ - عَمّا يَكُونُ مِنهُمْ؛ وعَبَّرَ عن مَعانٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِصِيغَةٍ ماضِيَةٍ؛ وهَذا حَسَنٌ فِيما تَحَقَّقَ وُقُوعُهُ؛ وهَذا النِداءُ مِن أهْلِ الجَنَّةِ لِأهْلِ النارِ تَقْرِيعٌ وتَوْبِيخٌ وزِيادَةٌ في الكَرْبِ؛ وهو بِأنْ يُشْرِفُوا عَلَيْهِمْ؛ ويُخْلَقُ الإدْراكَ في الأسْماعِ؛ والأبْصارِ.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "نَعَمْ"؛ بِفَتْحِ العَيْنِ؛ وقَرَأ الكِسائِيُّ: "نَعِمْ"؛ بِكَسْرِ العَيْنِ؛ ورُوِيَتْ عن عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - وعَنِ النَبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -؛ وقَرَأها ابْنُ وثّابٍ ؛ والأعْمَشُ ؛ قالَ الأخْفَشُ: هُما لُغَتانِ؛ ولَمْ يَحْكِ سِيبَوَيْهِ الكَسْرَ؛ وقالَ: "نَعَمْ": عِدَةٌ؛ وتَصْدِيقٌ؛ أيْ: مَرَّةً هَذا؛ ومَرَّةً هَذا؛ وفي كِتابِ أبِي حاتِمٍ عَنِ الكِسائِيِّ ؛ عن شَيْخٍ مِن ولَدِ الزُبَيْرِ قالَ: ما كُنْتُ أسْمَعُ أشْياخَ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ إلّا "نَعِمْ"؛ بِكَسْرِ العَيْنِ؛ ثُمَّ فَقَدْتُها بَعْدَهُ؛ وفِيهِ عن قَتادَةَ ؛ «عن رَجُلٍ مِن خَثْعَمٍ قالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: أنْتَ تَزْعُمُ أنَّكَ نَبِيٌّ؟ قالَ: "نَعِمْ"؛» بِكَسْرِ العَيْنِ؛ وفِيهِ عن أبِي عُثْمانَ النَهْدِيِّ قالَ: سَألَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - عن شَيْءٍ فَقالُوا: "نَعَمْ"؛ فَقالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -: "اَلنَّعَمُ: اَلْإبِلُ؛ والشاءُ؛ قُولُوا: نَعِمْ"؛ بِكَسْرِ العَيْنِ؛ قالَ أبُو حاتِمٍ: وهَذِهِ اللُغَةُ لا تُعْرَفُ اليَوْمَ بِالحَرَمَيْنِ.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَأذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ ؛ اَلْآيَةَ؛ قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ ؛ والطَبَرِيُّ ؛ وغَيْرُهُما: ﴿ "أذَّنَ مُؤَذِّنٌ"؛﴾ [يوسف: ٧٠] بِمَعْنى: "أعْلَمُ مُعْلِمٌ"؛ قالَ سِيبَوَيْهِ: "أذَّنْتُ": إعْلامٌ بِتَصْوِيتٍ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ في رِوايَةِ قُنْبُلٍ ؛ ونافِعٌ وأبُو عَمْرٍو ؛ وعاصِمٌ ؛ ﴿ "أنْ لَعْنَةُ اللهِ"؛﴾ بِتَخْفِيفِ "أنْ"؛ مِنَ الثَقِيلَةِ؛ ورَفْعِ "لَعْنَةُ"؛ وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ ؛ وحَمْزَةُ ؛ والكِسائِيُّ ؛ وابْنُ كَثِيرٍ ؛ في رِوايَةِ البِزِّيِّ ؛ وشِبْلٍ: "أنَّ لَعْنَةَ"؛ بِتَثْقِيلِ "أنَّ"؛ ونَصْبِ "لَعْنَةَ"؛ وكُلُّهم قَرَأ الَّتِي في النُورِ: (p-٥٦٩)"أنَّ لَعْنَةَ اللهِ"؛ و"أنَّ غَضَبَ اللهِ"؛ بِتَشْدِيدِ النُونِ؛ غَيْرَ نافِعٍ ؛ فَإنَّهُ قَرَأهُما: "أنْ لَعْنَةُ"؛ و"أنْ غَضَبُ"؛ مُخَفَّفَتَيْنِ؛ ورَوى عِصْمَةُ عَنِ الأعْمَشِ: "مُؤَذِّنٌ بَيْنَهم إنَّ"؛ بِكَسْرِ الألِفِ؛ عَلى إضْمارِ قالَ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: لِما كانَ الأذانُ قَوْلًا؛ والظالِمُونَ في هَذِهِ الآيَةِ: اَلْكافِرُونَ.
ثُمَّ ابْتَدَأ صِفَتَهم بِأفْعالِهِمْ في الدُنْيا لِيَكُونَ عَلامَةً أنَّ أهْلِ هَذِهِ الصِفَةِ هُمُ المُرادُ يَوْمَ القِيامَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿أنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلى الظالِمِينَ﴾ ؛ و﴿ "يَصُدُّونَ"؛﴾ مَعْناهُ: يُعْرِضُونَ؛ و"اَلسَّبِيلُ": اَلطَّرِيقُ؛ والمَنهَجُ؛ ويُذَكَّرُ؛ ويُؤَنَّثُ؛ وتَأْنِيثُها أكْثَرُ؛ و﴿ "وَيَبْغُونَها"؛﴾ مَعْناهُ: يَطْلُبُونَها؛ أو يَطْلُبُونَ لَها؛ فَإنْ قَدَّرْتَ يَطْلُبُونَها؛ فَـ ﴿ "عِوَجًا"؛﴾ نُصِبَ عَلى الحالِ؛ ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ مِنَ الضَمِيرِ العائِدِ عَلى "اَلسَّبِيلِ"؛ أيْ: "مُعْوَجَّةً"؛ ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ مِن ضَمِيرِ الجَماعَةِ في ﴿ "وَيَبْغُونَها"؛﴾ أيْ: مُعْوَجِّينَ؛ وإنْ قُدِّرَتْ "يَبْغُونَها": يَطْلُبُونَ لَها؛ وهو ظاهِرُ تَأْوِيلِ الطَبَرِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ -؛ فَـ "عِوَجًا"؛ مَفْعُولُ "يَبْغُونَ"؛ و"اَلْعِوَجُ"؛ بِكَسْرِ العَيْنِ؛ في الأُمُورِ والمَعانِي؛ و"اَلْعَوَجُ"؛ بِفَتْحِ العَيْنِ؛ في الأجْرامِ؛ والمُتَنَصِّباتِ.
{"ayahs_start":44,"ayahs":["وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقࣰّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقࣰّاۖ قَالُوا۟ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ","ٱلَّذِینَ یَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ كَـٰفِرُونَ"],"ayah":"وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقࣰّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقࣰّاۖ قَالُوا۟ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق