الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ الآية. هذا إبلاغ في إباحة ما ذبح باسم الله.
قال الزجاج: (وموضع أن نصب؛ لأن في سقطت فوصل المعنى إلى أن فنصبها، المعنى: وأي شيء يقع لكم في أن لا تأكلوا، وسيبويه [[انظر: "الكتاب" 3/ 126 - 129.]] يجيز أن يكون موضع أن خفضًا، وإن سقطت في، والنصب عنده أجود) [["معاني الزجاج" 2/ 286، وفيه قال: (ولا اختلاف بين الناس في أن الموضع نصب)، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 286، و"إعراب النحاس" 1/ 578، و"المشكل" 1/ 267.]]، وقد ذكرنا هذا قديمًا [[لم أقف عليه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ قرئ [[قرأ ابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو (فصل) بضم الفاء وكسر الصاد، وقرأ الباقون بفتح الفاء والصاد، وقرأ نافع وعاصم في رواية: (حرم) بفتح الحاء والراء، وقرأ الباقون بضم الحاء وكسر الراء. انظر: "السبعة" ص 267، و"المبسوط" ص 174، و"الغاية" ص 249، و"التذكرة" 2/ 409، و"التيسير" ص 106، و"النشر" 2/ 262.]] بالضم في الحرفين وبالفتح فيهما، وفي الأول بالفتح والثاني بالضم، فمن قرأهما بالضم فحجته قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: 3] وقوله] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ش).]] ﴿حُرِمَتْ﴾ تفصيل ما أجمل في هذه الآية، فكما أن الاتفاق هاهنا على ﴿حُرِمَتْ﴾، كذلك يكون الذي أجمل فيه وكما وجب (حُرِّم) بضم الحاء لقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: 3] كذلك ضم (فُصل) لأن هذا المفصل هو ذلك المحرم الذي قد أجمل في هذه الآية، [وأيضًا] [[لفظ: (أيضًا) ساقط من (أ).]] فإنه قد قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ [الأنعام: 114] [و (مفصلًا)] [[لفظ: (ومفصلًا) ساقط من (ش).]] يدل على (فُصّل) ومن فتحهما فحجته في (فَصّل) قوله: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ﴾ [الأنعام: 97] وحجته في (حَرّم) قوله: ﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ﴾ [الأنعام: 151]، ويؤكد الفتح قوله تعالى: ﴿مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ [[لفظ: (عليكم) ساقط عن (ش).]]﴾ [الأنعام:119] فينبغي أن يكون الفعل مبنيًا للفاعل لتقدم ذكر اسم الله سبحانه، ومن قرأ: (فَصَّل) بالفتح فحجته قوله: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا﴾ [الأنعام: 97]، وحجته في ضَمِّ (حُرّم)، قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] [[ما تقدم هو قول أبي علي في "الحجة" 3/ 390 - 391، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 382، و"إعراب القراءات" 1/ 168، و"الحجة" لابن خالويه ص 148، ولابن زنجلة ص 269، و"الكشف" 1/ 448.]]
قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 8/ 12 - 13، والسمرقندي 1/ 509، و"الحجة" لأبي علي 3/ 391، ونسب هذا القول الرازي في "تفسيره" 13/ 166، إلى أكثر المفسرين، وذكره القاسمي في "تفسيره" 6/ 695 - 696، وقال: (ورد هذا بأن المائدة من آخر ما نزل بالمدينة والأنعام مكية، فالصواب أن التفصيل إما في قوله تعالى بعد هذه الآية: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية [الأنعام: 145] فإنه ذكر بعدُ بيسير، وهذا القدر من التأخير لا يمنع أن يكون هو المراد، وإما على لسان الرسول ثم أنزل بعد ذلك في القرآن). اهـ. وانظر: "تفسير الرازي" 13/ 166، وابن عاشور 8/ 34.]]. (ومعنى قوله تعالى: ﴿وَقَدْ [[لفظ: (الواو) ساقط من (ش).]] فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ هو ما فصله في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ الآية).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾. قال الزجاج: (أي: دعتكم الضرورة لشدة المجاعة إلى أكله) [["معاني الزجاج" 2/ 287، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 12، و"الحجة" لأبي علي 3/ 391.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ﴾. قال أبو علي: (أي: يضلون باتباع أهوائهم [[في (أ): (هوائهم)، وهو تحريف.]]، كما قال: ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ [الأعراف: 176]، أي: يضلون [[في (الحجة) لأبي علي 3/ 394 - 495: (أي: يضلون في أنفسهم من غير أن يضلوا غيرهم من اتباعهم بامتناعهم ..). اهـ. وهذا في توجيه قراءة فتح الياء.]] بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه، وغير ذلك مما يتبعونه ويأخذون به مما لا شيء يوجبه في شرع [[في "الحجة" 3/ 395: (من شرع ولا عقل) اهـ.]] نحو السائبة [[السائبة: المهملة، كان الرجل إذا برأ من مرضه أو قدم من سفر أو نجت دابته من مشقة سيب شيئًا من الأنعام للآلهة، والبعير يدرك نتاج نتاجه فيسيب ويترك ولا يحمل عليه، والناقة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه أو كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت، أو كان ينزع من ظهرها فقارة أو عظمًا، وكانت لا تمنع عن ماء ولا كلأ، ولا تركيب.
انظر: "اللسان" 4/ 2166 مادة (سيب).]] والبحيرة [[البحيرة: أصل البحر الشق، وشق الأذن كانوا إذا نتجت الناقة أو الشاة عشرة أبطن بحروها وتركوها ترعى وحرموا لحمها إذا ماتت على نسائهم وأكلها الرجال، أو التي خليت بلا راع، أو التي نتجت خمسة أبطن والخامس ذكر نحروه فأكله الرجال والنساء، وإن كانت أنثى بحروا أذنها فكان حرامًا عليهم لحمها ولبنها وركوبها، فإذا ماتت حلت للنساء، أو هي ابنة السائبة، وحكمها حكم أمها، أو هي في الشاة خاصة إذا نتجت خمسة أبطن بحرت، وهي الغزيرة أيضًا.
انظر: "اللسان" 1/ 216 مادة (بحر).]] وغير ذلك مما كن يفعله أهل الجاهلية).
ومن قرأ [[قرأ عاصم وحمزة والكسائي (ليضلون) بضم الياء، وقرأ الباقون بفتحها. انظر. "السبعة" ص 267، و"المبسوط" ص 174، و"التذكرة" 2/ 409، و"التيسير" ص 106، و"النشر" 2/ 262.]] بضم [الياء] [[في (أ): (بضم التاء)، وهو تصحيف.]] فحجته أنه يدل على أن الموصوف بذلك في الضلال أذهب، ومن الهدى أبعد، ألا ترى أن كل مضلٍّ ضالٌّ، وليس كل ضالٍّ مضلًّا، [إذا [[في (ش): (إذ كان).]] كان] ضلاله مقصورًا على نفسه لا يتعداه إلى سواه، فالمضل أكثر استحقاقًا للذم، وأغلظ حالاً من الضال لتحمله إثم من أضله [[هذا قول أبي علي في الحجة 3/ 396 - 397، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 383، و"إعراب القراءات" 1/ 168، و"الحجة" لابن خالويه ص 148، ولابن زنجلة ص 269، و"الكشف" 1/ 449.]]. وقول أبي علي في تفسير: ﴿لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ﴾ موافق لقول ابن عباس فإنه قال: (أراد عمرو بن لحي [[تقدمت ترجمته.]] فمن دونه من المشركين، وهو أوّل من غيّر دين إسماعيل، واتخذ البحائر والسوائب وأكل الميتة) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 106، والبغوي في "تفسيره" 3/ 182، والرازي 13/ 166، بدون نسبة.]]، وقد ذكرنا قصته [[انظر: "البسيط" نسخة جامعة الإمام 3/ 80 ب.]] في سورة المائدة.
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [يريد] [[جاء في (أ): (قال يريد) وكأن القائل هو ابن عباس رضي الله عنهما.]]: لا علم لعمرو بن لحي، وقال أبو إسحاق: (أي: الذين يحلون الميتة ويناظرونكم في إحلالها، وكذلك كل ما يضلون فيه إنما يتبعون فيه الهوى والشهوة ولا بصيرة عندهم ولا علم) [["معاني الزجاج" 2/ 287، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 13.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ قال ابن عباس: (يريد: ما تعدّى عمرو بن لحيّ حيث ملك مكة واتخذ الأصنام) [[لم أقف عليه.]].
وقال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 8/ 13، والسمرقندي 3/ 315، والبغوي 3/ 182.]]: (يعني: المجاوزين الحلال إلى الحرم).
{"ayah":"وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَیۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَیۡهِۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا لَّیُضِلُّونَ بِأَهۡوَاۤىِٕهِم بِغَیۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق